الذكاء الاصطناعي يهدد مستقبل قارئي الكتب الصوتية
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
دفعت التكلفة العالية لجعل شخص يقرأ كتابا كاملا، بعض منتجي النسخ الصوتية من المؤلفات إلى الاستثمار في الذكاء الاصطناعي من أجل استنساخ الأصوات والأصوات الاصطناعية.
خاض رؤساء دول سابقون هذا التحدي. على سبيل المثال، سجل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي عام 2021 أكثر من 13 ساعة من مذكراته الرئاسية "لو تان دي تامبيت" Le Temps des tempetes، بينما سجّل الرئيس الأميركي باراك أوباما "ايه بروميسد لاند" A Promised Land في العام 2020 على مدى 29 ساعة.
وثمة كتب أخرى قرأها ممثلون. في فرنسا، وضع الممثل دوني بوداليديس صوته على رواية "مارتن إيدن" للكاتب جاك لندن. أما رواية "الحوريات"، التي نال كمال داود بفضلها جائزة غونكور الفرنسية، فقرأتها لولا نايمارك.
لكن مستقبل إنتاجات من هذا النوع، سواء كانت مكلفة أو مكلفة جدا، غير واضح بين الكتب الصوتية التي باتت تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي. وكان مهرجان باريس للكتاب الذي أقيم من 11 إلى 13 أبريل الجاري، مناسبة لإعلانين في هذا الصدد.
تقول "ليبرينوفا"، الشركة الفرنسية الأهم في مجال النشر الذاتي، إنها تستخدم "تكنولوجيا استنساخ الصوت التي توفّر جودة أعلى بكثير من جودة الأصوات الاصطناعية، التي غالبا ما تكون آلية جدا".
تقوم هذه التكنولوجيا على أن يسجّل المؤلف بصوته جزءا صغيرا فقط من كتابه ثم يتولى الذكاء الاصطناعي قراءة الجزء الآخر بالصوت نفسه.
وأعلنت منصة "سبوتيفاي" للبث التدفقي أنها تستثمر مليون يورو في "كتب ترويها أصوات اصطناعية"، أي آلة تحاكي الصوت البشري بدقة متزايدة.
وأوضحت أنّ "تكاليف الإنتاج المرتفعة والاعتماد الذي لا يزال ناشئا على الكتب الصوتية له عواقب تتمثل في الحدّ من العرض والكتب المتوافرة بالفرنسية".
وتذكر "سبوتيفاي"، بوضوح، لمستخدميها لمن يعود الصوت الذي يقرأ لهم، لكي يقرروا بأنفسهم ما إذا كانوا يوافقون أم لا على الصوت الاصطناعي.
لا تتخلى المنصة السويدية عن الكتب التي يقرأها بشر. وفي حديث صحفي، يقول الرئيس التنفيذي لدار نشر "أوغو" أرتور دو سان فنسان "إنها تساعد الناشرين عن طريق تمويل جزء من الإنتاج. ولكي تتطوّر سوق وتنضج، يتطلب الأمر مختلف أنواع الدعم".
وستوفر "أوغو" بالتعاون مع دار نشرها الأم "غلينا" 200 كتاب جديد في السنوات الثلاث المقبلة.
ويقول رئيس دار "اوغو": "نحن في مرحلة تطوير تسمح لنا بالاستثمار في إنتاج عالي الجودة. لذا، نحرص على اختيار الأصوات، والعمل مع ممثلين، والتمسّك بمبادئنا في كل مرة".
في العام 2021 كتبت "أوديبل" Audible، الأولى عالميا في الكتب الصوتية والتابعة لشركة "أمازون"، عبر موقعها الإلكتروني الفرنسي "في البداية، كانت الكتب الصوتية تستخدم الصوت الاصطناعي، أي الصوت المُنشأ بواسطة الكمبيوتر. أما اليوم، فيُفضَّل الصوت البشري لأنه يُتيح قربا أكبر من القارئ، ونبرة صوت أفضل".
وبعد أربع سنوات، يؤدي البحث عن "الصوت الافتراضي" في لائحة كتبها باللغة الإنكليزية إلى "أكثر من 50 ألف نتيجة". والغالبية العظمى من الكتب هي من تأليف كتّاب غير معروفين.
وتترك جودة هذه القراءة تقييمات متباينة، فمنها ما يحمل حماسة للتقدم السريع لهذه التكنولوجيا، بينما تظهر أخرى تشكيكا بشأن حدودها.
تقول أليسانيا، وهي مؤلفة روايات بالإنكليزية نشرت أعمالها عبر "أمازون"، في منشور عبر منصة "إكس": "لا أعتقد أن السرد القصصي باستخدام الذكاء الاصطناعي جيّد في ما يتعلق بمشاعر الشخصيات".
لا تتلعثم أصوات الكمبيوتر مطلقا وترتكب أخطاء أقل في نطق الأسماء بشكل صحيح. لكن مع الوقت يمكن أن تصبح رتيبة، فهي لا تعرف حتى الآن كيفية التسريع أو الإبطاء، أو إظهار تعبيرات ومشاعر كالانزعاج أو الاختناق أو فقدان القدرة على التنفس أو البكاء. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی الکتب الصوتیة
إقرأ أيضاً:
حين يرى الذكاء الاصطناعي ما لا يراه الطبيب.. قفزة في تشخيص قصر النظر
في عالم تتزايد فيه التحديات الصحية، يبرز قصر النظر كواحد من أكثر اضطرابات الرؤية شيوعًا وانتشارًا.
هذه الحالة، التي تُعرف بعدم قدرة العين على رؤية الأجسام البعيدة بوضوح، باتت تمثل أزمة صحية عالمية، إذ تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من ملياري شخص حول العالم يعانون منها، ومن المتوقع أن يصل عدد المصابين بحلول عام 2050 إلى ما يقارب نصف سكان الأرض. الأمر لا يتوقف عند مجرد ارتداء نظارات، فالحالات المتقدمة من قصر النظر قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، منها تلف الشبكية أو حتى فقدان البصر الدائم.
اقرأ أيضاً.. العين نافذة الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن الخرف
ذكاء اصطناعي يغيّر قواعد اللعبة
وسط هذا القلق المتزايد، يبرز الذكاء الاصطناعي كأداة واعدة تغير قواعد اللعبة في الوقاية والتشخيص المبكر. باستخدام تقنيات التعلم الآلي والتعلم العميق، أصبح بإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل صور العين بدقة فائقة، والتعرف على أدق التغيرات في الشبكية التي قد تشير إلى بدايات قصر النظر. هذه القدرة تمنح الأطباء فرصة التدخل في الوقت المناسب قبل تفاقم الحالة.
اقرأ أيضاً.. أعين إلكترونية تقود الطريق.. نظام ذكي يمنح المكفوفين حرية التنقل بأمان
تشخيص فائق الدقة بأدوات ذكية
أحد أبرز الأمثلة على هذا التقدم هو استخدام صور الشبكية وصور التصوير المقطعي للعين (OCT)، حيث تُغذى النماذج الذكية بآلاف الصور لتتعلم التمييز بين العين السليمة والعين المتأثرة. أجهزة مثل "SVOne"، وهي أجهزة محمولة تعتمد على مستشعرات موجية دقيقة، تستفيد من الذكاء الاصطناعي في الكشف عن عيوب الإبصار بشكل سريع ودقيق. ووفقًا لما أورده موقع AINEWS، تستخدم أدوات مثل "Vivior Monitor" خوارزميات ذكية لمراقبة السلوك البصري لدى الأطفال، مثل الوقت الذي يقضونه أمام الشاشات أو في القراءة، مما يساعد في رصد علامات قصر النظر قبل أن تتطور.
ولا يتوقف الأمر عند التشخيص، إذ تسهم النماذج الذكية أيضًا في تحليل عوامل الخطر المرتبطة بالمرض. عبر تحليل بيانات ضخمة تشمل التاريخ الوراثي والعوامل البيئية والسلوكية، تستطيع هذه النماذج التنبؤ بمستوى الخطورة لدى كل فرد، مما يسمح بوضع خطط وقائية مخصصة.
كما تمتد قدرات الذكاء الاصطناعي لتشمل التنبؤ بمستقبل الحالة المرضية. فبفضل تحليل بيانات عشرات الآلاف من المرضى، باتت الأنظمة قادرة على التنبؤ بكيفية تطور قصر النظر لدى المريض، واستباق مراحل التدهور. هذا النوع من التنبؤات يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في تحسين فعالية العلاج وتخصيصه.
تحديات ومعوقات
لكن هذه التقنيات، رغم تطورها، لا تزال تواجه تحديات كبيرة. جودة البيانات تمثل التحدي الأول، إذ إن أي خطأ أو تحيز في البيانات قد يؤدي إلى نتائج خاطئة. كما أن معظم النماذج تُبنى على بيانات مأخوذة من مستشفيات كبرى، مما يجعلها أقل دقة عند تطبيقها في عيادات أو مجتمعات صغيرة. هناك أيضًا صعوبة في قبول التشخيصات التي لا تكون مدعومة بتفسير سريري واضح، ولا يمكن تجاهل أهمية حماية خصوصية المرضى، خاصة في ظل استخدام كميات هائلة من البيانات الطبية الحساسة.
الأمل في الأفق
مع ذلك، يرى الباحثون أن المستقبل يحمل الكثير من الأمل. فمع تحسين جودة البيانات، وتطوير نماذج أكثر شفافية وتفاعلية، يمكن أن يصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من الفحوصات البصرية الروتينية. إن دمج الذكاء الاصطناعي في طب العيون لا يعني الاستغناء عن الطبيب، بل يمثل خطوة نحو جعل الطب أكثر دقة وتوقعًا وإنسانية.
في النهاية، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي لا يفتح فقط أعين الأجهزة على تفاصيل العين، بل يفتح أيضًا أبواب الأمل لملايين البشر في الحفاظ على نعمة البصر.
إسلام العبادي(أبوظبي)