50 مليار نبضة قلب.. من مملكة القلوب إلى حضن العرب
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
في لحظة تاريخية جديدة، تجسد عمق الروابط الأخوية المتينة التي تجمع بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، أعلن عن استثمار سعودي ضخم يقدر بـ 50 مليار دولار في أرض الكنانة. هذا الرقم ليس مجرد مبلغ مالي، بل هو نبضة قلب صادقة، ودليل قاطع على أن العلاقة بين البلدين الشقيقين تتجاوز المصالح الاقتصادية البحتة، لتضرب بجذورها عميقًا في تربة التاريخ المشترك والمصير الواحد.
لطالما كانت العلاقة بين الشعبين المصري والسعودي علاقة فريدة من نوعها، مزيجًا من الاحترام المتبادل والمودة الصادقة. تاريخ طويل حافل بالمواقف المشتركة، والمساندة الأخوية في الشدائد والرخاء، شهد على هذا الترابط الوثيق. فمنذ فجر التاريخ الحديث، كانت مصر حاضرة في وجدان القيادة والشعب في المملكة، وكانت المملكة سندًا وعونًا لمصر في مختلف المراحل.
"مملكة القلوب" ليس مجرد لقب، بل هو وصف دقيق لمكانة المملكة في قلوب المصريين. فهم يرون فيها الشقيقة الكبرى، السند القوي، والداعم الذي لا يتوانى عن تقديم العون والمساعدة. هذه المشاعر ليست وليدة اللحظة، بل هي تراكم لتاريخ طويل من المواقف النبيلة التي ترسخت في الذاكرة الجمعية لكلا الشعبين.
وعلى الجانب الآخر، يكن الشعب السعودي لمصر وشعبها محبة وتقديرًا خاصًا. فهم يرون في مصر "حضن العرب"، مهد الحضارات، وقلب العروبة النابض. تاريخ مصر العريق، وثقافتها الغنية، ودورها المحوري في المنطقة، كلها عوامل تزيد من مكانتها في قلوب السعوديين.
هذا الاستثمار الضخم، الذي يأتي في ظل تحديات اقتصادية عالمية، يحمل في طياته رسالة واضحة: أن المملكة العربية السعودية تؤمن بمصر وقدراتها، وتراهن على مستقبلها. إنه تعبير عملي عن الثقة في الاقتصاد المصري، وعن الرغبة الصادقة في دعم مسيرة التنمية والازدهار في "أم الدنيا".
إنها لحظة تبعث على الأمل والتفاؤل في نفوس المصريين. هذا الدعم ليس مجرد دفعة اقتصادية، بل هو تأكيد على أن هناك من يقف بجانبهم، يؤمن بقدرتهم على تجاوز التحديات وتحقيق غد أفضل. إنه بمثابة طاقة إيجابية تدفع بعجلة العمل والإنتاج، وتحفز على بذل المزيد من الجهد لبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة.
في الختام، لا يسعنا إلا أن نتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى قيادة المملكة العربية السعودية، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، على هذا الدعم الكريم الذي يعكس عمق العلاقة الأخوية بين البلدين. ونتضرع إلى الله أن يجعل هذا الاستثمار فاتحة خير وبركة على مصر وأهلها، وأن يديم المحبة والوئام بين "مملكة القلوب" و "حضن العرب" إلى أبد الآبدين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأمير محمد بن سلمان الاستثمارات السعودية في مصر السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود
إقرأ أيضاً:
كيف حُرّف مخطط مملكة داوود المزعومة نبؤات التوراة ضد مصر؟
نجح الإعداد لمخطط مملكة داوود المزعومة، الذي بدأت أولى ملامحه في المؤتمر الصهيوني بمدينة بازل السويسرية عام 1897 بقيادة هارتزول، في تغيير سمات الهوية الدينية والثقافية لشعوب المنطقة العربية بشكل كبير.
هذا التغيير تم عبر أدوات متعددة، أبرزها زرع الجماعات المتطرفة التي أُنشئت بتخطيط من أجهزة الاستخبارات الغربية، لتكون أداة تفكيك داخلي.
وعلى جانب آخر، لعبت الصهيونية البروتستانتية دورًا محوريًا في اختراق بعض مكونات العقل الجمعي للكنائس الشرقية، من خلال أدوات التمويل أو التأثير غير المباشر على القيادات، لكن بقيت الكنيسة المصرية عصية على هذا الاختراق بفضل هويتها الثقافية المتجذرة، ورهبنتها المستقلة المرتبطة بالبيئة المصرية الأصيلة، وهو ما جعلها بعيدة عن التأثر بموجات التغريب البروتستانتي الصهيوني.
كل نبؤات العهد القديم التي بُنيت عليها فكرة مملكة داوود المزعومة، كانت رمزية في أصلها، لكن الفكر الصهيوني المعاصر، لا سيما في صيغته البروتستانتية الأصولية، أعاد توظيف هذه النبوات ضمن مشروع سياسي توسعي يستند على نبوءات مثل إشعياء 19، التي تتحدث عن مصر باعتبارها دولة ستنهار ويجف نهرها، وتتفكك سلطتها وتفقد هويتها.
المثير أن تلك النبوءة استُحضرت مرات عديدة لتبرير محاولات الضغط على مصر، وربط بعض السرديات القديمة بالواقع السياسي الحديث. ووفقًا لما جاء في سفر إشعياء: «فينشف النهر، وتيبس قنوات مصر.. .»، فقد وجد البعض في التغيرات الطبيعية التي مر بها نهر النيل في العهد القديم - حين كانت له سبعة فروع ثم جفّت تدريجيًا - دليلاً على تحقق هذه النبوءة. وتؤكد المصادر التاريخية مثل بردية إيبوير، أن فترات من الجفاف والانهيار الاجتماعي والسياسي ارتبطت بهذه التحولات البيئية، في مشهد يكاد يتطابق مع ما صوّره النص التوراتي. كما وثق هيرودوت في كتابه «التواريخ» هذا التراجع الجغرافي الطبيعي، وأثره على شكل الحكم والنظام الاجتماعي في مصر القديمة.
نفس النمط الفكري وظّف نبوءات خراب دمشق وتفكك العراق، في سرديات دعمت تدخلات سياسية وعسكرية لاحقة، من غزو بغداد إلى تفجير سوريا، تحت لافتة «نهاية الأيام» أو «تطهير الأرض لمملكة الرب». وقد حلّل المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته «الصهيونية والعقيدة اليهودية» هذا الاستخدام السياسي للدين، وكشف كيف يتم قلب الرموز الدينية إلى أدوات سيطرة حديثة.
الدكتور حسن ظاظا، في دراسته المهمة «الدين والسياسة في إسرائيل»، بيّن بوضوح العلاقة البنيوية بين الفكر الديني اليهودي والنشاط السياسي التوسعي لدولة الاحتلال، وكيف يُعاد تأويل النبوءات القديمة لتناسب كل مرحلة سياسية أو عسكرية.
وبهذا يتحرك المشروع الصهيوني داخل بنية ذهنية توراتية، تُفسّر الأحداث من خلال النبوات القديمة، وتُشرعن التدمير والتفكيك باعتباره تنفيذًا لإرادة إلهية، بينما الحقيقة أنه مخطط سياسي صرف، تنفذه أدوات استخباراتية، ويُعبّد له الطريق بخطاب ديني مُضلل.
اقرأ أيضاًسد النهضة.. بوابة مملكة داوود المزعومة
إيران خادمة مملكة داوود المزعومة
سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود المزعومة