عبيد الحيري الكتبي: خدمة الوطن لا تقاس بالمناصب
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
رأس الخيمة: عدنان عكاشة
نظمت جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية، بمقرها في رأس الخيمة، جلسة حوارية بعنوان «رحلة وطنية في خدمة الإمارات.. بين القيادة العسكرية والرؤية الدبلوماسية»، تحدث فيها اللواء د. عبيد الحيري الكتبي، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، نائب القائد العام لشرطة أبوظبي سابقاً، وسفير الدولة لدى أستراليا سابقاً، ضمن سلسلة مبادرات، تهدف إلى تعزيز روح الانتماء الوطني، ونقل التجارب الوطنية الملهمة للأجيال الجديدة.
ألقى الكتبي، خلال الجلسة، التي أدارها الإعلامي سالم محمد، مدير مركز الأخبار بشبكة الإذاعة العربية في دبي، بحضور نخبة من الشخصيات الوطنية والقيادات الشعبية وحشد من أبناء المجتمع، الضوء على مسيرته الممتدة لأكثر من أربعة عقود في خدمة الوطن.
وركز على تأثير البيئة العسكرية، التي نشأ فيها، في تشكيل شخصيته، مستذكراً الدور الأبوي والقيادي للمغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في ترسيخ القيم الوطنية والانضباط في نفوس أبناء الوطن. واستعرض تجربته في الحقل الدبلوماسي، والانتقال من الميدان إلى المحافل الدولية، والتحديات التي واجهها، وأثر الخلفية الأمنية والعسكرية في بناء جسور التفاهم والاحترام مع الدول الأخرى، مشدداً على أهمية التوازن بين الحزم العسكري والحكمة الدبلوماسية.
وقال: إن خدمة الوطن لا تقاس بالمناصب، بل بما نترك من أثر، والولاء والانتماء لدولة الإمارات يتجسد في كل موقع، سواء في ساحات العمل العسكري، أو المنابر الدبلوماسية، أو في أي مجال يخدم الوطن والمجتمع، مؤكداً أن روح الانضباط والمسؤولية، التي تعلمها في الميدان العسكري، شكلت قاعدة صلبة انطلقت منها تجربته في العمل الحكومي والدولي.
وشدد الكتبي على أهمية غرس القيم الوطنية في نفوس النشء، عبر ربط الجيل الجديد بعاداتنا وتقاليدنا وهويتنا الإماراتية، وأن نشركهم في الفعاليات الوطنية والمجتمعية، ليكونوا عناصر فاعلة في الحفاظ على مكتسبات هذا الوطن العظيم.
وقال خلف سالم بن عنبر، مدير عام الجمعية: نحن اليوم أمام قصة وطنية تجسد قيم الولاء، والتفاني، والعمل الوطني، حيث يمثل اللواء الدكتور عبيد الكتبي نموذجاً استثنائياً للقيادة، التي تعتز بهويتها وتخدم الوطن بإخلاص من كل موقع.
وأكد أن تنظيم الجلسة يأتي ضمن دور الجمعية في فتح نوافذ حوار مجتمعي ملهم، وتسلط الضوء على تجارب وطنية ملهمة، تُثري الوعي المجتمعي، وتعزز روح الانتماء في إطار «عام المجتمع»، 2025، الذي يضع بناء المجتمع وتمكينه في صدارة أولويات التنمية، ونؤمن أن هذه اللقاءات تسهم في ترسيخ القيم الإماراتية الأصيلة لدى الأجيال القادمة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية رأس الخيمة
إقرأ أيضاً:
عبيد البخاري.. جيش أقسم على صحيح البخاري من أجل الولاء لسلطان المغرب
جيش نظامي تأسس بالمغرب في عهد السلطان العلوي المولى إسماعيل، الذي حكم البلاد ما بين 1672 و1727. كان يتكون أساسا من عبيد اشترتهم الدولة من أسيادهم، إضافة إلى العبيد الذين تحرروا وأيضا سود البشرة الأحرار، وتم تدريبهم وتربيتهم منذ الصغر في معسكرات خاصة على الولاء للسلطان فقط.
سمي هذا الجيش بعبيد البخاري نسبة الى كتاب صحيح البخاري، وهو كتاب للأحاديث الصحيحة جمعه العلامة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وجرت عادة المغاربة أن يعقدوا مجالس لقراءته ومدارسة مضامينه.
فقد كان جنود جيش البخاري يقسمون على كتاب صحيح البخاري من أجل الولاء والطاعة للسلطان، ويرى بعض المؤرخين أنه كان أكثر الجيوش انضباطا وفعالية في تاريخ المغرب.
كان لهذا الجيش دور محوري في ترسيخ سلطة الدولة المركزية، خاصة في مواجهة التمردات القبلية، وفي تحرير عدد من المدن الشاطئية من الاحتلال الإسباني والإنجليزي، وتوسيع رقعة وحدود البلاد لتمتد إلى نهر السنغال جنوبا ونواحي تلمسان شرقا.
تحول بعد وفاة السلطان مولاي إسماعيل إلى قوة أثرت على استقرار الحكم نتيجة تدخله في تولية السلاطين وعزلهم واغتيال بعض رجال الدولة، مما أدى إلى انتشار الفوضى في البلاد.
تأسس جيش عبيد البخاري عام 1673، أي في السنة الثانية لتولي السلطان العلوي المولى إسماعيل الملك، بهدف تكوين جيش نظامي، على غرار الجيش العثماني المعروف باسم الانكشارية وجيش المنصور السعدي، يكون ولاؤه للسلطة المركزية ولا يتأثر بتقلبات القبائل وولاءاتها.
إعلانيقول مؤرخون إن كاتب السلطان عمر بن قاسم الشهير باسم عليليش كان يحتفظ بدفتر يضم أسماء العبيد الذين كانوا في خدمة الجيش السعدي ورثه عن والده، وكان كاتبا لدى المنصور السعدي، فاقترح على السلطان مولاي إسماعيل جمع من بقي منهم ومن أولادهم لتشكيل الجيش.
ومرت عملية بناء هذا الجيش من مرحلتين أساسيتين، اقتصرت الأولى على جمع العبيد الذين وجدوا في دفتر عليليش، واشترت الدولة العبيد من أسيادهم في مختلف نواحي البلاد.
وفي المرحلة الثانية بدأ جمع العبيد الذين نالوا حريتهم، وكان يطلق عليهم "الحر الثاني"، ثم أضيف إليهم الأحرار، ومنهم أفارقة من جنوب الصحراء كانوا يسكنون المغرب، وقد أجبروا على الانضمام للجيش بسبب لونهم وقوتهم.
كان يتم جمع جنود جيش البخاري في مكان يسمى مشرع الرملة أسسه السلطان سنة 1678، وحسب بعض المؤرخين، يعد هذا الموقع أكبر تجمع عسكري في تاريخ المغرب، إذ كان يمتد على مسافة تشمل المجال الفاصل بين مدينتي سيدي يحيى الغرب وسيدي سليمان، وهناك كانت تعطى لهم الملابس العسكرية والسلاح.
وقدر عدد العبيد الذين تم جمعهم بـ12 ألفا، إضافة إلى ألفي عبد آخرين كان المولى إسماعيل قد عاد بهم من حملته على شنقيط عام 1678.
تزايد هذا العدد طوال عهد السلطان مولاي إسماعيل إما عن طريق تجنيد السود الذين كانت تأتي بهم القوافل بانتظام من الدول الأفريقية، أو بجمع كل العبيد الذين كانوا لا يزالون إما في ملكية بعض العائلات، أو متفرقين على القبائل، إذ أصبح من المحظور على أي كان أن يتملك عبدا، وجعل السلطان العبيد الذين جمعوا في مشروع الرملة أداة للإنجاب، إذ كان يزوجهم من الإماء قبل أن يرسلهم إلى معسكر الجيش.
وأثار إرغام سود البشرة الأحرار أو من كان يطلق عليهم في تلك الفترة "الحراطين" على الجندية جدلا في أوساط العلماء، وقيل إن لفظة "الحرطاني" هي تركيب مزجي بين "حر" وثان" وحرفت إلى "حرطان" ثم "حرطاني" وجمعها "حراطين".
إعلانوبينما أباح فريق من العلماء مسألة تمليك "الحراطين" بدعوى مصلحة الجماعة، رفض فريق آخر منح الشرعية للسلطان فيها لعدم وجود مبرر ديني لاسترقاق الأحرار، وتزعم هذا الفريق الفقيه عبد السلام بن حمدون جسوس، وقد أدت هذه المعارضة إلى خروج عدد من سكان فاس للاحتجاج واتجهوا صوب قصر السلطان في مدينة مكناس (وسط المغرب).
وكان رأي هذا الفقيه أنه لم يجد أي مبرر شرعي -لا في الكتاب ولا في السنة ولا في آراء كبار الأئمة والفقهاء- يبيح للسلطان تمليك الناس.
وجر هذا الموقف المعارض على الفقيه غضب السلطان، فحبسه إلى أن توفي مخنوقا بباب سجن القلعة في فاس عام 1120 هجرية بعد أن تعرض لتعذيب شديد.
سبب التسميةيقول المؤرخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى" إن سبب تسمية هذا الجيش بعبيد البخاري، أن المولى إسماعيل عندما شكل الجيش جمع أعيان البلاد، وأحضر نسخة من صحيح البخاري، وخاطب الجنود قائلا "أنا وأنتم عبيد لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعه المجموع في هذا الكتاب، فكل ما أمر به نفعله، وكل ما نهى عنه نتركه وعليه نقاتل"، فعاهدوه على ذلك، وأمر بالاحتفاظ بتلك النسخة من الكتاب، وأن يحملوها في كل خرجاتهم ويقدموها في حروبهم.