موقع النيلين:
2025-04-27@05:49:43 GMT

صور مفتعلة، فتجاهلوها!

تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT

* انفعال خالد سلك وتبجُّحه في سياقٍ لا يستدعي رفع الصوت واستعراض الغضب، وخاصةً أن تناول مسألة عدم قدرة “القحاطة” على العودة إلى السودان أو حتى التجوُّل في شوارع المدن الأجنبية، وخاصةً الكبيرة منها، ليس بجديد وبات واقعًا لا يخفى على أحد؛ فالخوف من مواجهة الشعب، الذي طعنوه في كرامته وشرَّدوه ونهبوا موارده وغضّوا الطرف عن اغتصاب نسائه، يمنعهم حتى من الظهور في العلن؛

* مشهد قحَّاطي بصحبة بابكر فيصل وهو يردّ بكلّ عنجهيَّة على انتقاداتٍ من شخصٍ آخر في مكانٍ عام بلندن.

* مقطع مصوّر تطلّ من خلاله ناشطة في لندن ارتبط صوتها المنفّر بشعارات فقدت بريقها وسئمها الناس، ولم تعد تعبّر عن قضايا حقيقية، بل إنها تخرج من أفواهٍ خانت مبادئها وتحالفت مع من يسعون إلى تفكيك السودان وتغيير تركيبته السكانية وتهجير أهله؛

* تشكيك د. عزام عبد الله إبراهيم ومعه سيدة أخرى في استشهاد الطبيبة المناضلة هنادي “بت الفاشر” بحُكم أنها ماتت في معركة؛ وفي المقابل، تمجيدهما الشهيدة ست النفور على اعتبار أنها سقطت في مظاهرة سلمية؛ كلّ هذا في سياق مقارنة سياسية سقيمة؛
كلّ هذه المشاهد *وغيرها مما ستتفتَّق به أذهان هؤلاء الخونة* ليست سوى محاولات يائسة لخلق زخمٍ إعلامي واستنساخ أجواء النشاط السياسي الذي حملهم بالأمس إلى السلطة. والآن، وبعد انهيار جسر الجنجويد، الذي توهَّموا أنه سيعيدهم إلى واجهة السلطة، لم يتبق لهم سوى هذا النوع من الصور المفتعلة المفضوحة، كمن يتشبَّث بقشَّة في بحر متلاطم الأمواج.

ولذلك، فالردّ الأمثل على هذا العبث لا يكون بالمجادلة ولا بالتفنيد، بل بالتجاهل الذي يضعهم في حجمهم الحقيقي، لئلا يظن هؤلاء أن لهم تأثيرًا على الرأي العام، أو أن بوسعهم إنعاش صورةٍ احترقت بالكامل بأفعالهم وتواطؤهم.

خالد محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

بيت بلا جدران برائحة الجاز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كلمة عابرة، مشهد عاطفي أو مأساوي، حكاية تأتي مصادفة، خبر في صفحة الحوادث، أي شيء مهما كان صغيرا يمكنه أن يكون ملهما.

نعم، هو خبر في صفحة الحوادث عن "إلقاء طفل حديث الولادة من شباك مستشفى في طنطا" لفت هذا الخبر نظر نورا ناجي وأثار شغفها فتتبعته وأضافت له كثيرًا من التخييل لتستلهم منه روايتها الأحدث "بيت الجاز" في بناء مترابط وتكنيك جديد.

في هذه الرواية ترتدى الكاتبة ثوبا جريئا مختلفًا تماما عما كانت ترتديه في رواياتها السابقة، ثوبا كاشفا، لا يستر إلا قليلا، يصدم القارئ ليعود مجبرا ويحدق في اسم الكاتب عله يكون مخطئا، فهو لم يتعود هذا الأسلوب من نورا ناجي.

حتى أنا، عدت مجبرة إلى الصفحة الأولى لتتسع اندهاشتي حين قرأت إهداء الرواية، "إلى أمي وإلى فاتيما"، إذن فالكاتبة لديها قناعة تامة بما كتبت لتدعو أهل بيتها بكل أريحية إلى قراءة الرواية، فبحثت عن أحاديث لها تكشف فيها عن ملابسات وأجواء كتابتها للرواية، فوجدتها تقول في إحدى الندوات أنها في تلك الفترة هاجمها شعور ثقيل بالإحباط من أحداث متفرقة مرَّت بها جعلتها تقرر أنها ستتخذ هذه الرواية سبيلا لتقف وجها لوجه أمام خسائرها وتبوح بما في جوفها من ألم وليكن بعدها ما يكون، لدرجة أنها أعلنت بينها وبين نفسها أن هذه الرواية ستكون روايتها الأخيرة التي ستختتم بها مشوارها الأدبي بل وأكدت على ذلك على لسان رضوى بطلة الرواية. 

بهذا الألم وبهذا الإحساس اختارت نورا ناجي أن يكون الراوي شخصية في العمل تكتب قصتها من خلال أبطالها، لتتشابك آلامها الشخصية مع بطلات روايتها كما لو أنها تبوح بما لا تجرؤ على قوله، وتكتبه فقط على الورق، فتنثر أجزاء من روحها ومعاناتها على بطلات روايتها الثلاث وكأنها رواية من داخل رواية.

لذا لم أصدق أبدا ما انتوت عليه الكاتبة أنها ستكون روايتها الأخيرة، فنورا ناجي في اعتقادي لديها مشروعها الأدبي الذي مشت فيه خطوات واسعة وناجحة، فلن تثنيها بعض الإحباطات عن تكملة ما بدأته، بل ستكسر حدود التجريب حول كل جديد في تقنية السرد، وهو بالضبط ما فعلته في هذه الرواية، حين أخذت القارئ في متاهة مقصودة بين الواقع والمتخيل وكأنها تتحداه أن يفرق بين الحقيقة والخيال أو أن يُسقط أحداث الرواية على حياتها الشخصية متهما إياها أن كل الروايات عنها وكل الشخصيات هي، تتحدى القارئ كي يرفع في النهاية راية الاستسلام ويقتنع أنها محض رواية.

***

تنقسم الرواية إلى ثلاثة فصول متكررة على مدار السرد لكنها ثابتة في عناوينها "الرواية.. الحقيقة.. الكاتبة"، في الفصل المعنون بـ"الحقيقة" يتحدث الراوي عن الشخصيات جميعها بمن فيهم "عوض وزيزو وثريا ونجاة" بصيغة المتنبِئ بما سيحدث أو الآمر بالشئ أن يحدث "ستتذكر.. ستشاهد.. ستتوقف"، وفي الفصل المعنون بـ"الكاتبة" يتحدث الراوي عن رضوى بصفته عليمًا بالأمور، وفي الفصل المعنون بـ"الرواية" تتحدث رضوى بصيغة الماضي بصفتها الراوي عن يمنى.

تبدأ الرواية بمشهد ناري تصاحبه ابتسامة مرمر وهي تقف فوق سطح بيت الجاز وتسكب صفيحة الجاز على جسدها ثم تشعل الثقاب لتلفها النار وتمتصها ثم تقفز ثم تتلاشى.

اشتركت رضوى ويمنى ومرمر، شخصيات الرواية الثلاث، في نشأة معقدة وطفولة صعبة بطرق مختلفة، يمنى طبيبة تعمل بالنهار في مستشفى الجذام وليلًا في عيادة تجميل بالليزر، تحيا حياة ميتة، هي امرأة داخل امرأة، امرأة خارجية تعيش تحت جلدها، تذوب أسفل قدميها كلما أقدمت على شئ، كأنها تقول لا لكل ماحصلت عليه من الحياة، دراسة.. زواج.. إنجاب.. عمل، وعلى الرغم من أنها ليست بهذه البراءة، فهناك شئ مُلِح يدفعها لفعل أشياء لا تفهمها ولا تدري لماذا تفعلها. 

ومرمر بنت بيت الجاز التي أقنعتها أمها أن الملائكة تنزل كل يوم إلى الأرض لتأخذ الميتين، وأيضًا لتأخذ شيئا من كل حي، كل إنسان يدفع ضريبة استمراره يوما آخر في هذه الدنيا، وهي دفعت ضريبتها مرات عديدة، فقد واجهت الحياة والعالم والناس بعد كل ما حدث لها بالصمت الذي يلفها ساعة المغربية عندما يرحل زوار القبور، صمت ثقيل لكنه ناعم، صمت لا يمكن التغلب عليه إلا بنار تطهر كل شئ. 

ورضوى التي قررت مواجهة العالم بالكتابة لتعبر عن استيائها منه ومن ملامح الناس الجامدة وقسوتهم المستمرة، وربما لتعترف بكل ما تخفيه بعد أن اتهموها من منحوها وعودًا لم يفوا بها، أنها كاتبة بلا مأساة حقيقية ولا تملك موقفا حقيقيا. تضع قائمة طويلة تحصر فيها كل ما خسرته بسبب اعتناقها الكتابة، تساؤلات تحيرها وتبحث عن أجوبتها وراء الجدران وخلف الأشياء.

***

ترددت كلمة "يتلاشى" ومفهوم التلاشى بطريقة لافتة للنظر فوق سطور الرواية وفي معظم أركانها، وكأن البطلة تريد أن تتلاشى هي نفسها في صورة كاتبتها المفضلة رضوى عاشور التي لم تنسها يوما، أو تتلاشى في شخصيات أبطال رواياتها الذين سيعيشون عمرا أطول منها، أو تتلاشى في الحكايات المؤلمة التي نسجتها بخيالها في عالم مفتوح فلا تصبح امرأة وحيدة.

نجد أيضا تلامسًا بين روايات نورا ناجي السابقة والحالية وكأنها تريد أن تذكر القارئ أنها معه منذ البداية، وأن كل شيء يحدث لسبب، وليس هناك مصادفة، فالأبطال صداهم يتردد في كل الحكايات، والحكايات نفسها تسقط دلالاتها على ما هو آت، وكتابة الألم هو الخلاص والتطهير وربما تكفير عن ذنوب لم ترتكب سوى على الورق.

مقالات مشابهة

  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟
  • بيت بلا جدران برائحة الجاز
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • اللواء خالد مجاور: نسعى لتحسين الصورة الذهنية لشمال سيناء وخاصة العريش الآمنة
  • خبر سار للمقيمين في تركيا، وخاصة لمحبي البيض
  • كلما انهزمت المليشيا وأضطرت إلى الإنسحاب نحو الثقب الذي أطلّت منه نحو السودان
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • فريق “تجمع أبناء السويداء” ينفذ مبادرات خدمية ومجتمعية تطوعية
  • تلعب وتتراقص مع السائحين.. ظهور الدلافين في لاجونا دهب
  • ضبط سيارة ربع تُقل 28 عاملًا زراعيًا بطريقة مخالفة في المنيا