«الحلم».. وثائقي يضيء على مسيرة الفنانة هدى سعيد
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
فاطمة عطفة (أبوظبي)
أخبار ذات صلةجرى أول أمس عرض فيلم «الحلم»، بالتعاون مع وزارة الثقافة، في مركز أبوظبي الإبداعي والمعرفي، وهو العرض السادس من مجموعة الأفلام الوثائقية، إنتاج رولان ضو وإخراج إليان المعركش.
وفي مجال الفن التشكيلي كان الفنان الرائد الراحل حسن شريف حاضراً في حديث الذكريات، وكان لمعاملته الإنسانية السامية واحترامه لمن يعمل معه وتوجيهاته في رسم الخطوط والألوان أثرها الكبير في محبة الفن وإبداع اللوحة لدى الفنانة هدى سعيد.
وتشير الفنانة هدى سعيد إلى حب الطبيعة والمناظر الطبيعية، وما فيها من أشجار وأزهار وألوان، ويبدو هذا الحب واضحاً في لوحاتها، إضافة إلى أنواع من الطيور الجميلة، كما تؤكد الفنانة على حبها للزراعة والنباتات بمختلف أنواعها في الحدائق والمزارع، وتشيد بالعمل الزراعي والجهد الأساسي الكبير، الذي يزيد من جمال الطبيعة ويقدم فوائد كثيرة للحياة.
تابعت هدى سعيد مسيرتها الفنية المتميزة حتى شاركت في بينالي البندقية. وهي تهتم بإبداع اللوحة والشعور ببهجة العمل الإبداعي، أكثر من اهتمامها بعرضها، وغالباً ما يكون عملها في الصباح. ومن خلال حركة الفرشاة بين أصابعها والتعبير بلغة الخطوط الألوان، يبدو حبها واضحاً للون الأزرق والأخضر، إلى جانب لمسات دقيقة من ألوان أخرى توضح مدى محبتها للطبيعة. وهي تكشف للمشاهد أنها تميل إلى تغيير المكان الذي لا ترتاح إليه، وكثيراً ما تنتقل إلى مكان فيه سكينة وهدوء.
ومن خلال نظرتها إلى العمل في الحياة، تؤكد الفنانة هدى سعيد على المهارة والإتقان في كل شيء، وخاصة أن هناك مجالات كثيرة للفن، وهي ترى أن اللوحة لا تنتهي، وقد تعود إلى لوحة قديمة لتضع فيها لمسات جديدة، مبينة أن العمل الفني متجدّد دائماً مع مرور الوقت.
يذكر أن الفنانة هدى سعيد لم تدرس الفن دراسة أكاديمية، لكنها ترى أن للدراسة أهميتها كما أن للموهبة الفطرية أهميتها في الإبداع الفني. مشيرة إلى أهمية القراءة في حياة كل إنسان وإغناء ثقافته، كما تؤكد على أهمية الأسرة والألفة بين الأهل ولأصدقاء. وبعد انتهاء العرض، أجابت الفنانة على أسئلة الحضور.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: هدى سعيد الإمارات وزارة الثقافة الأفلام الوثائقية
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب | مجدي أحمد علي.. عينٌ على المدينة وقدمٌ في الحلم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ليس من السهل أن تقف في منتصف الحكاية، أن تتأمل النهر دون أن تغرق فيه أو تبتعد عنه. مجدي أحمد علي، المخرج الذي لم يأتِ من الحكاية، بل جاء من أطرافها، من شوارع ضيّقة في مدينة تعج بالمفارقات، ومن أصوات النساء اللواتي يُخفين وجوههن في الأحياء الشعبية، ومن عيون الرجال الذين فقدوا البوصلة في زمن مشوَّه. في كل فيلم يوقعه مجدي، تشعر أنه لا يخرج من العدم، بل ينبعث من طبقات دفينة في الوعي الجمعي، ومن أرشيف روحي لا تزال فيه الجراح تنزف.
ولد مجدي في صخب القاهرة، وعاش على تخوم الحلم القومي والسقوط الاجتماعي. درس الصيدلة أولًا، وكأن القدر شاء أن يجعله يعرف معنى المداواة قبل أن يجرحه الفن، لكنه ما لبث أن انحاز إلى المعهد العالي للسينما، متّبعًا صوتًا داخليًا لا يمكن إسكاتُه. وهناك، بدأ في شق طريقه ببطء وصدق، بعيدًا عن بهرجة الضوء، قريبًا من قلب الواقع.
لكن مجدي ليس مخرجًا فقط، بل هو ناسك سينمائي؛ يكتب ويخرج وكأنه يفتح أبواب بيت قديم يسكنه الحنين والغضب. في فيلمه الأول "يا دنيا يا غرامي"، لا يستعرض المجد بقدر ما يستعرض المأساة اليومية للمرأة المصرية التي تُجلد في صمت. تلك النبرة، النابعة من تعاطف حقيقي، ظلت ترافقه في أفلامه التالية، كـ"خلطة فوزية" و"أسرار البنات"، حيث الكاميرا ليست عينًا عُليا تحكم، بل رفيق درب يحاول أن يفهم.
يملك مجدي قدرة فريدة على الإنصات. أفلامه لا تصرخ، بل تهمس. وفي الهمس، غالبًا ما يُقال كل شيء. خذ مثلًا "عصافير النيل"، المأخوذ عن رواية إبراهيم أصلان، ستجد فيه تأملًا طويلًا في الإنسان الذي يعيش على حافة الانطفاء. لا بطولة هنا، بل هشاشة. لا صراع خارجي، بل داخل روح باردة تبحث عن شيء يشبه الحياة.
أما فيلم "مولانا"، فكان بمثابة منعطف. ليس لأنه يقترب من موضوعات شائكة كالدين والسياسة فحسب، بل لأنه يعلن بوضوح عن شجاعة مجدي في اقتحام المسكوت عنه، دون أن يفقد رهافته. الشيخ في الفيلم ليس مجرد رمز، بل هو رجل ممزق بين الميكروفون والمحراب، بين الإيمان واللعبة الكبرى.
وفي "2 طلعت حرب"، يصل مجدي إلى ذروة رمزيته، إذ تتحول الشقة المطلة على الميدان إلى مسرح مغلق لتاريخ وطن بحاله. أربعة مشاهد، أربعة أزمنة، أربعة وجوه للخذلان. هنا، لم تعد السينما مرآة للواقع، بل صدى لما لم يُقَل بعد. الحكايات ليست متجاورة فحسب، بل متورطة في بعضها، كما هو حال التاريخ عندما يُعاد تدويره في غرف مغلقة.
لكن ما يُميز مجدي أحمد علي، بعيدًا عن مُنجزه السينمائي، هو حضوره الخافت والمستمر في المشهد الثقافي. لا يُكثر من الظهور، لكنه حين يتكلم، يضع إصبعه على الجرح دون تردد. لا يسعى إلى النجومية، بل إلى بناء أرشيف سينمائي مقاوم للنسيان، أرشيف يحاول فيه كل فيلم أن يستبقي لحظة ما من الصدق قبل أن تبتلعها الموجة.
أخيرًا، لا يمكن الحديث عن مجدي دون التوقف عند ابنه أحمد مجدي، الذي ورث الفن بروحه لا بألقه. من السهل أن ترى بين الاثنين جسرًا غير مرئي، مبنيًا على احترام الحكاية والانحياز إلى الإنسان العادي، إلى الذين لا يملكون أصواتًا ولكنهم يملكون وجوهًا لا تُنسى.
في زمن السينما التي تحاول أن تُرضي الجميع، يظل مجدي أحمد علي مخرجًا لا يهمّه أن يُرضي أحدًا سوى وعيه وضميره. ولذلك تحديدًا، تظل أفلامه شاهدة على عصر، لا بوقًا له.