خلافات داخل الإدارة الأمريكية حول النووي الإيراني.. وترامب يرسل إشارات متضاربة
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
كشف موقع "أكسيوس" الأمريكي عن وجود انقسامات حادة داخل فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني، وسط تحذيرات من اندلاع حرب في حال فشل المسار التفاوضي.
وأكد الموقع في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "الرئيس ترامب تعهد بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي"، غير أن فريقه للأمن القومي منقسم بين من يدعو إلى توجيه ضربة عسكرية وبين من يفضل السعي إلى اتفاق دبلوماسي.
وقال مسؤول أمريكي مطلع على النقاشات الداخلية إن "سياسة إيران ليست واضحة تماما ويرجع ذلك أساسا إلى أنها لا تزال قيد الدراسة، إنها معقدة لأنها قضية ذات طابع سياسي مشحون جدا".
وأشار التقرير إلى أن الانقسام داخل الإدارة الأمريكية لم يعد نقاشا نظريا، إذ أرسل ترامب مفاوضين إلى عمان لعقد محادثات مباشرة مع إيران، في وقت دفعت فيه وزارة الدفاع بقاذفات "بي-2" وحاملات طائرات كجزء من "الخطة البديلة".
وفي هذا السياق، نقل "أكسيوس" عن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، قولها إن "الرئيس يفخر بوجود فريق لديه آراء مختلفة. يستمع إليهم جميعا، ثم يتخذ القرار الذي يراه في مصلحة الشعب الأمريكي".
ويقود معسكر الداعين إلى الحلول الدبلوماسية نائب الرئيس جيه دي فانس، الذي يرى أن "الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة لتقديم تنازلات لتحقيق اتفاق"، بحسب ما أفاد به مسؤول أمريكي آخر، مضيفا أن فانس "مشارك بشكل كبير في مناقشات السياسة الإيرانية".
ويضم هذا المعسكر أيضا مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي ترأس الوفد الأمريكي في اللقاء الأول من نوعه مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، والذي عُقد يوم السبت في العاصمة العمانية مسقط، واستمر 45 دقيقة. ويشاركهم الرأي وزير الدفاع بيت هيغسيث، إضافة إلى تاكر كارلسون، الإعلامي المقرب من ترامب والمؤثر في حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى".
ويحذر هذا الفريق من أن أي ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية "قد تعرض الجنود الأمريكيين في المنطقة للخطر"، فضلا عن احتمال تسببها بارتفاع أسعار النفط في وقت حساس للاقتصاد الأمريكي.
في المقابل، أشار التقرير إلى معسكر آخر يقوده مستشار الأمن القومي مايك والتز ووزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ويؤيد هذا التوجه أيضا أعضاء في مجلس الشيوخ مقربون من ترامب مثل ليندزي غراهام وتوم كوتن، ويطالب هؤلاء بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل دون تقديم أي تنازلات.
وشدد هؤلاء المسؤولون على أن "إيران أضعف من أي وقت مضى"، وأن على الولايات المتحدة "دعم ضربة إسرائيلية إذا لم تبادر هي بتوجيه ضربة مباشرة".
كما نقل "أكسيوس" عن مارك دوبوفيتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قوله "وصف الرئيس ذات مرة اتفاق أوباما لعام 2015 بأنه سيء جدا، والسؤال الآن هو ما إذا كان لا يزال يؤمن به"، محذرا من القبول بـ"اتفاق أوباما المعدل".
وأشار التقرير إلى أن الخلافات داخل فريق ترامب تصاعدت بعد اللقاء الذي جمع ترامب برئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، والذي اتسم بالتوتر، خاصة خلال مناقشة الملف الإيراني.
ونقل الموقع عن مسؤول أمريكي أن "ترامب استمتع نوعا ما بمواجهة نتنياهو بشأن إيران"، مضيفا أن "نفس الديناميكية التي رأيتموها في العلن حدثت في السر".
وختم التقرير بالإشارة إلى أن ترامب يسعى للتوصل إلى صفقة نووية خلال شهرين، دون أن يوضح ما سيفعله إذا فشلت المفاوضات، في وقت يرى فيه بعض المقربين منه في "معسكر الحوار"، أن "مطالب نتنياهو بالتخلي الكامل عن البرنامج النووي الإيراني غير واقعية".
ترامب يرسل "إشارات ورسائل متضاربة"
في السياق ذاته، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن تضارب في مواقف إدارة ترامب إزاء المحادثات النووية الجارية مع إيران، مشيرة إلى خلافات داخل فريق الأمن القومي حول طبيعة الاتفاق المطلوب، وسط إشارات متباينة بشأن إمكانية الاكتفاء بحدود على تخصيب اليورانيوم بدلا من تفكيك كامل للبرنامج.
وأكدت الصحيفة في تقرير أعده الصحفي المتخصص في شؤون البيت الأبيض والأمن القومي ديفيد سانغر وترجمته "عربي21"، أن مستشار الأمن القومي مايكل والتز شدد قبل أسابيع على أن هدف الإدارة هو "التفكيك الكامل" للبرنامج النووي الإيراني، موضحا أن ذلك يشمل “منشآت التخصيب ومنشآت التسليح وحتى الصواريخ بعيدة المدى".
لكن هذا الموقف الصارم بدأ يتراجع مع تصريحات أدلى بها ستيف ويتكوف، كبير مفاوضي ترامب في الملف النووي، الذي تحدث في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" عن إمكانية بناء "نظام تحقق لإنتاج اليورانيوم المخصب، وفي النهاية التحقق من التسليح، والذي يشمل الصواريخ ونوعها وحتى الزناد لقنبلة"، دون التطرق إلى تفكيك البرنامج بالكامل.
وأشار التقرير إلى أن ويتكوف، الذي التقى وزير الخارجية الإيراني في عمان السبت الماضي، خرج من اللقاء وهو يتصور "نوعا مختلفا تماما من الاتفاق مع إيران عن ذلك الذي وصفه والتز".
وأضاف ويتكوف "من حيث المبدأ، يمكن تحسين الاتفاق النووي الأصلي"، في إشارة إلى الاتفاق الذي توصلت إليه إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما وخرج منه ترامب عام 2018، واصفا إياه حينها بأنه "اتفاق أحادي الجانب فظيع، ما كان ينبغي إبرامه أبدا".
لكن الموقف تغير مجددا بعد اجتماع في غرفة العمليات بالبيت الأبيض صباح الثلاثاء، حيث عاد ويتكوف وأعلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن "إيران يجب أن توقف برنامجها للتخصيب والتسليح النووي وتقضي عليه"، مؤكدا أن "الصفقة مع إيران لن تكتمل إلا إذا كانت صفقة ترامب".
وشددت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، في مؤتمر صحفي لاحق، على أن ترامب أبلغ العمانيين المشاركين في المحادثات بأن "على إيران إنهاء برنامجها النووي من خلال المفاوضات"، مشيرة إلى أن الجولة التالية من المفاوضات ستُعقد السبت المقبل.
وبحسب مسؤولين مطلعين على النقاشات الداخلية، فإن ويتكوف ونائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس عبّرا عن قلقهما من أن الإصرار على "التفكيك الكامل" قد يؤدي إلى إفشال المفاوضات، في ظل رفض إيراني واضح لهذا المطلب.
واقترح المسؤولان بدلا من ذلك إنشاء "نظام تحقق صارم" قد يُدار أمريكيا بدلا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلا أن ذلك يشبه الترتيبات السابقة التي وُصفت بأنها تنازل في عهد أوباما.
في المقابل، أشار التقرير إلى تمسك والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو بموقفهما الرافض للسماح لإيران بالاحتفاظ بأي قدرة على تخصيب اليورانيوم، محذرين من أن "إيران ستستأنف بسرعة رفع مستوى التخصيب إلى مستويات قريبة من تصنيع القنبلة".
من جانبه، قال غاري سامور، المسؤول النووي السابق في إدارتي كلينتون وأوباما، إن "القضاء على قدرة إيران أمر بعيد المنال"، مضيفا "لا أعتقد أن إيران ستوافق على القضاء على البرنامج بأكمله حتى تحت تهديد القوة العسكرية".
وفي طهران، قال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي "قد يُثمر الاتفاق وقد لا يُثمر؛ لسنا متفائلين للغاية ولا متشائمين للغاية"، لكنه أضاف "بالطبع، نحن متشائمون للغاية بشأن الجانب الآخر".
وقال سامور، الذي يدير حاليا مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط في جامعة برانديز، إنه يدعم أي اتفاق "يعيد ضبط الساعة النووية"، حسب التقرير.
وأوضح أن "جميع الأساليب التي استُخدمت حتى الآن - التخريب والعقوبات والدبلوماسية - كانت كلها لكسب الوقت"، معتبرا أن "ترامب لا يريد خوض الحرب، كما أن الإيرانيين لا يريدونها، وهذا يُشير إلى إمكانية وجود مجال للاتفاق".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية ترامب الإيراني الولايات المتحدة نتنياهو إيران الولايات المتحدة نتنياهو ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النووی الإیرانی التقریر إلى مع إیران إلى أن
إقرأ أيضاً:
تصريحات متضاربة تفاقم غموض مفاوضات التجارة بين واشنطن وبكين
وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، برز تضارب لافت في التصريحات الصادرة عن مسؤولي البلدين بشأن مصير المفاوضات حول الرسوم الجمركية. ففي الوقت الذي يؤكد فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجود محادثات جارية مع نظيره الصيني شي جين بينغ، نفت بكين رسمياً حدوث أي تواصل بين الزعيمين في الآونة الأخيرة، مما فاقم حالة الغموض وأثار مخاوف إضافية في الأسواق المالية.
الصين تنفي: لا اتصالات ولا مفاوضاتقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قوه جيا كون، خلال مؤتمر صحفي دوري، الاثنين، إن "الصين والولايات المتحدة لم تُجريا أي اتصال رفيع المستوى مؤخرًا"، مضيفًا أن "لا توجد مشاورات أو مفاوضات جارية بين البلدين بشأن الرسوم الجمركية".
وجاء هذا التصريح رداً مباشراً على تأكيدات ترامب في مقابلة مع مجلة "تايم" بأنه تلقى اتصالاً من الرئيس الصيني.
ويعكس النفي الصيني رغبة واضحة في النأي عن التصعيد، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن فجوة عميقة في التصورات بين الطرفين حول مستوى التقدم -أو غيابه- في معالجة الملفات التجارية الشائكة.
مسؤولون أميركيون يقدمون روايات متناقضةتعمق الغموض أكثر مع تصريحات متضاربة من مسؤولين كبار في إدارة ترامب يوم الأحد، فقد أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن محادثاته مع نظيره الصيني خلال اجتماعات صندوق النقد الدولي الأخيرة في واشنطن "لم تتناول قضية الرسوم الجمركية"، مشيراً إلى أن النقاشات انحصرت في مواضيع مثل الاستقرار المالي العالمي وآليات التحذير المبكر من المخاطر الاقتصادية.
وفي المقابل، قالت وزيرة الزراعة الأميركية بروك رولينز، خلال مقابلة مع قناة (سي.إن.إن)، إن الولايات المتحدة "تجري محادثات يومية مع الصين" بشأن القضايا التجارية، إلى جانب أكثر من مئة دولة أخرى.
هذا التباين في التصريحات دفع المحللين إلى التشكيك في مدى وجود محادثات حقيقية بين بكين وواشنطن، أو ما إذا كانت الإدارة الأميركية تحاول الإيحاء بتقدم في المفاوضات لأسباب سياسية واقتصادية داخلية.
ترامب يتمسك بموقفه رغم الإرباكفي خضم هذه التصريحات المتضاربة، يواصل الرئيس ترامب الإصرار على أن محادثات تجري مع الصين، رغم النفي الصيني المتكرر.
وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق عن فرض رسوم جمركية إضافية على عدد من الدول، بما فيها كندا والمكسيك والصين، مما أحدث اضطرابًا واسع النطاق في الأسواق المالية، وأدى إلى تراجع ثقة المستثمرين بالأصول الأميركية، وزاد من حدة التقلبات في البورصات العالمية.
ويبدو أن التصريحات المتضاربة تخدم، من ناحية أخرى، استراتيجية ترامب التفاوضية التي تعتمد على إبقاء الخصوم التجاريين في حالة من الترقب والضغط، وإن كان ذلك يأتي بثمن من ارتفاع حالة عدم اليقين في الأسواق.
حرب تجارية مفتوحة على احتمالات معقدةتشهد العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين واحدة من أكثر المراحل توترًا منذ إطلاق الحرب التجارية بينهما في عام 2018.
ورغم محاولات متكررة لعقد اتفاقات مرحلية، لا تزال الخلافات حول قضايا مثل حقوق الملكية الفكرية، الدعم الصناعي، والميزان التجاري قائمة.
ويرى خبراء أن تضارب التصريحات يزيد من صعوبة الوصول إلى أرضية مشتركة، خاصة مع استمرار التصعيد من الطرفين وغياب جدول زمني واضح للتوصل إلى اتفاق شامل.
وكان سكوت بيسنت قد أشار إلى أن "المفاوضات مع بكين ستكون شاقة"، ملمحاً إلى أن التوصل لاتفاق قد يحتاج إلى شهور، رغم تلميحه إلى احتمالية إعلان اتفاق مبدئي قريب قد يخفف مؤقتًا من تصاعد الرسوم.
الأسواق في حالة انتظار.. والمخاطر مستمرةمع هذا الكم من التصريحات المتناقضة، تظل الأسواق المالية العالمية في حالة ترقب حذر، فغياب الوضوح بشأن مسار المفاوضات التجارية لا يؤثر فقط على حركة الأسهم والعملات، بل يهدد أيضًا استقرار سلاسل التوريد العالمية ويزيد المخاوف من ركود اقتصادي محتمل، خاصة مع اشتداد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الشركات العالمية للتكيف مع بيئة تجارية مضطربة، تبقى الأنظار مشدودة إلى التصريحات القادمة من واشنطن وبكين، في انتظار ما إذا كانت الأيام المقبلة ستشهد انفراجًا حقيقيًا أو تصعيدًا إضافيًا يعمّق الأزمة.