دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في أوائل التسعينيات، خلال أول يوم عمل له بمطعم فاخر، ُطلب من الطاهي المبتدئ آنذاك، سيمون روغان، الخروج من الباب الخلفي للمطبخ. وكان في انتظاره، وسط الزقاق الضيق، صندوقًا مليئًا بأصداف المحار وقطعة من ورق الصنفرة.

وروى روغان لـCNN أنّ الطاهي "أراد مني استخدام ورق الصنفرة لتسوية قشرة المحار بحيث يمكن وضعها بشكل مستوٍ على الطبق".

وتابع: "لقد كان محارًا صخريًا، أي حادًا للغاية"، مشيرا إلى أن يديه جرحتا بشكل كبير خلال هذه العملية.

بمجرد الانتهاء من تلك المهمة الأولى المؤلمة، سرعان ما كُلف الشيف البريطاني، في العشرينيات من عمره حينذاك، بمهمة روتينية أخرى - وهي عصر صندوق كامل من ثمار الليمون.

ويتذكر روغان التجربة المؤلمة التي اختبرها قائلا: "كانت يداي تحترقان بعصير الليمون الذي غطى جميع الجروح. لقد استغرق الأمر حوالي ثلاثة أسابيع حتى تعافيتا".

يعتقد الطاهي سيمون روغان أن التغيير في ثقافة المطبخ قد تأخرCredit: Maggie Hiufu Wong/CNN

ويضيف: "عندما أفكر في الأمر الآن، أُيقن أنها (الاختبارات) كانت بمثابة تمهيد للمطبخ، وأنّ هذا ما ينتظرك، وأنه عليك استحقاق مكانك".

ولم تردع هذه الظروف الوحشية الطاهي الشاب، إذ كانت مجرد جزء عادي من عالم المطبخ حيث "البقاء للأقوى"، في تلك الأيام. ورغم كونها مرهقة، إلا أن تجارب روغان تعكس العديد من الصور السلبية للمطابخ التي ظهرت في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية أخيرًا.

سلطت البرامج التلفزيونية والأفلام الجديدة، مثل فيلم الكوميديا السوداء "The Menu" (قائمة الطعام) الصادر عام 2022، التي تصوّر هذه القصص الخيالية لمطابخ مثيرة للقلق، يديرها طهاة مستبدّون يتحكّمون في الموظفين المرهقين، حيث الصراخ والفوضى والتلاعب، هي القاعدة.

ومن ناحية أخرى، بقيت برامج تلفزيون الواقع التي تمجد ثقافة المطبخ العنيف والسام، مثل برنامج "Hell’s Kitchen"، تأسر الجماهير لسنوات عديدة.

وكما يقال "لا يوجد دخان من دون نار"، وبعيدًا عن الكاميرات، يبدو أن هذه الصور الدرامية ليست بعيدة عن الواقع. وخلال السنوات الأخيرة، واجهت الصناعة موجة من التحقيقات التي تسلط الضوء على الانتهاكات المزعومة وحكايات الاستغلال داخل المطابخ في جميع أنحاء العالم.

على سبيل المثال، في وقت سابق من هذا العام، تحدّث العشرات عن تعرضهم للمضايقات وسوء المعاملة من قبل الطاهية الأمريكية الشهيرة، باربرا لينش، صاحبة مطعمي مدينة بوسطن البارزين Menton وNo. 9 Park، حيث ادّعى البعض أنهم تعرّضوا للتهديد بالسكاكين والتحرش الجنسي. وقامت لينش بنفي هذه الاتهامات.

كما تعرضت مطاعم في كوبنهاغن لانتقادات شديدة بعد الكشف الذي نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" عام 2022، الذي تناول قصصًا مروعة يُزعم أنها حدثت في مطابخ المدينة. ويتذكر أحد الموظفين تعرّضه للحرق من طريق الخطأ بسبب سكب قهوة الساخنة، وادّعى أنه لم يُسمح له بالذهاب إلى المستشفى لتلقي العلاج أثناء مناوبته.

لكن وسط العديد من التصريحات عن احتضار المطاعم الفاخرة، يشعر روغان بالتفاؤل بشأن مستقبل الصناعة ويقول إنّ التغييرات الإيجابية تحدث حاليا.

لماذا يعد الآن أفضل وقت كي تصبح طاهيا؟ يعتقد روغان، الذي يظهر في مزرعته في قرية كارتميل، إنجلترا، أنه لم يكن هناك وقت أفضل للانضمام إلى صناعة المطاعم.Credit: Courtesy Simon Rogan

بحسب روغان، فـ"قد تغيرت الكثير من الأمور. أعتقد أن تلك الأيام (التي كنت أتقبل فيها هذه السلوكيات) قد ولّت، وهذا صحيح".

ويضيف: "الأجور جيدة وأصبحت ظروف العمل أفضل بكثير. هذه الأفلام والمسلسلات مسلية، لكنها لا تعكس صورة حقيقية عمّا يحدث في الصناعة هذه الأيام".

اليوم، بعد مرور 4 عقود على بدء حياته المهنية كطاهٍ، أصبح روغان واحدًا من أكثر الطهاة تأثيرًا في العالم.

ويملك روغان 9 مطاعم - والعدد إلى ازدياد - حول العالم، ضمنًا مطعم L'Enclume الحائز على ثلاث نجوم ميشلان في قرية كارتميل بإنجلترا، ومطعم Roganic Hong Kong الحائز على نجمة ميشلان.

يعترف روغان بأن التطور عبارة عن مسار وأنه لم يكن في أفضل حالاته دومًا، داخل المطبخ.

ويتذكر قائلاً: "لقد كنت متوتراً بعض الشيء".

حصل مطعم L'Enclume في قرية كارتميل بإنجلترا على النجمة الثالثة من دليل ميشلان في عام 2022.Credit: Courtesy Simon Rogan

ويضيف: "لقد بعت كل ما أملك - منزلي وأريكتي، وقطتي - لافتح L'Enclume. عندما تفعل ذلك، فأنت لا تريد سوى الأفضل للوصول إلى المكان الذي تطمح إليه. كانت هناك أيام لم أعامل فيها الناس كما ينبغي، ليس بقوة أو عنف، ولكن فقط بشكل فظ. ربما لا تتحدث مع الناس بشكل لائق في بعض الأحيان، أو تنسى أن تتمنى لهم يوما سعيدا".

ومع تفاقم ضغوط العمل، بدأ يخسر الناس.

لذا، خلال السنوات التي تلت ذلك، أصبح بناء مجموعة مطاعم صحية جزءًا من فلسفة روغان.

ومن أساليبه لرفع الروح المعنوية تقديم أسبوع عمل أقصر للموظفين.

وتعد مؤسساته في المملكة المتحدة بين المطاعم الفاخرة القليلة في العالم التي تحتضن أسبوع عمل مدته ثلاثة أيام ونصف اليوم. وقد يكون مطعمه في هونغ كونغ المكان الراقي الوحيد في المدينة الذي يقدم أسبوع عمل مدته أربعة أيام.

ويضيف: "ساعات اليوم لا تزال طويلة. لكن عوض العمل بين 70 و80 ساعة أسبوعيًا، أصبح العمل حوالي 48-52 ساعة أسبوعيًا. يقول روغان: "يحصل (الطاهي المبتدئ) في موقعنا الريفي على حوالي 30 ألف جنيه إسترليني [سنويًا] (38155 دولارًا أمريكيًا)". 

وكان متوسط ​​الراتب في المملكة المتحدة 33 ألف جنيه إسترليني عام 2022. وكان متوسط ​​راتب الطهاة في ذلك العام 23،784 جنيهًا إسترلينيًا.

ويضيف أنه بالإضافة إلى يوم ونصف يوم إضافي من الراحة خلال أسبوع العمل العادي، يشعر الموظفون بالانتعاش التام خلال عملهم في المطاعم.

ويقول روغان إنه يحاول أيضًا خلق جو عمل محبب للموظفين.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: إنجلترا مطاعم عام 2022

إقرأ أيضاً:

الاستعدادات النهائية لانطلاق مهرجان الفيوم السينمائي الدولي الأول لأفلام البيئة

تجرى حاليا بأحد الفنادق على ساحل بحيرة قارون الاستعدادات النهائية لانطلاق مهرجان الفيوم السينمائي الدولى الأول لأفلام البيئة والفنون المعاصرة  .

فعاليات المهرجان 

كان  الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، قد اعلن انتهاء  الاستعدادات لانطلاق مهرجان الفيوم السينمائي الدولي الأول لأفلام البيئة والفنون المعاصرة، الذي يعقد خلال الفترة من 25 إلى 30 من شهر نوفمبر الحالى ، بمشاركة 16 دولة عربية وأجنبية، كأول مهرجان للسينما على أرض الفيوم يهدف لتطوير البيئة الثقافية، ووضع المحافظة على خريطة الإنتاج الثقافي السينمائي التي تهتم بالبيئة والفنون المعاصرة، كما سيتم انطلاق فعاليات مهرجان تونس للخزف والفخار والحرف اليدوية  بالتزامن مع مهرجان الفيوم السينمائي. 

وأشار محافظ الفيوم، إلى أن المحافظة مقبلة على خطوة غير مسبوقة فى مجال سينما البيئة والفنون المعاصرة، من خلال تنظيم حدث ثقافي كبير على أرضها ممثلاً في "مهرجان الفيوم السينمائي الدولي الأول لأفلام البيئة والفنون المعاصرة، لافتاً إلى أن المهرجان يأتي في إطار التعاون بين محافظة الفيوم ووزارات البيئة، والسياحة والأثار، والثقافة، وجامعة الفيوم، وعدد من المؤسسات والشركات المهتمة بالثقافة والفنون، بهدف جذب أهم نجوم السينما من مصر ومختلف الدول العربية والأجنبية، في إطار الترويج السياحي لمقومات المحافظة السياحية والأثرية ووضعها على خريطة السياحة العالمية.

وشدد المحافظ، على رؤساء مجالس المدن، ومسئولي الطرق وغيرهم من مسئولي القطاعات ذات الصلة، ببذل المزيد من الجهود وحشد كافة الإمكانيات خلال الأيام القليلة القادمة، لإظهار الفيوم بالمظهر الحضاري اللائق أمام ضيوفها الوافدين إليها من مختلف الدول العربية والأجنبية، المشاركين بمهرجان الفيوم السينمائي الدولي الأول لأفلام البيئة والفنون المعاصرة، مؤكداً أن نجاح هذا المهرجان سيحسب للجميع وليس لفئة دون غيرها، وهذا النجاح يحقق الأهداف المرجوة للمهرجان والتى ستسهم بمشاركة أكبر للدول خلال الدورات القادمة له، بما يساعد فى الترويج السياحى للمحافظة، والحفاظ على المحميات الطبيعية والبيئية في مصر والوطن العربي، وإلقاء الضوء على تلك المحميات واستخدامها كأماكن تصوير مفتوحة للسينما العالمية.

وأوضح محافظ الفيوم، أنه سيتزامن مع  فعاليات مهرجان الفيوم السينمائي الدولي الأول لأفلام البيئة والفنون المعاصرة، انطلاق فعاليات مهرجان تونس للخزف والفخار والحرف اليدوية والذى يستمر على مدى أيام المهرجان السينمائي، وكذلك سيتم افتتاح معرض الكاريكاتير بقرية تونس السياحية، بجانب عرض لتجربة النقل الآمن داخل القرية، فضلاً عن الفعاليات الرئيسية للمهرجان السينمائي والتى تشمل عرض أفلام الدول المشاركة المهتمة بشأن البيئة والفنون المعاصرة، سواء الأفلام الطويلة المنتجة في نفس العام.

 

 كما يشمل مسابقة للأفلام الطويلة "درامي وثائقي"، ومسابقة للأفلام القصيرة "درامي وثائقي، إضافة إلى بانوراما الفيلم المنتج عربياً وعالمياً، بجانب دراسة وتحليل محتوى الأفلام المعروضة، وإقامة العديد من الندوات وورش العمل والدورات التدريبية.

و استعرض مدير مهرجان الفيوم السينمائي الدولى الأول لأفلام البيئة والفنون المعاصرة، أجندة المهرجان وجدول أعماله، خلال الفترة من 25 إلى 30 من شهر نوفمبر الجاري، بمشاركة 16 دولة عربية وأجنبية، يمثلون قارات أفريقيا وآسيا وأوربا وأمريكا، والذي يأتى نتاج جهد على مدار عامين من خلال التعاون البناء والمثمر مع محافظة الفيوم، مشيراً إلى أنه تقدم للمهرجان 150 فيلماً، وسيتم عرض 55 فيلماً منهم خلال الفعاليات، منهم 8 أفلام طويلة، و27 فيلماً قصيراً، و 20 فيلماً لطلاب الجامعة، وعلى هامش المهرجان يتم تنفيذ 5 ورش عمل لطلاب جامعة الفيوم، بواقع ورشتي عمل لصناعة الفيلم وكتابة السيناريو والإخراج، وورشتين لإعادة تدوير المخلفات، وورشة للأطفال، بجانب مسابقة للرسم للفنون البصرية لعدد من الفنانين المشاركين بالمهرجان، ومسرح للعرائس بمكتبة الطفل بالفيوم.

1000021886 1000021885 1000021884 1000021883 1000021880 1000021882

مقالات مشابهة

  • الاستعدادات النهائية لانطلاق مهرجان الفيوم السينمائي الدولي الأول لأفلام البيئة
  • «التضامن»: الدولة قدمت دعما واسعا لتهيئة البيئة الإبداعية للمبتكرين
  • نجمة Home Alone تصدم الجميع بشكلها الجديد..تبدو مختلفة تمامًا
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • ما الذي يحدث في السعودية؟.. أكثر من 19 ألف موقوف خلال أسبوع
  • صون البيئة واستدامتها
  • «البيئة»: مصر تستضيف مؤتمر الأطراف الـ24 خلال ديسمبر 2025
  • وزارة البيئة: مصر تستضيف مؤتمر الأطراف الـ 24 خلال ديسمبر 2025
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • الدوما : الناتو يحارب روسيا وسيتم الرد على ذلك بشكل أقوى