عربي21:
2025-04-22@13:01:43 GMT

وقفة مع إحاطة المبعوثة الأممية لليبيا

تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT

هناك عدد من الاعتبارات ينبغي الإلمام بها عند محاولة قراءة وفهم إحاطة المبعوثة الأممية الجديدة لليبيا، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن، أول من أمس، منها أن هذه هي الإحاطة الأولى للمبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لليبيا، ومنها أيضا أن تيتيه ما تزال تستكشف المشهد الليبي وتقيم مواقف الأطراف المحلية والاقليمية والدولية المتدخلة في الأزمة الليبية، يضاف إلى ذلك أن تيتيه وجدت مسارا سياسيا قد انطلق ممثلا في اللجنة الاستشارية التي أشرفت على تشكيلها المبعوثة السابقة بالإنابة ستيفاني خوري، فلهذا ولغيره نفهم لماذا خلت إحاطة تيتيه من تقييم واضح ورؤية لكيفية إدارة النزاع والاتجاه إلى التسوية.



من المألوف أن تتضمن الإحاطة الإلمام بالقضايا المختلفة التي تطل برأسها في المشهد الليبي، فمن الوضع السياسي، وجهود اللجنة الاستشارية، إلى الوضع الاقتصادي وجديد الأزمة المالية والنقدية، إلى الملف الامني، فالمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان ودور المرأة ومكانتها في الخضم، والملاحظ أنها المبهوثة كانت تعمم في التقييم وحذرة في توصيف طبيعة الأزمة وتحديد الأطراف المتورطة في التأزيم.

إشارات المبعوثة الأممية عامة عند التطرق لكيفية معالجة الملفات المختلفة التي يشكل مجموعها الأزمة الراهنة، كما أنها تماهت مع ما هو مطروح من قبل الإدارة السابقة للبعثة واتجاهات الأطراف الدولية المؤثرة في القضية الليبية، مع الاخذ في الاعتبار أراء المكونات المحلية التي التقت بها، غير أن إشاراتها كانت مقتضبة وربما مبهمة، منها القول بضرورة " دمج الانتخابات ضمن إطار سياسي شامل يُعزز بناء الدولة من خلال توحيد المؤسسات وتعزيزها"!!، والقول بعزمها على "اتباع نهج شامل لجميع أصحاب الشأن"، وانها تعكف " على استكشاف الخيارات المتاحة لتعزيز فعالية وشمولية آليات التنسيق القائمة على المستويين الإقليمي والدولي لبناء الدعم اللازم لدفع العملية السياسية إلى الأمام"، وغيرها من العبارات التي لا تغوض إلى عمق الأزمة في التقييم ولا تقدم اتجاها عمليا للمعالجة.

ربما بدت المبعوثة الأممية أكثر وضوحا عند مناقشة النزاع حول منصب رئيس ديوان المحاسبة، ومسألة مبادلة النفط الخام بالمحروقات، والملف الاقتصادي وما يتعلق به من قضايا، فقد أكدت على ضرورة "أن تلتزم تعيينات وإقالة قيادات هذه المؤسسات بأحكام الاتفاق السياسي الليبي"، في إشارة لما جرى من تعيين لرئيس ديوان من قبل المجلس الاعلى للدولة بشكل منفرد. وكذلك تأييدها لقرار وقف عملية مبادلة النفط الخام بالوقود واعتباره تطور إيجابي، "يعزز الشفافية في مبيعات النفط" كما حثت المبعوثة الحكومة "على ضمان تمويل واردات الوقود في الوقت المناسب بناءً على الطلب المحلي".

المبعوثة تنتظر مخرجات اللجنة الاستشارية لتستنير بها في تحديد المسار السياسي واتجاه التسوية السياسية، وتدعو إلى المحافظة على وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وترى بضرورة الاستقرار الاقتصادي، دون أن تضيف جديدا مهما في كيفية تحقيق كل ذلك، وهذا يعني أن أي تطور في الأزمة باتجاه أي صيغة لاحتوائها لن يكون بيد البعثة، وسيكون عبر ضغط من أطراف دولية تتماهى معه البعثة.وحول الخلاف المالي وتبادل الاتهامات بين الحكومتين غربا وشرقا، وسياسة المصرف المركزي لاحتواء الأزمة المالية والنقدية أعربت المبعوثة عن " الاستعداد لدعم الأطراف السياسية الرئيسية للاتفاق على ميزانية موحدة لمنع وقوع أزمة باتت تلوح في الأفق"، كما تحدثت عن مقترح لـ " عدد من الأطراف الليبية أن تقوم واحدة من شركات المراجعة الدولية الخمسة إجراء مراجعة مالية لمؤسسات الدولة الليبية الرئيسية"، دون أن تحدد موقفا من هذا المقترح.

وبرغم الإشارة إلى دعم الميزانية الموحدة، يظهر من طرح المبعوثة حول الملف الاقتصادي أنها لم تبلور مقاربة واضحة لدعم الأطراف المحلية في تجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة، والقول بأن البعثة على استعداد لدعم الأطراف السياسية للاتفاق على ميزانية موحدة تؤكد أن البعثة تنجر خلف الخيار المطروح وليس في جعبتها مقاربة شاملة تعالج مختلف الملفات الضاغطة، وإلا فكيف يمكن الاتفق على ميزانية موحدة والسيطرة على اوجه إنفاقها في ظل النزاع المحتدم، وضعف جهات الرقابة والمحاسبة؟!

على الصعيد الأمني، كان كلام المبعوثة حياديا نوعا ما، فالإشارة إلى الوضع الأمني القلق في الغرب الليبي والتخوف من اندلاع مواجهات جراء التحشيد العسكري هناك، قابله إشارة إلى الوضع الأمني الذي أسفر عن قتال عنيف جراء إعادة هيكلة الجيش في الجنوب لتعزيز سيطرته، وما يترتب عليه من توترات، وأن الوضع الأمني بالعموم سيظل هشا " إلى أن تتوفر إرادة سياسية لتوحيد القوات الأمنية والعسكرية في إطار رؤية مشتركة".

والمحصلة أن المبعوثة تنتظر مخرجات اللجنة الاستشارية لتستنير بها في تحديد المسار السياسي واتجاه التسوية السياسية، وتدعو إلى المحافظة على وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وترى بضرورة الاستقرار الاقتصادي، دون أن تضيف جديدا مهما في كيفية تحقيق كل ذلك، وهذا يعني أن أي تطور في الأزمة باتجاه أي صيغة لاحتوائها لن يكون بيد البعثة، وسيكون عبر ضغط من أطراف دولية تتماهى معه البعثة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه مجلس الأمن ليبيا مجلس الأمن سياسة رأي خطة مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللجنة الاستشاریة المبعوثة الأممیة

إقرأ أيضاً:

الوضع الاقتصادي العراقي…رهان تعترضه المخاطر

20 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: محمد حسن الساعدي

أهتم العراق كثيراً بإنشاء طرق بديلة تربطه بالعالم من خلال الاعداد لطريق التنمية العالمي والذي يهدف الى تقليل الاعتماد على النفط، وفتح ممرات أقتصادية أخرى يمكن ان تسهم في تمويل وتحويل العراق الى ممر أقتصادي يعتمد على التجارة مع العالم،ويربط آسيا واوربا بالاضافة الى تريكا وقطر والامارات والعراق وهو الامر الذي شجعته الدول التي يمر بها والمستفيدة منه، ولكن هذا الطريق يواجه معارضة من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبعض دول المنطقة وتحديات داخلية من قبيل الفساد الاداري والمالي وكذلك المخاوف الامنية التي قد تعترض طريقه وتعرقل انجازه في الفترة الزمنية المحددة له وهذا بحد ذاتها مشاكل تعرقل او تعطل إمكانية الاستمرار في إنشاءه الى جانب الاعتراضات السياسية التي قد تكون مؤثرة في حلقات إنجازه.

طريق التنمية لايعد مجرد طريق تجاري يربط العالم ببعض بل هو عامل اساسي في تطوير البنى التحتية للعراق،والاستفادة القصوى منه كممر تجاري عالمي ويعد احد الوسائل الاقتصادية المهمة في إستثمار العملة العراقية والقضاء على البطالة وإعادة بناء البنى التحتية للمحافظات التي يمر بها المشروع،كما انه سيسهم وبشكل فاعل في النمو والتنوع الاقتصادي من خلال ربط جنوب العراق بتركيا، وتعزيز فرص الرخاء الاقتصادي من خلال تحويل العراق الى مركز نقل تجاري رئيسي كونه يمر ويشمل أصحاب هذا الطريق ويذهب الى تعزيز التكامل الاقتصادي الاقليمي والتعاون والترابط بين الدول المشتركة به.

هناك بعض الدول التي ترى بان طريق التنمية وميناء الفاو منافس قوي لموائنها البحرية أو مصالحها الاقتصادية المتعددة، ولكن وبعد التطور والنمو الاقتصادي الذي شهده العراق أصبح أرض خصبة لمثل هذه المشاريع الاستثمارية والتي ستتيح له تعزيز أهميته الجيوسياسية وجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية في القطاعات غير النفطية ومع كل ذلك لإن مشاركة دولة مثل الصين وإيران سيجعل نظرة واشنطن لهذا المشروع نظرة غير إيجابية.

أن المكاسب المعلن عنها للمشروع والتي من المرجح أن تصل الى 100 الف وظيفة، وتقدر الايرادات السنوية بـ4مليارات دولار سنوياً والتي ستدعم خزينة الدولة التي تعتمد في الغالب على مبيعات النفط، وهذا ما يعزز أهمية العراق الجيوسياسية ويجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية في القطاعات غير النفطية ومع ذلك فان مشاركة دول مهمة كالصين وإيران في هذا المشروع قد يسبب مشكلة مع الولايات المتحدة والتي تنظر اليه من زوايتها ومصالحها،وسيجعل لواشنطن مبرر لاتهام العراق بانتهاك قانون الحظر الامريكي على الصين وإيران.

العراق يمتلك علاقات جيدة ومهمة مع العالم ويعد سوقاً متميزاً للشركات العالمية الكبرى،ولكن مثل هذه العراقيل قد تحول دون المضي وبقوة لتنفيذ هذا المشروع،إذا ما علمنا ان تكلفة إنشاء هذا المشروع العالية وعدم قدرة العراق على تامينها، بالاضافة الى التحديات المائية التي يتعرض لها العراق والتي بما ستكون سبباً يضاف الى الاسباب الاخرى في عدم تنفيذ هذا المشروع.

طريق التنمية يعد من الطرق المهمة التي سيستفيد منه العراق بشكل رئيسي،والتي بالتأكيد ستكون لها أثار أيجابية مهمة على أتساع وأزدهار الاسس الاقتصادية للعراق وتنوع مصادر دخله ودخوله الى السوق العالمية بسرعة وتطوير أداءه التجاري وبما يحقق الازدهار والتطور في شتى المجالات والذهاب نحو الاعتماد على مصادر دخل اخرى لا تضع العراق تحت مطرقة الضغط السياسي الدولي وتحرير قراره السياسي والاقتصادي المستقبلي،وعدم الاعتماد كلياً على مصادر الطاقة التي تتقلب بحسب الاحداث التي يمر بها العالم والتي تضعه تحت ضغط الاهتزازات الاقتصادية بين الحين والآخر او حسب مصالح الدول الكبرى.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • تيتيه: الأجسام السياسية في ليبيا تجاوزت ولاياتها
  • البعثة الأممية: شباب ليبيون أكدوا أن الانقسام السياسي يُعزز القبلية والجهوية
  • البعثة الأممية: عقدنا ورشة نقاشية للشباب إزاء تزايد خطاب الكراهية في ليبيا
  • 4 مطالب للنخب السياسية في ليبيا؛ لإنهاء الأزمة الحالية
  • النُخب السياسية الليبية تؤكد ضرورة إنهاء الفترات الانتقالية
  • أبوزريبة يطَّلع على تقرير اللقاء الخامس للجنة التنسيق والتواصل مع البعثة الأممية ببنغازي
  • أبوزريبة يطَّلع على تقرير لجنة التنسيق والتواصل الأخيرة مع البعثة الأممية
  • «حزب صوت الشعب» يشنّ هجوماً لاذعاً على البعثة الأممية
  • الوضع الاقتصادي العراقي…رهان تعترضه المخاطر
  • أوحيدة: التوافق الليبي ممكن رغم تدخلات البعثة والمصالح الدولية