“أهلا بكم في الجحيم”.. صحفي غزّي يروي فظائع تعرض لها الأسرى الفلسطينيون
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
#سواليف
“أهلا بك في #الجحيم”.. هذه العبارة الصادمة قيلت لي في اللحظة الأولى من اعتقالي من #قوات_الاحتلال أثناء عدوانها المتواصل على قطاع #غزة الذي بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في إشارة إلى ما ينتظرني من معاناة داخل #المعتقلات_الإسرائيلية.
اعُتقل مثلي آلاف الغزيين، منهم أطفال وشبان وكبار في السن ونساء من مراكز إيواء النازحين والمدارس والمنازل والمستشفيات وعند نقاط التفتيش، وزُج بهم في #معسكرات #اعتقال ومراكز تحقيق وسجون مهترئة تفتقر إلى أدنى مقومات الاحتجاز الإنساني التي كفلتها الأعراف والقوانين الدولية.
وتعرضوا وسط ظروف اعتقال قاسية للتعذيب والتحرش الجسدي واللفظي والتجويع والحرمان من النوم وإطلاق الكلاب البوليسية عليهم، فضلا عن الضرب المبرح والحرق بأعقاب السجائر لإجبارهم على الاعتراف.
مقالات ذات صلة
#تعذيب ممنهج
منذ اللحظة الأولى من اعتقالي في 25 يناير/كانون الثاني 2024 أثناء مروري عبر حاجز أقامه جيش الاحتلال غربي مدينة خان يونس جنوبي القطاع، تعرضت للضرب المؤلم، وخضعت لجلسات تحقيق طويلة كان عملي الصحفي محورها الرئيسي.
تغطيتنا معركة “طوفان الأقصى”، كانت الجزء الأساسي من التحقيق معي، ففي كل جلسة تحقيق كان ضباط المخابرات الإسرائيليون يحكمون قبضتهم على عنقي ويطفئون أعقاب السجائر في جسدي في محاولة لدفعي إلى الحديث عن كيفية حصولي كصحفي على الفيديوهات التي تبثها فصائل المقاومة الفلسطينية خلال معركتها ضد جيش الاحتلال، فضلا عن السؤال عن مصادر المعلومات التي نتواصل معها.
تعرضت مرات عدة للتعذيب خاصة في الخصيتين والكلى والمعدة والصدر والوجه، ووضع المحقق رأسي في سلة القمامة، وهددني بقتل عائلتي كما فعلوا مع أسرة الصحفي وائل الدحدوح مراسل قناة الجزيرة بغزة.
ووجهت لي أسئلة من قبيل، من هم الصحفيون الذين صوروا الأحداث الأولى للمعركة؟ هل صدرت إليكم أوامر من المؤسسات الصحفية التي تعملون لها بالدخول إلى مستوطنات غلاف غزة لتغطية الأحداث هناك؟ وكيف يتلقى الصحفيون العاملون في قناة الجزيرة رواتبهم؟.
“أنتم تشوهون صورة إسرائيل وتشكلون خطرا علينا أكثر من العناصر المسلحة”، هذه العبارة كان يكررها المحقق عليّ كلما تحدثت عن تغطيتنا الإعلامية لأحداث “7 أكتوبر”. كما عرضوا علي صور عدد من الصحفيين منهم الشهيد إسماعيل الغول، والزميل تامر المسحال للسؤال عن طبيعة عملهما في القناة.
لم أكن الصحفي الوحيد الذي تعرض للتعذيب خلال جلسات التحقيق؛ فهناك العشرات ممن اعتقلتهم إسرائيل ومارست عليهم شتى صنوف التنكيل والضرب، وأدلى معظمهم بشهادته عمّا تعرض له، مثل يوسف شرف وأحمد شقورة وبهاء الغول وغيرهم.
شهادات حية
كانت #السجون تعج بآلاف الفلسطينيين، من طلبة مدارس وجامعات، ومن صحفيين، وحقوقيين، ومحامين، ومهندسين، وأطباء، وممرضين، وأكاديميين، ونواب، ونشطاء، وعمال.
وفق شهادات حية استمعتُ إليها من بعض الذين احتجزت معهم عن تفاصيل المعاناة القاسية في #سجون_الاحتلال، وأُفرج عنهم خلال صفقة التبادل الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، فإن ضباط المخابرات الإسرائيلية مارسوا عليهم شتى أنواع التعذيب، بدءا من الصعق بالكهرباء، ومرورا بالضرب المبرح في أماكن حساسة من الجسد.
كما بترت أطراف العديد منهم مثلما حصل مع الأسيرين المحررين محمود أبو طعيمة الذي بتر ضابط المخابرات أحد أصابع يده، وثابت أبو خاطر الذي بترت قدمه، وهما من سكان مدينة خان يونس.
ويتفنن الاحتلال في صنوف التعذيب إذ نبقى مكبلي اليدين والقدمين ومعصوبي العينين أشهرا عدة. وكنا نُنقل إلى غرفة يُطلق عليها اسم “الديسكو” مزودة بسماعات ضخمة تبث على مدار الساعة موسيقى صاخبة مترافقة مع تهديدات بالقتل وتدمير غزة.
كنا نتعرض كذلك للشبح وعدم السماح لنا بالنوم، وكان ضباط الاحتلال يتعمدون رشنا بالماء البارد، وتعريتنا كاملا أثناء التحقيق. وإن أبدى أحدنا أي مقاومة وتحدى المحقق أو السجان قد تسيل دماؤه وتبتر أطرافه على عتبات السجن.
يستيقظ الأسرى باكرا على أصوات الهراوات وهي تُضرب على ألواح الزينكو، وفي بعض الأحيان على أصوات القنابل الصوتية وهي تُطلق علينا، إيذانا بقمع أو نقل من القسم إلى زنازين العقاب.
ولعل من أخطر العقوبات القاسية التي كانت تمارس على الأسرى، هي سياسة الاعتداء الجنسي؛ فجنود الاحتلال كانوا يتعمدون وضع العصا الكهربائية والهراوات في فتحة شرج بعض الأسرى. كما يدخلون إلى أقسام الأسرى ويعتدون عليهم بالضرب المبرح ويطلقون عليهم الكلاب البوليسية.
وتنتهج سلطات الاحتلال سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى دون مراعاة حالتهم الصحية، ففي أفضل الحالات كان الأسرى المرضى لا يحصلون إلا على حبة “باراسيتامول”.
إذلال وترهيب
فوق كل ذلك، تجوع سلطات الاحتلال المعتقلين ولا تقدم لهم الطعام الكافي. وفي بعض الأحيان يضع جنود الاحتلال أرجلهم في الطعام ويسكبون القاذورات فوقه.
في المقابل، كان حراس السجن يقيمون حفلات شواء شبه يومية قرب مراكز الاحتجاز، ويتناولون ما لذ وطاب من أصناف الطعام والشراب أمام الأسرى الذين يتضورون جوعا. كما كانت إدارة السجون تتعمد منع المعتقلين من الصلاة وأداء شعائرهم الدينية، وتمنع إدخال المصاحف إليهم.
ولا يسمح الجنود للمعتقلين باستخدام دورة المياه إلا مرة واحدة يوميا ولمدة دقيقة واحدة فقط، ومن يتجاوز الوقت يتعرض لعقوبات منها ضربُه وإجباره على الوقوف رافعا يديه فوق رأسه ساعات عدة وما يصاحب ذلك من شتم وضرب بالأيدي والأرجل وأعقاب البنادق والهراوات.
كما تنبعث من داخل السجون روائح كريهة جراء عدم حصول الأسرى على مستلزمات النظافة الشخصية، والمكوث أياما عدة دون تمكنهم من تنظيف دورات المياه، ما ساهم في انتشار مرض الجرب “السكايبوس”، وقد حولت سلطات الاحتلال هذا المرض إلى أداة تعذيب بمنعها علاج الأسرى المصابين، وحرمانهم من أدوات النظافة والملابس والتعرض للشمس، والاستحمام بانتظام.
وتُعد عملية النقل رحلة عذاب لا مثيل لها، خاصة أثناء عرضنا على المحاكم الإسرائيلية، أو نقلنا بين السجون المختلفة، أو في حالات الاستدعاء إلى مراكز التحقيق، حيث إن جنود الاحتلال يلزموننا بالسجود على الأرض أثناء النقل، مع تقييد الأرجل والأيدي من الخلف وعصب الأعين، والضرب والشتم.
لم تسمح إسرائيل لنا بالدفاع عن أنفسنا أو بتوكيل محامٍ ينوب عنا، وكانت تمنع الزيارة عنا، ولا تسمح لنا بالتواصل مع الأهل، بل فصلت اتصالنا بالعالم تماما؛ فلا راديو ولا تلفزيونا ولا أي وسيلة للحصول على الأخبار؛ فطوال فترة الاعتقال لا يدري المعتقل ماذا يدور في الخارج وماذا حل بذويه خاصة في ظل الحرب المستمرة على غزة.
سدي تيمان
يُعد سدي تيمان من أخطر سجون إسرائيل ويقع في قاعدة عسكرية بصحراء النقب على بُعد 30 كيلومترا من قطاع غزة، تضع فيه إسرائيل كل من تعتقد أنه من قوات النخبة التابعة لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذين اُعتقلوا في داخل الأراضي المحتلة في أحداث “7 أكتوبر”، والذين اعتقلوا من داخل القطاع.
ويتعرض الأسرى داخله إلى تعذيب يومي ويجبرون على الجثو على ركبهم وطأطأة رؤوسهم داخل دورات المياه، مقيدة أيديهم وأقدامهم دوما، ومنهم من بترت أطرافه بفعل آثار القيود والأصفاد.
كما يُعتبر مقبرة حقيقية لمن يدخله، إذ تضع سلطات الاحتلال المعتقلين في مساحات ضيقة وتمنعهم من التحدث والكلام، وتجبرهم على الوقوف ساعات عدة وتعتدي عليهم بالهراوات وتمنع عنهم العلاج . وبدلا من أسمائهم يحمل كل أسير رقما يُعرف به.
وترفض إسرائيل تقديم بيانات واضحة عن عدد المعتقلين الذين بقوا في الاحتجاز. وتُتهم بإدارة سجونها بعيدا عن عيون العالم.
بحسب حقوقيين، يقبع في بعض هذه السجون أشخاص لا ترغب إسرائيل أن يعرف عنهم أحد بزعم أنهم كانوا ضمن مقاتلي المقاومة في هجوم “7 أكتوبر”، وهو ما يعد مخالفة لكل المواثيق والقوانين الدولية وعلى رأسها اتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بأسرى الحرب، والرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين في زمن الحرب.
داخل هذه السجون، كان الطبيب المعتقل ناهض أبو طعيمة مدير مستشفى ناصر الطبي يضمد جراح الأسرى بإمكانيات بسيطة، من خلال إبرة كان يصنعها من أسلاك الكهرباء النحاسية، وخيوط الملابس، كما كان يستخدم الكلور المخصص لتنظيف حمامات السجن كمعقم لجروح الأسرى.
كنا نحاول أن نتغلب على الألم بأغنيات وطنية كانت تصدح بها حنجرة الأسير المحرر تيسير شملخ؛ ولكن بصوت منخفض للغاية؛ فالسجان يتربص بنا الدوائر ليعاقبنا من دون أي سبب.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الجحيم قوات الاحتلال غزة المعتقلات الإسرائيلية معسكرات اعتقال السجون سجون الاحتلال سلطات الاحتلال
إقرأ أيضاً:
العفو الدولية : “إسرائيل” ارتكبت جرائم حرب بحق المدنيين في لبنان
الثورة نت/..
اتهمت منظمة العفو الدولية الجيش “الإسرائيلي” بشن هجمات عشوائية على المدنيين في لبنان اثناء الحرب عليها وارتكابه جرائم حرب بحق المواطنين .
وقالت المنظمة الحقوقية في بيان اليوم الأربعاء: “هناك أدلة متزايدة على ارتكاب انتهاكات متكررة للقانون الدولي الإنساني”، واتهمت القوات “الإسرائيلية” بعدم التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية في عدة ضربات في أنحاء مختلفة من لبنان في 2023 و2024.
وصرح رمزي قيس الباحث اللبناني في منظمة العفو الدولية: “يظهر المزيد والمزيد من الأدلة على أن القوات “الإسرائيلية” لا تحمي المدنيين بصورة متكررة ولا تميز بشكل ملائم بين الأهداف المدنية والعسكرية في ضرباتها في أنحاء مختلفة من لبنان في 2023 و2024″.
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى واقعتين وصفتهما بأنهما غير قانونيتين ويحتمل أن تمثلا جريمتي حرب.
وفي 25 سبتمبر الماضي أسفرت غارة للعدو على شمال شرقي لبنان عن مقتل 23 فردا بعائلة من اللاجئين السوريين، من بينهم 13 طفلا.
وتم قصف مبنى سكني مؤلف من طابقين في واقعة أخرى في الأول من نوفمبر 2024 مما أسفر عن مقتل عشرة مدنيين.
يذكر أن العدو الصهيوني لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر 2024 ولاتزال تسيطر على مناطق في جنوب لبنان، رغم أن الاتفاق ينص على انسحابها الكامل بعد العملية العسكرية البرية كما تشن القوات غارات بشكل شبه يومي على جنوب لبنان.