المجاعة تُكمل أركان مشهد الإبادة.. تصريحات أممية لا تغني ولا تسمن من جوع غزة
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
الاسرة/متابعات
تُكمّلُ عملية الحصار الخانقة والمميتة، التي يفرضها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة، مشهد جريمة الإبادة الجارية بأعلى مستوياتها، بينما يخفق ما يسمى المجتمع الدولي في إنقاذ سمعته وانتشال إنسانيته أمام واحدة من أكبر الجرائم الصهيونية المرتكبة بحق البشرية.. بضع تصريحات قلقلة، وفي أحسن الأحوال مستنكرة، أشبه بمناشدات استغاثة يطلقها موظفون أمميون، بينما يغيب على الواقع أي حراك يمكن البناء عليه لتفريج الأزمة.
تبلغ الأزمة الإنسانية في غزة ذروتها مع استمرار القيود التي يفرضها العدو الإسرائيلي على دخول المساعدات الإنسانية، وهو ما أكدته مفوضة الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات “حاجة لحبيب” في تصريحات سبقت اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لبحث الأوضاع في الشرق الأوسط، حيث أعربت عن “قلقها العميق” حيال هذا الوضع، وهو كالعادة قلق “بروتوكولي” لا يسمن ولا يشبع من جوع غزة، لكنها على الأقل شهادات أممية تمنع عزل المأساة في غزة التي يسعي العدو جاهداً لفرضها، وتعيد التذكير بالكارثة وبأسبابها التي تسميها المسؤولة الأممية صراحة “بسبب منع وصول المساعدات”، والذي -كما قالت- يؤدّي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية داخل القطاع، إذ تتكدس المساعدات خارجه بينما يعاني السكان نقصاً حاداً في الغذاء والإمدادات الأساسية.
وفي هذا السياق، حددت “لحبيب” ثلاث أولويات رئيسية للتعامل مع الأزمة الراهنة، أولاها استئناف وقف إطلاق النار، وذلك بهدف تخفيف حدة القتال وتوفير بيئة آمنة لإيصال المساعدات، لكنها قفزت -في الثانية- من الموضوع الإنساني إلى السياسي حين طالبت بإطلاق سراح الأسرى، متجاهلة حقيقة أن العدو الإسرائيلي هو المسؤول عن تأخر إطلاق سراحهم بخرقه الاتفاق، وعدم اتخاذ الدول الضامنة أي موقف تجاهه، أما الأولوية الثالثة فهي تسهيل دخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودون عوائق، لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.
وتشير التقارير إلى تفاقم الوضع الإنساني في غزة نتيجة انعدام الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والكهرباء، وحتى الخبز الذي يمنع العدو الإسرائيلي إدخاله، ويعمد إلى تحويل الوضع الإنساني إلى ورقة للتفاوض السياسي والضغط على المقاومة.
وفي مقابل مشهد المجاعة المتفشية في غزة، يتعرض الطعام للتلف داخل الشاحنات المتوقفة على المعابر منذ أكثر من شهر، تصف المسؤولة الأممية الوضع بقولها “بينما تمتلئ المستودعات خارج غزة بالطعام، ينفد الطعام في غزة، ويتعفن على أبوابها لأننا لا نستطيع دخول المنطقة، ويُقتل أو يُصاب ما لا يقل عن 100 طفل يوميا”.
ولم يقتصر التدهور على قطاع غزة فحسب، بل امتد أيضاً إلى الضفة الغربية المحتلة، حيث أشارت “لحبيب” إلى أن التهجير القسري وأعمال العنف أصبحت أمراً شائعاً، ما يستدعي تحركاً سياسياً عاجلاً.
المفوض العام لوكالة الأونروا “فيليب لازاريني” بدوره وصف الوضع في قطاع غزة بأنه “جحيم يزداد سوءاً”، مؤكداً على التدهور الكبير في الأوضاع الإنسانية بعد استئناف العمليات العسكرية، وأشار إلى أنه “لا يوجد مكان آمن على الإطلاق في القطاع”، مؤكداً مقتل عدد من العاملين في المجال الإنساني في التصعيد الأخير.
كما حذرت الأونروا من اقتراب قطاع غزة من مرحلة المجاعة الحادة نتيجة استمرار القيود على دخول الإمدادات الأساسية، حيث يواجه السكان القصف المستمر، بالإضافة إلى تفشي المجاعة والأمراض، وتدهور الظروف المعيشية، وقد أدان “لازاريني” مقتل عدد من المسعفين وعمال الدفاع المدني، مطالباً بفتح تحقيق دولي مستقل في هذه الحوادث ومحاسبة المسؤولين، وأشار إلى أن الفلسطينيين في غزة يعيشون في حالة تنقُّل مستمر تحت وطأة أوامر الإخلاء والنزوح المتواصل، وأكد “لازاريني” على أن الوضع الإنساني في غزة كان كارثياً حتى قبل الهدنة الأخيرة، ولكنه ازداد سوءاً بعد انهيارها، ما يضاعف من معاناة السكان المدنيين.
وتؤكد تقارير حديثة صادرة من الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية استمرار تدهور الوضع الإنساني في غزة، محذرة من خطر المجاعة الوشيك، وموضحة أن القيود المستمرة التي يواصل العدو فرضها على دخول المساعدات تعيق جهود الإغاثة بشكل كبير، وتضع سكان غزة أمام موت محقق، وفي ظل هذه الأوضاع الكارثية لا يبدي ما يُسمى المجتمع الدولي أي تحرك جاد وفاعل يمكن الرهان عليه لتحقيق استجابة إنسانية سريعة ترقى لمستوى الجريمة الحاصلة.
وكانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) قد أصدرت تحذيراً عاجلاً من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وسط استمرار حصار العدو الإسرائيلي، وتواصل العمليات العسكرية التي تجاوزت 18 شهراً، وأشارت الوكالة في بيان نشرته عبر منصة “إكس” إلى نفاد الإمدادات الأساسية، ما أدى إلى معاناة آلاف العائلات من الجوع، بما في ذلك الرضع والأطفال الذين “يخلدون إلى النوم ببطون خاوية”.
وأوضح البيان أن مخزون المواد الغذائية في القطاع أوشك على النفاد بعد ستة أسابيع من تشديد القيود، مع إغلاق معظم المخابز وانتشار حالات الجوع الحاد، وأكدت “أونروا” -التي تواجه في عملها تحدياتِ حرب العدو الإسرائيلي عليها والضغوط الأمريكية- أن تدخلاً دولياً عاجلاً بات ضرورياً لاحتواء الكارثة الإنسانية المتفاقمة، وأعاد البيان التذكير بأنّ أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في غزة تحت وطأة ظروف معيشية بالغة القسوة، مع استمرار العدو في عملياته العسكرية والممارسات التي توصف بـ”التجويع المُمنهج”
ونزح قرابة 400 ألف شخص إضافي خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بعد خرق العدو الإسرائيلي للاتفاق، ما زاد الضغط على موارد الإغاثة الشحيحة أصلاً.
تحذيرات مماثلة صدرت من خبراء حقوق إنسان تابعين للأمم المتحدة، إذ حذروا -في بيان مشترك- من “تدمير ممنهج لحياة المدنيين” في غزة، مُلقين باللوم على قصف العدو المستمر وإعدامه المتعمد سُبل العيش الأساسية، ما يعكس تجاهلاً صارخاً للقيمة الإنسانية، وأشار البيان إلى عجز المنظمة الدولية عن ضمان حماية فرقها العاملة في الميدان، حيث سُجلت أعلى حصيلة لضحايا العاملين في المجال الإنساني نتيجة العمليات العسكرية الأخيرة.
واتهم بيان الخبراء العدو الإسرائيلي وشريكه الأمريكي بممارسات قد تُصنف ضمن “انتهاكات القانون الدولي”، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 166 ألف قتيل وجريح فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى نحو 11 ألف مفقود. ودعوا ما يُسمى المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لوقف ما وصفوه بـ”المأساة الإنسانية غير المسبوقة”.
وتُراوح هذه الدعوات والمناشدات والبيانات وحتى الجهود الدبلوماسية النادرة مكانها، دون تحقيق تقدم ملموس نحو وقف إطلاق النار وإيقاف جريمة الإبادة المتواصلة بأكثر من أسلوب وأداة صهيونية.
فـ”الجهود الدولية” التي يجري الحديث عنها للضغط على العدو هي في الواقع مناورات إعلامية أكثر منها ضغوط دبلوماسية، مع أنها لو صحّت فإن العدو لا يُبدي أي اكتراث لها، حيث يجد نفسه منهمكاً في تنفيذ مشروعه التوسعي، والذي تُعَدُّ إبادة غزة أحد مساراته، كأولوية تشغل كل مؤسسات العدو في الوقت الحالي، مستغلاً حالة التبنّي الأمريكي الكبير، وانخراطه المباشر، ودعمه اللا محدود.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: المساعدات الإنسانية التي نقدمها في غزة تتم وفق مبادئ الإنسانية
قال متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الليلة الماضية، إن عمليات المساعدات الإنسانية التي تقدمها في غزة لا يمكن أن تتم إلا وفقا لمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلالية.
جاء ذلك في رده على سؤال عن تقارير تفيد بأن وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس، صرح في اجتماع للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت"، الثلاثاء، بأن المساعدات في غزة سيوزعها الجيش أو شركات أميركية.
وأضاف: "العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في غزة أو في أي مكان آخر في العالم لا يمكن أن تتم إلا وفقا لمبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال".
ولفت إلى أن إمدادات الغذاء "منخفضة بصورة خطيرة" في جميع أنحاء غزة، وأن حالات سوء التغذية تتزايد بسرعة.
وأكد دوجاريك، أن الظروف المعيشية في جميع أنحاء غزة "مروعة".
وقال، إن 75 بالمئة من السكان معرضون لمياه الصرف الصحي والنفايات المفتوحة، ما يسبب مشاكل صحية شديدة الخطورة.
ودعا دوجاريك، الدول الأعضاء ذات النفوذ إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة مرة أخرى وتوزيعها على المحتاجين.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين شاهد: شهداء وإصابات في غارات إسرائيلية على قطاع غزة اليوم الجبهة الديمقراطية تعلن الانسحاب من جلسة المجلس المركزي الـ32 فصيل فلسطيني يُعقّب على تصريحات الرئيس عباس ويطالبه بالاعتذار الأكثر قراءة صحيفة: الأمور تتّجه نحو التوصّل إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة الأمم المتحدة: إسرائيل سمحت اليوم بـ 2 فقط من 6 تحركات إنسانية مخطط لها بغزة عن هذه البلادة تجاه ما يحدث لا سبب للتفاؤل إلا إذا.. عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025