خطبتا الجمعة بالحرمين: الدنيا دار ابتلاء وامتحان.. وتوحيد الله وعدم الإشراك به سبيل النجاة
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
ألقى الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية الناس بتقوى الله، فإن التقوى تسمو بالإنسان إلى شرف العلا، وإلى صفاء الضمير وطهارة السلوك.
وقال: إن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها، وإن هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، يُبتلى فيها المؤمن بالسراء والضراء والشدة والرخاء والصحة والمرض والغنى والفقر والشبهات والشهوات، وبالموت الذي هو نهاية كل حي، وقد بشر الله سُبحانه وتَعالَى بالأجرِ العظيمِ لمَن صَبَر على بَلاءِ الدُّنيا وشدتها.
وأضاف: ستنتقلون من هذه الدار إلى دار لا زوال لها، فنحن نشاهد كل يوم عددًا من الراحلين إلى الدار الآخرة من الآباء والأبناء والإخوة والأحبة والجيران، فالموت حق لا بد من ملاقاته، كتبه الله على الصغير والكبير والغني والفقير، لا يدفعه جاه أو سلطان، ولا يرده مال ولا أعوان، ولا يحول دونه الحجاب ولا الحصون، ولو جعل البقاء لأحد من الخلق لكان ذلك لأنبيائه المطهرين ورسله الكرام.
ونصح فضيلته بأن يتصور الإنسان تلك الحال التي لا بد من المرور عليها، وعليه أن يستحضر سكرات الموت ونزعات الروح، إذا تشنجت أعضاؤه وانعقد لسانه وشخص بصره، والأهل حوله يبكون، والأولاد في البيت يتصاؤون، والمال في الخزائن مكنون، فلا يخرج حينئذ إلا مكنون القلب {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.
وحث فضيلته المسلمين على العمل الصالح وقول الصدق وحسن الخُلق، والاستعداد لهذا المستقبل الرهيب، والتهيؤ لهذا الطريق الذي لا بد من سلوكه، والاستيقاظ من الرقدة، والانتباه من الغفلة، والمسارعة إلى معالم الرضوان قبل أن يعز الوصول، وإعطاء الآخرة حقها كدار خلود ومقر، وإعطاء الدنيا حقها كدار متاع إلى الآخرة وممر. وقال: وتذكروا بيت الغربة والوحدة، وتذكروا بيت التراب والدود، تذكروا بيت الوحشة والضيق، ولا تغفلوا عن هادم اللذات ومفرق الجماعات، والجأوا إلى مقلب القلوب، واسألوه الثبات، وليحرص كل منا على أن توافيه منيته وهو على طاعة الله –عز وجل-، واعلموا أن الخاتمة الحسنة لا تقع إلا لمن كانت سريرته حسنة، فلحظة الموت لا يمكن تصنُّعها.
ونصح بأخذ الحذر واحتساب من مات لكم من الأولاد والأقارب والأخلاء، وقال: واعلموا أنهم أفضوا إلى ما قدموا، وصاروا إلى رحمة أرحم الراحمين، وهم ذخائر عند الله لمن احتسبهم وصبر على مُرِّ القضاء، وتعزوا رحمكم بعزاء الإسلام، ولا تعزوا بعزاء الجاهلية، وبادروا بمحاسن الأعمال تمنحوا الإحسان والقبول، وخذوا من صحتكم لمرضكم، ومن شبابكم لهرمكم، ومن فراغكم لشغلكم ومن حياتكم لموتكم، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكره وشكره، وبكثرة الصدقة، ترزقوا وتنصروا وتجبروا، والكيس من حاسب نفسه، وأتبع السيئة الحسنة، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى الشيخ الدكتور عبدالله البعيجان خطبة الجمعة اليوم، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله تعالى، والإقرار بربوبيته وتوحيده، مستشهدًا بقوله جل وعلا: {إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ}.
وقال: إن الله تعالى خلق الإنسان لغاية عظمى، وهدف أسمى، وهو توحيده وعبادته، فأعظم ما أمر الله به عباده، وأوجب عليهم تحقيقه، وأرسل به جميع رسله، هو توحيده سبحانه وتعالى، فلا يُدعى ويُرجى غيره، ولا يُخشى سواه، ولا يُذبح ولا يُسجد إلا له، ولا يُحلف إلا به، ولا يُتوكل إلا عليه، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
وأوضح فضيلته أن توحيد الله تعالى وعبادته غاية الوجود، وأعظم مسؤولية على الإنسان، لأجله شرع الله الشرائع، وبعث الرسل، وأنزل الكتب، مبينًا أن التوحيد أمر أجمعت عليه الديانات السماوية، واتفق عليه الرسل والأنبياء في جميع الأمم، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ}. فالتوحيد هو الحق المبين، والدليل الساطع، وقد فطر الله الإنسان على التوحيد، وجعله مصدر كرامته وفضله، وبه عصمة دمه وماله.
وأضاف: حقيقة التوحيد هي إفراد الله تعالى بما يختص به من الألوهية، والربوبية، والأسماء والصفات، والإيمان بأن الله تعالى واحد لا شريك له في ملكه وتدبيره، وأنه وحده المستحق للعبادة فلا تصرف لغيره. مبينًا أن هذا التوحيد يتحرر به المسلم من وطأة وذل عبودية الأوثان، واتباع أهل الهوى من الدجاجلة والسحرة والكهان، ويخرج به المسلم من أوحال الضلال والأوهام، إلى نور الهداية والإسلام.
وأكد الدكتور البعيجان أن توحيد الله تعالى هو روح الإسلام وجوهره، وكلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) هي باب الدخول فيه والانتماء إليه، فهي شعار الإسلام، ومفتاح الجنة، والفيصل بين أهل الشرك والإيمان. مبينًا أن توحيد الله تعالى شرط لقبول العمل وصحته، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
وأفاد إمام وخطيب المسجد النبوي بأن الشرك نوعان: شرك أكبر مخرج من الملة، وهو صرف شيء من العبادة لغير الله تعالى، كدعاء غير الله، والتقرب بالذبائح والنذور لغير الله.. وشرك أصغر لم يصل إلى حد الشرك الأكبر، ولكنه ذريعة إليه ووسيلة للوقوع فيه، كالحلف بغير الله، والتطير، والتشاؤم، والرياء.. مؤكدًا أن الشرك ليس بعبادة الأصنام فقط، بل هو في كل قلبٍ تعلّق بغير الله، وكل عمل خالطه رياء، وكل دعاء توجه إلى غير الله تعالى.
وختم فضيلته الخطبة مبينًا أن القرآن الكريم هو كتاب التوحيد، ومصدر التشريع، فيجب أن يكون مورد الجميع، وليس تحت السماء كتاب متضمن للبراهين والآيات، والحجج والبينات، وإثبات الصفات، ورد النحل الباطلة والآراء الفاسدة، مثل القرآن، فهو كفيل بذلك كله، فالقرآن الكريم أقرب الكتب إلى العقول وأحسنها، وأفصحها بيانًا، ولكن ذلك موقوف على فهمه ومعرفة المراد منه.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية الله تعالى
إقرأ أيضاً:
بفضل الله تعالى.. جلالة السلطان يعود إلى أرض الوطن
مسقط- العُمانية
بفضلِ اللهِ تعالى ورعايتِه، عاد حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- إلى أرض الوطن بعد زيارةِ "دولةٍ" إلى روسيا الاتّحاديّة الصّديقة استغرقت يومين.
وأعرب حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- خلال لقائه بفخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية عن شكره لفخامته، على الدعوة الكريمة لزيارة بلاده، وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وقال جلالته- أعزه الله- إن مباحثاته مع فخامة الرئيس الروسي تركزت على بناء علاقات متينة طيبة بين البلدين خلال الفترة الماضية؛ حيث يكمل البلدان خلال هذه الأيام 40 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية، ويسعى البلدان في الوقت الراهن على جعل هذه العلاقات متميزة ومفيدة تخدم مصلحة الشعبين الصديقين.
وأشاد جلالةُ السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- بلقائه مجموعة من رجال الأعمال من روسيا الاتحادية، مؤكدًا أنه لمس اهتمامهم بتطوير هذه العلاقة في مجالات الطاقة والزراعة والتجارة، كما باشر العديد منهم تبادل الزيارات وفتح مكاتب تجارية، مُعربًا- أيده الله- عن تطلُع سلطنة عُمان لزيادة استثماراتها في روسيا الاتحادية، وقد باشر جهاز الاستثمار العُماني التواصل مع الجهات المعنية الروسية.
وأعرب جلالته في ختام حديثه عن شكره وتقديره للمسؤولين الروس الذين قاموا بزيارة سلطنة عُمان خلال الفترة الماضية، معبرًا- أعزه الله- عن أمله لمواصلة المسؤولين في سلطنة عُمان زيارة موسكو.
ورحب فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية بحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في العاصمة الروسية موسكو، شاكرًا لجلالته قيامه بزيارة "دولة" إلى روسيا الاتحادية.
وأكد فخامته أن جلالة السلطان المعظم قام بعدة زيارات إلى روسيا؛ حيث وقع جلالته في عام 1985 على الاتفاقية الخاصة بإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين، وفي هذه السنة يحتفي البلدان بالذكرى الأربعين عامًا منذ إقامة العلاقات.
وأضاف فخامته أن البلدين الصديقين يتقاسمان تاريخًا جيدًا وسجلا حافلًا من التواصل المستمر، مؤكدًا بلورة حزمة من الاتفاقيات التي من شأنها تشكيل زخم إضافي لتوطيد الأسس القانونية للعلاقات الثنائية.
وأشار فخامته إلى أن هناك الكثير من العمل لتطوير العلاقات التجارية بين البلدين، في مجال الاستثمارات المتبادلة، والترانزيت والنقل والزراعة، خاصة وأن روسيا تقوم بتصدير المنتجات الزراعية والأغذية إلى سلطنة عُمان.
وأكد فخامته على اهتمام الشركات الروسية لتطوير التعاون في مجالات الطاقة مع سلطنة عُمان، مشيرًا إلى مناقشة المسائل العملية خلال المباحثات أمس.
وأكد فخامة الرئيس فلاديمير بوتين رئيس روسيا الاتحادية على التعاون الوثيق بين وزارتي الخارجية في البلدين، مضيفًا أن بلاده بصدد تنظيم القمة الروسية العربية الأولى، التي تحظى بتأييد من الأصدقاء في العالم العربي.