اختتام ورشة الإلقاء ومسرحة القصيدة ببيت الشعر في الشارقة
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
الشارقة (الاتحاد)
أخبار ذات صلةفي إطار نشاطاته النوعية، التي تفتح بابها لعشاق الشعر دورياً، اختتم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة مساء الخميس 17 أبريل 2025، فعاليات ورشة «الإلقاء ومسرحة القصيدة»، التي قدمها المسرحي المصري الفنان خالد عبدالسلام، نائب مدير المسرح القومي بالقاهرة، وشهدت حضوراً لافتاً من مختلف الفئات والأعمار، منهم شعراء ونقاد وأكاديميون وباحثون، فضلاً عن جمهور كبير من المهتمين.
واستهلت أول دروس الورشة التي امتدت لأربعة أيام، بتعليم مفاهيم الإلقاء ومبادئه، حيث أكد خالد عبدالسلام أهميته في تعزيز التواصل بين الشاعر وجمهوره، كما تطرق إلى مبادئ نطق اللغة ومخارج الحروف، وكيفية التفاعل مع النص أثناء قراءته على المسرح، مع تقديم أمثلة ودروس عملية في تحسين هذه المهارات. وقد تميّزت بأساليب تدريبية لتعليم المشاركين كيفية نطق الكلمات بشكل صحيح، وإيصال معناها وحمولتها الشعورية إلى المتلقّي، ما ساهم في تعزيز فهم المشاركين لأهمية الأداء الصوتي في الشعر.
كما استعرض المدرب والحاضرون أمثلة حية وتطبيقية، راوحت بين آيات بيّنات من القرآن الكريم، لما فيها من إعجاز لغوي وأحكام قرائية، وقصائد من عيون الشعر العربي أدرجت ضمن تعليم مسرحة القصيدة، وطرائق تجسيد المعاني والمشاعر، عبر الأداء اللغوي والنفسي للشاعر.
وفي ختام فعاليات الورشة، كرّم مدير بيت الشعر محمد عبدالله البريكي المشاركين الذين أعربوا عن شكرهم لصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، على رعايته للثقافة وإنشائه مشروع بيت الشعر الذي كان ولا يزال له أثر كبير في دعم الساحة الشعرية العربية، وفتح أفق لتعزيز مكانة القصيدة سواء عبر الفعاليات المختلفة أو عبر مجلة القوافي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: بيت الشعر الإمارات بيت الشعر بالشارقة الشارقة
إقرأ أيضاً:
سامح قاسم يكتب | ضي رحمي.. أن تترجم لتكون القصيدة قلبك الآخر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في عالمٍ تُستنزف فيه الكلمات كما تُستنزف الأعمار، تبدو الترجمة أحيانًا فعلًا باردًا، مجرّد جسر صامت بين لغتين. لكن حين تمر القصائد من بين يدي ضي رحمي، تصبح الترجمة طقسًا شعريًا قائمًا بذاته، كأن النص الأصلي لم يوجد إلا ليُولد من جديد بلغتها. ليست ضي رحمي مترجمة تقف على الحياد بين الشاعر وقارئه العربي، بل هي عاشقة تختار قصائدها كما تختار روحٌ عاشقٌ مَن يهواه، بعين تمسّ، وقلب يُنصت، وضمير لا يُهادن.
ضي رحمي لا تضع نفسها في مصاف "المترجمين المحترفين". تصرّ، بتواضع متوهج، على أنها "مترجمة هاوية". وهذا في ذاته مفتاح لفهم صوتها الخاص: ليست ضي أسيرة قواعد النشر ولا شروط المؤسسات، بل أسيرة الدهشة وحدها. لا تترجم ما يُطلب منها، بل ما يطلبها. ما يمسّها كما لو أن القصيدة سُرّبت لها من حلم سابق.
في هذا المعنى، فإن ترجماتها ليست نقلًا من لغة إلى أخرى، بل استعادة. كأنّ ضي تعثر على قصيدة في لغتها الأم وقد كُتبت أصلًا بها، فتُعيدها إلى أهلها. ليس غريبًا إذًا أن تجد الكثيرين يظنون أن تلك الكلمات التي قرأوها لها هي شعر عربي خالص، لا ترجمة.
ليس من السهل أن تختار قصيدة لتترجمها. فالنصوص، كما الناس، تحمل أعمارًا وأقنعة وثقافات قد تنفر منها الروح أو لا تجد فيها ما يشبهها. غير أن ضي رحمي تمتلك حسًّا نادرًا في هذا الاختيار. تختار القصائد التي تنتمي إلى عوالم هشّة، إلى تلك الفجوات الدقيقة بين الحب والخسارة، الوحدة والحنين، الغضب والرقة. تنجذب إلى الشعراء الذين يكتبون كمن يربّت على كتف العالم: لانج لييف، نيكيتا جيل، رودي فرانسيسكو، وآخرون ممن يُقال عنهم شعراء المشاعر الدقيقة.
وتنجح ضي في أن تنقل هذه المشاعر لا باعتبارها معاني لغوية، بل باعتبارها أصداءً داخلية. فهي تعرف كيف تحفظ موسيقى النص، كيف تُبقي على رعشة الجملة، وعلى ذلك الفراغ النبيل الذي يتخلل بعض القصائد ويمنحها عمقًا لا يُفسَّر.
في ترجماتها، يظهر صوت أنثوي واضح، لكنه غير شعاري. لا تخوض ضي في قضايا النسوية من بوابة المباشرة، بل تفتح بابًا خلفيًا للقارئ كي يرى هشاشة النساء، غضبهن، صمتهن، توقهن للحب، وانهياراتهن الصغيرة، من دون أن تقول ذلك بصوت عالٍ. تترك اللغة تفعل ذلك.
في ترجمتها لقصيدة عن امرأة وحيدة تُحدّث ظلالها، لا يبدو أن ثمّة شيء يحدث سوى أن القارئ يشعر أنه هو تلك المرأة. هنا تتجلى قوة ضي: لا تسرد الشعر، بل تجعلك تعيش داخله، كأنك كنت دومًا هناك.
ضي لا تكتفي بالترجمة المكتوبة. على ساوند كلاود، نسمع بصوتها أو بصوت متعاونين معها ترجمات مسموعة لقصائدها المختارة. الصوت هنا ليس مجرد أداة قراءة، بل امتداد للقصيدة. نبرة الصوت، طريقة الوقف، وحتى الأنفاس الصغيرة بين السطور، كلها تشكّل طبقة إضافية من الترجمة، تجعل من القصيدة حدثًا سمعيًّا، لا قرائيًّا فقط.
هذه القدرة على المزج بين الكلمة والموسيقى الداخلية للصوت تجعل من ترجماتها لحظة حميمية، كما لو أنك جالس قبالة صديقة تخبرك شيئًا سريًّا عن العالم.
ما يعمق هذا البعد الإنساني في أعمال ضي هو أنها ليست فقط مترجمة، بل فاعلة في العمل الاجتماعي والإنساني. عملها من أجل ضحايا العنف يمنحها حساسية لا يمتلكها كثيرون. الترجمة هنا ليست فعل ترف ثقافي، بل امتداد للرغبة في فهم الألم الإنساني بكل لغاته. لذلك نجد في ترجماتها إصرارًا على منح الألم صوتًا ناعمًا، لا يصرخ، بل يشير بإصبعه إلى قلبك، ويصمت.
لو جاز لنا أن نكتب قصيدة عن ضي رحمي، لربما قلنا إنها تلك اليد التي تُمسك بالقصيدة المترجمة كما لو كانت دمًا طازجًا خرج لتوّه من الوريد. لا تضعه في قارورة محكمة، بل تتركه يسيل في اللغة العربية كأنه لم يكن غريبًا قط.
ربما ليست ضي مترجمة بالمعنى التقليدي، لكنها بالتأكيد شاعرة تتنكر في زي مترجمة. شاعرة لا تكتب القصيدة، بل تبحث عنها في لغات الآخرين، وتعيد كتابتها بلغة تشبه قلبها.