تونس- عاشت مدينة المزونة بمحافظة سيدي بوزيد بالوسط الغربي التونسي، أمس الأربعاء، احتجاجات شعبية عارمة إثر وفاة 3 تلاميذ، الاثنين الماضي، جراء انهيار سور مدرسة مهترئة، لكن تلك الاحتجاجات جوبهت بقمع أمني أسفر عن إصابات واعتقالات، وفق شهود عيان.

ولئن شهدت المنطقة هدوءا حذرا صباح اليوم الخميس، فإن مسيرات أهالي المزونة تواصلت أمام مقرات حكومية للمطالبة بالتنمية والتشغيل، وسحب قوات الأمن وإطلاق سراح الموقوفين، وقد رفع المحتجون شعارات تندد بغلاء المعيشة وبالممارسات الأمنية ضد المتظاهرين.

وتُعد سيدي بوزيد واحدة من المحافظات الفقيرة، تفجرت منها الثورة التونسية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، بعدما أقدم آنذاك البائع المتجول محمد البوعزيزي على الانتحار حرقا أمام مبنى المحافظة بعد إهانته من شرطية.

قمع أمني

ووصف أحد المتظاهرين ما حصل من قمع أمني في المزونة بأنه شبيه بما حدث في منطقة الحوض المنجمي بمحافظة قفصة بالجنوب حين ضرب نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي حصارا، في 2008، على المدينة الغنية بالفوسفات بسبب احتجاجات طالبت بالتنمية.

وفي ذلك العام، شهدت منطقة الحوض المنجمي، وتحديدا مدينة الرديف، واحدة من أبرز الانتفاضات الاجتماعية في تاريخ تونس الحديث. وانطلقت هذه الحركة الاحتجاجية إثر اتهامات بالمحسوبية والفساد في عمليات التوظيف بشركة فوسفات قفصة، التي تُعد المشغل الرئيسي في المنطقة.

إعلان

سرعان ما تحولت الاحتجاجات إلى اعتصامات وإضرابات ومسيرات سلمية، شارك فيها العاطلون عن العمل، والعمال، والنقابيون، والنساء، وحتى التلاميذ، مطالبين بالعدالة الاجتماعية والحق في التشغيل والخدمات الأساسية. ​

وضجت منصات التواصل الاجتماعي، أمس الأربعاء، بتسجيلات فيديو تظهر انتشارا كبيرا لقوات الأمن داخل أحياء مدينة المزونة، إذ أطلقت القنابل المسيلة للدموع على المحتجين لتفريقهم، وطاردتهم بسيارات الأمن، ما أوجد حالة من الهلع لدى المواطنين.

وأظهرت تسجيلات فيديو لجوء العديد من المصابين إلى المراكز الصحية لتلقي العلاج بعد اعتداء قوات الأمن عليهم، كما أظهرت اختناق نساء بغاز القنابل المسيل للدموع، أطلقها أعوان الشرطة لتفريق المحتجين المحتشدين بالشوارع.

ودفعت وزارة الداخلية بتعزيزات أمنية كبيرة إلى المزونة، التي تعاني كغيرها من المناطق الداخلية، من ارتفاع البطالة والفقر وانعدام التنمية وتردي الخدمات العمومية، وقد تحولت عقب وفاة التلاميذ الثلاثة إلى مسرح للاحتجاجات المتأججة.

فشل السلطة

وتقول منظمات حقوقية، إن هذه الفاجعة هي نتاج تراجع الخدمات العمومية واستفحال أزمة التعليم في تونس، ومن أبرزها تردي البنية التحتية لآلاف المؤسسات التربوية في كل المناطق ما يجعلها خطرا على سلامة التلاميذ والمدرسين.

ويرى مراقبون، أن السلطة فشلت في إعادة الأمل للمواطنين خاصة في المناطق الداخلية الفقيرة ولم تنجح حتى في تلبية أبسط مطالبهم، معتبرين، أن سلطة الرئيس قيس سعيد تعيش حالة من الرعب خوفا من اتساع رقعة الغضب والاحتجاجات.

ويقول أحد النشطاء للجزيرة نت، إن سعيد لم ينجح في تحقيق أي إنجاز ما عدا قمع الحريات وملاحقة المعارضين، مبينا أنه يحكم منذ 5 سنوات بصلاحيات مطلقة بعد تغيير الدستور لكن من دون أن ينجح في تحسين الأوضاع.

وأضاف أن القمع الأمني للاحتجاجات السلمية لأهالي المزونة جاء سريعا وعنيفا، مؤكدا أن السلطة دفعت بحشود كبيرة من الأمن لإخماد غضب الأهالي الذين خرجوا إلى الشوارع مطالبين بالعدالة وتحسين الخدمات العمومية المتردية.

إعلان

من جانبه، يقول الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر (منظمة غير حكومية)، إن السلطة تواصل نفس سياسات مواجهة المطالب الاجتماعية بالقمع البوليسي، مؤكدا للجزيرة نت، أن سكان المناطق الفقيرة سئموا الوعود والشعارات الفضفاضة.

وكشف تقرير جديد للمنتدى عن تصاعد وتيرة الاحتجاجات بنسبة 238% خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذكر أن أغلب تلك الاحتجاجات كانت ميدانية في الشوارع والفضاء العام.

وأشار التقرير إلى حالة عدم الرضا لدى عموم التونسيين بسبب ارتفاع الأسعار وتدني المستوى المعيشي وسوء البنية التحتية وتردي الخدمات الإدارية العمومية، وضعف أسطول النقل، وتواصل انقطاع مياه الشرب وتذبذب نسق التزود بها.

انعدام الرؤية

يواجه الرئيس قيس سعيد، الذي انتُخب أول مرة في 2019 ثم أعلن في 25 يوليو/تموز 2021 عن التدابير الاستثنائية، انتقادات من المعارضة التي تتهمه بالقيام بانقلاب سياسي بهدف إجهاض المسار الديمقراطي وفرض حكم فردي.

وتعرض لانتقادات خلال حكمه بسبب تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي ونقص المواد الأساسية وارتفاع معدلات البطالة، فضلا عن تلفيق التهم للمعارضين والصحفيين وضرب الحريات واستقلالية القضاء، وفق المعارضين.

يقول المعارض السياسي هشام العجبوني للجزيرة نت، إن مدينة المزونة ليست حالة استثنائية في بلد تتدهور فيه كل المرافق والخدمات العمومية من سنة إلى أخرى، نتيجة سوء الحوكمة وسياسات التقشف وانعدام الرؤية لدى رئيس الدولة.

ويضيف أن الأسوار والبناءات الآيلة للسقوط لا تقتصر فقط على المدارس وإنما تتجاوز ذلك لتشمل كل منظوماتها ومنشآتها ومؤسساتها وتماسكها الاجتماعي وأحلام أبنائها، بفعل سياسة الانفراد بالحكم والهروب إلى الأمام للرئيس.

في المقابل، استنكر سعيد ما حدث في منطقة المزونة، متوعدا بمحاسبة كل من يسيء للتونسيين داخل البلاد وخارجها. وقال خلال لقائه بعدد من الوزراء في قصر قرطاج مساء الأربعاء، "نريد أن يعيش التونسيون آمنين في كل مكان، ومواطنين محفوظي الكرامة. وكل مسؤول يخل بمسؤوليته فليبدأ بحزم حقائبه من الآن".

إعلان

كما ترحم على ضحايا فاجعة المزونة، متمنيا الشفاء للجرحى. وتعهد أيضا بتوفير الأموال اللازمة لترميم المدارس في كافة المدن التونسية، مضيفا "وكل شيء كي يعيش التونسي بكرامة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الخدمات العمومیة

إقرأ أيضاً:

حالة الطقس الآن.. بداية تأثير المنخفض الجوي الخماسيني على هذه المناطق

المنخفض الجوي الخماسيني.. أعلنت الهيئة العامة للأرصاد الجوية عن بداية تأثير المنخفض الجوي الخماسيني على مناطق الصحراء الغربية، حيث أظهرت آخر صور الأقمار الصناعية تحرك الرمال المثارة على مناطق من الصحراء الغربية وواحة سيوة، نتيجة لدخول المنخفض الجوي حدودنا الجنوبية الغربية.

وأكدت الهيئة أن المنخفض الجوي الخماسيني يعمل على نشاط الرياح المثيرة للرمال والأتربة، مما يؤدي إلى تدهور ملحوظ في مستوى الرؤية الأفقية في بعض المناطق.

حالة الطقس الآن حالة الطقس غدًا الأربعاء

وأوضحت الأرصاد توقعات حالة الطقس غدا الأربعاء، محذرة من منخفض جوي خماسيني يضرب البلاد، ويؤدي إلى نشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة تتراوح سرعتها من 70:60 كم في الساعة، مع سقوط أمطار متفاوتة الشدة وتكون رعدية على بعض المناطق.

ونشرت الأرصاد عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، توقعاتها عن أماكن سقوط الأمطار في خريطة تحذيرية لها.

وتوقعت الأرصاد، أن تشهد محافظة مطروح غدا سقوط أمطار متوسطة قد تكون غزيرة ورعدية مصحوبة بحبات البرد أحيانًا، مع سقوط أمطار خفيفة قد تكون متوسطة ورعدية أحيانًا على السواحل الشمالية ومحافظات الوجه البحري، وسقوط أمطار خفيفة قد تكون رعدية أحيانًا على مدن القناة سيناء شمال الصعيد القاهرة والجيزة القليوبية.

وبينت الهيئة في خريطة تحذيرية أخرى، أماكن العاصفة الترابية ونشاط الرياح على مدن ومحافظات مصر، وجاءت كالآتي:

- تنشط الرياح سرعتها 60:40 كم/ساعة، مع هبات رياح سرعتها 70-80 كم/ساعة قد تصل لحد العاصفة على مناطق« صحراء مطروح، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، سوهاج، جنوب وشرق القاهرة، الجيزة، السويس، الإسماعيلية، خليج السويس، سيناء» لتصبح الرؤية الأفقية أثناء هبات الرياح أقل من «500- 1000 متر».

- بينما تنشط رياح مثيرة للرمال والأتربة سرعتها «40- 60 كم/ساعة» على محافظات الوجه البحري وقنا والأقصر وأسوان، وتصبح الرؤية الأفقية أقل من 2000 متر.

وشددت الهيئة على ضرورة القيادة بهدوء وحذر على الطرق أثناء الأتربة والرمال المثارة والابتعاد عن أعمدة الإنارة واللوحات والإعلانات والأشجار.

ووجهت نصائح للمواطنين بارتداء الكمامات أثناء الخروج ومتابعة تحديثات النشرات واتخاذ كافة الاستعدادات والتدابير اللازمة للحد من الأثار الناجمة عن الظواهر الجوية المتوقعة.

وتواصل الهيئة متابعة المنخفض الجوي الخماسينى وتوفير التحديثات المستمرة عن تطور الوضع، داعية الجميع إلى متابعة النشرات الجوية القادمة للحصول على معلومات دقيقة حول الأحوال الجوية.

اقرأ أيضاًمنخفض خماسيني وأمطار.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الأسبوع المقبل

عاجل| عاصفة ترابية وأمطار.. الأرصاد تًحذر من طقس الأربعاء

دخول منخفض جوي.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025

مقالات مشابهة

  • وزيرة التنمية المحلية من المنيا: التصدي بحسم لأى تعديات على الأراضي وأملاك الدولة
  • رياح محملة بالأتربة تضرب الفيوم.. واستنفار لمواجهة التقلبات الجوية
  • وزير التنمية الإدارية يبحث مع محافظ اللاذقية سبل تحسين جودة الخدمات ‏العامة في المحافظة
  • عاصفة ترابية وأمطار رعدية.. تفاصيل حالة الطقس غدا الأربعاء
  • حالة الطقس الآن.. بداية تأثير المنخفض الجوي الخماسيني على هذه المناطق
  • محافظ الفيوم ورئيس صندوق التنمية الحضرية يبحثان تعزيز التعاون وتطوير المناطق غير المخططة
  • بعد تحذيرات الأرصاد الجوية.. 11 نصيحة لحمايتك من تقلبات الطقس
  • أمير الباحة يوجّه بتمديد قافلة التنمية الرقمية في مركز يبس بغامد الزناد
  • لمشاركتهم تظاهرات منددة بتردي الخدمات.. مليشيا الانتقالي تختطف العشرات من المحتجين في عدن
  • استمرار عدم الاستقرار الجوي في العراق ودرجات الحرارة ضمن المعدلات