الرؤية- سارة العبرية

أجمع خبراء على أن القانون المالي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (37/2025) يُشكّل خطوة مفصلية نحو ترسيخ مبادئ الانضباط المالي والشفافية في إدارة المال العام بسلطنة عُمان، مُعتبرين أن ما تضمنه من صلاحيات موسعة لوزارة المالية، وتحديد دقيق للمخالفات المالية والعقوبات المرتبطة بها، يُسهم في تعزيز الحوكمة والحد من أوجه القصور التشريعي التي كانت تؤدي إلى التجاوزات وسوء الإدارة.

وأوضح الدكتور خليل بن جمعة الشرياني باحث في القانون، أن القانون المالي خصّص فصلًا مستقلًا للمخالفات المالية، وتحديدًا في المادة (38) التي تنص على أن "ارتكاب تلك المخالفات من قبل الجهات المعنية أو المفوض بالإنفاق يعرضه للمساءلة القانونية وفقًا لأحكام قانون الرقابة المالية والإدارية للدولة".

وأضاف الشرياني أن القانون نص على مخالفات مالية جديدة لم تكن واردة في التشريع السابق، منها عدم اتباع الإجراءات القانونية في حالات إخلال المدين بالسداد، وقيام الجهات بفتح حسابات مصرفية دون ترخيص، وهذه البنود تسد ثغرات واضحة كانت تستغل من قبل بعض الجهات أو الموظفين، مبينا أن هذه النصوص تسهم في تعزيز الاستخدام الأمثل للموارد، وتحقيق الكفاءة والفاعلية في الإنفاق العام، مؤكدا أن القانون وضع أفعالًا محددة وصنّفها كمخالفات مالية، وهو ما يعني تفعيل المساءلة وتطبيق العقوبات في حال ثبوتها، بحسب ما نص عليه قانون الرقابة المالية والإدارية للدولة.

ونوّه إلى أن العقوبات الجزائية الواردة في المادة (38) تشمل السجن من ستة أشهر إلى سنة، وغرامة مالية بين ألف وألفي ريال عماني، أو بإحدى العقوبتين، وهي عقوبات رادعة ولا ترتبط بصدور اللائحة التنفيذية؛ إذ يكفي ثبوت المخالفة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المسؤول وتحويله إلى الادعاء العام.

وقال الشرياني: "من المهم أن نفهم أن اللوائح التنظيمية لا تتضمن عقوبات؛ بل تأتي لتفصيل وتنفيذ أحكام القانون، وبالتالي فإن مخالفة نصوصها تُعد مخالفة مالية تستوجب تطبيق العقوبات الواردة في القانون ذاته، كما أن القانون وضع قواعد واضحة وملزمة للجهات الحكومية؛ حيث نصت المادة (8) على ضرورة إخطار الجهات المعنية بالقواعد المنظمة لإعداد مشروعات ميزانياتها، واتخاذ الإجراءات اللازمة في حال تأخرها.

ولفت إلى المادة (27) التي تُلزم وزارة المالية بإصدار منشور سنوي يتضمن القواعد المالية الواجب اتباعها من قبل جميع الجهات الحكومية عند إعداد ميزانياتها، وذلك وفقًا للسياسة المالية للدولة والأهداف المخططة، مؤكدا أن الجهات المعنية مطالبة بتقديم مشروع ميزانيتها إلى وزارة المالية قبل بداية السنة المالية بستة أشهر على الأقل، وهذا الالتزام الزمني الواضح يضمن التخطيط المالي الدقيق ويرفع مستوى الرقابة والمساءلة.

وبيّن الباحث القانوني أنه في حال مخالفة هذه المواد، فإنها تُعد مخالفة مالية وفق البند (1) من المادة (38)،ويتم مسائلة الموظف أو المسؤول وتطبيق العقوبات المنصوص عليها.

وفي تقييمه لمدى توافق القانون المالي الجديد مع الممارسات الدولية، قال الدكتور الشرياني: "بالنظر إلى القوانين المالية المقارنة، يتضح أن القانون العُماني نظم معظم الجوانب المالية وفقًا للأعراف الدولية المعمول بها في إدارة المالية العامة، لافتا إلى أن أي قانون يبقى عرضة للتطوير، وأن الممارسة العملية هي الكفيلة بكشف أوجه القصور والتي يمكن معالجتها إما من خلال اللائحة التنفيذية أو عبر التعديلات التشريعية المستقبلية.

واختتم الدكتور خليل الشرياني بقوله: "القانون المالي الجديد جاء ليسد فراغات تشريعية طالما كانت مدخلًا لمخالفات مالية أو ضعف في كفاءة الإنفاق، وأن وضوح مواده وتحديده للمخالفات وآليات المحاسبة يمثل خطوة متقدمة نحو ترسيخ الانضباط المالي وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد العامة، بما ينسجم مع تطلعات الدولة لتعزيز الحوكمة وتحقيق الاستدامة المالية".

من جانبه، أشار ناجي بن جمعة البلوشي رائد الأعمال والكاتب المتخصص في الشأن الاقتصادي،  إلى أن توسيع صلاحيات وزير المالية وفقًا للقانون المالي الجديد لا يندرج تحت ما يُسمى "مركزية مفرطة"؛ بل يُعد توجهًا نحو تحقيق كفاءة مالية حقيقية، موضحا: "ليس من المنطقي أن تتحمل وزارة المالية تبعات صرف أموال الدولة فقط؛ لأن هناك مرسومًا أو قرارًا يترتب عليه أعباء مالية دون أن يكون للوزارة رأي أو تصور مسبق، ومنح الوزير الصلاحيات الكافية لوضع رؤية واضحة قبل الإنفاق هو حماية مباشرة للمالية العامة، لا تكبيل للجهات الأخرى".

وعن توسيع صلاحيات التفويض المالي لرؤساء الوحدات الحكومية، يُبيّن البلوشي أن الإشكالية تكمن في آليات التطبيق لا في التفويض نفسه، ورئيس الوحدة سيمنح التفويض لعدد محدود من الموظفين، لكن في الوقت ذاته يُسمح لهؤلاء بتفويض آخرين عنهم، وهذا ما قد يفتح المجال للاجتهادات؛ لذا لا بد أن يكون التفويض مقننًا بنطاق صلاحيات واضح يسرّع العمل ويمنع التلاعب.

وفيما يخص اشتراط موافقة وزارة المالية ومجلس الوزراء قبل فرض أو تعديل الرسوم والضرائب، يشدد البلوشي على أن هذا الاشتراط يُمثّل ضمانة للعدالة، خصوصًا في ظل التوجه الاستراتيجي للحكومة نحو تكامل القطاعات وتعزيز التنويع الاقتصادي، موضحا: "أي قرار يتعلق بالإيرادات يجب ألا يكون بمعزل عن بقية السياسات الاقتصادية، ففرض رسوم من جهة قد يعيق توجهًا استراتيجيًا لجهة أخرى، وبالتالي التنسيق عبر وزارة المالية ومجلس الوزراء ضروري لضمان الانسجام والعدالة".

ويُؤكد البلوشي أن إعداد تصنيف شامل وموحد لبنود الميزانية يشكّل أحد الأعمدة الأساسية لضبط الصرف العام، كما أن وجود تصنيف محدث وواضح لبنود الإيرادات والمصروفات يجعل عمل من يمتلك صلاحيات مالية أكثر انضباطًا، ويمنع الاجتهادات أو التجاوزات، ما يحقق الاستخدام الأمثل للمال العام بكفاءة وفعالية.

أما بشأن أثر تحديد المخالفات المالية بشكل صريح في القانون الجديد، فيذكر البلوشي أن الصياغة الواضحة تُسهم بشكل مباشر في رفع مستوى الالتزام والانضباط المؤسسي، وليس من الضروري أن يكتشف رئيس الوحدة أو جهاز رقابي التجاوز، فالقانون يتيح مساءلة أي موظف بشكل مباشر، هذا بحد ذاته كافٍ لردع كثير من المخالفات.

وفي حديثه عن تنظيم تقادم الحقوق المالية، يقول: "القانون الجديد لا يتسبب في ضياع الحقوق بقدر ما يسعى لوضع حد زمني واضح للمساءلة، وهناك مخالفات في القانون السابق لم تكن مصنفة قانونيًا، وبالتالي لا يمكن العودة لمعاقبة مرتكبيها بأثر رجعي، أما الآن ومع صدور القانون الجديد، فكل جهة يجب أن تتحمل مسؤوليتها بناءً على ما ورد فيه من نصوص واضحة وصريحة".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزير العمل: القانون الجديد يفصل القضايا العمالية في 3 أشهر

كتب- حسن مرسي:

أعلن محمد جبران، وزير العمل، عن الموافقة النهائية لمجلس النواب على قانون العمل الجديد، مؤكدًا أن القانون يرسخ مبدأ الأجر العادل مقابل العمل.

وفي حواره على قناة "الحياة"، أوضح الوزير أن القانون الجديد يتضمن لائحة تنفيذية تتيح منح العاملين مزايا إضافية أو ساعات عمل إضافية وفقًا للاتفاق.

وأشار جبران إلى أن القانون الجديد يهدف إلى تحقيق الراحة والاستقرار لكل من المواطنين العاملين وأصحاب الأعمال، مؤكدًا على سرعة الفصل في القضايا العمالية من خلال المحاكم العمالية المتخصصة، حيث نص القانون على وجوب البت في هذه القضايا خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وهو إنجاز كبير مقارنة بالقانون القديم الذي كانت تستغرق فيه القضايا العمالية سنوات طويلة قد تصل إلى عشرين عامًا للفصل فيها.

وشدد وزير العمل على أن الوزارة تعمل بكل جهد لتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تهيئة بيئة عمل لائقة بالتعاون مع مختلف الشركاء الدوليين والمحليين.

وأكد أن البنية التشريعية الجديدة تهدف إلى تحقيق التوازن والعدالة في علاقات العمل بين طرفي الإنتاج، أصحاب الأعمال والعمال، مستشهدًا بموافقة مجلس النواب على مشروع قانون العمل الذي يراعي معايير العمل الدولية، ويضمن الأمان الوظيفي للعمال، ويشجع على الاستثمار، ويتماشى مع التغيرات والتحديات التي يشهدها سوق العمل وأنماطه الجديدة.

اقرأ أيضاً:

القوات المسلحة تدفع عددًا من اللجان التجنيدية إلى شمال سيناء لإنهاء المواقف التجنيدية لذوي الهمم وكبار السن

قرار رسمي.. مد التصالح في مخالفات البناء 6 أشهر إضافية

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

محمد جبران وزير العمل مجلس النواب قانون العمل الجديد

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة وزير العمل يلتقي وفدًا من مركز العمل للتعاون الإسلامي لبحث ملفات مشتركة أخبار "قنبلة موقوتة".. برلماني يحذر من مخاطر "النباشين" البيئية والأمنية أخبار الفيومي يوضح موقف البرلمان حال تأخر الحكومة في تقديم مشروع قانون الإيجار أخبار 23 صورة من عزاء عم النائب محمد السلاب بحضور شخصيات عامة وسياسية أخبار

إعلان

إعلان

أخبار

وزير العمل: القانون الجديد يفصل القضايا العمالية في 3 أشهر

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • اعرف شروط مبدأ الاحتباس لصالح الزوج للحصول على النفقات
  • وفد ليبي يبحث مع البنك الدولي إصلاح المالية العامة وتعزيز الشفافية
  • هيئة تطوير الشرقية تحقق أثرًا ماليًا يتجاوز 7.7 مليار ريال
  • لاستقلالية القرار المالي والإداري.. صناعة النواب تناقش تعديل قانون الثروة المعدنية
  • مجلس الشيوخ يحيل مشروع خطة التنمية للعام المالي 25 /26 إلى لجنة الشئون المالية والاقتصادية
  • التوسع في مدارس التعليم المُتميز.. أبرز أولويات الخطة الاستثمارية للعام المالي الجديد
  • كيف أنهى قانون العمل الجديد عهد الفصل التعسفي.. تفاصيل
  • وزير العمل: القانون الجديد يفصل القضايا العمالية في 3 أشهر
  • ضبط محاولات تهريب «وقود ومواد وسلع» عبر منفذ رأس اجدير
  • فركاش: اللقاء بين حماد والدبيبة بدفع أمريكي لإنهاء الانقسام المالي