أسطورة الرجل الصياد بين العمق التاريخي والعصر الحديث
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
واشنطن "د.ب.أ": هل كانت أنشطة الصيد في العصور السالفة حكرا على الرجال فقط؟ وماذا عن دور النساء وتوزيع الأدوار في تلك المجتمعات؟ تقول إف دي فلام، الكاتبة المتخصصة بالشؤون العلمية في وكالة بلومبرج للأنباء في تقرير نشرته الوكالة إنه لا يزال الأشخاص اليوم مفتونين بأسلافنا من ممارسي الصيد وجمع الثمار. وتضيف أنه تم إجراء أبحاث منذ فترة طويلة عن الأسلاف القدامى للحصول على أدلة عن أنفسنا، مشيرة إلى أنه كان من الصعب علينا دائما تفسير حياتهم بشكل واضح لا تشوبه افتراضاتنا الخاصة.
ودعت فلام إلى التأمل في دراسة صدرت مؤخرا، روجت لها مجلة ساينس باعتبارها تكشف "أسطورة الرجل الصياد" والتي تستند إلى فكرة أن رجال العصر الحجري كانوا يصطادون الحيوانات والأسماك الكبيرة بينما تجمع النساء بسلام التوت والجذور الصالحة للأكل. وكانت هذه الدراسة، التي نشرت في مجلة "بلوس ون"، عبارة عن إعادة تحليل للبيانات السابقة التي تم جمعها في 391 مجتمعا معاصرا للصيادين وجامعي الثمار. ووجد المؤلفون أن 63 من تلك المجتمعات تحتوي على بيانات حول النوع الاجتماعي والصيد. ومن بين المجتماعات الـ 63، تبين أنه في 50 منها كانت النساء تمارسن الصيد.
وعلى مدى العقود العديدة الماضية، تم كشف حقيقة اسطورة "الرجل الصياد" عدة مرات. وليس من الواضح أنه كان شيئا رجحه العلماء أو مجرد واحدة من تلك الأفكار التي تدور حول ثقافتنا والتي يؤمن بها العلماء مع أي شخص آخر.
ويتكون الفهم الشعبي حقا من جزأين. الأول هو أن الرجال وليس النساء يصطادون، والثاني هو أن الصيد كان أهم وظيفة في ماضينا ما قبل التاريخ. وكان الافتراض هو أن الجميع يعتمدون على الصيادين للحصول على الطعام، وأن صيد الحيوانات أو الأسماك الكبيرة هو ما دفع تطور جنسنا البشري كصانعي أدوات أذكياء.
وركزت معظم جهود فضح الماضي على الجزء المتعلق بالنوع الاجتماعي. وفي مجتمعات البحث عن الطعام المعاصرة، تصطاد النساء أحيانا جنبا إلى جنب مع الرجال.
أما بالنسبة لمسألة ما إذا كان الصيد هو حقا الوظيفة العليا لمعظم عصور ما قبل التاريخ البشري، فإن أحدث الأدلة تظهر أن هذه الافتراضات ربما تكون خاطئة أيضا.
وإذا كان الأشخاص في ذلك الوقت مثل ما هم عليه اليوم، فمن المؤكد أن الطبيعة الدموية والعنيفة للصيد لن تكون للجميع. ألم يكن بعض النساء والرجال يفضلون وظائف أخرى؟ ألم تكن هناك دائما أنواع مهووسة كانوا يرغبون في تجربتها مع النباتات الطبية، أو العبث بتكنولوجيا جديدة لصنع الأدوات أو الطهي؟ وتقول فلام إنها استشارت فيفيك فينكاتارامان، عالم الأنثروبولوجيا التطورية في جامعة كالجاري، الذي كتب فضح سابق لفكرة "الرجل الصياد"، مستشهدا بالعمل الذي يعود إلى ثمانينيات القرن العشرين. وقال إن فكرة عصور ما قبل التاريخ التي يهيمن عليها الذكور والصيادون لم تكن أبدا فكرة علمية حقيقية، ولكنها انعكاس للمجتمع في أوائل القرن العشرين. وأشار إلى أن الأمر قد يعود إلى بعض الرغبة بين الرجال في ذلك الوقت لتبرير كل من النظام الأبوي والعنف كشيء متأصل فينا من خلال التطور.
لكن كان من الواضح منذ فترة طويلة أن الفكرة كانت معيبة. وفي عام 1965، عقد علماء الأنثروبولوجيا اجتماعا في شيكاغو بدأ في كشف المفهوم الشائع لهيمنة الذكور. وكما هو موضح في مقال بمجلة نيويوركر لعام 2022، جلب الباحثون بيانات من الإقامات الطويلة مع ممارسي الصيد وجامعي الثمار المعاصرين، وكان أحد ما تم الكشف عنه هو أن كلا من الرجال والنساء كانوا ماهرين في الحصول على مجموعة متنوعة من الأطعمة من أصل حيواني ونباتي. ولم يكن هؤلاء الأشخاص على وشك المجاعة ولم يعتمد بقاؤهم على صيادي الحيوانات أو الأسماك الكبيرة.
والأمر الأكثر إثارة للانتباه هو أنهم "يعملون" أقل بكثير من 40 ساعة في الأسبوع، وكان لديهم وقت فراغ للتجول والاختلاط والراحة. وتم دفع الباحثين عن الطعام الحديث إلى بعض أقسى البيئات في العالم، لذلك في عصور ما قبل التاريخ، من المحتمل أن يكون الطعام أكثر تنوعا ووفرة. وعاش بعض الأشخاص في عصور ما قبل التاريخ بالقرب من الساحل وأكلوا الكثير من المحار. وربما كان لديهم المزيد من وقت الفراغ.
وقال فينكاتارامان إن الأدلة تظهر أن البشر كانوا من البدو الرحل في معظم وجودنا كنوع، ويميل البدو الرحل اليوم إلى المساواة. وفي المجموعة التي يدرسها، وهم الباتيك في الغابات المطيرة الماليزية، لا أحد يتحكم في أي شخص حوله. وبعض الرجال ماهرون في مطاردة الحيوانات باستخدام أنبوب النفخ. والنساء أحرار في القيام بذلك، لكن الكثيرات يفضلن أنواعا أخرى من العمل الماهر، بما في ذلك الجمع وكذلك قتل القوارض الكبيرة الصالحة للأكل بالمناجل.
وقال إن أحد الأنماط هو أن الأشخاص مترابطون ومستقلون. وليس لديهم وظائف في حد ذات الأمر، ولكن لديهم المهارات التي يطورونها للمساهمة لصالح منفعة المجموعة.
وقال إن هناك مجالا للمصالح المتنوعة "طالما أنك تساهم بطريقة ما في العثور على مسارات الحيوانات".
أو يمكنك أن تكون جيدا في جمع المواد ليتم الاتجار بها أو تسلق الأشجار للحصول على العسل، أو يمكنك أن تكون استراتيجيا للصيد. وقال: "هناك دائما مكان مناسب لشخص ما".
وفي مجتمعات ما قبل التاريخ، لم يكن الأشخاص الذين قاموا بهذه الأنشطة الأخرى مرفوضين من جانب ما يعادل مدرسة الصيد بجامعة هارفارد. وكان لدى الأشخاص ميول ومواهب مختلفة وأطعمة مفضلة، تماما كما يفعلون اليوم. ولكن تم تقاسم الموارد لذلك لم يكن هناك جدول للأجور.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
«الاحتلال الإسرائيلي»: نواصل القتال في العمق وإلحاق ضرر كبير بحزب الله
أكد رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي، أنهم سيواصلون القتال والهجوم في العمق وإلحاق ضرر كبير بحزب الله، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل.