دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تُعد الجيوب في ملابس النساء نادرة للغاية إلى درجة أنّها تجذب الانتباه عند توفّرها.

وارتدت المغنية الألبانية البريطانية دوا ليبا، خلال حفل "ميت غالا" بعام 2023 فستانًا قشدي اللون من دار "شانيل" مزوّدًا بجيوب وضعت فيها يداها بأناقة، ما أثار إعجاب رواد الإنترنت.

إطلالة النجمة، دوا ليبا، خلال حفل "ميت غالا" بعام 2023.

Credit: Noam Galai/The Hollywood Reporter/Getty Images

تبدو الجيوب العملية كميزة بديهية تتوفّر في الملابس الجاهزة، لكن الواقع بعيد عن ذلك تمامًا، فمن الشائع أن تكون الفساتين والتنانير من دون جيوب، وعند تواجدها في البناطيل والسترات، عادة ما تكون صغيرة أو مزيفة.

ويبدو الطلب كبيرًا على الجيوب، ويُطرح السؤال مرارًا وتكرارًا في المنتديات عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي: لماذا لا تمتلك النساء جيوبًا بقدر ما يفعل الرجال؟

يعتبر البعض أن ذلك تمييزًا قائمًا على الجنس، وهو كذلك بالفعل، بحسب ما ذكرته هانا كارلسون، وهي مُحاضِرة في مجال تصميم الأزياء في كلية "رود آيلاند" للتصميم بأمريكا، ومؤلفة كتاب " Pockets: An Intimate History of How We Keep Things Close".

كانت سراويل الـ"جينز" منخفضة الخصر خلال أوائل الألفية الثانية تفتقر إلى السعة الكافية للجيوب. Credit: Frank Micelotta/Getty Images

منذ ظهور الجيوب في عالم الموضة، تم تزويد النساء بها "بطريقة مختلفة"، ما شكّل رمزًا لعدم المساواة بين الجنسين لمئات السنين.

وأوضحت كارلسون في مكالمة هاتفية مع CNN أنّ عدم وجود جيوب في ملابس النساء قد يبدو "محيرًا" كونها "تبدو كأداة بسيطة وعملية".

وأضافت: "أعتقد أنّ الأشياء تكشف عن الأمور التي لا نريد قولها بصوت عالٍ، إذ لا زلنا نعيش في ظل نظام أبوي، والأشياء (في حياتنا) تُصنع في ظل هذه الظروف".

"عاصفة مثالية" مع غياب الجيوب الداخلية في الفساتين، لجأت النساء إلى استخدام أكياس تُخاط في الثوب أو تُربط على الجسم، كما هو ظاهر في لوحة الرسام البريطاني، آرثر ديفيس، من القرن الثامن عشر. Credit: Zoom Historical/Alamy Stock Photo

أما الحقائب ذات الأربطة المُخيَّطة بسراويل الرجال في خمسينيات القرن الـ16، فتًعد من أقدم أشكال الجيوب. قبل ذلك، كان كل من الرجال والنساء يحملون أمتعتهم بشكلٍ منفصل.

لكن مع ابتكار ملابس متطورة تُفصَّل خصيصًا للرجال، أصبحت الجيوب تتمتع بحضور قوي.

لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للنساء إلى حدٍ كبير، إذ واصلن استخدام حقائب تُعلَّق بالأحزمة كوسيلة لحمل الأغراض آنذاك.

عندما استخدمت بعض راكبات الخيل الفرنسيات والبريطانيات معاطف ركوب الخيل ذات الجيوب خلال القرن الـ18، أُطلق عليهن لقب "الأمازونيات"، نسبةً إلى المحاربات في الأساطير اليونانية، وتعرضن لانتقادات بسبب ملابسهن التي اعتُبِرت ذكورية.

ارتبطت الجيوب بروح المغامرة والمبادرة (ما جعلها ذكورية).

وأثارت مجموعة من الدلالات لدى الرجال الذين يحتفظون بأيديهم بداخلها، مثل النشاط الإجرامي، والانحراف الجنسي، والتمرّد، ما عززها كسمة ذكورية. 

لكن في جوهر الأمر، كانت الجيوب تمثل شيئًا عمليًا، في حين كان من المفترض أن يكون لباس المرأة بغرض الزينة.

تبلورت هذه الأفكار خلال عصر التنوير، ما دفع الرجال أيضًا إلى التخلي عن أحذية الكعب العالي، والحلي المزخرفة، واعتماد أزياء أكثر اتساقًا.

وأشارت كارلسون إلى أن "موضة الرجال خضعت للتنظيم قبل قرن من موضة النساء".

بسبب غياب تقليد خاص بجيوب النساء، تم تجاهلها، وظهرت حقائب اليد كقطاع كامل مخصص لحمل مقتنيات النساء.

ووصفت كارلسون الأمر قائلةً إنّه ناجم عن "تداخل بين الظروف التاريخية، والصدف، والتمييز الجنسي، وكأنّها اجتمعت معًا لتشكّل هذه العاصفة المثالية".

العملية في وجه الأناقة

مع تطور أزياء النساء بالقرن الـ20 في جميع أنحاء الغرب بشكلٍ سمح لهنّ بالتخلي عن الملابس المقيِّدة للخصر، والتنانير الطويلة، واختيار مجموعة أوسع من التصاميم، أصبحت الجيوب أكثر شيوعًا.

سرّعت الحرب من هذه التغييرات، مع زيادة حاجة النساء إلى ملابس عملية مزوَّدة بالجيوب بسبب دخولهن سوق العمل وانخراطهنّ في الجيش.

ابتكار لمصممة الأزياء إلسا سكياباريلي.Credit: Courtesy the Philadelphia Museum of Art

في عام 1940، ابتكرت مصممة الأزياء الرائدة إلسا سكياباريلي سترة عشاء مطرزة بالذهب مزودة بجيوب أمامية "للنقود والمقتنيات المحمولة" لتحل محل حقيبة اليد.

مع ذلك، استمرت المعايير المزدوجة التمييزية فيما يتعلق بالجيوب بطرق سخيفة. 

خلال الحرب العالمية الثانية، حملت 150 ألف متطوّعة في فيلق جيش النساء الأمريكي (WAC)، واللواتي خَدمن في أدوار غير قتالية، حقائب جلدية كجزء من زيّهن العسكري الرسمي الذي تزيّن بجيوب مزيفة.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: أزياء موضة جیوب فی جیوب ا

إقرأ أيضاً:

كيف تنبّأ فيلم أمريكي بعصر الهوس بالمظهر قبل 25 عامًا؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)--  الهوس بالعلامات التجارية والسلع الاستهلاكية، هذا ما هدف إلى إظهاره فيلم "المختل الأمريكي" (American Psycho) الذي صدر في عام 2000، حيث جسد الممثل كريستيان بيل شخصية باتريك بيتمان، وهو المصرفي الاستثماري الثري والقاتل المتسلسل بشقته البسيطة في منطقة مانهاتن بأمريكا.

وكان بيتمان يستيقظ ليضع قناعًا جلديًا مبردًا على عينيه المنتفختين بينما يقوم بأداء تمارين شد عضلات البطن ألف مرّة، ومن ثم يشرح روتينه للعناية بالبشرة، الذي يتكونّ من تسع خطوات، وعندما يزيل قناع وجهه، ​​ينزلق قناعه الحقيقي، كاشفًا عن نظرته المثيرة للقلق.

تقمّص الممثل كريستيان بيل دو شخصية مهووسة بمظهرها الخارجي في فيلم "المختل الأمريكي" الذي صدر قبل 25 عامًا.Credit: Kerry Hayes/Lions Gate/Kobal/Shutterstock

اليوم، يتسلل شبحه إلى الإنترنت من خلال السلوكيات الاستهلاكية المفرطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تجعل سلوكيات شخصيته الهوسية تبدو طبيعية نسبيًا.

تضمّن الجدول الصباحي للشخصية الخيالية، باتريك بيتمان، أداء ألف تمرين لشد عضلات البطن بينما كان يضع قناعًا للعينين. Credit: United Archives GmbH/Alamy Stock Photo

أصبح المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي يوثقون روتينهم الصباحي الخاص باللياقة البدنية والعافية، أو نظامهم الليلي للعناية بالبشرة متعدد الخطوات، والذي يبدو أنه يتضمن مجموعة لا حصر لها من المنتجات.

وتشمل صيحة "morning shed" التي انتشرت عبر منصة "تيك توك" مثلاً إزالة طبقات من أقنعة الترطيب، ولصقات التجاعيد، وأشرطة شد الذقن، وشريط الفم، وأقنعة الوجة الضوئية، ولفائف الجسم، التي يبدو أنّها تُرتدى طوال الليل، كجزء من التحضيرات لبدء اليوم.

جسّد بيل دور قاتل متسلسل.Credit: AJ Pics/Alamy Stock Photo

وقال الأستاذ المشارك في دراسات الإعلام والدراسات الأمريكية في جامعة أمستردام بهولندا، جاب كوجيمان، في مقابلة هاتفية إنه "فيلم شديد الصلة بالواقع الحالي، وصدر قبل زمن طويل من ظهور وسائل التواصل الاجتماعي".

لكن أفاد كوجيمان، الذي قام بتدريس النسخ الأدبية والسينمائية من "المختل الأمريكي" أنّ "الفكرة ترتكز على المبدأ ذاته، حيث يتم استخدام المظاهر الخارجية والمنتجات الاستهلاكية لإخفاء الفراغ الداخلي".

مجرّد أداء أصبح أداء بيل مصدر إلهام لعدد لا يُحصى من الصور الطريفة عبر الإنترنت.Credit: AJ Pics/Alamy Stock Photo

رغم أن الفيلم يتمحور حول قاتل متسلسل، إلا أنّ عرض "الاستهلاك المتسلسل" في تلك الحقبة، الذي كان يقتصر آنذاك على وسائل الإعلام التقليدية مثل الإعلانات المطبوعة والتلفزيونية، أصبح نذيرًا مثاليًا، لتطلّع المستهلكين المتزايد إلى منتجات تعكس قيمهم الذاتية.

كانت البدلات الأنيقة وبطاقات العمل بمثابة مؤشرات على مكانة بيتمان بين أقرانه.Credit: Lions Gate/Everett Collection

وأوضح كوجيمان: "ما زلنا نشاهد فيلمًا عن قاتل متسلسل، لكنه مُبالغ فيه للغاية، وأداء كريستيان بيل رائع لدرجة أنه لا يُمكن أخذه على محمل الجد".

مقالات مشابهة

  • لماذا تحتاج النساء إلى عناية إضافية في مجال أمراض النساء هذا الفصل، تحت شمس الصيف؟
  • بدء الاستعدادات لحفل إعلان الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية بأبوظبي.. صور
  • منافسات 75 هدف سكيت ونهائيات ضغط الهواء 10م بالبطولة العربية للرماية
  • الموارد البشرية تعلن عن مخالفة 15 مكتب استقدام لمخالفة قواعد ممارسة الاستقدام
  • فى بداية الصيف.. أعرض وأسباب التهاب الجيوب الأنفية
  • أسرار كابوسية وراء تصنيع لعب الأطفال.. الوجه المظلم للدمى المبتسمة!
  • مدرسة خاصة تثير استياء الآباء بعد منعها دخول التلاميذ بدون لباس موحد كلفته 1900 درهم
  • كيف تنبّأ فيلم أمريكي بعصر الهوس بالمظهر قبل 25 عامًا؟
  • الأكاديمية تُعدّل قواعد الأوسكار: لا تصويت دون مشاهدة
  • هل الرجال أكثر رومانسية من النساء؟ العلم يحسم الجدل