تؤشر التحركات الأخيرة لزعيم مجموعة المرتزقة الروس، يفغيني بريغوجين، قبل مقتله، إلى أنه كان يخطط لمستقبله على رأس فاغنر، وتوسيع شبكته في أفريقيا.

ففي سرد للأيام الأخيرة التي قادته للقارة السمراء، قبل العودة إلى مسقط رأسه حيث لقي مصرعه في منتصف الرحلة الجوية، الأربعاء، عرض تقرير جديد لصحيفة "وول ستريت جورنال" كيف كان بريغوجين، ينسق نشاطات مجموعته في أفريقيا والميليشيات المرتبطة به هناك، والأمل يحذوه في أنه باق على رأس مجموعته.

آخر رحلة لأفريقيا.. وسبائك الذهب السودانية

يوم الجمعة الماضي، هبطت طائرة بريغوجين في بانغي، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى، في مهمة إسناد واحدة من أولى الدول التي تعمل فيها شركة فاغنر، ضد حركات التمرد التي تستهدفها منذ 2018.

أصبحت إمبراطورية بريغوجين، الأفريقية، وفق وصف التقرير، تضم حوالي خمسة آلاف رجل منتشرين في أنحاء القارة.

وفي القصر الرئاسي على ضفاف النهر في بانغي، أخبر بريغوجين الرئيس فاوستين آركانج، أن تمرده المجهض في روسيا في يونيو لن يمنعه من جلب مقاتلين جدد واستثمارات لشركائه التجاريين في أفريقيا الوسطى، وفقًا لثلاثة أشخاص مطلعين، تحدثوا للصحيفة.

وبعد فترة وجيزة، هبطت مروحية تابعة لفاغنر في مكان قريب وعلى متنها خمسة قادة من قوات الدعم السريع السودانية، التي تشن حربا ضد جيش السودان النظامي.

كان الوفد قد سافر إلى بانغي من إقليم دارفور المضطرب حاملا هدية لبريغوجين، وفق "وول ستريت جورنال" الذي زودهم بصواريخ أرض جو، وهي سبائك ذهب من المناجم التي ساعد مرتزقته في تأمينها في غرب السودان الذي مزقته الحرب.

سباق ضد الكرملين

على الجانب الآخر من الصحراء، كان منافسو بريغوجين في وزارة الدفاع الروسية يوصلون رسالة منافسة، لعملاء فاغنر في ليبيا. 

ترأس الوفد الروسي في ليبيا، نائب وزير الدفاع يونس بك يفكيروف، وهو الرجل نفسه، الذي وبّخه بريغوجين لاستخدامه كلمة "أنت" غير الرسمية لمخاطبته عندما استولى فاغنر على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية في روستوف، في 24 يونيو الماضي.

ولدى عودته إلى روسيا، توقف بريغوجين في مالي، وشق طريقه عبر المجال الجوي للدول العميلة له، والتي كان يحاول إبعادها عن سيطرة الكرملين.

"كانت تلك جولة وداع، لكن قائد القوات شبه العسكرية البالغ من العمر 62 لم يدرك ذلك" يقول التقرير.

والأربعاء، تم الإعلان عن سقوط طائرة كانت تقله ضمن عشرة ركاب، قرب موسكو، وهو ما اعتبره متابعون "ثأرا للرئيس فلاديمير بوتين لنفسه" بعد التمرد الذي قاده بريغوجين نهاية يونيو الماضي والذي أحرج الزعيم الروسي الذي كان يحاول إحكام قبضته على الجيش، خاصة بعد بدء غزو أوكرانيا.

لسنوات، كان بريغوجين يعيش هاربا، ومتخفيا بأزياء مختلفة، ومن بينها وضعه شعرا مستعار لانتحال شخصية ضباط عسكريين عرب ملتحين، أثناء إعادة تزويد طائرته بالوقود في العدد المتضائل من المطارات التي تمنحه الإذن بالهبوط.

في غضون ذلك، كانت مجموعة فاغنر التابعة له والشركات المرتبطة بها توسع أنشطتها، حيث توسعت لتشمل التمويل والبناء والإمداد والخدمات اللوجستية والتعدين والموارد الطبيعية، وحتى تجارة الخيول الأصيلة. 

وتسيطر ابنته بولينا على شركة السباقات Sporthorses Management.

وقال مسؤولون غربيون وأفارقة إن دخلها يأتي من صادرات الذهب السوداني إلى روسيا، والماس والخشب من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى الإمارات العربية المتحدة والصين.

"وفاته تترك مستقبل تلك الشركات غير مؤكد" وفق الصحيفة، بينما يسعى الكرملين الآن لـ"تأميمها".

مصير شبكاته

قال ديفيد لويس، من جامعة إكستر في المملكة المتحدة: "من المحتمل أن تحاول الفصائل المختلفة المرتبطة بالجيش الروسي الآن الاستيلاء على هذه العقود التجارية المربحة وإنشاء قوات وكيلة جديدة".

ثم تابع "كان بريغوجين ماهرا بشكل خاص في إدارة هذه الشبكات العابرة للحدود، لكنه لم يكن عنصرا لا غنى عنه".

أصبحت بلدان من مالي إلى سوريا تعتمد على أسلحة بريغوجين المستأجرة، فقبل أيام فقط من مقتله، كان يعرض خدماته على الحكومة العسكرية الجديدة في النيجر، التي استولت على السلطة الشهر الماضي.

ومع ذلك، كانت شركات المرتزقة الجديدة، التي تديرها وكالة الاستخبارات العسكرية الروسية، تتنافس للاستيلاء على عقود فاغنر. 

وكان بوتين قد أخبر رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى شخصيا، أن الوقت قد حان للنأي بنفسه عن بريغوجين. 

وعندما زار فاوستين سانت بطرسبرغ لحضور مؤتمر هناك، الشهر الماضي، تحاشى التقاط صورة شخصية مع "أمير الحرب الروسي"، بينما قلل بريغوجين من إمكانية وفاته الوشيكة، في غمرة ذلك.

وقال الرجل في مقطع فيديو غير مؤرخ، نشرته قناة Gray Zone على تلغرام، التي تنشر بشكل متكرر بيانات فاغنر الرسمية: "سنذهب جميعا إلى الجحيم، ولكن في الجحيم، سنكون الأفضل".

ويستند هذا الحساب إلى مقابلات مع أكثر من عشرة مسؤولين حكوميين وعسكريين ومخابرات إفريقيين، ومنشقين عن فاغنر، ومجموعات ناشطة، ومراجعات للمحادثات المشفرة وبيانات الرحلات الجوية، بالإضافة إلى المخططات التنظيمية للشركات التي استعرضتها الصحيفة. 

ومنذ يونيو، كان الكرملين يحاول تأكيد سيطرته على شبكة الشركات الغامضة لبريغوجين، ومن ورائه فاغنر.

وكانت وزارة الدفاع، بقيادة المنافس الرئيسي لبريغوجين، سيرغي شويغو  ترسل وفودا لإبلاغ الحكومات الأجنبية بأنها ستتعامل من الآن فصاعدا بشكل مباشر مع الدولة الروسية. 

وبعد التمرد، أبرم بريغوجين "صفقة" مع بوتين ونقل قواته من روسيا للبحث إلى بيلاروس.

وقبل ذلك، رفض الرجل التعاقد مع الرئيس الروسي بهدوء، حيث سافر عبر الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وأفريقيا في محاولة للحفاظ على علاقاته التجارية هناك. 

ونشر رسائل صوتية يعرض فيها خدمات مرتزقته على النظام العسكري الذي استولى على السلطة مؤخرا في النيجر، في مقطع فيديو ظهر فيه في مالي وهو يحمل بندقية، متعهدا بـ "جعل روسيا أعظم.. وإفريقيا أكثر حرية".

النهاية

في أكتوبر الماضي، وصل بريغوجين إلى قاعدة جوية في شرق ليبيا للقاء خليفة حفتر. 

كان بريغوجين يرتدي زيا عسكريا، ونظارات شمسية رياضية داكنة ولحية كثيفة. وكان محاطا بستة رجال مدججين بالسلاح، "حتى اعتقد السكان المحليون أنه من أتباع الحركة السلفية الإسلامية".

قال أحد الليبيين الذين شهدوا وصوله: "كل من رآه اعتقد أنه سلفي".

وتظهر صور من الاجتماع، بريغوجين "الملتحي" وهو يبتسم.

تقول الصحيفة إنه خلال ذاك الاجتماع،  صرخ في وجه حفتر من خلال مترجم، وطالبه بنحو 200 مليون دولار لمساعدة فاغنر في تأمين أراض ليبية، بما في ذلك آبار النفط، حسب الصحيفة.

وأرسل بريغوجين في وقت لاحق طائرة خاصة أخرى في الشهر التالي لاستلام الأموال النقدية، بحسب تقرير الصحيفة.

في غمرة هذا النشاط الكثيف، وبعد تمرده الفاشل، بدا بوتين عازما على قتل بريغوجين خلال الساعات التي أعقبت قراره الزحف نحو موسكو، لولا تدخل الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، الذي أكد بأنه هو من أقنع بوتين على العدول عن قراره.

وقال بوتين في خطاب ألقاه في ذلك الشهر وهو يحدق في الكاميرا: "بعد أن خانوا بلادهم وشعبهم، خان قادة هذا التمرد أيضا أولئك الذين استدرجوهم إلى جريمتهم" مضيفا "لقد كذبوا عليهم، ودفعوهم إلى حتفهم، وأجبروهم على إطلاق النار على شعبهم".

بعدها، بدأ الكرملين في فرض سيطرته على شبكة الأعمال التي أسسها بريغوجين، حيث داهم عملاء جهاز الأمن الفيدرالي، مقر برج المكاتب الزجاجي التابع لشركة فاغنر في سانت بطرسبرغ للحصول على أدلة ضد بريغوجين.

وفي جميع أنحاء المدينة، صادرت سلطات إنفاذ القانون الروسية أجهزة الكمبيوتر والخوادم في مجموعة باتريوت الإعلامية التابعة له، وهي مصنع المتصيدين على وسائل التواصل الاجتماعي المتهم بالتدخل في الانتخابات الأميركية عام 2016. 

وتم حظر قنوات التواصل الاجتماعي المؤيدة لفاغنر داخل روسيا، وداهمت أجهزة الأمن الروسية بعض الشركات التابعة له، وادعت أنها عثرت على مسدسات وجوازات سفر مزورة وما يعادل 48 مليون دولار نقدا وسبائك ذهبية في ممتلكاته.

رغم ذلك كله، ظل بريغوجين يأمل في إنقاذ مواقع المرتزقة التي بناها في أفريقيا والشرق الأوسط، لكن الموت سبقه.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أفریقیا الوسطى کان بریغوجین بریغوجین فی فی أفریقیا فاغنر فی

إقرأ أيضاً:

لا تبشر بالخير.. تفاصيل مجزرة جامو وكشمير التي دفعت مودي لقطع زيارة السعودية وأوصلت التوتر لأوجه بين دولتين نوويتين

(CNN)-- تشهد العلاقات بين الهند وباكستان تدهورًا ملحوظًا عقب هجومٍ مميت في باهالغام بمنطقة جامو وكشمير المتنازع عليها في جبال الهيمالايا، والذي أسفر عن مقتل أكثر من عشرين سائحًا.

وفي أعقاب الهجوم، قطع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي زيارته التي كانت من المفترض أن تستمر ليومين إلى المملكة العربية السعودية، وذلك بعد لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وكان جميع الضحايا الـ 26 الذين قُتلوا في الهجوم الذي وقع، الثلاثاء، باستثناء شخص واحد، مواطنين هنود، مما أثار موجةً جديدة من الاضطرابات في منطقةٍ تُعدّ بؤرة صراعٍ إقليميٍّ طويل الأمد، وغالبًا ما كان عنيفًا، بين باكستان والهند.

واتهمت الهند باكستان، الأربعاء، بدعم الجماعات الإرهابية في المنطقة، بعد أن أعلنت جماعةٌ مسلحةٌ غير معروفة تُدعى "جبهة المقاومة" مسؤوليتها عن الهجوم. ونفت باكستان أي تورط لها في الهجوم.

ومنذ ذلك الحين، خفّضت نيودلهي مستوى علاقاتها مع إسلام آباد، وأغلقت معبرًا حدوديًا رئيسيًا، وعلقت لأول مرة مشاركتها في معاهدة حاسمة لتقاسم المياه، من بين إجراءات عقابية أخرى، مما دفع باكستان إلى إعلان سلسلة من الإجراءات الانتقامية، بما في ذلك تعليق التجارة. وألغى كل جانب تأشيرات دخول لمواطني الطرف الآخر.

ولعقود، خاضت عدة جماعات مسلحة محلية، تطالب إما باستقلال كشمير أو بانضمام المنطقة إلى باكستان، معارك ضد قوات الأمن الهندية، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف في أعمال العنف، وتعهد رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الخميس، بملاحقة المهاجمين "حتى أقاصي الأرض"، وذلك خلال خطاب ألقاه في ولاية بيهار الشمالية الشرقية، وقال مستخدمًا اللغة الإنجليزية بدلًا من الهندية المعتادة: "من أرض بيهار، أقول للعالم أجمع، إن الهند ستحدد هوية كل إرهابي وداعميه، وستتعقبهم، وستعاقبهم".

وأضاف: "لن يكسر الإرهاب روح الهند أبدًا. ولن يفلت الإرهاب من العقاب. وسنبذل كل جهد ممكن لضمان تحقيق العدالة. والأمة بأكملها ثابتة على هذا العزم".

ماذا حدث في باهالغام؟

أطلق مسلحون النار، الثلاثاء، على زوار في وجهة سياحية شهيرة بمنطقة باهالغام الجبلية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، وقُتل ما لا يقل عن 25 مواطنًا هنديًا ومواطن نيبالي واحد في المذبحة التي وقعت في وادٍ لا يمكن الوصول إليه إلا سيرًا على الأقدام أو على ظهور الخيل.

ووصف شهود عيان مشاهد رعب مع اقتراب المسلحين، وهم يطلقون النار على السياح من مسافة قريبة. واستذكر البعض كيف تم استهداف الرجال وإطلاق النار عليهم. وقال ناجون آخرون تحدثوا لوسائل الإعلام المحلية إن المسلحين اتهموا العائلات بدعم رئيس الوزراء مودي قبل إطلاق النار.

وانتشرت صور ومقاطع فيديو للحادثة - تُظهر جثثًا هامدة متناثرة على الأرض واشخاص ينتحبون خوفًا - عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في صورة حية للألم والمعاناة التي تحملتها العائلات التي انتهت عطلتها بمأساة مروعة، فيما عززت السلطات الهندية انتشارها الشرطي والعسكري في المنطقة، ويواصل أفرادها البحث عن الجناة.

من هي جبهة المقاومة؟

أعلنت جبهة المقاومة الكشميرية، المعروفة أيضًا باسم جبهة المقاومة (TRF)، مسؤوليتها عن هجوم باهالغام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معربةً عن استيائها من "الغرباء" الذين استقروا في المنطقة وتسببوا في "تغيير ديموغرافي"، ولم تقدم أدلة، ولا تستطيع CNN التحقق من ادعائها بشكل مستقل.

وتُعدّ جبهة المقاومة جماعة مسلحة جديدة نسبيًا، ولا يُعرف عنها الكثير، إذ أعلنت الجماعة عن وجودها عام 2019 عبر تطبيق الرسائل المشفرة تيليغرام، بعد أن أعلنت مسؤوليتها عن هجوم بقنبلة يدوية في سريناغار، أكبر مدن جامو وكشمير، وفقًا لبحث أجرته مؤسسة أوبزرفر للأبحاث (ORF) ومقرها نيودلهي.

وصنفت الهند جبهة المقاومة الكشميرية "منظمة إرهابية" وربطتها بجماعة لشكر طيبة الإسلامية المحظورة، التي كانت وراء هجمات مومباي الدامية عام 2008، والتي تتمتع بشهرة أكبر بكثير.

وتُصنّف الجبهة الثورية الكشميرية نفسها كقوة مقاومة سياسية، نشأت في كشمير، وتخدم كشمير، ضد قوات الاحتلال غير الشرعية، دون أي شخصية أو قيادة جهادية مركزية، وفقًا لشبكة ORF.

وأصدرت شرطة كشمير، الخميس، إشعاراتٍ تُسمّي ثلاثة مشتبه بهم يُزعم تورطهم في الهجوم. اثنان منهم باكستانيان، وفقًا للإشعارات. ولم تُفصح الشرطة عن كيفية تحديد هوية الرجال.

لماذا تُعدّ كشمير مهمة للهند وباكستان؟

تُعدّ منطقة كشمير الجبلية، التي تطالب بها كلٌّ من الهند وباكستان بالكامل، من أخطر بؤر التوتر في العالم، وتصاعدت التوترات بين الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة بشأن المنطقة المتنازع عليها في السنوات الأخيرة، بعد أن ألغت حكومة مودي الحكم الذاتي الدستوري للمنطقة عام 2019، مما جعلها تحت السيطرة المباشرة لنيودلهي.

في حين صرّحت الحكومة الهندية بتراجع التشدد منذ ذلك الحين وسط حضور عسكري مكثف، استمرت الهجمات في المنطقة، مما أثار اضطرابات واحتجاجات. في غضون ذلك، فُرضت رقابة إعلامية مشددة وقطع للاتصالات.

ويقول المحللون إن مذبحة، الثلاثاء، حطمت وهم الهدوء الذي صوّره مودي للمنطقة، وتثير تساؤلات حول كيفية حدوث مثل هذا الخلل الأمني ​​في واحدة من أكثر المناطق عسكرة في العالم.

كيف ردّت الهند وباكستان؟

لم تُلقِ الهند باللوم علنًا على أي جماعة في الهجوم، لكنها برّرت خطواتها الانتقامية بأنها رد على ما يُزعم أنه "دعم باكستان للإرهاب عبر الحدود".

وأعلنت نيودلهي عن عدة إجراءات عقابية ضد إسلام آباد بعد يوم من الهجوم، بما في ذلك إغلاق معبر حدودي رئيسي، وفرض مزيد من القيود على تأشيرات الدخول المحدودة أصلًا للمواطنين الباكستانيين. كما طردت مستشارين عسكريين وبحريين وجويين من المفوضية العليا الباكستانية في نيودلهي.

وفي خطوة أدانتها باكستان، علقت الهند أيضا دورها في معاهدة مياه نهر السند، وهي اتفاقية مهمة لتقاسم المياه بين الهند وباكستان دخلت حيز التنفيذ منذ عام 1960 وتعتبر قصة نجاح دبلوماسية نادرة بين الجارتين المتناحرتين.

وينبع نظام نهر السند الضخم، الذي يدعم سبل العيش في باكستان وشمال الهند، من التبت، ويتدفق عبر الصين وكشمير الخاضعة للسيطرة الهندية قبل أن يصل إلى باكستان. وتُعد هذه الكمية الهائلة من المياه موردًا حيويًا لكلا البلدين، وتنظم المعاهدة كيفية تقاسمها.

وصرح الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة تافتس، فهد همايون، قائلاً إن "تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية وتعليق معاهدة مياه نهر السند لا يبشر بالخير لاستقرار المنطقة"، مضيفا: "لا يُعد تعليق المعاهدة انتهاكًا لالتزامات المعاهدات الدولية فحسب، بل إن الحق في المياه، كدولة تقع على ضفاف نهر السند، يُنظر إليه على أنه قضية أمن قومي بالنسبة لباكستان، وسيُعتبر تعليقه عملاً عدائيًا".

وعقب الخطوة الهندية، أعلنت باكستان، الخميس، تعليق التجارة مع الهند، وإغلاق مجالها الجوي، وطرد الدبلوماسيين الهنود، واصفةً إجراءات الهند بأنها "أحادية الجانب، وغير عادلة، وذات دوافع سياسية، وغير مسؤولة للغاية، وتفتقر إلى أي أساس قانوني".

وجاء في بيان حكومي أن أي محاولة لإيقاف أو تحويل مسار المياه التابعة لباكستان ستُعتبر عملاً حربياً.

وقال وزير الخارجية إسحاق دار: "لقد مارست الهند لعبة إلقاء اللوم مراراً وتكراراً، وإذا كان هناك دليل على تورط باكستان [في باهالغام]، فيُرجى إطلاعنا عليه وعلى العالم".

كيف هو الوضع في كشمير؟

توافد الآلاف إلى الشوارع للتنديد بالهجمات الدامية، بينما أعرب أصحاب الأعمال عن قلقهم إزاء تأثيرها على هذه الوجهة السياحية الشهيرة خلال موسم الذروة.

وقال محسن، الذي يُعرّف نفسه باسم واحد فقط، ويدير شركة سياحية في المنطقة: "شهدنا إلغاءً حجوزات بنسبة 80-90% من جميع رحلاتنا ورحلاتنا في الأيام والأسابيع المقبلة. نحن نتكبد خسائر مالية فادحة. قد أضطر إلى الانتقال إلى عمل آخر إذا استمر هذا الوضع".

واستأنفت المدارس والشركات أعمالها بعد إغلاقها، الأربعاء، في أجزاء عديدة من كشمير، بينما اندلعت مظاهرات تضامنية في ساحة لال تشوك، ساحة مدينة سريناغار.

ماذا سيحدث الآن؟

تتجه الأنظار الآن نحو رد فعل نيودلهي وإسلام آباد، حيث يخشى المحللون من احتمالية التصعيد العسكري، إذ قال الباحث في مركز الأمن والتعاون الدولي بجامعة ستانفورد، أرزان تارابور: "سيكون لدى مودي دافع سياسي قوي، إن لم يكن لا يُقاوم، للرد بالقوة".

وأضاف تارابور : "السؤال الرئيسي هو: هل سيسعى الجانبان إلى فرض تكاليف ملموسة وذات معنى أكبر على الجماعات الإرهابية، بما في ذلك استهداف قياداتها أو مقراتها؟ أم ستذهب الهند إلى أبعد من ذلك، متجاوزةً بذلك عتبة مهاجمة الجيش الباكستاني؟".

وبينما ازدادت القوة العسكرية الهندية في السنوات القليلة الماضية، عانت باكستان من عدم الاستقرار السياسي والاضطراب الاقتصادي، ومع ذلك، قال همايون، الأستاذ في جامعة تافتس، إنه إذا اختارت الحكومة الهندية اللجوء إلى العمل العسكري، فهناك "كل الأسباب للاعتقاد بأن باكستان سترد بالمثل"، مضيفا: "في غياب ضبط النفس الاستراتيجي أو تدخل طرف ثالث، فإن احتمالات التصعيد غير المنضبط في الأيام المقبلة ليست ضئيلة".

مقالات مشابهة

  • لافروف: روسيا لا تستطيع الكشف عن تفاصيل المحادثات مع أمريكا بشأن أوكرانيا حتى اكتمالها
  • شاهد بالفيديو.. سيدة الأعمال السودانية هبة كايرو تدخل في وصلة رقص مثيرة مع الفنانة إيمان أم روابة داخل “الكافيه” الذي تملكه بالقاهرة
  • «المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
  • الولايات المتحدة تكشف تفاصيل جديدة بشأن الانفجار الذي وقع قرب موقع تراث عالمي في صنعاء
  • لا تبشر بالخير.. تفاصيل مجزرة جامو وكشمير التي دفعت مودي لقطع زيارة السعودية وأوصلت التوتر لأوجه بين دولتين نوويتين
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • أكبر قضية مخدرات.. موقع مصري يكشف تفاصيل تحركات شبكة “الزعيمة الحسناء” (صور)
  • صلاح بن البادية- سيرة رائد الحداثة الروحية في الأغنية السودانية
  • صعود الإمبراطورية الروسية في أفريقيا
  • شاهد بالفيديو.. سيدة الأعمال السودانية هبة كايرو تتحول لمطربة وتغني داخل أحد “الكافيهات” التي تملكها بالقاهرة