حول ترشيح عبد الوهاب الأفندي
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
لديّ موقف قديم، منذ أكثر من عشر سنوات، بضرورة تنزيه الوظيفة العامة من ازدواج الجنسية، وهو موقف قلته في عمق الإنقاذ وضد تصالحهم مع هذا الأمر، وهو خطأ من أخطائهم. وأنا مستغرب كيف كان خصومهم يحتجّون بأنهم يفعلونه لأن الإسلاميين فعلوه، وهذا يدلّ على أنهم يرون الاسلاميين (ستاندارد) للوطنية والنزاهة، وأنهم لا يفعلون إلا ما فيه خير الوطن.
المهم، مرّر لي بعضهم مواصفات رئيس وزراء مقبل تنطبق على الأخ الكريم د. عبد الوهاب الأفندي، وتوقّع مني أن (أشبّ) له في حلقه لافتراض أنه بريطاني بحكم الإقامة لفترة طويلة تمكّنه من التجنيس وأداء القسم للملكة (حينها) وهذا مجرد افتراض، لأنني أعرف من أقام في دول غربية واكتفى بالإقامة ولم يطلب التجنيس، شخصيا ضمن معارفي ثلاثة أطباء لديهم زمالة واقامة ورفضوا التجنيس.
عمومًا، الازدواج الذي أرفضه حاليًا هو المرتبط بالوظيفة العامة: الدستورية، والدبلوماسية، والنظامية، بل أتشدد فيه إلى درجة فحص وثائق الارتباط الأخرى للشخص وللأسرة بالذات مع الدول الغربية. وهو موقف كلفني كثيرا من الأصدقاء، وبعضهم قريب لأذن صناع القرار، ولكنني سعيد بدفع الثمن جدا وأطرب لسماع (حذف اسمي) بسبب نجاح التحريض والتهجيس لصناع القرار، فالابتعاد من القلم المرتجف أفضل.
لا يوجد أي استهداف شخصي للمزدوجين و(المخططين) له، كل الناس يعلمون أن قرون استشعاري لا تتحرك إلا عندما يكون الشخص في الوظيفة العامة أو يقترب منها. خلاف ذلك، فهو شخص مفيد للسودان في قيادة الجاليات وتنظيمها، ويجب دعمه وإسناده إعلاميًا. وعمليًا، هذا ما أقوم به. ولذلك خاب سعي المحرّضين والفاتنين، عندما اجتهدوا في تحريض الجاليات في المهاجر من الذين يرغبون في خدمة السودان وليس الاستوزار، أنا موجود في كثير من شبكات السودانيين في المهاجر ولدي شعبية حقيقية ومشاهدين من أرقى المستويات وتواصل شبه يومي، بل كثير من الموضوعات من مقترحاتهم، والحمد لله.
عبد الوهاب الأفندي لم يطلب موقعًا، وربما اقترحه البعض أو جعله معيارًا للقامات السودانية التي وقفت مع معركة الكرامة منذ بداية المخطط.
عموما، وليس عن حالة محددة، إذا صحّ افتراض أن أحد أبناء السودان في الخارج من المزدوجين قد تم اختياره لموقع كبير، فالحل بسيط للغاية: يتنازل عن الجنسية الأجنبية. إذ لا معنى للتعديلات في وثيقة دستورية قانونية تخص 48 مليون مواطن، والأَولى أن يتم التعديل في أوراق شخص واحد، والأمر كله ورقة ورسوم 100 دولار في أقرب إدارة هجرة أو جوازات في بلد الازدواج.
هو أساسا شيء يزول باجراء يومين ورسوم يكون أقوى من دستور، دا لعب!
48 مليون مواطن، ولا شخص واحد.
أكرر: الكلام جاب الكلام، لكنها مجرد افتراضات في ترشيح الأفندي.
خلاف ذلك، فهو رجل جدير بالاحترام والتقدير، معدن ومخبر، أصل وفصل، أما مسألة توافق صفاته الشخصية مع منصب كبير، رئيس وزراء أو غيره، سأدلو فيها بدلوي بعد قراءة التعليقات.
مكي المغربي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
موقف عمومي
#موقف_عمومي
د. #هاشم_غرايبه
انكسر القابس الكهربائي (الفيش) لأحد الأجهزة في عيادة صديق، وطلب مني أن أدله على فنّي متخصص في الكهرباء ليصلحه على أن يكون صادقا في مواعيده، لأن الذي يعرفه يماطله منذ يومين، قلت له: يا رجل وهل تستحق المسألة فنيا؟ إشتري قابسا جديدا وأوصله، قال المشكلة أنني لا أعرف في الكهرباء وأخشى أن أخطىء في التوصيل فأتلف جهازا بعشرات الآلاف من الدنانير.
وجدت الأمر غير منطقي، فطبيب يدخل منظاره في غياهب الجسم ويستخرج به حصاة أمر يحتاج الى دقة متناهية ومهارة وتمكّن، فهل يعقل أن من يتقن ذلك لا يمكنه التمييز بين السلك الموجب والسالب؟.
أذكر مقولة كان يرددها والدي رحمه الله: “الماهر في شيء ماهر في كل شيء”، وهي منطقية لأن القدرة على فهم مسألة وتقديم الحلول لمشكلة ليست نتيجة تدريب يدوي، بل هي مسألة ذهنية بحتة، تتحقق من توفر المقدرة العقلية على فحص المسالة وتحليلها والبحث عن الحلول، لذلك فهي موجودة عند كل فرد بدرجات متباينة، لكن تحتاج الى استخراج وتفعيل.
رغم ذلك تجد هذه الظاهرة منتشرة كثيرا، وقليلا ما تجد الشخص الذي لا تقتصر اهتماماته على مجال تخصصه، بل لديه إلمام بالحد الأدنى في كل شيء، ويدفعه الفضول المعرفي الى تعلم أمور كثيرة في كل المهن، قد لا يتقنها كما الفنّي المتخصص بها، لكنه على الأقل يعرف أسس عمل الأجهزة والأدوات، فلو تعطلت يمكنه معرفة الخلل أو العيب أو سبب العطل، فإن كان بسيطا أصلحه وإلا فهو على الأقل يفهمه، فيختصر على المصلّح وقت وجهد التشخيص.
العلم معرفة متخصصة بموضوع محدد، لكنه يوجه العقل باتجاه واحد، فتتركز كل اهتمامه فيه، لكن الثقافة معرفة متنوعة.
في ظل تفرع التخصصات وتشعبها، قد لا يحتاج المرء الى حذق كل المهارات والإلمام بكل المعارف، لكن معرفة الأساسيات من كل شيء لن تتعب العقل ولا تثقل الذاكرة، فالعقل له آليات باهرة في التعامل مع كم هائل من العمليات الذهنية البالغة التعقيد، يمكنه من خلالها تحليل كل البيانات المدخلة، وتفكيكها، وإعادة ترتيبها في مصفوفات خاصة بكل شخص، ووفق نسق خاص به، بحيث يستطيع استعمالها وتوظيفها لاحقا في عمليات ذهنية أخرى يحتاجها.
هذه الخاصية متوفرة لدى الجميع لكن باختلافات بينة، فتجد الأفراد على درجات متعددة ما بين البلادة وتوقد الذهن، ذلك ما يدعوه الناس بمستوى الذكاء.
لذلك فمن الطبيعي أن يكون هنالك تباين في الإستيعاب بين شخص وآخر، أي المقدرة على إجراء تلك العمليات الذهنية المتعددة الطبقات وبسرعة، فالغالبية لا تتمكن من التعامل مع أكثر من عملية واحدة في آن واحد، ومن فرط اعتيادهم على ذلك والميل الى إراحة العقل من العمليات المركبة، يتجه الى الدعة والسكون وبالتالي الميل الى البلادة المريحة.
للتغلب على هذا التحدي يجب تمرين العقل على النشاط على الدوام، فهذا ما يشبه المحافظة على اللياقة البدنية للجسد بدوام التمرين، وكذلك فإدامة التعامل مع العمليات العقلية تنشيط للعقل ورفع لكفاءته، وليس إنهاكا له كما يعتقد البعض، ودوام التزود بالمعلومات يرفع من جاهزيته ويزيد من قدراته، وهذا يحققه الإستزادة الثقافية ومتابعة كل جديد.
لا شيء يعدل المطالعة في تنمية مدارك الإنسان وتوسيع ثقافته، ولا تتوسع آفاق تفكيره بغير الثقافة.
كان الكتاب والمجلة والصحيفة الرفيق الدائم للشخص في خلواته وجلواته، انحسر ذلك الآن بشكل يدعو للقلق، البعض يضعون اللوم على (الإنترنت) ووسائل التواصل الإجتماعي التي حققتها هذه القفزة التقنية الهائلة، لكن الحقيقة أن الإنحسار قائم منذ أمد بعيد، فتستطيع أن تميز من تراه يحمل كتابا يقرأ منه كلما سنحت له الفرصة، سواء كان ذلك في الأماكن العامة في الحدائق والمتنزهات أو على الشاطئ، أو حتى في صالات الإنتظار وخلال ركوبه المواصلات العامة…فمن تراه كذلك فهو غير عربي قطعاً!.
رغم أن القلق يتزايد من العزوف عن المطالعة، سواء كانت من المصادر الورقية أو الإليكترونية، فإن هنالك بالمقابل فرص للتثقيف الذاتي أصبحت متاحة مجانا عبر الكتب المنشورة عبر تطبيقات (PDF )، مما يجعلها في متناول الجميع وبلا كلفة.
المطالعة باب للمعرفة لا يخيب رجاء طارقه، بل يرفع قدر طالبه.