الجزيرة:
2025-05-01@06:36:37 GMT

الخرطوم.. ليس من رأى كمن سمع

تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT

الخرطوم.. ليس من رأى كمن سمع

الخرطوم- بخطوات متثاقلة تحاول العاصمة السودانية الخرطوم النهوض من تحت الركام. المدينة التي كانت تعج بالحياة تحوّلت معظم مناطقها إلى أطلال بفعل عامين من الحرب.

من الوهلة الأولى لدخول الخرطوم تتضح لك آثار الحرب، الرصاص رسم لوحات دامية على جدران المنازل وبعض أبنيتها الشاهقة، فوارغ الذخيرة تبدو واضحة على الطرقات لا سيما بالقرب من المناطق العسكرية عند مداخل المدينة، مثل الجيلي شمالا حيث آثار معركة بائنة شهدت أعنف أنواع الأسلحة الجوية والبرية، وسالت دماء غزيرة على التراب والأسفلت.

تمكن الجيش السوداني من استعادة كامل مدينة بحري شمالي الخرطوم من قوات الدعم السريع المتحصنة بمصفاة الجيلي للبترول، التي كانت بمثابة خط دفاعها الأول.

كلية التربية بجامعة الخرطوم (الجزيرة) المدينة الجريحة

مدينة بحري أحد الأضلاع الثلاثة المكونة لولاية الخرطوم (الخرطوم، وبحري، وأم درمان)، بها أعرق الأسواق والمدارس والجامعات والساحات العامة وكلها خضعت لسيطرة قوات الدعم السريع لمدة أكثر من عام ونصف، وتمكن الجيش مؤخرا من استعادة السيطرة عليها، بيد أنها تبدو جريحة تائهة.

وفي أحياء بحري الطرفية مثل الدروشاب والسامراب والكدرو، بدأت الحياة تعود جزئيا بعد عودة بعض الأسر إلى منازلها وبعض المتاجر والمحلات التجارية المختلفة للعمل، وعودة حركة المواصلات الداخلية.

بيد أن تلك الأحياء تعاني من انقطاع التيار الكهربائي منذ أكثر من 10 أيام وسط معاناة في الحصول على المياه.

إعلان

ويُظهر التوغل جزئيا صوب وسط بحري، حيث أحياء الحلفايا وشمبات والمزاد والأملاك، فصول الحرب والمعاناة.

عودة الحياة جزئيا للخرطوم بحري بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة عليها في فبراير/شباط الماضي (الجزيرة)

وتبدو فصول تلك المعاناة في أن تلك الأحياء كانت خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع بشكل كلي منذ بداية الحرب، وغادرها معظم سكانها إلا قليلا ممن بقوا تحت إمرة تلك القوات التي كانت تقيّد حركتهم، حسب روايات منقولة من سكان أحياء بحري.

وتتجلى مظاهر الحرب في هذه المدينة بوضوح، حيث توقفت الأسواق تماما، وتعطلت جميع محطات الكهرباء والمياه، بل تدمرت كليا. ومصانع الدقيق التي كانت عنوانا بارزا فيها سُرقت ونُهبت بشكل كامل وتوقفت عن العمل، بحسب ما رصدته الجزيرة نت، وحركة مواصلاتها الداخلية توقفت كليا.

وعاد إليها قليل من السكان بعد استعادة الجيش السيطرة عليها في فبراير/شباط المنصرم، ومعظم العائدين من فئات الشباب. وعلمت الجزيرة نت أن عودتهم لبحري لحماية ما تبقى من منازلهم تمهيدا لعودة الأسر بعد استعادة خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات.

حركة وحياة

ما بين بحري وأم درمان يوجد جسر واحد صالح للعمل وهو جسر الحلفايا رغم ما أصابه من ندوب وخدوش جراء المعارك، بينما توقف المعبر الآخر وهو جسر شمبات.

وفي جسر الحلفايا ثمة حركة سيارات تنقل المواطنين ما بين بحري وشرق النيل من جهة الشرق، وأم درمان من جهة الغرب.

وفي أم درمان، خاصة جنوبها، يرصد موفد الجزيرة نت مظاهر طبيعة الحياة خاصة عند مدخل جسر الحلفايا والاتجاه جنوبا وصولا إلى الجزيرة إسلانج وشمالا إلى أم درمان القديمة.

آثار الدمار في سوق أم درمان (الجزيرة)

ولم تتأثر أحياء -مثل الحتانة والشاطئ وكرري- بالحرب كثيرا وشهدت اشتباكات استمرت 48 ساعة، بعدها سيطر الجيش عليها وطبع بها الحياة، بحسب شهادات الأهالي.

وفي شارع الوادي الأشهر بأم درمان تبدو الحياة كأنها لم تكن هنالك حرب، ازدحام مروري، ومتاجر تعمل، وباعة متجولون على الطرقات، وانتشار لرجال شرطة المرور، مقاهٍ ومطاعم تعمل وتعج بالناس.

إعلان

وبالمضي إلى أحيائها القديمة المتاخمة للنيل مثل أبوروف، وود البنا والعباسية وود نوباوي، بدت الحياة أفضل، وعاد إليها شيء من البريق، رغم أن تقارير إعلامية تقول إن بعض أحياء أم درمان القديمة شهدت أشرس المعارك في مارس/آذار 2024، واستطاع الجيش استعادتها.

آثار الرصاص على جدران منازل ومتاجر أم درمان (الجزيرة)

وفي أم درمان القديمة، الحياة تبدو عادية وحركة الناس تجاوزت مرحلة الحرب إلى مرحلة البناء، وعادت كثير من الأسر، بحسب ما رصدته الجزيرة نت من مشاهد في الأسواق والطرقات، كما عادت خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات إلى تلك الأحياء.

في المقابل، لا تزال بعض أحياء شمال أم درمان وغربها بدءا من أحياء المهندسين والنخيل وأمبدة والصالحة تحت زخات الحرب، والخدمات منعدمة وأصوات الرصاص تُسمع بوضوح، ولم تسجل عودة ملحوظة للعائلات رغم استعادة الجيش لأجزاء واسعة منها.

لا تزال بعض أحياء شمال أم درمان تحت زخات الحرب (الجزيرة) مدينة بلا ملامح

وتبدو الخرطوم الأكثر تأثرا بالحرب، فهذه المدينة التي كانت مركز الحكم والنشاط السياسي والأسواق النشطة والعامرة والجامعات المكتظة بالطلاب وأكبر المستشفيات، كل ذلك ذهب في مهب الريح، وتكاد تكون الحياة متوقفة كليا فيها.

دمرت الحرب جميع أبراجها التجارية والحكومية التي كانت تمثل ملمحا من ملامح العاصمة مثل برج النيل للبترول وبرج الفاتح وبرج الاتصالات وبرج الساحل والصحراء. وجامعاتها أغلقت أبوابها بشكل تام وانتقلت للعمل في مدن أخرى.

أسواقها نُهبت وسُرقت منذ رصاصة الحرب الأولى وبنوكها حُرقت كليا، وتوقفت صحفها عن الطبع، وأغلقت منتدياتها السياسية أبوابها، ومساجدها هُجرت، وحركة الجسور التي كانت تنبض بالحياة توقفت عن الخفقان.

جامعات الخرطوم طالها أيضا الدمار والرصاص وأغلقت أبوابها (الجزيرة)

وفي وسط الخرطوم تبدو آثار الحرب أعنف، دبابات معطلة وسيارات قتالية محترقة، وسواتر ترابية في وسط الطرقات، وفوارغ رصاص تبدو آثارها واضحة على كل شيء بما في ذلك المساجد والكنائس، جثث تحولت لهياكل عظمية تسعى حكومة الخرطوم لسترها، وجدران لا تخلو من آثار الرصاص.

إعلان

وتوقفت الحياة كليا وسط الخرطوم، الذي يعتبر مركز الحكم والسياسة، رغم استعادته بواسطة الجيش، فلا حركة به غير حركة سيارات الدفع الرباعي التابعة للقوات المسلحة.

أما القصر الجمهوري مركز الحكم والسيادة فيقف حزينا بعد أن ارتوت أرضه بالدماء من طرفي القتال، وتحولت القيادة العامة للجيش إلى واجهة للمعارك وستكون شاهدة على عصر الحرب في السودان.

وفي جنوب الخرطوم بدأت الحياة تعود تدريجيا في بعض الأحياء مثل الكلاكلة وطيبة حيث شهدت أسواق الكلاكلة عودة جزئية مع انتشار للجيش لتأمين الناس وحركة الحياة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجزیرة نت التی کانت أم درمان

إقرأ أيضاً:

بالفيديو: الهلال الأحمر الفلسطيني ينقذ أيقونة الحياة: علي فرج يتحدى الموت

وسط ركام الحرب ونيران القصف، شاء القدر أن يكتب لعلي فرج حياة جديدة. الطفل الصغير الذي تطاير جسده من أحد الأبراج المستهدفة إلى سطح الجيران، لم يكن مجرد ناجٍ من الموت، بل أصبح رمزًا للأمل والصمود في وجه الدمار.

حين وصل علي إلى مستشفى الهلال الأحمر الميداني في السرايا، كان في حالة حرجة. الطواقم الطبية بقيادة المدير الطبي للمستشفى، د. نافذ القرم، استقبلته بسرعة، حيث تم تقديم الإسعافات الأولية العاجلة، وتثبيت الكسور، وإجراء الفحوصات اللازمة.

وقال القرم: "قدمنا للطفل الإسعافات المنقذة للحياة، وتم التعامل مع إصاباته بكل عناية ودقة لضمان استقرار حالته."

لكن الجراح التي أصابت علي لم تكن جسدية فقط؛ فقد فقد 22 فردًا من عائلته، من بينهم والده وإخوته الخمسة، في القصف الذي حول حياته إلى حطام.

ومع إدراك حجم المأساة، لم يكتفِ الهلال الأحمر بإنقاذ جسده، بل بادر إلى تضميد روحه. وفد رسمي برئاسة المهندس مجدي درويش، المدير المالي والإداري لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، زار علي للاطمئنان عليه، والوقوف على احتياجاته الصحية والمعيشية.

كما تدخل فريق الدعم النفسي التابع للهلال الأحمر الفلسطيني، الذي يتواجد بشكل دائم في مقرات ومستشفيات الجمعية على مدار الأسبوع، لتقديم جلسات دعم نفسي مكثفة لعلي، في محاولة لمداواة جراحه النفسية العميقة، وإعادة ابتسامته الضائعة.

هكذا، لم يكن الهلال الأحمر الفلسطيني مجرد مستشفى ميداني في السرايا، بل كان قلبًا نابضًا بالإنسانية، احتضن علي فرج، الطفل الذي تحدى الموت، ليبقى شاهدًا حيًا على أن الحياة، رغم الألم، أقوى من الحرب.

 

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين انطلاق جلسات العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه المنظمات الأممية في فلسطين الخارجية تطالب بفرض عقوبات دولية رادعة على مجموعات المستوطنين صحيفة تنشر تفاصيل مقترح قدمته حماس في القاهرة – هدنة طويلة الأمد الأكثر قراءة بالفيديو: مشاهد للكمين الذي نفّذته "القسام" ضد قوة إسرائيلية شرق بيت حانون طفولة مبتورة وأحلام باقية: أحمد شاهد على جراح أطفال غزة التعليم في غزة تحت وطأة الحرب والحصار العنوان : غزة تحت تهديد المجاعة والحرب معاً عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (تحت أرض الخرطوم) 4
  • هجوم على الفاشر ومجزرة في أم درمان وضربات للبنية التحتية.. الجيش السوداني يُحبط خطة شاملة لميليشيا الدعم السريع
  • العبث واللامعقول في حرب السودان.. المسرح يمرض لكنه لا يموت
  • الحرب في السودان .. خسائر بمليارات الدولارات
  • فرن بلدي للمليشيا الإجرامية داخل مكتب أحد الأساتذة بجامعة الخرطوم
  • الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم
  • “الشيشة وبيع الأطعمة والشاي في الميادين والطرق العامة”.. لجنة أمن بحري تنفذ قرار منع الظواهر السالبة وتقنين الوجود الأجنبي
  • الجزيرة نت ترصد عودة الحياة إلى طبيعتها في سوق أم درمان
  • الحكم بالإعدام شنقاً لامرأة أدينت بتصوير تمركزات الجيش والمواقع الخدمية في أم درمان وإرسالها للميليشيا
  • بالفيديو: الهلال الأحمر الفلسطيني ينقذ أيقونة الحياة: علي فرج يتحدى الموت