يمانيون../
في جيوش العالم الكبرى، قد تُسجّل الطائرات المعطوبة والهياكل المدمرة، لكن في البحرية الأمريكية، هناك فئة من السفن لا تنتهي مسيرتها بالغرق فقط، بل تُمحى من الوجود، ليس فقط من المياه بل من السجلات الرقمية نفسها. هذا ما كشفه تقرير تحليلي صادم نشره موقع “SlashGear” المتخصص، كاشفاً الستار عن “الجانب المظلم” لسجل البحرية الأمريكية، حيث تتحول بعض السفن إلى أشباح رقمية بلا ماضٍ ولا أثر.

التقرير يتناول ما يُعرف بـ”سجل السفن البحرية” الذي تديره البحرية الأمريكية ويضم معلومات تفصيلية عن كل سفينة في الخدمة، من حاملات الطائرات النووية، إلى المدمرات والغواصات، وحتى السفن اللوجستية المدنية التابعة لفئة USNS. يُسجّل هذا الأرشيف كل ما يخص السفينة: اسمها، رقم هيكلها، تاريخ بنائها، تسليحها، وأين ترسو. على سبيل المثال، تُوثّق حاملة الطائرات “يو إس إس إنتربرايز” (CVN-65) بكافة تفاصيلها، منذ أول يوم وُضعت فيه على الحوض، حتى آخر مرة أبحرت فيها.

لكن الوجه الآخر لهذا النظام “الدقيق”، كما يصفه التقرير، أكثر قتامة وغموضاً. إذ أن السفن التي تتعرض للهجوم أو يتم إغراقها عمدًا، غالبًا ما تُشطب كليًا من السجل، وتُزال من قواعد البيانات دون إعلان أو تفسير، في عملية محو رقمية دقيقة تجعل وجودها السابق وكأنه لم يكن. ويتم دفن أسمائها، ولا يُعاد استخدام أرقام هياكلها مرة أخرى.

التقرير يثير تساؤلات مقلقة: كم من السفن حُذفت لأن مصيرها كان إحراجاً عسكرياً أو هزيمة ميدانية؟ كم من الحوادث طُمست لتجنب تداعيات سياسية أو أمنية؟ الموقع لا يقدّم إجابات مباشرة، لكنه يلمّح بوضوح إلى وجود سياسة أمريكية ممنهجة تقوم على الإخفاء المتعمّد لمثل هذه الوقائع، تحت ذريعة “الأمن القومي” أو لتجنب الإرباك الداخلي والخارجي.

ومنذ القرن التاسع عشر، سعت البحرية الأمريكية إلى توثيق تاريخها البحري، لكن لم تبدأ العملية الرسمية حتى عام 1911، عندما أُنشئ سجل موحد، ليتطوّر لاحقًا تحت إشراف “مكتب دعم بناء السفن” التابع لـNAVSEA في ستينيات القرن الماضي. أما السفن التي خرجت من الخدمة قبل 1987، فلم تكن مدرجة رقميًا، وهو ما تحاول البحرية تصحيحه الآن بإدخال بعضها للأرشيف في إطار حملة لـ”استعادة الذاكرة البحرية”.

إلا أن السؤال الأخطر لا يزال معلقًا في عمق البحر… وعمق السجلات: ما مصير السفن التي تُستهدف وتُدمر خلال العمليات؟ التقرير يلمّح إلى أن بعضها يُغرق عمدًا ثم يُشطب من الوجود الرقمي، كما حدث مع حاملة الطائرات “أوريسكاني” (CVA-34) التي تم إغراقها لتحويلها إلى شعاب مرجانية.

في الختام، لا يكتفي التقرير بالكشف عن ثغرات في توثيق الأسطول الأمريكي، بل يطرح حقيقة مقلقة: في البحرية الأمريكية، هناك سفن لا يُعلن عن غرقها، ولا تُكتب نهايتها في الكتب أو على الشاشات، بل تُمحى من الذاكرة… كما لو أنها لم تُبحر يوماً.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: البحریة الأمریکیة

إقرأ أيضاً:

خسائر بملايين الدولارات.. العدوان على اليمن يستنزف الخزينة الأمريكية

يمانيون../
ما بينَ وعودِ الترامبية القومية للانشغال بالذات الأمريكية والانجذاب نحو حروب الهيمنة، يقف عجوزُ البيتِ الأبيض ترامب على الحافَّة.

يَعِدُ ترامب أنه سيسحَــبُ القواتِ الأمريكية من حروب الشرق الأوسط، ثم يتوعد اليمن، وسَرعانَ ما تتجلى الحقائق أمام العالم، بأن ترامب يورِّطُ أمريكا في مستنقع اليمن أكثرَ فأكثر.

يعود جيه هينيغان، الكاتب في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، للحديث عما سبق تناوله من قبل من أنّ العدوان على اليمن يستنزف موارد أمريكا ويتناقض مع هدف واشنطن المعلَن بإعادة تركيز استراتيجيتها نحو الصين ومنطقة المحيط الهادئ، فيما لا تحقّق هدفها المعلَن بوقف حصار اليمن لسفن العدوّ الإسرائيلي في المياه اليمنية حتى الآن.

بتشخيص المراقب ينظر الأمريكان أن ترامب فشل في تنفيذ سياسته القائمة على فكِّ ارتباط الجيش الأمريكي بالحروب الباهظة في الشرق الأوسط؛ فبعد 3 أشهر يجد رئيس أمريكا نفسه متورّطًا في النوع ذاته من الحملات العسكرية المفتوحة التي أزعجت إداراتِ أسلافه تباعًا.

لم يكن الأول؛ فحروبُ أمريكا في المنطقة قد سحقت قوة أمريكا سحقًا، مرة بعد مرة. في حربين خاضتهما واشنطن في أفغانستان والعراق كانت الكلفة قد وصلت لقرابة 4 آلاف مليار دولار، هذا دون الحديث عن الخسائر البشرية وما رافق الغزو من تكاليف إعمار ومساعدات واستقطابات وشراء ولاءات.

في الواقع إن ردَّ فعل ترامب يستجيبُ مع الهزيمة لكبرياء وغطرسة القوة ولا علاقةَ لهُ بحذق التاجر الباحث عن المكاسب وتجنب الهزيمة. بينما تلوِّحُ قياداته العسكرية بالهزيمة في مواجهة اليمن. لقد هُزمت أمريكا، والمزيد من المكابرة يعني المزيد من السقوط الذي يفرح المتربِّصين بالعرش العالمي.

الواضح -بحسب إقرار وزارة الحرب الأمريكية، كما أوردته (نيويورك تايمز)- أن قواتها “لم تتمكّن من استعادة الحركة البحرية للممرّ البحري الذي يربط المحيط الهندي بالبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس، بل دفعت أَيْـضًا إدارة ترامب إلى دوّامة باهظة التكلفة، قد تؤدّي إلى تصعيد سيكون من الصعب معه سحبُ القوات الأمريكية مع مرور كُـلّ يوم”.

وفوق هذا يقدِّمُ البنتاغون قراءةً للفاتورة المالية تتضمَّنُ تكاليفَ مجموعتَي “فينسون وترومان” في كُـلّ يوم يمر على هذه الحاملات العملاقة، رغم تأكيد اليمن خروجَ حاملة الطائرات “ترومان” عن الخدمة.

تبلُغُ تكلفةُ تشغيل حامِلَتَي الطائرات “ترومان وفينسون” نحو 6.5 مليون دولار يوميًّا.

ويمكن القول إن حاملة الطائرات “ترومان” وصلت إلى المنطقة في ديسمبر2024م؛ أي إنه مضى عليها أربعةُ أشهر في مهام العدوان على اليمن.. هذا يعني -وفقَ حسابات البنتاغون- أن تكلفة تشغيلها في هذه المدة يقارب800 مليون دولار. إضافة إلى حاملة الطائرات “فينسون” والتي تكون قد أمضت قرابة نصفَ شهر بنفس المهمة، حَيثُ ترابط على مقربة من جزيرة سقطرى اليمنية المحتلّة، وبحساب التكلفة تكون قد تجاوزت 100 مليون دولار.

كذلك -بحسب نيويورك تايمز- “قاذفات بي 2” التي تتجنّب الرادار، وتكلّف نحو 90 ألف دولار لكلّ ساعة طيران، وفي الشهر الأول من العملية أسقطت هذه القاذفات إلى جانب عشرات الطائرات المقاتِلة والمسيَّرة، قذائفَ تزيدُ قيمتُها على 250 مليون دولار، على أنحاء مختلفة في اليمن.

يضافُ إليها الصواريخ الاعتراضية المضادّة للصواريخ، وتكلِّفُ نحو مليونَي دولار كما هو معلومٌ للصاروخ الواحد، حَيثُ يقدِّمُ الأمريكان أرقامًا تقريبية تشير إلى أن تكلفة العملية العسكرية ضد اليمن، تبلُغُ حوالي مليارَي دولار في شهر إبريل فقط، وفقًا للكونغرس.

مع العلم أن هذه الأرقامَ لم تتحدث عن خسائر الطيران التجسُّسي الأمريكي التي أسقط منها هذا الشهر حوالي 7 طائرات نوع إم كيو 9 حتى 22 من إبريل الجاري، إلى جانب نفقاتها التشغيلية العالية؛ فالساعةُ الواحدة تكلِّفُ حوالي 1000 دولار، كما لم ولن يتناولَ الأمريكان خسائرَ حاملاتِ الطائرات الخمس التي استهدفتها القوات المسلحة اليمنية “أيزنهاور، روزفلت، لينكولن، ترومان وفينسون”، ونفقات الانتقال والصيانة لهذه الحاملات، ومع هذه الأرقام يمكن إدراك أن ما تم عرضُه ليست الأرقامَ الفعلية، حَيثُ تظل حساسية هذه المعلومات والأرقام ذات ارتباط بضرورة الحفاظ على هيبة القوة الأمريكية، رغم كُـلِّ النكسات التي تتعرَّضُ لها من وقتٍ لآخر.

إبراهيم العنسي| المسيرة

مقالات مشابهة

  • خسائر بملايين الدولارات.. العدوان على اليمن يستنزف الخزينة الأمريكية
  • صحيفة عبرية تكشف كيفية سرقة الموساد وثائق إيران النووية
  • أسوشيتد برس: البحرية الأمريكية تخوض منذ عام أشد معركة بحرية مستمرة منذ الحرب العالمية الثانية
  • كيف تمكن "أنصار الله" من إسقاط المسيّرات الأمريكية؟
  • وزير العدل يرفع التهنئة للقيادة على المنجزات التي تضمنها التقرير السنوي لرؤية المملكة 2030
  • وثائق تكشف الخلافات الغربية حول أوكرانيا وويتكوف يلتقي بوتين
  • فلكي يمني يكشف أسرار الهالة الشمسية القوسية التي أثارت دهشة الجميع
  • وثائق مصرية قديمة تكشف خفايا خلية الإخوان الإرهابية في الأردن
  • أظهرت الجانب المظلم للقمر.. الصين تكشف عن أسرار فضائية جديدة
  • وفد أممي يطّلع على حجم الأضرار التي تعرض لها مبنى هيئة الشؤون البحرية بالحديدة