الجزيرة:
2025-04-22@21:21:52 GMT

أسواق الأغراض القديمة.. حينما يتحول الفقر إلى ترند

تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT

أسواق الأغراض القديمة.. حينما يتحول الفقر إلى ترند

لطالما كانت أسواق الأغراض المستعملة ملاذا للفئات الأقل حظا ما بين وكالة البلح وسوق ديانا في القاهرة وأسواق "الفريب" في تونس وسوق الأحد في لبنان وغيرها من الأسواق حيث يمكنك إيجاد كافة احتياجاتك من الملابس والأثاث والكتب والأنتيكات، وحتى الأجهزة الكهربائية.

لكن السنوات الأخيرة شهدت تحولا في علاقة المستهلكين بهذه الأسواق، ووفقا للتقديرات ارتفعت قيمة سوق الملابس المستعملة عالميا خلال السنوات من 2021 إلى 2023 من 138 مليار دولار إلى 211 مليارا، ومن المتوقع وصولها إلى نحو 351 مليار دولار بحلول عام 2027.

كما شهد سوق إعادة بيع المستعمل عبر الإنترنت نموا متصاعدا، لتتحول الأغراض القديمة -خاصة الملابس- إلى موضة جديدة وترند.

البعض يحترف اقتناص القطع المميزة وسط مئات القطع (الجزيرة) لماذا يعشق جيل زد الملابس المستعملة؟

يعد الوعي المتنامي بقضايا البيئة والمجتمع من بين سمات جيل زد المميزة، وقد نشأ أبناؤه في عالم مزدحم بالأزمات البيئية والاقتصادية، كما أن لديهم شعورا قويا بالهوية الفردية، وربما تفسر هذه الأسباب وغيرها انجذابهم للتسوق في أسواق المستعمل أو ما يعرف بـ"التوفير"، وهو اتجاه عززه التأثير الاقتصادي لجائحة "كوفيد-19" حين فقد الكثيرون وظائفهم، فوجدوا في أسواق الأغراض المستعملة وسيلة لإطفاء نهمهم للاستهلاك بميزانية أقل.

كما نشأ نوع من الاقتصاد الموازي القائم على إعادة بيع الأغراض المستعملة عبر الإنترنت بأسعار أعلى، سواء بحالتها الأصلية أو بعد إعادة تدويرها لصنع قطع جديدة، وهو ما شكّل مصدر دخل للعديد من الأفراد وساهم في ازدياد نمو المحتوى المعتمد على شراء القطع القديمة واستعراضها.

ويساعد شراء الأغراض المستعملة -خاصة من الملابس وقطع الديكور أو الإكسسوارات- على تعزيز الشعور بالتفرد عبر شراء قطع مميزة ومختلفة عن القطع السائدة والتنميط الذي تكرسه الموضة السريعة.

إعلان

كما أن العديد من المنتجات القديمة عادة ما تكون مصنوعة بحرفية أعلى مقارنة بتلك الحديثة.

ومن ناحية أخرى، أصبح البعض يعتبرون استكشاف وإعادة تنسيق القطع واكتشافها بمثابة هواية في حد ذاتها تمنحهم شعورا بالإبداع والإثارة.

كما أن الاستهلاك الواعي يوفر نوعا من بناء الهوية والاختيار الواعي، كما يعزز الشعور باحترام الذات عبر الاختيار الواعي للاستدامة، ويمنح شعورا إيجابيا للفرد بالقدرة على لعب دور في مساعدة المجتمع ومقاومة التأثيرات السلبية للموضة السريعة.

البعض يعتبر استكشاف وإعادة تنسيق القطع واكتشافها بمثابة هواية في حد ذاتها تمنحهم شعورا بالإبداع والإثارة (بيكسلز) دور وسائل التواصل الاجتماعي

وقد لعبت منصات التواصل الاجتماعي دورا أساسيا في هذا التحول، فبإمكانك مشاهدة آلاف المقاطع التي تحمل وسم "ثريفت توك"، و"فينتدج فايندز" وغيرهما.

وقد أصبح استكشاف الملابس المستعملة بمثابة ترند أو توجه عالمي مصحوب بتفاعل رقمي واسع، مما خلق لدى الأفراد نوعا من الشعور بالانتماء إلى مجتمع رقمي يقدّر تفردهم واختلافهم، وقد أصبح شراء المستعمل دلالة على الوعي البيئي والتفرد بدلا من ارتباطه التقليدي بانخفاض المكانة الاجتماعية.

الوجه الآخر للوعي

تمثل صناعة الموضة السريعة نحو أكثر من خُمس مصادر التلوث في العالم، كما ترتبط ببيئة عمل غير إنسانية، وتعتمد على العمالة الرخيصة وعمالة الأطفال في دول العالم الثالث لتقديم قطع ملابس سرعان ما تبلى، مما يخلق شعورا دائما لدى المستهلكين بحاجتهم لشراء المزيد من الملابس لمواكبة أحدث خطوط الموضة والتي تتغير بشكل شبه شهري.

وبينما يعتبر شراء الملابس المستعملة خطوة مهمة في تقليل الأثر البيئي للموضة فإن المفارقة أن الجانب الآخر منه هو تشجيع المشترين على استهلاك المزيد من الملابس، إذ يشجع أحيانا رخص سعر القطع المستعملة مقارنة بالجديدة على زيادة الاستهلاك والاكتناز وإدمان التسوق.

زيادة الطلب على السلع المستعملة أدت إلى زيادة أسعارها بدرجة كبيرة (بيكسلز)

ومن ناحية أخرى، فقد أدت زيادة الطلب على السلع المستعملة إلى زيادة أسعارها بدرجة كبيرة، مما حرم قاعدة كبيرة من المستهلكين الأقل حظا والذين كان اعتمادهم الأساسي قائما على متاجر المستعمل، لتصبح ساحة للطبقات الاجتماعية الأعلى بدلا من كونها مصدرا أساسيا لاحتياجات الطبقات الأقل حظا، مما يؤدي إلى تكريس التفاوت الطبقي، وكأن الاستهلاك الواعي يتحول من بديل أخلاقي للموضة السريعة إلى شكل آخر من أشكال الاستهلاك يحمل تحديات اقتصادية واجتماعية يجب عدم إغفالها.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الملابس المستعملة من الملابس

إقرأ أيضاً:

استيراد ثقافة الفقر بين الفجر النقي وواقع مؤلم

 

صالح بن سعيد الحمداني

 

في كل صباح حين يَشقُ ضوء الفجر عتمة الليل، ويهمس الآذان في أذُنِ السماء مُعلنًا بداية يوم جديد، يسير الكثير منَّا بخطى هادئة نحو المساجد لأداء صلاة الفجر في ذلك الوقت الساحر، تسكن الدنيا وتغفو ضوضاؤها، ويصبح الهواء أنقى ما يكون، مشبعًا بالأمل والطاقة، وكأن الشمس تعدنا بساعاتٍ مليئة بالعطاء وبالعمل وبالبركة.

لكن ويا للأسف في ذات المشهد الروحي الذي يلامس القلوب، تظهر أمامنا صورة معاكسة، صورة لا تنتمي لذلك الصفاء، ولا تعكس نور الفجر؛ بل تشقّ القلب وأنت في طريقك تمرّ بجانب إحدى حاويات القمامة، فترى حركة خفيفة، فتظنها قطة أو كلبًا- أكرمكم الله- ولكن حين تقترب، يتّضح لك أنَّه إنسان، نعم إنسان من لحم ودم، ينبش في القمامة بحثًا عن كرتون، أو علب مشروبات فارغة، ليبيعها ويجمع ما يستطيع من المال القليل.

ليس هذا المشهد عابرًا؛ بل تكرار يومي بات جزءًا من مشهدنا الصباحي؛ حيث تجد في كل قرية أو حي مجموعة من الوافدين، يتقاسمون "حدودهم" من حاويات القمامة، كل شخص له حاويات مُحددة لا يتجاوزها، تجده كل يوم معها لا يفوت موعده فهو لا "يغزو" حاويات شخص آخر، وكأننا أمام توزيع "إداري" بينهم! لا يشبه نظام العمل؛ بل يشبه تقاسم مناطق النفوذ في حروب العصابات.

لكن السؤال المؤلم كيف وصلنا إلى هنا؟ هل هي ثقافة الفقر؟ أم هي الحاجة التي تُذِلّ الإنسان؟ هل نحن أمام سلوك فردي؟ أم أننا نستورد نمط حياة خوفاً أن يلاحق البعض مستقبلًا؟ هل هذا الوافد الذي يُنقِّب بين النفايات لا يعمل تحت مسؤولية كفيل؟ أين من استقدمه؟ ولماذا تُترك هذه الفئة دون رقابة أو مسؤولية؟

الأمر لا يتعلق فقط بالمنظر المؤلم؛ بل بالخطر الصحي وبالنظرة المجتمعية وبالقيمة الإنسانية.

نحن لا نلوم الفقير لأنه فقير، ولا نُدين من يعمل بكرامة، لكن هل يُعَدّ "النبش في القمامة" عملًا؟! هل أصبح هذا "اقتصادًا غير رسمي" يُدار في الخفاء؟! وهنا لا بُد أن نقف، ونسأل أنفسنا: هل نريد لهذا أن يكون جزءًا من مشهدنا اليومي؟ إذا ما الحل لهذه الظاهرة؟

من وجهة نظري المتواضعة، أرى تفعيل الرقابة على أوضاع العمالة الوافدة، والتأكد من التزام الكفلاء بواجباتهم، وتوفير فرص عمل شريفة ومنظمة لكل من يعمل على أرضنا، ورفض أي شكل من أشكال التسوُّل المُقنَّع أو البحث في القمامة.

لا بُد لنا من تعزيز ثقافة الحفاظ على النظافة والكرامة، ونشر التوعية المجتمعية بطرق ترفع من مستوى الوعي حتى بين الوافدين عن طريق أرباب العمل، ودعم الجهات المختصة بملف النفايات، وتطوير منظومة إعادة التدوير لتكون منظمة، تحفظ الكرامة، وتُدار بأيدٍ مختصة.

وفي النهاية.. الفجر ما زال يطلع كل يوم، والنور ما زال يبعث الأمل، ولكن بين النور والظلام، هناك صور كثيرة تحتاج إلى معالجة، إلى وقفة صادقة، وإلى حلول واقعية لا تقف عند حدود الكلام فقط.

وتبقى مجرد وجهة نظر أتمنى أكون وُفِّقْتُ فيها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • استيراد ثقافة الفقر بين الفجر النقي وواقع مؤلم
  • شركة “ميرسك” تعترف بنقل قطع “أف 35” للعدو الصهيوني
  • هل يتحول القطب المالي للدار البيضاء مستقبلاً إلى “داون تاون” ؟
  • ميرسك تعترف بنقل قطع "إف-35" إلى إسرائيل عبر سفنها
  • أخيرا في تركيا.. القضاء على الإعلانات المزيفة ورفع الأسعار في سوق السيارات
  • دعاء سورة قل هو الله أحد.. ردده ولن يعرف الفقر والنكد عنوانك
  • علي جمعة: كثير من الناس حينما يرون المتشددين يفسرون النصوص بعنفهم ينكرونها
  • “فرصة حقيقية لشراء السيارات المستعملة” في تركيا
  • 7 خطوات لتخزين ملابسك الشتوية كالمحترفين وضمان بقائها بحالة ممتازة
  • مستشار شيخ الأزهر: حينما نرى حفظة القرآن من الوافدين نقول الدنيا بخير