طهران- في خضم التوترات الإقليمية والدولية، تترقب الأوساط السياسية والدبلوماسية الجولة الثانية من المفاوضات حول البرنامج النووي ورفع العقوبات عن إيران، بين طهران وواشنطن، السبت القادم.

وفي السياق، تشدد وزارة الخارجية الإيرانية على أهمية وجود "ضمانات جدية" للوفاء بالالتزامات المتفق عليها، حيث أشار المتحدث باسم الوزارة، إسماعيل بقائي، إلى أن تجارب سابقة اتسمت بغياب التنفيذ رغم الوعود، ما يثير تساؤلات حول مدى جدية الطرف الآخر واستعداداته لإنجاح المفاوضات.

تقول إيران إن الحديث عن الضمانات لا يأتي من فراغ، بل ينطلق من واقع سياسي وتجارب تفاوضية سابقة لم تُترجم فيها التفاهمات إلى خطوات عملية على الأرض.

 

وأدى غياب هذه الضمانات، وفق طهران، إلى تقويض الثقة وتكرار خيبات الأمل، لا سيما بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، وما تبعه من تصعيد متبادل أفقد العملية التفاوضية زخمها.

واليوم، تسعى إيران إلى ألا تكون المباحثات الجديدة مجرد جولة أخرى من الوعود المؤجلة، وإنما فرصة لإرساء أرضية صلبة تضمن تنفيذ أي اتفاق محتمل.

وبهذا الإطار، تبرز "الضمانات" كمطلب أساسي وليس تفصيلا تفاوضيا، وتعتبرها طهران حجر الزاوية في أي تقدم حقيقي، وشرطا لا غنى عنه لإعادة بناء الثقة، وتقول إن المسألة لم تعد مجرد اتفاقات على الورق، بل ترتبط بآليات ملموسة للتحقق والتنفيذ، بما يحدّ من خطر التراجع أو الإخلال بالالتزامات تحت أي ظرف سياسي مستقبلي.

إعلان

وبالتالي، فإن مصير المفاوضات قد يتوقف بدرجة كبيرة على الجواب عن سؤال: هل واشنطن مستعدة لتقديم مثل هذه الضمانات؟ وبأي صيغة؟ لتبديد مخاوف إيرانية متجذرة وتعزيز فرص الوصول لتفاهم مستدام.

أنواع الضمانات

وفي السياق، أوضح الباحث السياسي عرفان بجوهنده، أن الضمانات كما تراها إيران تنقسم إلى نوعين:

أولا: ضمانة تُمكِّن إيران من استعادة قدراتها النووية بسرعة في حال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وذلك لإغلاق نافذة الزمن المتاحة لأي هجوم عسكري أو تهديدات اقتصادية وأمنية تهدف إلى فرض مطالب جديدة. ثانيا: ضمانة تنفيذية تضمن الالتزام ببنود الاتفاق، فمن المرجح وبالنظر إلى وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والكونغرس، أن تطالب طهران بتصديق الاتفاق في الكونغرس ليحظى بطابع قانوني أقوى وضمانة تنفيذية أكبر، ومن جهة أخرى، ترغب في أن تُحلّ قضية "تفعيل آلية الزناد" (العودة التلقائية للعقوبات) من قبل الأميركيين أنفسهم.

وقال بجوهنده للجزيرة نت إن تحقيق البند الأول إلى جانب الثاني يمكن أن يُشكّل ضمانة نسبية لطهران التي تبدو مشكلتها بخصوص عدم الثقة في ضمانات واشنطن، ولهذا السبب تتجه نحو آليات يمكن أن توفر ضمانة نسبية.

ورجح أن تتحرك طهران لاتخاذ خطوات عملية تُمكِّنها من عدم البقاء مكتوفة الأيدي حال انتهاك محتمل للاتفاق، وفي الوقت نفسه ستسعى إلى استخدام آليات قانونية أكثر.

وختم بجوهنده، أن الوضع بين الولايات المتحدة وإيران بخصوص الملف النووي لا يملك خيارا سوى التفاوض، على الأقل في الوقت الراهن، أما خيار الحرب فسيكون كارثيا عليهما وعلى المنطقة.

تطالب إيران بضمانات أهمها تسهيل بيع منتجاتها لاستمرار المفاوضات مع أميركا (رويترز) رفع العقوبات

من جهته، رأى الباحث السياسي علي موسوي خلخالي، أن ما يُفهم من حديث المسؤولين الإيرانيين قولهم: إنهم يريدون بيع بضائعهم بسهولة عبر النظام المصرفي.

إعلان

وأوضح للجزيرة نت أنه إذا أرادت دولة ما شراء النفط من إيران، فإن الأخيرة تتمكن من تحميله من جزيرة خارك على ناقلة نفط، وفي أي ميناء غير خاضع للعقوبات، بمعنى ألا تكون الناقلة والميناء نفسه معاقبين، وأن تستطيع البيع وتلقي الأموال بسهولة مصرفية.

وأضاف أن الضمان الذي تطالب به إيران، يركز على رفع العقوبات بشكل ملموس، وأن تشعر عمليا بأنها قد رُفعت أو خُفِّفت أو تم تعليقها.

وحول إمكانية ثقة طهران بالضمانات هذه المرة، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق السابق، رأى الباحث أن هذا الأمر يعود إلى طبيعة العملية التفاوضية الجارية بين إيران والولايات المتحدة.

وأوضح أنه إذا توصلوا إلى نتيجة خلال هذه المفاوضات، فالسؤال لاحقا سيكون "ما مستوى الاتفاق؟ ومن سيوقع عليه؟ هل سيكون على مستوى الرئاسة أم سيحتاج إلى مصادقة الكونغرس أو مجلس الشيوخ؟".

وخلص إلى أن كل ذلك يعتمد على مسار المفاوضات وكيف ستُختتم؟، وهل يمكن الوثوق بضمانات أميركا؟ ورأى أن هذا كله مرتبط بعامل الزمن، وبالكيفية التي يمكن من خلالها للزمن أن يشكّل العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، وأيضا إلى أي مدى يمكن للعوامل الخارجية للعلاقات الثنائية أن تؤثر على مسار ونتيجة المفاوضات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

تقديرات إسرائيلية بقرب التوصل لاتفاق نووي بين واشنطن وطهران

إسرائيل – أفادت هيئة البث العبرية، يوم الثلاثاء، إن الاستخبارات الإسرائيلية أبلغت المجلس الوزاري الأمني المصغر “الكابينت” بأن واشنطن وطهران “قريبتان جدا” من التوصل لاتفاق نووي، بخلاف تقديرات سابقة.

وذكرت الهيئة (رسمية) أن “الأنظار في إسرائيل تتجه إلى إيران والمحادثات مع الولايات المتحدة” بشأن برنامج طهران النووي.

وأضافت أن تقديرات للاستخبارات الإسرائيلية نُقلت خلال الأيام القليلة الماضية لوزراء كبار في الكابينت تفيد بأن “الولايات المتحدة وإيران قريبتان جدا من التوصل لاتفاق”.

وبحسب التقديرات، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران أصبح “أعلى بكثير من احتمال انهيار المحادثات” الجارية في سلطنة عمان.

وأوضحت الهيئة أن المثير للاهتمام هو تغير التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية، لافتة إلى أنه في الأسابيع الأخيرة الماضية وفي المنتديات الرسمية التي طُرح فيها الموضوع رأت المؤسسة الأمنية أن فرصة التوصل إلى اتفاق بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإيران “ضئيلة”.

وأضافت: “في ظل هذه التطورات، وغيرها من التطورات الأمنية، من المتوقع أن يجتمع الكابينت الأحد المقبل”.

وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ودول أخرى، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.

وتعد إسرائيل الدولة الوحيد في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لراقبة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.

وعقب جولة ثالثة من مفاوضات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة بسلطنة عمان، أعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، السبت، عن ارتياحه حيال “التقدم السريع” في المفاوضات.

وأضاف أن الجانبين أصبحا يناقشان قضايا “أكثر جدية”، لكن “لا تزال هناك خلافات في القضايا والتفاصيل العامة، بعض الخلافات جادة وبعضها أقل جدية”.

وعبَّر عراقجي عن تفاؤله بشأن تحقيق تقدم، مشددا في الوقت نفسه على أن طهران “ستستمر في توخي الحذر الشديد”.

وقبل أيام، استضافت إيطاليا جولة ثانية من المفاوضات، بمشاركة عراقجي والمبعوث الرئاسي الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وانطلقت الجولة الأولى من المفاوضات بسلطنة عمان في 12 أبريل/ نيسان الجاري، ولاقت ترحيبا عربيا، ووصفها البيت الأبيض بأنها “إيجابية للغاية وبناءة”.

وفي عام 2015، وقّعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا اتفاقا مع إيران، فرض قيودا على برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الدولية عنها.

لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى (2017-2021)، انسحب من الاتفاق عام 2018، معتبر أنه “سيئ وغير دائم ولا يتناول برنامج إيران للصواريخ الباليستية”.

وأعاد ترامب فرض عقوبات أمريكية على طهران لإجبارها على إعادة التفاوض من أجل اتفاق موسع، فيما التزمت طهران بالاتفاق لمدة عام بعد انسحاب ترامب، قبل أن تتراجع عن التزاماتها تدريجيا.

 

الأناضول

مقالات مشابهة

  • محادثات إيرانية أوروبية تسبق جولة التفاوض الرابعة مع أميركا
  • اتفاق وشيك بين كييف وواشنطن بشأن المعادن
  • إحباط إسرائيلي من مواصلة أمريكا التفاوض مع إيران والعجز عن وقف ضغوط ترامب
  • تقديرات إسرائيلية بقرب التوصل لاتفاق نووي بين واشنطن وطهران
  • إيران اليوم ليست كما كانت
  • إيران تقترح اجتماعا مع الترويكا الأوروبية في 2 مايو
  • إيران تتحدث عن مستقبل المفاوضات مع أميركا وتنتقد إسرائيل
  • العودة إلى الدبلوماسية.. هل تقود المفاوضات الإيرانية الأميركية لاتفاق جديد؟
  • ترامب: سنتوصل لاتفاق مع إيران دون إسقاط القنابل
  • إسرائيل تسعى إلى التخريب وعرقلة المفاوضات مع إيران