محللون: ضربات واشنطن باليمن حرب بلا إستراتيجية والعمل البري مستبعد
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
قال محللون عسكريون وسياسيون إن الضربات الأميركية المكثفة التي استهدفت مواقع جماعة الحوثي في اليمن، لا تعكس وجود إستراتيجية واضحة، ولا يُتوقع أن تُترجم إلى عملية برية، رغم كثافة القصف وتنوع الأهداف خلال الشهر الأخير.
وتأتي هذه التصريحات على خلفية تصعيد عسكري هو الأعنف منذ بدء العمليات الأميركية في منتصف مارس/آذار الماضي، وشمل أكثر من 11 محافظة يمنية، من صنعاء وصعدة إلى الحديدة ومأرب، وسط تأكيدات متضاربة بشأن فاعلية الضربات ومآلاتها السياسية والعسكرية.
وقال محرر الشؤون اليمنية في قناة الجزيرة أحمد الشلفي لبرنامج مسار الأحداث إن العمليات الأميركية استهدفت معاقل رئيسية للحوثيين في 4 محافظات مركزية، هي صنعاء وصعدة والحديدة وذمار، حيث تتمركز قيادات الجماعة ومراكز اتخاذ القرار العسكرية.
وأضاف أن واشنطن ركزت على منصات إطلاق الصواريخ ومعسكرات التدريب ومراكز القيادة والسيطرة، مشيرا إلى أن الجماعة التزمت بعد الضربات بقواعد اشتباك محددة، مما قد يعكس حجم الضرر الذي لحق بها، رغم غياب معلومات دقيقة بشأن إصابة قيادات الصف الأول.
وفيما يتعلق باحتمال تنفيذ عملية برية أميركية، استبعد الشلفي هذا السيناريو بالكامل، موضحا أن واشنطن قد تكتفي بتقديم دعم للفصائل المحلية، لكنها لن تزج بقواتها على الأرض، في ظل رفض سعودي وإماراتي لأي تدخل بري مباشر، واستمرار التفاوض مع إيران بشأن ملفات إقليمية عدة.
إعلان مغامرة محفوفة بالمخاطرمن جهته، أكد الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري أن دخول القوات الأميركية اليمن سيعد مغامرة محفوفة بالمخاطر، لأن الطبيعة الجغرافية الوعرة والشبيهة بأفغانستان، ستُفشل أي تدخل بري، مشيرا إلى أن الكتلة السكانية الكبرى تقع في مناطق الحوثيين، مما يجعل أي اجتياح مغامرة غير محسوبة.
وأضاف الدويري أن واشنطن قد تلجأ فقط لعمليات نوعية محدودة، عبر وحدات كوماندوز أو إنزال جوي، تهدف لاختطاف أو تصفية قيادات حوثية، لكنه شدد على أن التاريخ العسكري الأميركي يثبت فشله في حروب لا تملك أهدافا سياسية واضحة، بدءا من فيتنام وانتهاء بالعراق وأفغانستان.
وتساءل الباحث في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي عن الهدف السياسي من الضربات الأميركية، معتبرا أن العمليات الجارية تفتقر إلى تصور إستراتيجي متكامل، وتخدم فقط تقليم أظافر الحوثيين دون نية لإسقاط حكمهم أو إضعافهم بشكل نهائي.
وقال مكي إن المقارنة مع حرب الخليج الثانية توضح الفارق الكبير، حيث استغرقت واشنطن 40 يوما من القصف الجوي قبل بدء الهجوم البري في العراق، بينما فشلت حتى الآن في شل قدرات الحوثيين رغم مرور شهر من القصف المكثف.
وأشار إلى أن تكلفة الضربات -التي استهلكت مئات الصواريخ المتطورة- أثارت تساؤلات داخل وزارة الدفاع الأميركية، خصوصا بعد تقارير عن استنزاف الذخيرة المعدة لردع الصين، دون نتائج ميدانية ملموسة في اليمن.
تخويف إيران
وأضاف مكي أن تصريحات مسؤولين أميركيين عن احتمال استخدام الضربات كنموذج تخويف لإيران تعكس ربطا غير مباشر بين الملفين، لكنه شدد على أن طهران -رغم إدانتها للهجمات على اليمن- لم تتخذ أي خطوات ميدانية دعما للحوثيين، في ظل انشغالها بالمفاوضات النووية.
ورأى اللواء الدويري أن ما نُشر عن تزويد شركة صينية مرتبطة بالجيش الصيني الحوثيين بصور أقمار اصطناعية دقيقة لاستهداف السفن الأميركية، يعقد المشهد العسكري ويجعل السيطرة على البحر الأحمر أكثر صعوبة، خاصة في ظل انتشار الحوثيين على شريط ساحلي يتجاوز 1000 كيلومتر.
إعلانوأوضح أن الصواريخ الحوثية لا تُطلق من الموانئ وإنما من عقد جغرافية داخل المرتفعات الجبلية، مما يجعل السيطرة على مواقع الإطلاق شبه مستحيلة عبر إنزال بحري، واستحضر في هذا السياق هجوما سابقا دمر فيه الإسرائيليون منشآت نفطية في الحديدة دون التأثير على مواقع إطلاق الصواريخ.
واعتبر الدويري أن الحرب الأميركية في اليمن تمثل نموذجا صارخا "للعنف بلا جدوى"، لأن غياب الهدف السياسي يعني تكرار فشل الولايات المتحدة في حروبها السابقة.
ورقة ضغطبينما يرى مكي أن إدارة دونالد ترامب الحالية -ورغم قوتها النارية- تفتقر للاتساق في صنع القرار، وأن الضربات في اليمن جزء من سياق تفاوضي أوسع مع إيران، وربما تُستخدم كورقة ضغط في المفاوضات النووية، دون أن تكون ذات أهداف حاسمة على الأرض.
وأضاف أن الحوثيين -رغم تصنيفهم كأعداء إستراتيجيين- لم يواجهوا حتى اللحظة تحركا حقيقيا لإسقاطهم أو استبدالهم بالحكومة المعترف بها دوليا، مؤكدا أن غياب التنسيق بين واشنطن والجيش اليمني ينسف فكرة التغيير الجذري ويجعل الضربات مجرد ردود تكتيكية مؤقتة.
واستبعد مكي أن يتحقق نجاح أميركي على الأرض من دون تحريك القوى المحلية المناهضة للحوثي، مثل العشائر أو القوات التابعة لطارق صالح، معتبرا أن هذا الغياب يعكس رغبة أميركية في إبقاء الحوثيين في السلطة ولكن بصورة أضعف، لضمان استمرار نفوذها دون الدخول في مغامرات عسكرية مكلفة.
وأجمعت مداخلات الضيوف على أن الضربات الأميركية لن تغيّر المعادلة في اليمن، طالما لم تُصاحبها رؤية سياسية متماسكة تشمل حلفاء واشنطن الإقليميين، وتفتح أفقا للحل السياسي، لا مجرد عقاب تكتيكي لمعادلة معقدة تستنزف واشنطن من دون جدوى.
ويرى مكي أنه لا ينبغي فصل التصعيد اليمني عن الحرب المستمرة في قطاع غزة، مشيرا إلى أن الهدوء في اليمن كان يتزامن مع هدنة في غزة، وأن استئناف الحرب هناك رافقه تجدد الهجمات الحوثية، مما يعكس ترابط الجبهتين.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الدویری أن فی الیمن مکی أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
تحذير حقوقي من تدهور أوضاع المختطفين في سجون الحوثيين مع تصاعد الضربات الأمريكية
يمن مونيتور/ قسم الأخبار
أعربت “رابطة أمهات المختطفين” عن مخاوفها الجدية بشأن سلامة أبنائها المحتجزين في سجون جماعة الحوثي، في ظلّ التصعيد العسكري الأمريكي الأخير في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة.
وجاء في بيان صادر عن الرابطة أن التطورات الأخيرة تزيد من المخاطر على حياة المئات من المدنيين المحتجزين قسراً في مراكز احتجاز سرية، دون توفير أدنى ضمانات لحمايتهم أو مراعاة ظروفهم الإنسانية.
كما أدانت الرابطة استمرار عمليات الاختطاف والاحتجاز التعسفي لمدنيين أبرياء، بعضهم قضى سنوات طويلة خلف القضبان دون محاكمة أو أساس قانوني.
وحمّلت الرابطة جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن حياة المختطفين، محذرةً من تكرار مآسٍ سابقة كتلك التي شهدتها سجون الجماعة، مثل استهداف مبنى الشرطة العسكرية بصنعاء (2017) وكلية المجتمع بذمار (2019)، والتي راح ضحيتها عشرات المحتجزين.
وطالبت الرابطة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية بالتحرك العاجل للضغط من أجل الإفراج الفوري عن جميع المختطفين، مؤكدةً أن عائلات الضحايا “لم تعد تتحمل انتظار كوارث جديدة.”