انقلاب في استراتيجية إسرائيل حيال أراضي 1967
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
انقلاب في استراتيجية إسرائيل حيال أراضي 1967
هدف هذا الانقلاب سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية، وإحباط أي إمكان لتسوية مستقبلية بين إسرائيل وكيان فلسطيني.
ما يحدُث في الساحة الفلسطينية انقلابٍ يوازي الانقلاب القضائي، وهو تغيير المقاربة والطريقة التي تسيطر فيها دولة إسرائيل على أراضي الضفة الغربية.
استراتيجية إسرائيلية جديدة للقضاء على التطلّعات الوطنية الفلسطينية، وعلى الخيار السياسي للتسوية، وتحضير الأوضاع لضم "منطقة ج" كلها إلى دولة إسرائيل.
سياسة إسرائيل حيال الفلسطينيين والاحتلال في أراضي 1967 شكلتها كل حكومات إسرائيل لكن معطياتٍ جديدةٍ لافتة أقدمت عليها الحكومة الحالية الأكثر تطرفًّا يمينيًّا.
نقل الصلاحيات المدنية في أراضي الضفة إلى الوزير سموتريتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرّف، وإضعاف صلاحيات القائد العسكري على الأرض.
مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات الواقعة وراء "العائق الأمني" في قلب الأراضي الفلسطينية ومزيد من البؤر غير القانونية، وتساهل مع عنف المستوطنين وممارساتهم الانتقامية.
* * *
منذ تأليف الحكومة الإسرائيلية الحالية، وما أطلقته من خططٍ للتغيير ترتبط أساسًا بالعلاقات بين سلطات الحكم وفئات المجتمع، تتواتر التحذيرات من تداعياتها بعيدة الأثر.
ومع أن التشديد هو على ما تنطوي عليه هذه الخطط من مسّ بالديمقراطية، الذي يمكن برأي بعضهم أن يعرّض علاقات إسرائيل بالولايات المتحدة للخطر، فإن بعضًا آخر التفت، في الوقت عينه، إلى ما وصفه بأنه تغيير "أسلوب العلاقة" مع الفلسطينيين في أراضي 1967 المحتلة، محذّرًا من احتمال أن يؤدّي إلى تدهور علاقات إسرائيل مع الغرب ومع الإدارة الأميركية، ما سيُلحق الضرر بأمن الدولة في المدى القريب، مثلما ورد في التقرير السنوي لمعهد أبحاث الأمن القومي، بعنوان "تقدير استراتيجي لإسرائيل 2023" الصادر قبل شهور.
ولئن كانت السياسة الإسرائيلية حيال الفلسطينيين والاحتلال في أراضي 1967 مدينةً، على وجه العموم، لكل الحكومات المتعاقبة في إسرائيل، فإن هذا لا يعني انتفاء معطياتٍ جديدةٍ يتعيّن الالتفات إليها في ما أقدمت عليه الحكومة الحالية التي تعدّ الأكثر تطرفًّا يمينيًّا.
وهي معطياتٌ تطرّقت إليها وثيقة جديدة صدرت في أواخر الشهر الماضي (يوليو/ تموز) عن معهد الأبحاث المذكور نفسه، وحملت صفة "إنذار عاجل"، وورد فيها، تحت بند "السياق الفلسطيني"، أن ما يحدُث في الحلبة الفلسطينية هو بمثابة انقلابٍ يمكن أن يُعدّ موازيًا للانقلاب القضائي، يركّز على تغيير المقاربة والطريقة التي تسيطر فيها دولة إسرائيل على أراضي الضفة الغربية.
والهدف وراء هذا الانقلاب سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية، وإحباط أي إمكان لتسوية مستقبلية بين إسرائيل وكيان فلسطيني. وهذا ما تشفّ عنه استراتيجية جديدة تنتهجها وتسعى من خلالها للقضاء على التطلّعات الوطنية الفلسطينية، وعلى الخيار السياسي للتسوية، وتحضير الأوضاع لضم المنطقة ج كلها إلى دولة إسرائيل، ولاحقًا إنشاء وضع "دولة واحدة مع تفوّق يهودي"، بموجب ما تؤكّد الوثيقة ذاتها.
وتسترسل الوثيقة في استجلاء عناصر هذه الاستراتيجية الإسرائيلية الموصوفة بأنها جديدة، فتحدّدها في:
أولًا، استخدام التصعيد في ما تنعته "إرهابًا فلسطينيًّا" من أجل القيام بـ"ردّ صهيوني شامل" يتضمّن: إقامة مستوطنات جديدة، وتوسيع المستوطنات الواقعة وراء "العائق الأمني" في قلب الأراضي الفلسطينية، وإقامة مزيد من البؤر غير القانونية، والتساهل مع أعمال عنف المستوطنين وممارساتهم الانتقامية.
ثانيًا، نقل الصلاحيات المدنية في أراضي الضفة الغربية إلى الوزير بتسلئيل سموتريتش، رئيس حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرّف، وإضعاف صلاحيات القائد العسكري المسؤول الفعلي على الأرض، وتغيير القواعد والإجراءات المتعلقة بتصاريح البناء في المستوطنات، ونقل وحدة المراقبة إلى سيطرة الوزير سموتريتش، الأمر الذي يسمح بتوسيع الرقابة على البناء الفلسطيني غير القانوني، وغضّ النظر عن البناء الإسرائيلي غير القانوني، والنتيجة تآكل الحاجات والاعتبارات التي تعدّ أمنيّة صرفة، وتقدُّم الاعتبارات المتعلقة بالاستيطان وتوسعته بغية مأسسة الضمّ.
في واقع الأمر، منذ بدء التغيير في المسؤولية الهرمية عما تسمّى الصلاحيات المدنية في الضفة الغربية وتحويلها إلى الوزير الإسرائيلي المذكور في نهاية العام الفائت، أكّدت مصادر إسرائيلية متعدّدة أن هذه الخطوة ليست رمزية، بل لها إسقاطات استراتيجية بعيدة المدى، فالحديث يدور حول التغيير الأول والوحيد الذي سيحدُث في المكانة التنظيمية لهذه الجهات الحكوميّة منذ تأسيسها.
ومن خلاله ستُنقَل هذه المسؤولية من وزير الدفاع المسؤول أيضًا عن الجيش الإسرائيلي، إلى وزير غير مسؤول عن الجيش ولا عن المسائل الأمنية. وفي ما يخصّ الوزير سموتريتش تحديدًا، الأكيد أنه سيتجاهل السلطة الفلسطينية أكثر ممن سبقوه، وسيرفض لقاء ممثليها.
وسيكون منهمكًا حتى أذنيه بتوسيع البناء الاستيطاني، على نحو يسفر عن تغيير بنيوي يمكن أن يسمح بضم فعلي لأجزاء من الضفة بالأساس منطقة ج، وذلك من دون إعلان رسمي، أو أي خطوات قانونية منظّمة. وتثبت الوقائع بشأن الاستيطان أنه ماضٍ في هذا الطريق.
*أنطوان شلحت كاتب وباحث في الشأن الإسرائيلي
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين الضفة سموتريتش إسرائيل منطقة ج الاستيطان الإسرائيلي الدولة الفلسطينية الضفة الغربیة دولة إسرائیل إسرائیل على فی أراضی
إقرأ أيضاً:
2024 عام الاستهداف.. الضفة الغربية تواصل مقاومة جيش الاحتلال الإسرائيلي
تنتقل الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل إلى الضفة الغربية، حيث تشهد الأراضي المحتلة تصعيدًا خطيرًا في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، ورصدت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أبرز الأحداث في الضفة خلال عام 2024، والتي تعكس تصاعد المواجهات والمعاناة المستمرة للشعب الفلسطيني الأعزل.
في ديسمبر، شهدت مدينة طولكرم عملية استهدفت مدرعة عسكرية إسرائيلية بعبوة ناسفة، ما أدى إلى إصابة قائد لواء شمال الضفة الغربية العقيد أيوب كيوف بجروح متوسطة، كما استهدفت العملية قائد فرقة الضفة الغربية، في تصعيد غير مسبوق في المنطقة.
دهس إسرائيليفي سبتمبر، أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية مقتل جندي إسرائيلي في عملية دهس على حاجز بيت إيل قرب رام الله، وفي أعقاب العملية، أغلقت قوات الاحتلال جميع مداخل مدينة طوباس وفرضت حصارًا مشددًا على مستشفى طوباس التركي الحكومي، ما أدى إلى تعقيد عمل الطواقم الطبية وإعاقة وصول سيارات الإسعاف.
الوضع الأمني في المدن الفلسطينيةشهدت المدن الفلسطينية الأخرى تصعيدًا مشابهًا، حيث أعاقت قوات الاحتلال حركة سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني عند مدخل المستشفيات، وفي يونيو، وفي منطقة طولكرم أصيب قائد في وحدة «دوفدفان- المستعربين» بجروح خطيرة في كمين نصبه أفراد المقاومة.
إصابات وقتل مستمروفي الخليل، جرى في أغسطس إصابة قائد لواء «عتصيون» في عملية مزدوجة، أما في مدينة الجنين جرى في أغسطس الماضي مقتل الرقيب (إلكانا نافون) قائد فرقة في الكتيبة 906 من لواء بيسلاخ، أما في يونيو جرى مقتل النقيب ألون سكاجيو، قائد فرقة القناصة بجيش الاحتلال بكمين مزدوج.
استمرار الحرب ضد غزةويمر على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أكثر من 442 يوما وسط ارتفاع أعداد الشهداء والمصابين إلى أكثر من 150 ألف شخص، أغلبهم من الأطفال والسيدات، وسط محاولات إقليمية ودولية مستمرة لوقف الحرب، فيما تترد مؤخرا أنباء عن صفقة قريبة بين الفصائل الفلسطينية وجيش الاحتلال لوقف جزئي للحرب.