تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لطالما شكل التدخين عبئًا صحيًا واقتصاديًا كبيرًا على الدول، حيث يستهلك جزءًا ضخمًا من ميزانيات الرعاية الصحية بسبب الأمراض المرتبطة به، وعلى رأسها السرطان. وبينما تعتمد العديد من الدول على سياسات الحظر والتقييد للحد من التدخين، تتبنى السويد نهجًا مختلفًا يعتمد على تقليل المخاطر من خلال بدائل خالية من الدخان.

ويكشف تقرير جديد صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD أن السويد حققت أكبر نسبة انخفاض في وفيات سرطان الرئة التي يمكن تجنبها بين الرجال في الاتحاد الأوروبي خلال الفترة بين 2011 و2021، متفوقةً على جميع الدول الأوروبية الأخرى. فكيف نجحت السويد في تحقيق هذه النتيجة؟ وما الدور الذي لعبته استراتيجيتها القائمة على تقليل المخاطر؟

لا يخفى على أحد أن التدخين يشكل ضغطًا هائلًا على أنظمة الرعاية الصحية، حيث يتسبب في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى مرتبطة بالإدمان على التبغ. على سبيل المثال، في إسبانيا، يستهلك التدخين 10% من ميزانية الصحة العامة، وهو رقم يفوق بكثير العائدات المالية الناتجة عن مبيعات السجائر ومنتجات التبغ الأخرى.

وفي تقريرها الأخير حول معدلات الإصابة بالسرطان في أوروبا، صنّفت منظمة OECD السويد، إلى جانب النرويج وآيسلندا، كالدول التي تسجل أدنى معدلات الإصابة بسرطان الرئة بين الرجال في الاتحاد الأوروبي.

وقد أكدت البيانات أن السويد شهدت أكبر انخفاض في الوفيات الناتجة عن سرطان الرئة بين الرجال خلال العقد الماضي. ووفقًا للتقرير، يبلغ معدل الإصابة بسرطان الرئة في السويد 39 حالة لكل 100 ألف شخص، مقارنةً بالمجر، التي تسجل أعلى معدل في أوروبا عند 139 حالة لكل 100 ألف شخص، أي بزيادة 46% عن المتوسط الأوروبي البالغ 95 حالة لكل 100 ألف شخص.

ويظهر التقرير تراجعًا كبيرًا في معدل الوفيات الناتجة عن سرطان الرئة بين الرجال في الاتحاد الأوروبي، حيث انخفض بنسبة 27% بين عامي 2011 و2021، لكن السويد سجلت الانخفاض الأكبر بنسبة 42%، في حين كانت قبرص الأقل تراجعًا بنسب 2% فقط.

وعلى النقيض، فإن الوضع بين النساء يثير القلق؛ حيث ارتفعت وفيات سرطان الرئة بنسبة 4% خلال الفترة نفسها. ويعكس هذا الارتفاع تغير أنماط استهلاك التبغ بين النساء، حيث ازداد إقبالهن على التدخين خلال العقود الماضية، مما أدى إلى زيادة حالات الإصابة والوفيات.

وكانت السويد قد تبنّت على مدار سنوات سياسات قائمة على تقليل المخاطر كأحد الحلول لمكافحة التدخين. ولم تكتفِ الحكومة بحظر التدخين في الأماكن العامة، بل سمحت بطرح بدائل خالية من الدخان مثل السنوس وهو تبغ فموي محظور في بقية دول الاتحاد الأوروبي، وأكياس النيكوتين التي حصلت مؤخرًا على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" لتسويقها في الولايات المتحدة.
وبفضل هذه الاستراتيجية، أصبحت السويد أول دولة أوروبية تقترب من تحقيق مجتمع خالٍ من التدخين، وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية، حيث انخفضت نسبة المدخنين فيها إلى أقل من 5%، وهو إنجاز لم تحققه أية دولة أوروبية أخرى.

وإلى جانب الفوائد الصحية، يسلط تقرير منظمة OECD الضوء على التأثير الاقتصادي الإيجابي لاستراتيجية السويد. مع تقدم السكان في العمر وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، من المتوقع أن تزداد تكاليف علاج الأمراض السرطانية في أوروبا بشكل كبير خلال العقود المقبلة. وتُقدَّر الزيادة المتوقعة في نصيب الفرد من الإنفاق على علاج السرطان داخل الاتحاد الأوروبي بنسبة 59% بحلول عام 2050. لكن في السويد، يُتوقع أن يكون هذا الارتفاع أكثر اعتدالًا، أقل من 36%، وهو معدل أقل بكثير مقارنةً بدول أخرى مثل قبرص وبولندا، حيث من المتوقع أن تتجاوز الزيادة 80%.

هذا وقد أثار النجاح السويدي نقاشًا واسعًا في أوروبا حول كيفية التعامل مع البدائل الخالية من الدخان، في حين بدأت المملكة المتحدة باعتماد نهج مشابه، لا تزال بعض الدول الأخرى تفرض قيودًا صارمة على هذه المنتجات، مما يثير تساؤلات حول مدى فاعلية السياسات التقليدية في مكافحة التدخين.

ويرى خبراء مثل كارل فاجرستروم، المطوّر لاختبار إدمان النيكوتين وأحد أبرز المختصين في مكافحة التدخين عالميًا، أن السماح باستخدام البدائل الأقل خطورةً قد يكون الحل الأكثر واقعية لمواجهة آثار التدخين. يقول فاجرستروم: "عالم بلا تدخين ممكن، لكن عالمًا بلا نيكوتين ليس كذلك."

وأثبتت التجربة السويدية أن الاعتماد على بدائل خالية من الدخان يمكن أن يكون أكثر فاعلية من سياسات الحظر التقليدية في تقليل مخاطر التدخين. وبينما تكافح معظم دول أوروبا لمواجهة ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الرئة، نجحت السويد في تحقيق انخفاض ملحوظ، وهو ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان على الدول الأخرى إعادة التفكير في نهجها تجاه مكافحة التدخين والبدائل المتاحة للمدخنين البالغين.

ومع استمرار الجدل حول مستقبل هذه السياسات، يبقى السؤال الأهم: هل ستتبع بقية الدول الأوروبية النموذج السويدي، أم ستتمسك بسياسات الحظر رغم محدودية تأثيرها؟

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فيليب موريس السويد التدخين الالكتروني المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبی معدلات الإصابة سرطان الرئة بین الرجال من الدخان فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

خلال عام واحد.. أكثر من 13 مليون زائر للصلاة في الروضة الشريفة

أعلنت الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين الشريفين اليوم أنها نجحت في تسهيل وصول أكثر من 13 مليون زائر للصلاة في الروضة الشريفة بالمسجد النبوي خلال عام واحد، وذلك ضمن جهودها الرامية لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تعزيز تجربة ضيوف الرحمن.
وأوضحت الهيئة أن هذا الإنجاز يُجسد التكامل بين مختلف الجهات الحكومية، ويؤكد حرص القيادة الرشيدة- أيدها الله- على تيسير أداء الشعائر الدينية في أجواء من الطمأنينة والروحانية، مستندة إلى أحدث الوسائل التقنية والتنظيمية لتوفير أفضل الخدمات للزوار.
أخبار متعلقة مستهدفة مليون زائر.. "الشؤون الإسلامية" تفتتح معرض "جسور" الإسلامي الخامس بإندونيسيامنذ سقوط الأسد.. وصول باخرة قمح إلى سوريا لأول مرةبرعاية خادم الحرمين.. تسليم الفائزين بجائزة الملك فيصل 2025 .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الروضة الشريفة - واس الروضة الشريفة var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });الصلاة في الروضة الشريفةوأشارت الهيئة إلى أن الجهود التنظيمية شملت تطوير منظومة الحجز المسبق عبر التطبيقات الرقمية الرسمية نسك وتوكلنا، وتوسيع نطاق التنسيق مع الجهات الأمنية والصحية والخدمية، إلى جانب تعزيز الطاقة التشغيلية للكوادر الميدانية لضمان انسيابية حركة الزوار وتنظيم دخولهم وخروجهم بسلاسة ووفق أعلى معايير الجودة والسلامة.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } جهود مستمرة لتيسير أداء الصلاة بالروضة الشريفة (اليوم) الروضة الشريفة - واس var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
واعتُمدت تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل حركة الزوار وتحديد الأوقات المثلى للدخول، إضافة إلى توفير لوحات إرشادية متعددة اللغات وخدمات مساندة لكبار السن وذوي الإعاقة، بما يضمن تجربة روحانية ميسرة وآمنة لجميع فئات المجتمع.
وأكدت الهيئة استمرارها في العمل على تطوير منظومة الخدمات المقدمة داخل الحرمين الشريفين، بما يتماشى مع الأهداف الإستراتيجية للرؤية الوطنية، وفي مقدمتها تعزيز مكانة المملكة وجهة إسلامية رائدة على مستوى العالم.

مقالات مشابهة

  • كركوك تسجل 5 وفيات بالحمى النزفية
  • وفاة 8 أشخاص في الحوادث خلال يوم واحد!
  • خلال عام واحد.. أكثر من 13 مليون زائر للصلاة في الروضة الشريفة
  • بكتيريا في الطفولة قد تفسر سبب ارتفاع سرطان القولون بين الشباب
  • دراسة تكشف أحد عوامل ارتفاع حالات سرطان الأمعاء.. ما علاقة مرحلة الطفولة؟
  • دراسة: الهيربس يزيد من احتمال الإصابة بالخرف المؤقت
  • انسحاب ألكاراز من دورة مدريد بسبب الإصابة
  • بيبسيكو تخفض توقعات الأرباح بفعل عدم اليقين التجاري
  • الإصابة تُبعد ألكاراز عن مدريد
  • دراسة: حفنة من الجوز يوميا تحميك من سرطان القولون