الحساب الجاري نحو توازن مستدام.. 3 مليارات ريال فائض الميزان التجاري لسلطنة عمان
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
مساهمة السلع غير النفطية تمثل نحو 30% من إجمالي التصدير وإعادة التصدير خلال 2021 و2022
توازن الحساب الجاري وميزان المدفوعات من العوامل المؤثرة على عديد من الجوانب المالية والنقدية ومن بينها ثبات واستقرار العملات الوطنية
من المرجح تحقيق فائض مالي للميزانية على المدى المتوسط بفضل الإيرادات النفطية ومبادرات الضبط وترشيد الإنفاق
مع الارتفاع الجيد في حجم الصادرات النفطية وغير النفطية مقارنة مع حجم الواردات، حقق الميزان التجاري لحركة الصادرات والواردات بين سلطنة عمان والعالم فائضا يقترب من 3 مليارات ريال عماني خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، والتي شهدت تبادلا تجاريا بين سلطنة عمان والعالم بحجم يتخطى 15 مليار ريال عماني من الصادرات والواردات.
وتقدم مستويات الفائض التجاري التي تحققت خلال العامين الماضيين وما صاحبها من نمو في الإيرادات العامة دعما ملموسا للحساب الجاري لسلطنة عمان والذي سجل فائضا في عام 2022 للمرة الأولى منذ عام 2014، وفي ظل الزيادة المستمرة في حجم الصادرات، وخاصة غير النفطية التي تعد مصدرا أكثر استدامة للنمو الاقتصادي والعائدات، من المتوقع أن يستمر الحساب الجاري في تحقيق فوائض على المدى المتوسط ويعزز ذلك استمرار إجراءات الضبط المالي والإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها سلطنة عمان للوصول للاستدامة ماليا واقتصاديا.
وتشير الإحصائيات إلى أن فائض الميزان التجاري سجل 4.7 مليار ريال عماني في عام 2021، وتجاوز 10 مليارات ريال عماني خلال العام الماضي؛ نظرا لارتفاع عائدات تصدير النفط وصعود حثيث في مساهمة الصادرات غير النفطية والتي بلغت نحو 3 مليارات ريال عماني في 2020 وزادت إلى 5.2 مليار ريال عماني خلال 2021 ثم قفزت إلى 7.4 مليار ريال عماني بنهاية العام الماضي، وخلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، سجلت الصادرات غير النفطية تراجعا نسبيا لكنها ظلت عند مستوى جيد مع بلوغها 2.7 مليار ريال عماني من إجمالي صادرات نفطية وغير نفطية بنحو 9.1 مليار ريال عماني حتى نهاية مايو الماضي.
وضمن التوجهات نحو التنويع الاقتصادي والوصول للاستدامة المالية والاقتصادية في الخطة الخمسية العاشرة، ساهمت جهود دعم المنتجات الوطنية خاصة في قطاع الصناعة وفتح الأسواق العالمية أمام تصدير المنتجات المحلية في زيادة ملموسة في حجم الصادرات غير النفطية، وبشكل متزامن تشهد سلطنة عمان توجهات استراتيجية مهمة تعزز نمو القطاعات غير النفطية منها الاهتمام بالتوسع في استخدام المحتوى المحلي وتوسعة دور العديد من القطاعات الخدمية مثل المالية والسياحة بهدف خفض العجز في ميزان الخدمات.
وترصد الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات ارتفاع مساهمة الصادرات غير النفطية إلى نحو 30 بالمائة من إجمالي أنشطة التصدير وإعادة التصدير خلال عامي 2021 و2022، وفي الوقت ذاته شهد حجم العائدات من صادرات النفط زيادة جيدة خلال العامين الماضي والحالي. وأدت جملة هذه التطورات إلى التحول من وضع العجز إلى الفائض في عدد من جوانب المركز المالي للدولة، حيث اتجه فائض الميزان التجاري لمستوى قياسي خلال عام 2022، وارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وبعد سنوات عديدة من عجز الميزانية، تحول رصيد المالية العامة إلى فائض بلغ 7,5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في 2022، وخلال الربع الأول من العام الجاري بلغ فائض الميزانية العامة نحو 520 مليون ريال عماني وهو ما يقترب من نسبة 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان خلال الربع الأول من العام الجاري والذي سجل 10.4 مليار ريال عماني مقوما بالأسعار الجارية، فيما تشير التوقعات إلى أنه من المرجح أن يستمر تحقيق فائض مالي للميزانية على المدى المتوسط بفضل المستوى الجيد للإيرادات النفطية وتوالي مبادرات وإجراءات ضبط المالية العامة وترشيد الإنفاق العام وتعزيز العائدات من المصادر غير النفطية وفقا لمستهدفات الخطة المالية متوسطة المدى التي يجري تنفيذها بنجاح منذ 2020. وقد ساهمت هذه التطورات في تحقق التوقعات الخاصة باستمرار التحسن في الحساب الجاري والذي يعد مكونا أساسيا في ميزان المدفوعات للدولة ويقيس إجمالي حجم التعاملات والتدفقات من وإلى الدولة، وكلما كانت التدفقات إلى الداخل أعلى من التدفقات إلى الخارج، يميل الحساب الجاري وميزان المدفوعات لصالح الدول، وفيما تعزز الصادرات من النفط والسلع من فائض الحساب الجاري، قد يظل يواجه ضغوطا من قطاعات أخرى مثل الخدمات والتحويلات النقدية لأرباح الشركات والقوى العاملة الوافدة للخارج.
وكانت وكالة ستاندرد آند بورز قد توقعت ارتفاع العائدات العامة لسلطنة عُمان على المدى المتوسط، واستمرار الميزانية العامة للدولة والحساب الجاري في تحقيق فوائض مالية حتى عام 2024، ما سيؤدي إلى نتائج إيجابية منها استمرار تحقيق فائض في الحساب الجاري، والذي كان قد سجل عجزا بلغ نحو 4.9 بالمائة و16.2 بالمائة خلال عامي 2021 و2020 على التوالي، ضمن التراجع الذي شهده الوضع المالي للدولة قبل بدء تنفيذ خطة التوازن متوسطة المدى التي استهدفت الحد من المخاطر التي نتجت عن انخفاض النفط وتفشي الجائحة، كما جاء تنفيذ الخطة الخمسية والرؤية المستقبلية بتحولات جذرية في توجه سلطنة عمان نحو النمو المستدام. ويعد توازن الحساب الجاري وميزان المدفوعات من العوامل المؤثرة على عديد من الجوانب المالية والنقدية ومن بينها المركز المالي للدولة وثبات واستقرار العملات الوطنية، وفي سلطنة عمان وفي ظل نظام الصرف الثابت للريال العماني والارتباط مع الدولار، تتأثر الأوضاع النقدية والائتمانية بالتغيرات التي تطرأ على الطلب على الائتمان والنقود، كما يعد الفائض أو العجز في ميزان المدفوعات عاملا يؤثر على مقدار النقد الاحتياطي وصافي الأصول لدى البنك المركزي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الصادرات غیر النفطیة ملیار ریال عمانی المیزان التجاری من العام الجاری الحساب الجاری فائض المیزان ملیارات ریال سلطنة عمان من إجمالی
إقرأ أيضاً:
فائض ميزانية جنوب أفريقيا يصل إلى 1.33 مليار دولار في فبراير
شهدت جنوب أفريقيا تحولا ماليا ملحوظا مع بداية العام المالي 2025، حيث سجّلت الحكومة فائضا في الميزانية بلغ 24.22 مليار راند (حوالي 1.3 مليار دولار أميركي) في فبراير/شباط الماضي.
ويمثل هذا الرقم خطوة إيجابية نحو تحسين الأداء الاقتصادي للبلاد بعد فترة طويلة من العجز المالي الكبير.
ونستعرض في هذا التحليل العوامل التي ساهمت في تحقيق هذا الفائض وتداعياته المحتملة على اقتصاد جنوب أفريقيا.
تحسن إيرادات الضرائب وضبط الإنفاق الحكوميتحقّق الفائض في فبراير/شباط الماضي نتيجة لعدة عوامل رئيسة، أبرزها تحسن الإيرادات الضريبية التي تعود إلى استقرار النشاط الاقتصادي في بعض القطاعات وتحسين كفاءة جمع الضرائب.
في الوقت نفسه، تم ضبط الإنفاق الحكومي، حيث تراجعت بعض التكاليف غير الضرورية، وهذا سمح بتقليص العجز وتحقيق الفائض.
وتؤكد هذه التحولات التزام الحكومة بسياسات مالية أكثر صرامة، مع التركيز على تحقيق الاستدامة المالية بعيدا عن الاعتماد المفرط على الاقتراض، وهذا يُحسن الوضع المالي العام للدولة على المدى الطويل.
دلالات الفائض الماليرغم هذا الفائض، تواجه جنوب أفريقيا العديد من التحديات الاقتصادية المستمرة.
من أبرزها ارتفاع معدلات البطالة التي تؤثر سلبا على الاستهلاك والنمو الاقتصادي، بالإضافة إلى تباطؤ بعض القطاعات الحيوية مثل قطاع الطاقة، وهذا يعيق جهود الانتعاش الشامل.
إعلانومع ذلك، يعد الفائض مؤشرا إيجابيا على أن الحكومة بدأت في تصحيح مسارها المالي، حيث تُعتبر إدارة الإيرادات بشكل أكثر كفاءة خطوة ضرورية نحو تحسين الأداء الاقتصادي ككل.
العجز السابق وتأثيرات الفائض على التصنيف الائتمانيقبل هذا الفائض، سجّلت الحكومة الجنوب أفريقية عجزا ماليا هائلا في يوليو/تموز 2023 بلغ -143.76 مليار راند نتيجة لضغوط اقتصادية مثل تباطؤ النمو وارتفاع الإنفاق على الخدمات العامة.
من خلال هذا الفائض، يمكن أن تعيد الحكومة الثقة إلى الأسواق المالية، وهذا قد يعزز التصنيف الائتماني للبلاد.
إن تحقيق فائض في الميزانية قد يقلل من تكلفة الاقتراض، وهذا يساعد في تخفيف عبء الدين العام ويعزز قدرة الدولة على تمويل مشاريع التنمية طويلة الأجل.
إذا استمر هذا الاتجاه، قد تتحسن التصنيفات الائتمانية، وهذا يعزز الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
رغم أن الفائض المالي يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، تبقى الإصلاحات الهيكلية ضرورية لضمان استدامة النمو.
إصلاحات سوق العمل، وتطوير البنية التحتية للطاقة، وزيادة الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية هي من أبرز الإصلاحات التي يحتاجها الاقتصاد الجنوب أفريقي في المرحلة المقبلة.
فإذا تمكّنت الحكومة من تحقيق هذه الإصلاحات، مع الحفاظ على الانضباط المالي، فإن جنوب أفريقيا قد تستعيد مكانتها كقوة اقتصادية رائدة في المنطقة.
ويشير الفائض المالي في فبراير/شباط الماضي إلى تحسن تدريجي في إدارة الموارد المالية، رغم التحديات الاقتصادية القائمة.
ويبقى هذا الفائض مؤشرا على قدرة الحكومة على ضبط الإنفاق وتحقيق التوازن المالي، وهذا يعزز الأمل في تحسين الوضع الاقتصادي في المستقبل.