منذ ما يقرب من قرنين من الزمان، كان الحي الصيني في مدينة نيويورك موطنا لقصة كفاح حقيقية؛ حيث يعيش العمال المهاجرون وأسرهم في مساكن متلاصقة وفقيرة ومنخفضة السقوف.
ومن أمثال أولئك العمال الفيتنامي دينيس تشونغ صاحب مطعم "باستر غريل أند نودلز"، الذي يديره منذ نحو 27 عاما، ونجا من العديد من الكوارث مثل تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول 2001، وإعصار ساندس وجائحة كورونا.
والآن، بدأ يتشكل رمز آخر للحالة الأميركية، فعلى الجانب الآخر مباشرة من مطعم تشونغ، بدأ بناء سجن جديد ضخم سيكون الأكبر في العالم؛ ارتفاعه 33 قدما، وهو أطول مؤسسة إصلاحية في العالم وفق ما ذكرت صحيفة "الغارديان" مؤخرا.
وهذا سيخلف "سجن جزيرة ريكرز" الذي يعد من أسوأ السجون سمعة في العالم، وكان مجلس مدينة نيويورك صوّت على إغلاقه عام 2019. ويقول المخططون إن السجن الجديد سيكون "مؤسسة أكثر إنسانية"، وتقع على بعد خطوات من محاكم وسط المدينة.
مجمع سجن جزيرة ريكرز (في المقدمة) في حي كوينز بمدينة نيويورك (رويترز)ويعتبر سجن جزيرة ريكرز أحد أكثر المرافق العقابية جحيما في الولايات المتحدة، ويكفي أن نعلم أن 85% من نزلاء السجن لم تتم إدانتهم بعد وينتظرون المحاكمة، كما يبلغ متوسط احتجاز المعتقلين في المنشأة مدة 4 أشهر (ما يعني 4 أضعاف المعدل الوطني في أميركا)، وانتهى الأمر بعدد كبير من نزلائه بالموت. إذ وجد المحققون أن السجن يتكون من مبانٍ متهالكة وظروف غير صحية وأن حراسه يسيئون معاملة النزلاء بشكل منهجي.
لكن سجن ريكرز ليس أسوأ السجون في العالم وأخطرها فهناك سجون أخرى أشد سوءا وعنفا وخطرا. وفق المواقع المتخصصة مثل "مركز درجة العدالة الجنائية"، "هاو ستاف وورك"، و"بي أس سكولاري":
1- سجن جيتاراما في روانداهو السجن الأكثر ازدحاما في العالم، وهو موطن لأكثر من 7 آلاف سجين في منشأة تم بناؤها لاستيعاب 600 نزيل فقط. ومعظم السجناء مشتبه بهم في ارتكابهم لجرائم الإبادة الجماعية التي وقعت في رواندا عام 1994.
ونظرا للاكتظاظ الشديد، يجبر المساجين من الرجال والنساء على الوقوف حفاة الأقدام على الأرض القذرة طوال ساعات اليوم، مما يتسبب في تعفن أقدامهم وإصابتهم بالغرغرينا.
وفي نهاية المطاف يحتاج كثيرون لعمليات بتر الأطراف، ولكن مع وجود طبيب واحد متفرغ فقط مخصص للسجن، فإن معظم السجناء غير قادرين على تلقي العلاج، ويصبح بتر الطرف المتعفن ترفا صعب المنال، مما يؤدي لوفاة 6 أشخاص كل يوم داخل السجن.
سجن جيتاراما في رواندا الأكثر ازدحاما في العالم وفيه أكثر من 7 آلاف سجين في منشأة تتسع لـ600 نزيل فقط (شترستوك) 2- سجن "إي دي إكس" في أميركايُعرف أيضا بأسماء مثل "إي دي إكس فلورنس" و"سوبر ماكس" و"الكاتريز جبال روكي"، وهو السجن الأشد حراسة في الولايات المتحدة. بني عام 1994 في سفوح جبال روكي بولاية كولورادو الأميركية.
ويضم بعضا من أشهر المتهمين في العالم، بما في ذلك "تيد كاتشينسكي" (المفجر)، و"رمزي يوسف" (المتهم بتفجير مركز التجارة العالمي عام 1993)، وزكريا موسوي (المتهم في تفجيرات 11 سبتمبر/أيلول)، ومايكل سوانجو (الطبيب المتهم بتسميم وقتل 60 من مرضاه) وغيرهم.
ويقضي النزلاء 23 ساعة يوميا في الحبس الانفرادي في زنزانات خرسانية صغيرة مساحتها 7×12 قدما (2×3.6 أمتار) نوافذها صغيرة للغاية، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".
ويحصل السجناء على وجباتهم عبر فتحات صغيرة في الأبواب المعدنية للزنزانات. وعندما يُسمح لهم بالخروج من زنازينهم خلال فترة الترفيه ومدتها ساعة واحدة في اليوم، فإنهم يرتدون القيود، ويرافقهم حراس إلى قفص صغير في الهواء الطلق.
ومن شدة سوء هذا السجن وصفه السجّان السابق "روبرت" بأنه "نسخة مصغرة من الجحيم".
سجن "إي دي إكس" هو السجن الأشد حراسة في الولايات المتحدة (أسوشيتد برس) 3- سجن ميندوزا في الأرجنتينيعاني سجن ميندوزا في الأرجنتين من الاكتظاظ الشديد، حيث يبلغ عدد سكانه 3 أضعاف طاقته الاستيعابية تقريبا. ويتكدس ما يصل إلى 5 نزلاء في زنزانات تبلغ مساحتها 43 قدما مربعا فقط (4 أمتار مربعة)، ويضطر عدد من السجناء للنوم على الأرض بدون مراتب.
وقد نشرت منظمة العفو الدولية "أمنستي" تقريرا عن الظروف الصعبة التي يعاني منها السجناء عام 2005، محذرة من أن "الأشخاص المسجونين في ميندوزا في وضع يائس للغاية لدرجة أنهم ذهبوا إلى حد خياطة أفواههم للمطالبة بظروف معيشية أفضل".
وكانت الظروف وقتها مزرية للغاية، وشملت التعذيب وصولا للموت. ولم تكن لدى السجناء رعاية طبية كافية، وكان السجن يفتقر إلى نظام صرف صحي مناسب، مما اضطر النزلاء لاستخدام الأكياس والقوارير البلاستيكية لقضاء حاجتهم.
برج مراقبة في سجن بلاك دولفين في روسيا وهو مخصص للمجرمين الأكثر خطورة (ناشيونال جيوغرافيك) 4- سجن بلاك دولفين في روسيايقع سجن بلاك دولفين (والمعروف باسم المستعمرة الجزائية رقم 6) بالقرب من حدود روسيا مع كازاخستان. وهو مخصص للمجرمين الأكثر خطورة وعنفا في البلاد، بما في ذلك القتلة المتسلسلون، وأكلة لحوم البشر، ومغتصبو الأطفال، والإرهابيون.
ويحمل اسم "تمثال الدولفين" الذي أنشأه النزلاء ويجلس على العشب أمام مكتب الاستقبال في السجن. وتتم مراقبة السجناء على مدار 24 ساعة عبر الفيديو، ويقوم الحراس بجولات كل 15 دقيقة. ويتم وضع نزيلين في كل زنزانة ومساحتها 50 قدما مربعا (4.6 أمتار مربعة) خلف 3 أبواب فولاذية لإبقائها معزولة جيدا عن الحراس والسجناء الآخرين.
ويُسمح للسجناء بالخروج من زنازينهم 90 دقيقة في اليوم، إلى ساحة تمرين خرسانية قاحلة، وعند نقلهم لأي مكان داخل المنشأة، يتم تقييدهم وعصب أعينهم وإجبارهم على المشي منحنين حتى لا يتمكنوا من معرفة تصميم السجن، أو التفاعل مع السجناء الآخرين أو التغلب على الحراس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی العالم
إقرأ أيضاً:
مراهق حُكم بالسجن عامين.. ولا يزال معتقلاً منذ 18 عاماً
قضى سجين بريطاني أكثر من نصف حياته في السجن، بعدما حُكم عليه قبل 18 عاماً، بالسجن عامين بتهمة إشعاله حريقاً في مبنى فارغ اقتصر على أضرار مادية بقيمة 4 آلاف دولار. لكنه لا يزال حتى اليوم معتقلاً خلف القضبان، لأن القانون الذي حُكم بموجبه قد ألغي.
يأتي ذلك عشية استعداد المُشرعين في المملكة المتحدة يوم الجمعة المقبل، لمناقشة وضع أكثر من 2600 سجين، بمن فيهم السجين ليام بينيت (36 عاماً)، بعد إلغاء القانون الذي حُكموا بموجبه.
تغيّرت.. امنحوني فرصةحُكم على بينيت بالسجن عامين في 2006 بتهمة إضرام حريق، لكن بعد انتهاء فترة محكوميته، لم يبت مجلس الإفراج المشروط بقرار إطلاق سراحه رغم اعتباره شخصاً آمناً.
ورأى بينيت في تصريح لصحيفة "إندبندنت" البريطانية أنه يستحق فرصة للحصول على حريته، والعودة إلى حياته الطبيعية بعدما أصبح محطماً نفسياً.
وقال إنّه ليس بحاجة إلى انتظار إصدار قانون جديد أو تعديل القانون القديم، لأنه حتماً تغيّر كثيراً خلال 18 عاماً، بعدما اقترف جناية عفا عليها الزمن.
حياته تدهورتاستعاد بينيت الكثير من لحظات الانكسار مع مرور الزمن خلال اعتقاله في سجن "رانبي" بمدينة نوتنغهامشير، حيث انخفض وزنه إلى الثلث، وتحوّل من شاب رياضي إلى يائس.
ولفت إلى أنه لا يزال رغم كل هذه السنوات، يعيش يومياً حالات من العنف وتعاطي المخدرات على نطاق واسع، والأخطر المعارك التي يشنها نزلاء جناحه في السجن.
ودعا إلى تغيير جذري في قانون العقوبات لمساعدة السجناء في مثل حالته الذين تركوا ليتعفنوا في السجون.
وندّد برفض الحكومة البريطانية مطالبتها بإعادة محاكمة 2694 سجينا لا يزالون محتجزين بموجب قانون عقوبات ملغى.
وشدّد على أن تأثير الأحكام منتهية الصلاحية على السجناء وعائلاتهم لا يُغتفر، داعيا الحكومة إلى تصحيح خطأها حتى يتمكن السجناء من تحديد تاريخ للإفراج عنهم للعمل من أجله.