نجاة إدهان تعيد ترتيب الحياة في “هبَة الله للأرض نساء”
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
أثير – مكتب أثير في تونس
قراءة: محمد الهادي الجزيري
“الآن.. أستعيدني كما كنت طفلة قبل أن تشوّهني عوالم الكبار، سأحتفي بالحياة وحدي وسأعيد ترتيب العالم وحدي وسأدفن خساراتي وحدي”.
بهذا المقطع من رواية “هبة الله للأرض نساء” للكاتبة التونسية نجاة إدهان، نفتتح قراءتنا لمتن سرديّ جريء يتمحور حول المرأة وحقوقها ونضالها المستميت من أجل حيازة مكانة تستحقها بعد دهور من الإقصاء والتهميش، نصّ الرواية عن امرأة لا مثيل لها وجدت نفسها بعد مشروع زواج فاشل كانت نهايته الطلاق، وكي تسترجع ذاتها وكرامتها ونفوذها، لكي تستردّ ما ضيّعته من نفسها في دهاليز الدنيا، كان أن حاولت أن تشفى من كلّ ذلك الماضي وأن تتعافى من كامل تجربتها القاسية فحاولت بكلّ وسعها تبديل سير حياتها وعنوانها ومحيطها الاجتماعي، بل حاولت الشيء نفسه مع اسمها فكنّا في تجربة استثنائية طوال الراوية مع كائن جديد.
“مدّ يده وفتح الباب بعنف، لم يبق إلا أن أغادر، التفتّ حولي، أضواء الشارع شاحبة والصمت مرعب وأنا في كامل أناقتي، لم أصدّق وأنا أرى السيّارة تنطلق، كيف يتركني في الشارع في مثل هذا الوقت..”
تطرح نجاة إدهان عذابات المرأة عموما والنموذج الذي اختارته للكتابة عنه، وتمعن في جسّ الجرح والضغط عليه ليس للتعافي بل ينزّف دما ومجازات كثيرة عن علاقة الرجل بالمرأة في عصر تغيّر كليّا، في حين أنّ عقليّة الرجل ما تزال كما هي، تحاول جاهدة الوجود بجانبه ولكنّه يأبى أن يراها كذلك، بل لعلّه لا يراها لأنّها تطرح إشكاليات كثيرة ومرفوضة من قبل الرجل، ومن قِبل المجتمع الذي يرفض مجرّد طرحها أو الحديث عنها وقد لاقت مصير كلّ امرأة حرّة لها أنفة وكبرياء وكرامة…
“ما عاد فيك شيء يعجبني” جملة قالها الرجل، وقالها ضمنيا المجتمع الذكوري لكلّ كائن يرفض الانصياع لمشيئته، وهنا وجدت الساردة اللغة والمعنى لكي تكتب كلّ شيء وكلّ شعور راودها، خصوصا في فورتها وثورتها ضدّ هذا النموذج الاجتماعي المسيطر عليها وعلى النساء بنات جنسها، ألم تقل للقارئ والمتابع والقريب والبعيد: ارفع يدك عنّي، في انعتاقها وتكسيرها لكلّ القيود، لقد قالت بصدق وصلابة وجدية: أنا لا أنتمي لأحد، فلعلّ المتخبّطين في التقاليد البالية يفقهون هذا الكلام الشبيه بالصرخة المدويّة..
“عرفت معنى أن تخاف وأنت في شوارع وطنك، ليلتها عرفت معنى أن تسجن مع قاتلك في غرفة واحدة، حين وصلت إلى البيت كان نائما، فكّرت في أن أوقظه وأخبره بكلّ ما أشعر به تجاهه لكنّي تراجعت، لا حاجة إلى الكلام حين يضحي القلب خرابا، كلّ ما فعلته هو أنّني انتظرت الصباح لأغادر، عدت إلى مكاني الطبيعي، إلى بيت والدي ”
القصة المدسوسة في الرواية، قصة معروفة مرّت بها ملايين النساء، ولكنّ نجاة إدهان لوّنتها بألوانها العربية والتونسية ثمّ بلونها الإنساني، فوردت حكاية انفصالها وارتباطها بآخر، انتقالها من الفشل إلى النجاح والإيمان بالذات والغد الأفضل، أعتقد أنّ هذه الرواية متاحة خاصة للمرأة المعنّفة المضروبة المستهدفة في كرامتها إذ فيها درس قويّ وفيها روح المغامرة، أليست الحياة مبنية على المغامرة والبحث عن السكينة والسعادة مهما كلّف الأمر، وفي هذا المقطع الحواري المقتطع من صفحة 54 بداية علاقتها بوليد وتململها النفسي ولكن النهاية محسومة وإيجابية:
“دون كثير تفكير قلت:
– المدن لا تؤمّن الخائفين، وحدها الصحراء تفعل
– سأكون وطنك، سأمنحك كلّ الأمان
– الخطى المتعثرة لا تنتهي إلى وطن، أتركني أغادر لأيام وسأعود لتكون وطني
– أخاف ألا تعودي
– لا تخف، أنا مبتلاة بالانتماء منذ ولدت”
هذا وقد كُتبت حول الرواية نصوصا كثيرة من ضمنها نصّ الناقد التونسي عمر دغرير الذي أفاض في تقصّي سرد نجاة إدهان وبيّن مدى جديتها في طرح موضوع الطلاق وآثاره النفسية على المرأة خاصة وكيف أنّ هذه المرأة في استطاعتها أن تنجو من براثن العلاقة المنتهية، وفتح علاقة تجد فيها الراحة والسعادة والسكينة، ومن ضمن ما ورد في نصّ عمر دغرير:
“ورغم النزعة السوداوية الفظيعة التي سيطرت على فصول الرواية وما استعرضته الراوية من قهر وظلم واضطهاد للمرأة من قبل الرجل فإنها قدمت جانبا مشرقا وبعثت الأمل من جديد في بناء حياة جديدة”.
هذه رواية لأديبة تونسية مهتمة بشؤون المرأة والحرية والعمل جنبا إلى جنب الرجل أرجو أن أكون قد قدّمت فكرة عن متنها الطافح برفض النموذج المجتمع الذكوري والمنادي بكرامة الإنسان مهما كان جنسه ودينه وعرق.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
من هو الرجل الذي أرسلته كوريا الشمالية لقيادة قواتها في معارك أوكرانيا؟
نشرت كوريا الشمالية آلاف الجنود في روسيا لدعم العمليات العسكرية لقوات الكرملين ضد أوكرانيا، وذلك بقيادة الجنرال كيم يونغ بوك، الذي كان يشغل منصب قائد القوات الخاصة في الجيش الكوري الشمالي.
ويأتي هذا التطور بعد تقارير أكدت إرسال أكثر من 11,000 جندي كوري شمالي إلى روسيا، مع توقعات بزيادة العدد إلى 100ألف عنصر، وفقاً لتصريحات الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي.
ويتولى الجنرال كيم يونغ بوك، الذي كان معروفاً بعمله السري على مدى عقود، "مهمة دمج القوات الكورية الشمالية مع الوحدات الروسية، إضافة إلى تدريب الجنود الكوريين الشماليين على تكتيكات حديثة تشمل استخدام المدفعية والطائرات المسيرة وعمليات القتال في الخنادق"، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وأكدت تقارير أوكرانية وكورية جنوبية أن الجنود الكوريين الشماليين "يتحركون بزي القوات الروسية وبهوية مزيفة لإخفاء هويتهم".
تقييم استخباراتي: كوريا الشمالية زودت روسيا بصواريخ بعيدة المدى وأنظمة مدفعية كشف تقييم استخباراتي أوكراني أن بيونغ يانغ زودت روسيا بصواريخ بعيدة المدى وأنظمة مدفعية، ونُقل بعضها إلى منطقة كورسك الروسية التي تشهد عمليات قتالية يشارك فيها جنود من كوريا الشمالية.وكانت وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية قد قالت خلال اجتماع مغلق للجنة الاستخبارات البرلمانية، الأربعاء، إنها توصلت إلى تقييم يفيد بأن القوات الكورية الشمالية المنتشرة في روسيا "انضمت للواء المحمول جوا ومشاة البحرية على الأرض في موسكو، وقد انخرط بعضها بالفعل في القتال"، وفقا لوكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية.
وأضافت وكالة الاستخبارات:"توصل التقييم إلى أن حوالي 11,000 جندي كوري شمالي أكملوا تدريبات التأقلم في المناطق الشمالية الشرقية من روسيا، وتم نقلهم إلى كورسك في أواخر أكتوبر".
وأكدت وكالة الاستخبارات أيضًا "تصدير كوريا الشمالية مقذوفات بعيدة المدى إلى روسيا، بما في ذلك مدافع هاوتزر ذاتية الدفع عيار 170 ملم، وقاذفات صواريخ متعددة عيار 240 ملم".
وفي وقت سابق من نوفمبر الجاري، ذكرت وكالة الأنباء المركزية في كوريا الشمالية، أن الدولة صدقت على معاهدة للدفاع المشترك مع روسيا، وقعها زعيما البلدين في يونيو، وتدعو كل جانب إلى مساعدة الجانب الآخر في حالة وقوع هجوم مسلح.
وقالت الوكالة إن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وقّع مرسوما للتصديق على الاتفاق، وإنه يدخل حيز التنفيذ عندما يتبادل الجانبان صكوك التصديق. فيما وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المعاهدة لتصبح قانونا.
وتنص المعاهدة على أن البلدين يجب أن "يقدما على الفور المساعدة العسكرية وغيرها باستخدام كل الوسائل المتاحة" إذا كان أي من الجانبين في حالة حرب.
وفي هذا الصدد، قال ديفيد سيدني، نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون آسيا والمحيط الهادئ، وهو باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، في تصريحات سابقة لقناة "الحرة"، إن الاتفاق بين موسكو وبيونغ يانغ ستكون له "تبعات خطيرة" ليس فقط على أوكرانيا، بل وحتى على دول المنطقة في آسيا وأوروبا.
بايدن يحذر من "التعاون الخطير" بين روسيا وكوريا الشمالية "التعاون الخطير المزعزع للاستقرار" هكذا وصف الرئيس الأميركي، جو بايدن التعاون بين كوريا الشمالية وروسيا، خلال لقائه برئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول في ليما عاصمة البيرو.وأوضح أن إرسال قوات كورية شمالية "هو تطور جديد يتطلب من دول المنطقة، سيما اليابان وكوريا الجنوبية، أن تتخذ خطوات لحماية مصالحها".
وتابع: "لا نعرف حتى الآن موقف الصين من هذه الخطوة، لكننا نعرف أنها لم تكن سعيدة بحسب تصريح للرئيس الصيني على هامش أعمال قمة بركس التي انعقدت في موسكو مؤخرا، حيث حذر الزعيم الصيني (شي جين بينغ) من دخول أطراف ثالثة في الحرب في أوكرانيا" على حد تعبيره.
وهذا التحالف يمنح كوريا الشمالية مزيدًا من النفوذ، خاصة في ظل العقوبات الدولية المفروضة عليها. كما أن روسيا قد تستخدم نفوذها في الأمم المتحدة للتخفيف من العقوبات ضد كوريا الشمالية، مما يسمح لها بمواصلة تطوير برامجها العسكرية والتقنية دون قيود كبيرة، كما يرى تقرير نشره موقع "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" (IISS)، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن.
والثلاثاء، أكدمفوض السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن على أوروبا "ألا تنتظر ما سيقرره" الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بخصوص الموقف من الحرب في أوكرانيا، بل عليها أن "تواصل دعمها لأوكرانيا حتى تحقيق النصر".
وأضاف بوريل: "لا يمكننا الانتظار لنرى ما سيقرره ترامب. يجب أن يستمر دعمنا لأوكرانيا. سنرى ما سيحدث. لا نعرف ما الذي سيحدث، ولكن في الوقت الحالي، اليوم وغداً وبعد غدٍ، الناس يقاتلون في أوكرانيا ويموتون في ساحة المعركة".
وتحتل القوات الروسية نحو خمس أراضي أوكرانيا، وتقول موسكو إن الحرب لن تنتهي إلا بالاعتراف بضمها للأراضي التي تدعي حقا فيها، وهو ما ترفضه أوكرانيا.