في خطوة مهمة نحو العدالة لضحايا النظام القمعي للرئيس الغامبي السابق يحيى جامع، أدين مايكل سانغ كوريا، وهو جندي غامبي سابق، بتهمة التعذيب من قبل محكمة فدرالية في الولايات المتحدة.

جرت المحاكمة في ولاية كولورادو، وتأتي في سياق جهود القضاء الأميركي لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في دول أخرى، وذلك باستخدام قانون نادر الاستخدام.

كان كوريا جزءًا من وحدة عسكرية تُعرف بـ"الجنغلي" (Junglers)، واتهم بالضلوع في تعذيب معارضين مشتبه بهم خلال فترة حكم جامع الذي امتد من عام 1994 حتى هزيمته في الانتخابات عام 2016.

وأسفرت المحاكمة، التي استمرت أسبوعًا في مدينة دنفر، عن إدانته بتعذيب 5 أشخاص على الأقل، بينهم أعضاء بارزون في دائرة جامع الداخلية الذين اختلفوا مع سياساته.

التعذيب تحت إشراف "الجنغلي"

خلال فترة حكم جامع، ارتكب أفراد وحدة "الجنغلي" العديد من الانتهاكات الوحشية بحق المعارضين السياسيين، مثل تعذيب واغتيال العديد منهم بتوجيهات مباشرة من النظام.

ومن بين الأساليب التي استخدموها: الصعق الكهربائي، والحرق، والطعن، والاختناق باستخدام الأكياس البلاستيكية. وقد شهد الضحايا في المحكمة على هذه الممارسات الوحشية، مما جعل المحكمة تصف التعذيب الذي وقع بأنه "مروع وغير إنساني".

التهم الأميركية ونتائج المحاكمة

وصل كوريا إلى الولايات المتحدة في عام 2016 بعد أن هاجر إليها وأقام في دنفر، وفي عام 2019 اعتقل بسبب تجاوز مدة تأشيرة الإقامة.

بعد التحقيقات، تم توجيه التهم إليه في عام 2020 باستخدام قانون يسمح بمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم تعذيب خارج الأراضي الأميركية.

إعلان

أظهرت الأدلة في المحاكمة أن كوريا، إلى جانب رفاقه من الجنغلي، قد تورطوا في عمليات تعذيب ضد معارضين لنظام جامع، سواء كانوا متهمين بمحاولة انقلاب أو منشقين عن النظام.

تمثل محاكمة كوريا سابقة قانونية تاريخية، إذ يُعد أول شخص غير أميركي يُدان بتهمة التعذيب في محكمة فدرالية بناء على قانون صدر في عام 1994.

وكان هذا القانون قد استخدم في السابق فقط ضد مواطنين أميركيين ارتكبوا الجرائم في الخارج.

 

التداعيات الدولية

تأتي إدانة كوريا في وقت حساس لغامبيا التي تمر بمرحلة انتقالية بعد نهاية حكم جامع الذي دام أكثر من عقدين. وأظهرت الأدلة في المحكمة أن كوريا حاول التهرب من مسؤولية جرائمه باللجوء إلى الولايات المتحدة، حيث اختبأ وراء حياة جديدة. وقال ماتيو جاليوتي رئيس قسم الجرائم في وزارة العدل الأميركية "لقد عثرنا عليه، وحققنا معه، وأثبتنا تورطه في هذه الجرائم".

وفي هذا السياق، أضافت سيرّا ندوي رئيسة تحالف المنظمات التي يقودها الضحايا في غامبيا "هذه الإدانة تبعث برسالة قوية مفادها أن مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان لا يمكنهم الهروب من المساءلة، بغض النظر عن مكان ارتكاب جرائمهم".

الآمال في العدالة

في العامين الماضيين، عملت غامبيا على معالجة هذه الانتهاكات من خلال لجنة الحقيقة والمصالحة التي تحقق في جرائم النظام السابق. كما تمت محاكمة بعض المسؤولين في الخارج، مثل وزير الداخلية السابق الذي أدين في سويسرا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

ومع استمرار التحقيقات والمحاكمات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في غامبيا، تبقى آمال الضحايا وأسرهم معلقة على مزيد من المحاسبة الدولية للمتورطين في هذه الجرائم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی عام

إقرأ أيضاً:

100 يوم لترامب.. رئيس "أميركا أولاً" يعيد تشكيل نظام العالم

في أول مئة يوم من عودته إلى البيت الأبيض، قاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة سياسية صاخبة قلبت ملامح النظام العالمي الذي رعته واشنطن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بحسب تحليل أجرته وكالة رويترز استنادًا إلى مقابلات مع أكثر من 12 مسؤولًا حكوميًا حاليًا وسابقًا، ودبلوماسيين ومحللين مستقلين في واشنطن وعواصم عالمية.

خلال هذه الفترة القصيرة، شن ترامب حربًا جمركية واسعة، خفّض المساعدات الخارجية الأميركية، انتقد الحلفاء التقليديين في حلف شمال الأطلسي، وتبنى سرديات روسية بشأن النزاع في أوكرانيا. كما طرح أفكارًا مثيرة للجدل، منها ضمّ جزيرة جرينلاند الدنماركية إلى الولايات المتحدة، وإعادة السيطرة على قناة بنما، بل وتحدث عن تحويل كندا إلى الولاية الأميركية الحادية والخمسين.

اضطراب النظام العالمي

يشير مسؤولون سابقون، مثل إليوت أبرامز الذي خدم في إدارات ريغان وبوش الابن وعُين مبعوثًا خاصًا خلال ولاية ترامب الأولى، إلى أن ترامب بات "أكثر تطرفًا" مما كان عليه قبل ثماني سنوات. ويضيف أبرامز: "لقد فوجئت بالفعل بحدة مواقفه الجديدة".

سياسة "أميركا أولًا" التي ينتهجها ترامب باتت تنفّر الحلفاء وتشجع الخصوم، ما يثير قلقًا دوليًا واسعًا من تداعيات قد يصعب تداركها لاحقًا حتى لو عاد رئيس أكثر تقليدية إلى السلطة في 2028.

التوتر الداخلي في الولايات المتحدة أضاف إلى هذا القلق، مع مؤشرات متزايدة على تراجع ديمقراطي، تمثلت في الهجمات اللفظية ضد القضاء، ضغوط على الجامعات، وحملات ترحيل صارمة وصلت إلى نقل مهاجرين إلى سجون سيئة السمعة مثل تلك الموجودة في السلفادور.

حلفاء يراجعون حساباتهم

الدول الأوروبية، التي طالما اعتمدت على المظلة الأمنية الأميركية، بدأت بالفعل بتعزيز صناعاتها الدفاعية، تحسبًا لاحتمال تراجع الالتزام الأميركي تجاه حلف شمال الأطلسي. وفي آسيا، أثارت تصرفات ترامب نقاشات داخل كوريا الجنوبية حول تطوير برنامج نووي محلي، بينما تسعى كندا لإعادة ضبط علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع أوروبا، وسط تراجع الثقة بواشنطن كشريك موثوق.

وفي استطلاع أجرته رويترز/إبسوس، أشار أكثر من نصف الأميركيين إلى أن ترامب يبدو "مرتبطًا بشدة" بروسيا، وهي نسبة تشمل واحدًا من كل خمسة جمهوريين.

الخطاب التوسعي ومخاطر المواجهة

بأسلوبه المثير للجدل، طرح ترامب خططًا لضم جرينلاند، وهاجم كندا، وهدد بالسيطرة على قناة بنما، وألمح إلى تحويل غزة إلى منتجع سياحيK تحركات يرى فيها المحللون ملامح إحياء لنهج تقسيم مناطق النفوذ على غرار الحرب الباردة، وهو ما قد يشجع قوى كبرى مثل الصين على خطوات عدائية، خصوصًا تجاه تايوان.

وقد عبرت رئيسة وزراء الدنمارك مته فريدريكسن عن قلق بالغ تجاه هذه التوجهات، مؤكدة أن الضغط الأميركي يمس أساسات النظام العالمي الذي تم بناؤه عبر عقود.

عالم يعيد ترتيب أوراقه

في مواجهة السياسات الأميركية المرتبكة، كثفت دول مثل ألمانيا وفرنسا إنفاقها العسكري، بينما بدأ الاتحاد الأوروبي بوضع خطط لفرض رسوم جمركية مضادة. في الوقت نفسه، تحاول دول مثل إسبانيا تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الصين، التي تستغل هذا الفراغ لتعزيز دورها العالمي.

ويحذر الدبلوماسي الأميركي المخضرم آرون ديفيد ميلر من أن الأضرار التي تلحق الآن بالعلاقات الأميركية الدولية قد تكون عميقة، مضيفًا أن "ما يحدث لم يتجاوز بعد نقطة اللاعودة، لكنه يهدد بإحداث شروخ يصعب إصلاحها".

هل هناك مجال للتراجع؟

رغم تصاعد التوترات، يرى بعض المحللين أن المجال لا يزال متاحًا أمام ترامب لتغيير مساره، خصوصًا إذا اشتدت الضغوط عليه من داخل الحزب الجمهوري القلق على مصير الانتخابات التشريعية المقبلة. ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة من أن استمرار هذه السياسات سيجعل من مهمة أي رئيس أميركي لاحق مهمة شاقة لإعادة بناء الثقة وترسيخ النظام العالمي التقليدي.

مقالات مشابهة

  • منظمة ‏Global Justice‏ ‏تكرم في دمشق سفير الولايات المتحدة الأمريكية ‏لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب ‏
  • تركيا.. عشرات الاعتقالات بتهمة التلاعب في البورصة
  • كوريا الجنوبية: مقتل نحو 600 جندي كوري شمالي في صفوف الجيش الروسي
  • نصف مليون جندي و8 ملايين طن من القنابل.. لماذا هُزمت أميركا في فيتنام
  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • نصف مليون جندي و8 ملايين طن من القنابل.. لماذا هُزمت أميركا في فيتنام؟
  • حبس وزير كويتي سابق سنتين بتهمة الكسب غير المشروع
  • 100 يوم لترامب.. رئيس "أميركا أولاً" يعيد تشكيل نظام العالم
  • رئيس "أميركا أولا" يقلب "النظام العالمي" ويثير قلق الحلفاء
  • إحالة البلوجر سوزي الأردنية إلى المحاكمة الجنائية بتهمة نشر أخبار كاذبة