رحمة وإحسان| خطيب المسجد النبوي: يندب سقيا الماء صيفاً وشتاءً
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
قال الدكتور صلاح بن محمد البدير إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، في خطبة الجمعة اليوم : " الماء هبة البارئ الكريم أنزله وجعله سقياً للخلق يتخللُ ويتسلسل وينهمر وينصب فتخضرّ بغدرانه الأرض ويضحك بتهتانه الروض يروي الهضاب والآكام ويحي النبات والسّوام ويسقي الخلق والأنام يبوح بأسراره صفاؤه ويلوح بإعجازه نقاؤه وينطق بآيته سهولته وعذوبته وإرواؤه وكل شراب وإن رقّ وصفا وعذب وحلا فليس يعوّض منه ولا ينوب عنه ولما كان الماء حياة الأنفس كانت العرب تستعير في كلامها الماء لكل ما يحسن منظره وموقعه ويعظم قدره ومحله فتقول ماء الوجه وماء الشباب وماء النعيم وصدق الله ومن أصدق من الله قيلاً (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ) .
يندب سقيا الماء في كل زمان صيفاً وشتاءً
وتابع خطيب المسجد النبوي: سقيا الماء عنوان الرحمة وآية الإحسان وصدقة مباركة طيَّب الأرواح ريها وأحيا النفوس قطرها وكانت سقاية الحاج مأثرة من مآثر العرب ومفخرة من مفاخرهم فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ألا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية من دم أو مال تذكر وتدعى تحت قدمي إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة البيت "، وقد وردت الأحاديث الصحاح في فضل السقاية وتفخيم شأنها وتعظيم قدرها فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال اعملوا فإنكم على عمل صالح ثم قال لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه يعني على عاتقه وأشار إلى عاتقه .
5 أمور أوسع وأعم.. خطيب المسجد النبوي: مفهوم الصدقة غير محصور في الفقير والمسكين حكم كتابة الآيات القرآنية بالذهب على جدار قبلة المسجد النبوي الشريف والكعبةوأضاف خطيب المسجد النبوي: يندب سقيا الماء في كل زمان صيفاً وشتاءً ولكنه في صفحة الحر وصمخته آكد استحباباً وسقاية الماء والصدقة به وتبريد الأكباد الحرَّى وإرواء الصدور العطشى التي أصابها سعار العطش والتهابه وإنقاذ الأكباد الصادية في البيداء الخالية وإسعاف النفوس الظامئة في وهج الأيام القائظة من أفضل الصدقات وأجل القربات قال صلى الله عليه وسلم " ليس صدقةٌ أعظم أجرًا من ماء " ، وإذا شربتم الماء النقي الهني الروي فتذكروا فقراء المسلمين الذين يسكنون المعطشة تذكروا من لا يجدون إلا الماء الآسن الآجن الذي لا يشربه أحد من نتنه وتغير لونه ورائحته وإذا فتحتم الصنابير في بيوتكم فانثج الماء الزلال السلسال ثجًا فتذكروا من يسيرون يوماً وليلة وأكثر يبحثون عن الماء تذكروا من أجبرهم الجفاف ونضوب الآبار على ترك منازلهم وقراهم قد أصابهم من العيش ضفف وجفف وشظف وتلف وهم يستسقون فضل المحسنين فاستنقذوهم وأعينوهم .
واختتم إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الخطبة بقوله : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم .. رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا الدنيا فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا فصدقه رجل " .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المسجد النبوي خطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة اليوم الماء سقيا الماء خطیب المسجد النبوی صلى الله علیه وسلم سقیا الماء
إقرأ أيضاً:
في عالم مصطخب بالمشكلات.. خطيب المسجد الحرام: الإسلام أرسى قواعد الأخوة والمحبة
قال الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس؛ إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الإسلام أرسى أسس وقواعد الأخوة والمحبة، والتواصل والمودة، في غِمار الحياة ونوائبها، ومَشاقّ الدُّنيا ومَبَاهِضها، وفي عالم مُصْطَخبٍ بالمشكلات والخُصُومات، والمُتَغيرات والنزاعات.
قواعد الأخوة والمحبةوأضاف “ السديس ” خلال خطبة الجمعة الثالثة من جمادي الأولى من المسجد الحرام بمكة المكرمة: وفي عصر غلبت فيه الماديات وفَشَت فيه المصالح والأنانيات، حيثُ إن الإنسان مَدَنِيٌّ بِطَبْعِه، واجتماعِيٌ بفطرته، تَبْرُزُ قَضِيَّةٌ سَنِيَّةٌ، مِنْ لوازم وضرُورَاتِ الحياة الإنسانية.
وأوضح أن تلكم العلاقات الاجتماعية ومَا تقتضِيه مِن الركائز والروابط البشرية، والتفاعل البنَّاء لِتَرْقِية الخُلُق والسلوك، وتزكية النفس والروح؛ كي تسْمو بها إلى لُبَاب المشاعر الرَّقيقة، وصفوة التفاهم الهَتَّان.
وتابع: وقُنَّة الاحترام الفَيْنان، الذي يُحَقِّقُ أسمى معاني العلاقات الإيجابية، المُتكافلة المتراحِمة، وأنبل وشائجها المُتعَاطِفة المُتَلاحِمة، التي تَتَرَاءى في الكُرَب بِلَحْظ الفؤاد، وتَتَنَاجَى في النُّوَبِ بِلَفْظِ السُلُوِّ والوِدَاد".
لا تزال تتقلب ببني الإنسانوأشار إلى أن الأيام لا تزال تتقلب ببني الإنسان حتى ساقته إلى عَصْرٍ سَحقته المَادّة، وأفنته الكَزَازة الهَادَّة. ونَدر في العالم التراحم والإشفاق، والتَّبَارُرَ والإرفاق، وفَقَدَ تَبَعًا لِذَلك أَمْنَه واسْتِقْرَاره، ومَعْنَى الحياة فيه، وفَحْوى الإحسان الذي يُنْجِيه.
ونوه بأنه ولا يخفى على شريف علمكم أَنَّ مُخالَطة النَّاس تُعَرِّض المَرْء لا مَحَالة لخطأ سَوْرَتِهم، وخَطل جهالتهم، لذا كان ولا بد من وقفة جادَّة ؛ لتَعْزيز الروابط الاجتماعية، فالشعارات البرَّاقة، لا تكشف كُرَبًا، ولا تبدِّدُ صَعْبًا.
وواصل: ولا تُغيثُ أمَّة مَرْزُوءة ولا شعْبًا، ما لم تُتَوَّج بالمواقف والأفعال، يَتَسَنَّمُ ذِرْوَةَ سَنَام ذلك: الاحترام المتبادل؛ فهو أساس العلاقات الاجتماعية الناجحة، ويشمل ذلك؛ التقدير الشخصي، وتقدير واحترام المشاعر والآراء، والتفهم لمواقف الآخرين، فإن ذلك يؤصّل ويُسهم في تقوية الروابط، وتعزيز الأواصر.
ونبه إلى أنه إذا ساغ عقلاً قبول القناعات، واستمراء الآراء والحريات، فغير سائغٍ على الإطلاق أن تتحول القناعات إلى صراعات، والحريات إلى فتنٍ وأزمات، ولاسيما أن الأمة تعيش منعطفًا تاريخيًا خطيرًا، ومرحلة حرجة من أشد مراحل تاريخها.
أهم موجبات الوحدةوأفاد بأن من أهم موجبات الوحدة، ومقتضيات التضامن والاعتصام، التغاضي والتغافل، والصبر والتسامح، وحُسْنُ الظن والتماس الأعذار، قال تعالى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
واستشهد بما قال سبحانه: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾، ويتبع ذلك من جميل الوُدِّ والتعامل الحسن عدم الإكثار من اللَّوْمِ والعِتَاب، والتَّشَكِّي في الحديثِ والخِطَاب، فإنها تَقْطَع الأواصر بغير حِجَاب.
وبين أنه ليست تدوم مودة وعتاب، فقلوب أهل الإيمان دمَّاحة، ونفوسهم لِلْوُدِّ لَمَّاحة، فالنّسيج الاجتماعي المُتراص الفريد يحتاج إلى صَقْل العلاقات الاجتماعية، والتحلي بمحاسن الآداب المرعية، ومعالي القيم الخُلقية، والمُدارة الإنسانية، وجبر الخواطر، ومراعاة المشاعر.
واستطرد: وعِفَّة اللسان، وسلامة الصدور، ولقد تميّز الإسلام بنظـامٍ اجتماعي وإنساني فريد، وسبـق بذلك نُظُم البَشَر كلها؛ ذلك لأن العلاقات الاجتماعية في هذا الدين، مُنبثقـة من جوهر العقيدة الصافية.
تتميّز به المجتمعات المسلمةوبين أن مما تتميّز به المجتمعات المسلمة أن للدين أهميةً مركزيةً في توجيه السلوك الفردي والعلاقات الاجتماعية، وهو مصدر قِيَمِهَا الإنسانية والاجتماعية ومقياس مُثلها العُليا. والإسلام ليس قاصراً على الشؤون الاعتقادية والتعبُّدية، بل هو نظامٌ شاملٌ للحياة، يمدّها بمبادئه وأصوله التشريعية في مختلف المجالات.
ولفت إلى أن ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي العجب العُجَاب، مِمَّا يُفسد العلاقات، ويقطع حِبَال الوُدّ في المجتمعات، من الطَّعْنِ في دين الناس وأعراضهم وعقولهم وأموالهم، فيتلقفها الدَّهْمَاءُ، وتَلُوكُهَا الرُّوَيْبِضَةُ، في نَشْرٍ للشائعات وترويجٍ للأراجيف والافتراءات، مما يجب معه الحذر في التعامل مع هذه المنصات المنتحلة، والمواقع المزيّفة، التي تكثر فيها الغثائية، ومحتوى الغوغائية.
وأكد أن الإسلام جاء رائدًا للتَّراحم والتعاطف بل هو الذي أنْمى ذيَّاك الخُلُق في الخافِقَين وأصَّله، وحضّ عليه وفَصَّلَه، قال تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وتلكم الخلال الرَّحيمة، والشِّيَم النبيلة الكريمة، التي عَنَّت العالم إدْراكَها، لَهِيَ الأمل الذي تَرْمُقه الأمم الجهيدة والشُّعوب، وتَهْفُوا لها أبَرُّ القلوب.
وشدد على أنه لذا يجب تَعْزيز قِيَمنَا الرَّبانية الومَّاضة؛ كالرحمة والعَدْل والصِّدق والوفاء، والبِر والرِّفق والصَّفاء، والأمَانة والإحسان والإخاء، وسِوَاها مِن كرائم الشِّيم الغرَّاء والشمائل الفيحاء، التي تُعد مصابيح للإنسان تضيء دربه، وهي صِمَام أمن وأمان لصاحبها من الانحلال الأخلاقي.
وأردف: وحياة الفوضى والعبث والسقوط في مهاوي الضلال وجلب التعاسة والشقاء لنفسه وأهله، خاصة بين الرُّعاة والرعية، والعلماء والعامة، وفي حلائب العلم وساحات المعرفة في مراعاة لأدبِ الخِلافِ والبُّعد عن التراشق بالكلمات والتلاسن بالعبارات، وتضخيم الهِنَات، فضلاً عن اتهام النِّيَّات وكَيْلِ الاتهامات، والتصنيفات.
وأكمل : ومع الوالدين والأقارب والجيران، وكذا الزملاء في بيئة العمل، وفي مجال العلاقات الزوجية، أعلى الإسلام قيم الاحترام والاهتمام، ومتى علم الزوجان الحقوق والواجبات زانت العلاقات، ونعما سوياً بالسعادة الزوجية، والهناءة القلبية، لذا أوصى الله -جلَّ وعلا- الأزواج بقوله: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، حيث أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- الزوجات بقوله: "فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ".
وتعجب: فكيف تُقَام حياة أو يؤسَّس بيت وسط الخلافات الحادة، والمناقشات والمُحَادَّة؟ وأنَّى يهنأ أبناء الأسرة بالمحبة وينعمون بالوُدِّ في جوٍ يغلب عليه التنازع والشِّقَاق والتناحر وعدم الوِفَاق. وهل تستقيم حياة بغير المَوَدَّة والرَّحمة؟ وكلها معارك الخاسر فيها الإنسان، والرابح فيها الشيطان، ألا ما أحوج الأمة الإسلامية إلى تفعيل فن التعاملات الاجتماعية، والعلاقات الإنسانية، ليتحقق لها الخير في الدنيا والآخرة.
ودلل بما ورد أن الله -عزّ وجلّ- يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، منوهًا بأن وقوع الاختلاف بين الناس أمرٌ لا بد منه؛ لتفاوت إراداتهم وأفهامهم، وقُوى إدراكهم. لكن المذموم بَغْيُ بعضهم على بعضٍ، فالاختلاف أمرٌ فطري، أما الخِلاف والشِّقاق، والتخاصم والفِراق، فهو المنهي عنه بنصوص الشريعة الغرَّاء. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾.