قال الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن  الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها.

دار ابتلاء وامتحان

وأوضح "الجهني" خلال خطبة الجمعة الثالثة من شهر شوال اليوم من المسجد الحرام، أن هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، يُبتلى فيها المؤمن بالسراء والضراء والشدة والرخاء والصحة والمرض والغنى والفقر والشبهات والشهوات، وبالموت الذي هو نهاية كل حي.

وأضاف أنه قد بشر الله سُبحانه وتَعالَى بالأجرِ العظيمِ لمَن صَبَر على بَلاءِ الدُّنيا وشدتها"، قال تعالى (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ).

وتابع: ستنتقلون من هذه الدار إلى دار لا زوال لها، فنحن نشاهد كل يوم عددًا من الراحلين إلى الدار الآخرة من الآباء والأبناء والإخوة والأحبة والجيران، فالموت حق لابد من ملاقاته.

لا يدفعه جاه

وأفاد بأنه كتبه الله على الصغير والكبير والغني والفقير، لا يدفعه جاه أو سلطان ولا يرده مال ولا أعوان ولا يحول دونه الحجاب ولا الحصون، ولو جعل البقاء لأحد من الخلق لكان ذلك لأنبيائه المطهرين ورسله الكرام.

وأشار إلى أنه كي يتصور الإنسان تلك الحال التي لا بد من المرور عليها، عليه أن يستحضر سكرات الموت ونزعات الروح، إذا تشنجت أعضاؤه وانعقد لسانه وشخص بصره، والأهل حوله يبكون، والأولاد في البيت يتصاؤون والمال في الخزائن مكنون، فلا يخرج حينئذ إلا مكنون القلب.

واستشهد بقوله تعالى : ( يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)، موصيا الناس بتقوى الله، فإن التقوى تسمو بالإنسان إلى شرف العلا، وإلى صفاء الضمير وطهارة السلوك.

الاستعداد للمستقبل الرهيب

وحث على العمل الصالح وقول الصدق وحسن الخُلق، والاستعداد لهذا المستقبل الرهيب، وتهيؤوا لهذا الطريق الذي لابد من سلوكه، واستيقظوا من الرقدة وانتبهوا من الغفلة، وسارعوا إلى معالم الرضوان قبل أن يعز الوصول.

وأردف: وأعطوا آخرتكم حقها كدار خلود ومقر، وأعطوا دنياكم حقها كدار متاع إلى الآخرة وممر، وتذكروا بيت الغربة والوحدة، وتذكروا بيت التراب والدود، تذكروا بيت الوحشة والضيق.

وواصل:  ولا تغفلوا عن هادم اللذات ومفرق الجماعات، والجأوا إلى مقلب القلوب واسألوه الثبات وليحرص كل منا على أن توافيه منيته وهو على طاعة الله -عزوجل-، واعلموا أن الخاتمة الحسنة لا تقع إلا لمن كانت سريرته حسنة فلحظة الموت لا يمكن تصنعها.

وشدد على أخذ الحذر واحتساب من مات لكم من الأولاد والأقارب والأخلاء، واعلموا أنهم أفضوا إلى ما قدموا وصاروا إلى رحمة أرحم الراحمين، وهم ذخائر عند الله لمن احتسبهم وصبر على مُرِّ القضاء، وتعزوا رحمكم بعزاء الإسلام، ولا تعزوا بعزاء الجاهلية.

وأوصى قائلاً:  وبادروا بمحاسن الأعمال تمنحوا الإحسان والقبول، وخذوا من صحتكم لمرضكم، ومن شبابكم لهرمكم، ومن فراغكم لشغلكم ومن حياتكم لموتكم، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكره وشكره وبكثرة الصدقة، ترزقوا وتنصروا وتجبروا، والكيس من حاسب نفسه، وأتبع السيئة الحسنة، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: خطيب المسجد الحرام إمام وخطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة من المسجد الحرام المزيد

إقرأ أيضاً:

رئاسة الشؤون الدينية تعزّز جهودها الإثرائية لقاصدي المسجد الحرام

أكّدت رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي جاهزيتها التامة لتقديم خدماتها الإثرائية لقاصدي وزائري الحرمين الشريفين، تعزيزًا لرسالتهما الوسطية.

 

وأوضحت الرئاسة أنها وضعت مسارًا إثرائيًا نوعيًا يهدف إلى تعميق أثر آداب وسنن وفضائل يوم الجمعة في نفوس الزائرين، من خلال تفعيل برامج الحلقات القرآنية، وتكثيف الدروس الدعوية والإرشادية، وإقامة أنشطة علمية متخصصة.
وتُعد خدمة “إجابة السائلين” من أبرز الخدمات المقدمة، ويشرف عليها (71) من أصحاب الفضيلة العلماء وطلبة العلم عبر (7) مواقع رئيسة داخل المسجد الحرام، مع توفير مترجمين شرعيين لترجمة الإجابات بلغات مختلفة، وخُصصت مواقع للنساء بمصلى الدور الأرضي (74) والدور الأول (84).
وتُتيح الرئاسة أيضًا خدمة الرد على الاستفسارات عبر الهاتف المجاني من خلال الرقمين (8001222400 و 8001222100)
وفي إطار مواكبة التطورات التقنية، فعّلت الرئاسة شاشات تفاعلية ذكية في أرجاء المسجد الحرام، تتيح تحميل الكتب الشرعية وقراءتها بسهولة، إلى جانب رموز (QR) تُوّفر محتوى علميًا رقميًا موثوقًا بعدة لغات.

 

وتسعى الرئاسة من خلال هذه المبادرات إلى تعزيز التوعية الدينية الميدانية، وتهيئة بيئة روحانية تُثري تجربة القاصدين إيمانيًا، وتُمكّنهم من أداء مناسكهم في أجواء من الخشوع والطمأنينة.

مقالات مشابهة

  • خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها
  • التوفيق الأعظم.. خطيب المسجد النبوي: جاهد نفسك للسلامة من هذه الحقوق
  • خطيب المسجد الحرام: القوة الحقيقة في الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب
  • خطيب المسجد الحرام: عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون واتقوا شر ظنون أنفسكم
  • خطيب المسجد الحرام: ظنوا بإخوانكم خيرا ومن أدب الفراق دفن الأسرار
  • ظلم الناس وأكل حقوقهم.. خطيب المسجد النبوي يحذر من الإفلاس يوم القيامة
  • ماذا يحدث يوم القيامة للظالم ؟ خطيب المسجد النبوي: مُفلس وخسارته كبيرة
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • رئاسة الشؤون الدينية تعزّز جهودها الإثرائية لقاصدي المسجد الحرام