البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة
تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT
آخر تحديث: 16 أبريل 2025 - 11:38 صبقلم: رشيد الخيّون نعيش زَمناً نهمس في دواخلنا: أنحن أبناء القرن الحادي والعشرين، وأدركنا منتجات العقل البشري في اِختراعاته واكتشافاته الهائلة؟ بينما تجدنا ضائعين في الأعجبَ والأغربَ مِن الأوهام! زمن يحلق بنا بأجنحة التَّخلف، حتَّى صرنا كما قال ابن حِلِّزَة اليشكريّ (قبل الإسلام)، في نشوه وصحوه، وهو ما ليس في المعلقة: «إذَا انتشيتُ فَإِنَّنِي/ رَبُّ الْخَوَرْنَقِ وَالسَّدِيرِ/ وَإِذَا صَحَوْتُ فَإِنَّنِي/ رَبُّ الشُّوَيْهَةِ وَالْبَعِيرِ»، ومنها البيت الذَّائع: «وأحبها وتحبني/ ويحب ناقتَها بعيري»(المغربيّ، نشوة الطَّرب).
دعا الاِنتشاء بنزاعات الماضي صاحب عِمامة سوداء، يقف محمساً الأتباع بهتاف «البصرة علويَّة»، وهي مجرد إغفاءة، ما أن يستيقظ منها، الخطيب والجمهور، سيجدون أنفسهم بين ركام مِن المآسي. تجده بالوهم ملكَ الخورنق والسّدير، قصري النّعمان بن المنذر بالحِيرة، وإذا البَصرة التي يخاطبها بمجدٍ علويّ، يطلب صبيانها الماء العذب، وكانت أم الماء، ويستورد أهلها التّمر، وكانت أمَّ النّخيل، لكنَّ «كلّ خَاطِبٍ عَلى لِسَانِهِ تَمْرَةٌ» ما يراه لنيل حاجته (الميدانيّ، مجمع الأمثال).
سَلخ هتاف «البَصْرة علويّة» البَصْرة عن العِراق، عشية مباراة كرة، على أرض البَصرَة، ويصادف تاريخها طعن عليّ بن أبي طالب، ثم وفاته (21 رمضان 40هج)، وموعد المباراة ليس بيد حكومة البَصْرة ولا العراق كافة، إنما توقيت خاص مِن «الاتحاد الدُّولي لكرة القدم» (الفيفا)، وحسب تقدير صاحب الهتاف أنَّ البَصْرة، إذا سمحت بالمباراة، في عشية المناسبة، ستكون «عثمانيَّة»، نسبةً إلى عثمان بن عفان (قُتل: 35هج)، وتعود إلى أجواء معركة «الجمل» (36هج) حيث البْصَرة! فحسب أصحاب المنابر، على العِراق ألا يحسب للعالم حساباً، تُحدد أفراحه وأتراحه بالولادات والوفيات، ونزاعات قبل أربعة عشر قرناً.
لم يكفِ صاحب العِمامة الجدل، الذي ملأ الكُتب في هذه القضية وغيرها مِن السّابقات، تراه أعادنا إلى الجدل بين معتزلة البصرة ومعتزلة بغداد، وعليه صُنف معتزلة البَصْرة عُثمانيَّة سُنيَّة، ومعتزلة بغداد علويّة زيديَّة، ويومها كتب الجاحظ (ت: 255هج) رسالة عُرفت بـ«العثمانيَّة»، رابطاً الأفضلية بين الأربعة الرَّاشدين، حسب القِدم في الخلافة، فردها عليه المعتزليّ البغداديّ أبو جعفر الإسّكافيّ (ت: 240ه) في «نقض رسالة العثمانيّة»، ولأنَّ الجاحظ كان أستاذاً في زَمنه تجاهل الإسكافيّ.
حصل أنّ «دخل أبو عثمان (الجاحظ) صف الوَّراقين (سوق الكُتب) ببغداد، فقال: مَن هذا السّواديّ (الريفيّ) الذي بلغنا أنه يعرض لنقض كُتبنا! والإسكافيّ جالسٌ، فاختفى حتَّى لم يره» (فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة). غير أنّ الجاحظَ إذ جعل التَّفضيل حسب تسلسل الخلافة، مقابل الإسكافي وأصحابه، الذي قالوا بالفاضل والمفضول، كان يكن لعليّ كلّ التقدير، وكَتب في خصومه رسالة «النَّابتة» (رسائل الجاحظ)، والتي سميت أيضاً بـ«رسالة بني اُميَّة»، ومع ذلك، صنّفه الفقيه الشّيعيّ أحمد بن موسى بن طاووس (ت: 673هج) في: «المقال الفاطميَّة في نقض رسالة العثمانيَّة» مِن النَواصب، والنَواصب، الذين يسيئون لآل البيت، هم عند فقهاء السّنّة، مثل الغلاة بهم عند فقهاء الشِّيعة، خارج الإسلام.
كيف يُعتبر الجاحظ ناصبيَّاً وهو القائل: «وقال عليّ رحمه الله: قيمة كلِّ امرئ ما يحسن. فلو لم نقف مِن هذا الكتاب إلا على هذه الكلمة، لوجدناها شافية كافية، ومجزئة مغنية، بل لوجدناها فاضلة عن الكفاية، وغير مقصرة عن الغاية» (البيان والتبيين).
أقول: ماذا تجني البصرة مِن علويتها أو عثمانيتها، والقوم اختلفوا وتصالحوا، وماذا يجني العِراق مِن خطاب مأزوم، غير جهلٍ تراكميّ، وربّما لا يهم صاحب الهتاف أمر العِراق، وهو مِمَن سمنت نحورهم بخيره، فمِن حقّه إذا تمثل بما تمثل عبيد الله بن الحر (قُتل: 68هج): «لا كوفة أمّي ولا بَصْرة أبي/ ولا أنا يثنيني عن الرِّحلة الكسل» (الطّبريّ، تاريخ الرُّسل والملوك)، فقلبه لا يعتصر على بلد يهدمه الطّائفيون، مِن أمثاله، «حجراً حجراً»، فليس له مصلحة ببَصرة عراقيّة عامرة، لا عثمانيّة ولا علويَّة.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: الب ص رة ع الع راق
إقرأ أيضاً:
وفد حكومي عراقي يتعرّف إلى نماذج العمل المبتكرة لحكومة الإمارات
دبي: «الخليج»
اطَّلع وفد حكومي، من مكتب رئاسة مجلس الوزراء في جمهورية العراق، على أفضل التجارب ونماذج العمل التي طورتها حكومة دولة الإمارات، خلال زيارة رسمية أجراها للدولة، ضمن مبادرات مكتب التبادل المعرفي الحكومي في وزارة شؤون مجلس الوزراء الهادفة لتعزيز التعاون مع حكومات الدول الشقيقة وفي إطار الشراكة الاستراتيجية بين حكومتي البلدين في مجالات العمل والتحديث الحكومي.
وهدفت زيارة الوفد إلى التعرف إلى أفضل الممارسات والحلول المبتكرة والمشاريع والبرامج التي طورتها حكومة الإمارات في مختلف مجالات العمل.
ضم وفد حكومة جمهورية العراق الدكتور حميد نعيم خضير الأمين العام لمجلس الوزراء والدكتور نوفل هلال رئيس هيئة الإعلام والاتصالات وعزت صابر وكيل وزارة النفط وستار جبار وكيل وزارة التجارة وهاني موسى وكيل وزارة الصحة وعدد من المسؤولين في حكومة جمهورية العراق.
وعقد الوفد الزائر سلسلة اجتماعات مع مسؤولين في حكومة الإمارات، التقى خلالها مريم الحمادي وزيرة دولة الأمين العام لمجلس الوزراء وعبد الله البسطي الأمين العام للمجلس التنفيذي لإمارة دبي وعبد الله ناصر لوتاه مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي والمهندس محمد بن طليعة رئيس الخدمات الحكومية لحكومة دولة الإمارات وحنان أهلي مدير المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء وهالة بدري مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي وحمد المنصوري مدير عام دبي الرقمية وخلفان بالهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي المستقبل ود. وليد آل علي أمين عام المدرسة الرقمية إحدى مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية وعدداً من القيادات الحكومية.