هل تبيع الصين سندات الخزانة الأميركية للرد على الرسوم الجمركية؟
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
تشهد الأسواق العالمية حالة من الترقب والقلق في أعقاب تقلبات حادة في سوق السندات الأميركية، تزامنًا مع تراجع ملحوظ في الحيازات الرسمية الصينية من سندات الخزانة، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت بكين قد بدأت فعلًا ببيع هذه السندات كرد فعل على التصعيد الجمركي الأميركي الأخير.
ورغم غياب الأدلة القاطعة، تشير تحليلات اقتصادية إلى احتمال أن تكون الصين قد استخدمت أدواتها المالية للضغط على واشنطن، في وقت أعلن فيه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عن حزمة رسوم جمركية تصل إلى 145% على الواردات الصينية، ما أدى إلى هزة عنيفة في الأسواق العالمية.
حسب محللين في "غولدمان ساكس" و"SMBC Nikko Securities"، قد يكون هذا التحرك من الصين بمثابة إجراء انتقامي في سياق الحرب التجارية الممتدة، بينما يرى آخرون أن الأمر لا يعدو كونه جزءًا من استراتيجية إعادة هيكلة المحافظ المالية وتقصير آجال الاستحقاق، وهو ما تؤكده تحركات العائدات في الطرف الطويل من منحنى السندات.
ويقول أتارو أوكومورا، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة بطوكيو: "إذا كانت الصين تبيع فعلًا، فذلك يعني أنها لا تتردد في التأثير على استقرار الأسواق العالمية لتحسين موقفها التفاوضي".
الغموض يكتنف الأرقام الحقيقيةتشير بيانات وزارة الخزانة الأميركية إلى انخفاض مستمر في الحيازات الصينية إلى أدنى مستوياتها منذ 2011، إلا أن تعقيد نظام الحفظ باسم طرف ثالث – مثل بلجيكا – يجعل من الصعب التحقق من الأرقام الفعلية، ما يفتح الباب واسعًا أمام التكهنات.
وتبلغ الحيازات الرسمية المعلنة للصين نحو 700 مليار دولار، ويقدّر خبراء "جي بي مورغان" أن بيع 300 مليار دولار فقط منها قد يرفع عائدات سندات الخزانة لأجل خمس سنوات بنحو 33 نقطة أساس.
ردود متباينة من السوق والمحللينفي المقابل، يقلل محللون مثل كريستوفر وود من احتمالية إقدام بكين على البيع المباشر كإجراء انتقامي، مرجحين أن ما جرى هو نتيجة تفكك صفقات موازنة استخدم فيها مستثمرون أدوات مالية عالية الرافعة، ما دفعهم إلى عمليات بيع قسرية.
في حين يرى خبراء من "سيتي غروب" أن الصين قد تدرس تصفية بعض الأصول المقومة بالدولار ضمن حسابات استراتيجية بعيدة المدى، وسط مؤشرات متزايدة على إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية العالمية.
سندات الخزانة لم تعد ملاذًا آمنًا؟لطالما اعتُبرت سندات الخزانة الأميركية ملاذًا آمنًا خلال الأزمات، غير أن الارتفاع الأخير في عائداتها، رغم تفاقم المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية، أثار تساؤلات حول مستقبلها كأداة استثمارية موثوقة.
ويقول غوستاف هيلغيسون، استراتيجي الاقتصاد الكلي في "SEB": "التقلبات الأخيرة تعكس حالة من عدم اليقين، والتكهنات ببيع الصين للسندات تعزز من المخاوف بشأن استقرار السوق الأميركي".
في الانتظار حتى يونيومن المتوقع أن تعلن الصين بيانات احتياطاتها من النقد الأجنبي في 7 مايو، بينما سيتم الكشف تدفقات المحافظ المالية الأميركية في 18 يونيو، وهو ما قد يوفر مؤشرات أكثر وضوحًا حول تحركات بكين في سوق السندات.
ومع ذلك، تظل فرضية أن الصين قد استخدمت أدواتها المالية كورقة ضغط ضد الولايات المتحدة قائمة، في ظل تصاعد الحرب التجارية وتجدد الشكوك حول موثوقية السندات الأميركية كملاذ آمن عالمي.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الصين الولايات المتحدة سندات الخزانة الأميركية الحرب التجارية الرسوم الجمركية دونالد ترمب السوق المالي الخزانة الأميركية غولدمان ساكس جي بي مورغان سيتي غروب أدوات مالية الدولار الأسواق العالمية العائدات الملاذ الأمن السياسة النقدية العلاقات الاقتصادية الاحتياطات الأجنبية الاقتصاد العالمي
إقرأ أيضاً:
وسط تضارب التصريحات.. الصين تلغي الرسوم الجمركية على واردات أمريكية
أفادت شبكة “سي إن إن”، نقلاً عن شركات متخصصة في سلاسل التوريد، “أن الصين ألغت الرسوم الجمركية على وارداتها من ثمانية أنواع من أشباه الموصلات المصنعة في الولايات المتحدة”.
وقالت تشين شاولينغ، مديرة شركة Zhengnenliang Supply Chain للاستيراد، “إن الرسوم المفروضة على هذه المنتجات “خُفِّضت إلى الصفر” اعتبارًا من يوم الخميس”.
في المقابل، ذكرت وزارة الخارجية الصينية وهيئات الجمارك “أنها “غير مطلعة” على هذا الإجراء”، ما يعكس تضاربًا في التصريحات الرسمية حيال القرار.
ويأتي ذلك بعد إعلان وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، “عن إعفاء مؤقت للواردات الإلكترونية وأشباه الموصلات من الرسوم”، في ظل توجه أمريكي لفرض رسوم قطاعية جديدة خلال الأشهر المقبلة.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد “وقع في 2 أبريل الجاري مرسوماً بفرض رسوم “متبادلة” على الواردات بنسبة 10%، وبدأت واشنطن بتطبيق رسوم أعلى على 57 دولة اعتباراً من 9 أبريل، بناءً على العجز التجاري الأمريكي معها”.
وأوضح ترامب لاحقًا أن “الرسوم الأساسية البالغة 10% ستُطبق لمدة 90 يوماً على جميع الدول باستثناء الصين، التي تواجه رسوماً أمريكية إضافية بلغت 125%، وردت عليها بكين برسوم مماثلة، إلى جانب رسوم أمريكية إضافية بنسبة 20% على خلفية اتهامات تتعلق بالمخدرات الاصطناعية”.
ويُعد هذا “التطور الأحدث في سلسلة الإجراءات المتبادلة التي تشهدها العلاقات التجارية بين البلدين وسط تصاعد التوترات التجارية والاقتصادية”.