بغداد- اعتبر مسؤولون ومراقبون عراقيون أن الاجتماع الأول من نوعه الذي جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس السوري أحمد الشرع في الدوحة يعد مؤشرا واضحا على رغبة مشتركة لدى البلدين في بدء مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن مصدر عراقي مسؤول وصفته بـ"المقرب من الحكومة" قوله إن "اللقاء الثلاثي جاء بسبب الأحداث المتسارعة التي شهدتها المنطقة، خاصة ما يجري في سوريا".

بالمقابل، أكدت الرئاسة السورية أن اللقاء تناول العلاقات الثنائية بين سوريا والعراق في إطار حرص الجانبين على إعادة تفعيل مسارات التعاون العربي المشترك، والتأكيد على عمق الروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين.

وكان رئيس الوزراء العراقي قد أعلن أول أمس الأربعاء عن توجيه دعوة رسمية إلى الرئيس السوري لحضور القمة العربية التي ستستضيفها العاصمة بغداد في مايو/أيار المقبل.

وسبق هذا الإعلان اتصال هاتفي جرى في مطلع أبريل/نيسان الجاري بين السوداني والشرع أكد فيه الطرفان على أهمية فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية تقوم على التعاون المشترك لمواجهة التحديات، كما شددا على عمق الروابط الشعبية والاقتصادية التي تجمع سوريا والعراق، وضرورة التعاون المشترك لمنع أي توترات في المنطقة.

بيان صحفي حول اللقاء الرسمي الذي جمع رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع مع رئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني بوساطة من دولة قطر الشقيقة#رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية pic.twitter.com/uzMTBYoNX9

— رئاسة الجمهورية العربية السورية (@SyPresidency) April 17, 2025

إعلان تفعيل الدور العربي

من ناحيته، أكد فادي الشمري المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي على موقف العراق الثابت تجاه الشعب السوري في مختلف المحن التي مر بها، موضحا أن "العراق لم ولن يتوانى عن تقديم كل ما بوسعه للتخفيف من معاناة الشعب السوري ومساعدته في بناء نظامه الجديد".

وقال الشمري في حديثه للجزيرة نت إن "تحرك العراق في علاقاته الخارجية ينطلق من صميم مصلحته الوطنية وأمنه القومي"، وعليه، يرى العراق أن "الانفتاح الإستراتيجي على سوريا ومساعدة شعبها في إقامة دولته ونظامه الجديد يمثلان ضرورة قصوى".

وأشار إلى أهمية التنسيق الأمني والاستخباري مع دمشق، نظرا للحدود الطويلة والمعقدة بين البلدين، والتي كانت مسرحا للعمليات "الإرهابية" لفترة من الزمن.

وأكد الشمري أن "هذا التنسيق ضروري لدحر الإرهاب ومنع التنظيمات الإرهابية من استغلال الثغرات وإعادة تنظيم صفوفها".

وعلى صعيد السياسة الإقليمية، أكد الشمري أن "سياسة بغداد في عهدها الجديد تقوم على العمل الجاد مع الأشقاء والفاعلين في المنظومة العربية والإسلامية لتصفير الأزمات في المنطقة والدفع بها نحو الاستقرار"، مضيفا أن العراق يسعى إلى إطلاق مشاريع التنمية ضمن سياسة التشبيك الاقتصادي وربط المصالح المشتركة، لتمتين العلاقات البينية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

كما اعتبر أن القمة العربية المرتقبة تشكل "فرصة مهمة للتلاقي العربي، والمراجعة الذاتية للأدوار التي يمكن للمنظومة العربية أن تلعبها، لحماية مصالح الأمة وتوحيد المواقف تجاه قضايا حيوية، كوقف حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، وتصاعد الاعتداءات الإسرائيلية في سوريا وجنوب لبنان، الأمر الذي يستدعي موقفا عربيا حازما".

علاقات إستراتيجية

بدورها، أكدت العضوة البارزة في الاتحاد الوطني الكردستاني ريزان شيخ دلير في حديثها للجزيرة نت على الأهمية الكبيرة لزيارة السوداني إلى قطر ولقائه الرئيس الشرع، والدور المحوري والمهم الذي تلعبه دولة قطر في المنطقة، حيث كانت ولا تزال من الدول الأساسية التي تعالج فيها المشكلات الإقليمية، سواء بين الدول أو حتى مع التحالف الدولي.

إعلان

وفيما يتعلق بالدور العراقي في المرحلة الراهنة، أكدت شيخ دلير على ضرورة أن يلعب العراق دورا محوريا في القرارات السياسية، خاصة فيما يتعلق بالاجتماعات المهمة كالقمة العربية "لما لذلك من تأثير كبير على مكانة العراق وتعزيز دوره كدولة محورية في المنطقة"، حسب قولها.

كما تطرقت إلى ردود الفعل التي صدرت عن بعض الأحزاب السياسية العراقية تجاه قرار رئيس الوزراء دعوة الرئيس السوري لحضور القمة العربية، مؤكدة على أنه "ليس من حق العراق التدخل بالشؤون الداخلية للدولة السورية واختيار قيادتها، تماما كما لا يحق لأي دولة أخرى التدخل في قرارات العراق واختياراته".

وأشارت شيخ دلير إلى الأهمية الكبيرة للدور المحايد الذي يجب أن يتبناه العراق تجاه جميع الدول العربية، وأن يكون لديه قرار يخدم مصالح جميع شعوب ودول المنطقة.

ولفتت إلى أن نجاح العراق في استضافة القمة العربية بحضور الرئيس السوري سيكون له تأثير كبير وإيجابي على نظرة العالم للعراق، مشددة على الأهمية الإستراتيجية للعلاقات بين العراق وسوريا كونهما يمثلان ركيزتين أساسيتين في المنطقة.

مصالح مشتركة

من جهته، شدد القيادي في تحالف العزم النائب رعد الدهلكي على ثبات ووضوح موقف العراق تجاه كافة القضايا العربية، مشددا على حرص البلاد على استقرار الدول العربية ورفض أي تدخل في شؤونها الداخلية، مع التأكيد على حق شعوبها في تحديد مصيرها.

ووصف الدهلكي خلال حديثه للجزيرة نت الجمهورية العربية السورية بـ"الدولة الجارة والشقيقة التي تربطها بالعراق مصالح مشتركة وتأثير واضح في المنطقة".

وأشار إلى أن حضور رئيس سوريا القمة العربية المقرر عقدها في بغداد يعد شرطا أساسيا لنجاحها وضمان الخروج بقرارات دقيقة تصب بالاتجاه الصحيح لخدمة المنطقة ومنع أي تدخلات خارجية في شؤون العالم العربي.

بدوره، أكد رئيس تحالف الضمير الشيعي إياد الفتلاوي على الأهمية القصوى لأن ينظر العراق وسوريا إلى المنافع الاقتصادية المشتركة التي تعود على البلدين، بالإضافة إلى ضرورة ربط التفكير والتصرفات بالعمق التاريخي الذي يربط الشعبين الشقيقين.

إعلان

وأشاد الفتلاوي في حديثه للجزيرة نت بالجهود التي يبذلها أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في تعزيز روح الأخوة والتسامح وتحقيق التوازن في العلاقات بين سوريا والعراق.

وبشأن التحديات التي تقف أمام تعزيز العلاقات بين البلدين، أوضح الفتلاوي أن من أبرزها "وجود شرخ كبير ناتج عن تصرفات بعض الشخصيات السياسية التي لا تراعي العمق التاريخي والحضاري بين البلدين، إضافة إلى الجرح العميق الناجم عن سوء الفهم من تصرفات القيادات السابقة".

وأعرب الفتلاوي عن ثقته الكاملة بإمكانية أن تشهد العلاقات تطورا إيجابيا، مما يمكن أن تستفيد منه سوريا في مجالات اقتصادية وسياحية وتجارية، مشيرا إلى أن العراق يمكن أن يكون داعما مهما لشقيقته سوريا على الصعيدين العربي والعالمي.

وأكد أن مصلحة البلدين من جميع الجوانب تقتضي ضرورة وجود علاقات متينة ومتماسكة "لأن الواقع يؤكد أن هناك من يسعى إلى تخريب التقارب السوري العراقي، لذلك يجب على الطرفين التأكيد على عمق العلاقة بين البلدين، وأن تؤخذ التصرفات على محمل مصلحة الشعبين وليس العكس".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رئیس الوزراء العراقی القمة العربیة الرئیس السوری بین البلدین فی المنطقة للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

زار دمشق مؤخرا.. عضو الكونغرس الأمريكي ينقل رسالة من الرئيس السوري الشرع إلى الرئيس ترامب

سوريا – أكد عضو الكونغرس الأمريكي كوري ميلز، إنه أجرى محادثات مع الرئيس السوري أحمد الشرع حول شروط رفع العقوبات الاقتصادية والسلام بين سوريا التي دمرتها الحرب وإسرائيل.

وصرح عضو الكونغرس الأمريكي بأنه سيسلم رسالة وجهها الرئيس أحمد الشرع إلى الرئيس دونالد ترامب، دون إعطاء تفاصيل عن محتواها.

وقال السياسي الجمهوري ميلز (44 عاما) من ولاية فلوريدا لوكالة “بلومبرغ” للأنباء، إنه سافر إلى دمشق الأسبوع الماضي في مهمة غير رسمية لتقصي الحقائق نظمتها مجموعة من الأمريكيين السوريين المؤثرين.

وأضاف “أنه يخطط لإطلاع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المقرب منه، ومستشار الأمن القومي مايك والتز على نتائج المحادثات عندما يعود من زيارته”.

وأفاد ميلز وهو من قدامى المحاربين في الجيش خدم في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003، بأنه جلس مع الشرع لمدة 90 دقيقة وأوضح ما تتوقع الولايات المتحدة حدوثه لكي تنظر إدارة ترامب في تخفيف أو رفع العقوبات التي تستهدف أي شخص يتعامل مع الحكومة السورية باستثناء تقديم المساعدات الإنسانية.

وقال إنه طلب من الشرع ضمان تدمير أي أسلحة كيميائية متبقية من عهد الأسد، والتنسيق بشأن مبادرات مكافحة الإرهاب بما في ذلك مع حلفاء الولايات المتحدة مثل العراق.

وذكر أن الشرع يجب عليه أيضا أن يوضح كيف ينوي التعامل مع المقاتلين الأجانب الذين لا يزالون في البلاد، وأن يقدم ضمانات لحليفة الولايات المتحدة إسرائيل التي لا تثق بالزعيم السوري وتعارض رفع العقوبات.

وأشار ميلز إلى أن الرئيس السوري منفتح على معالجة المخاوف الأمريكية.

ووصف ميلز محادثاته مع الشرع بأنها إيجابية، وقال إنه أجرى أيضا محادثات مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.

وقال ميلز: “أنا متفائل بحذر وأتطلع إلى الحفاظ على حوار مفتوح”.

المصدر: وكالة “بلومبرغ” للأنباء

مقالات مشابهة

  • الرئيس الشرع يستقبل رئيس جهاز المخابرات العراقي ويؤكد أهمية التعاون المشترك لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة
  • رئيس المخابرات العراقية يقود وفدا حكوميا إلى سوريا
  • عضو بالكونجرس: الرئيس السوري منفتح على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بشرط
  • مثقفو الأنبار يطلقون مبادرة عراقيون لإصلاح المسار السياسي في العراق.. وثيقة
  • زار دمشق مؤخرا.. عضو الكونغرس الأمريكي ينقل رسالة من الرئيس السوري الشرع إلى الرئيس ترامب
  • نائب:تركيا محتلة شمال العراق ولم تزود البلد بحصته العادلة من المياه والسوداني يرفع حجم صادراتها الى 20 مليار دولار سنوياً
  • رئيس سوريا يسلم ميلز رسالة إلى ترامب عقب زيارته إلى دمشق
  • عمار الحكيم: مصلحة العراق الوطنية تتطلب التواصل مع الشرع واستعادة العلاقات مع سوريا
  • الشرع يكشف للإعلام الأمريكي عن الاطراف التي سوف تتضرر في حال وقعت في سوريا أي فوضى
  • عاجل | الرئيس السوري لنيويورك تايمز: أي فوضى في سوريا ستضر بالعالم أجمع وليس دول الجوار فقط