بايدن: لم نشهد انقساما داخليا بهذا العمق من قبل
تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT
وجه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، اليوم الأربعاء، انتقادات حادة لإدارة دونالد ترامب، محذرا من "تفكيك الضمان الاجتماعي" واتساع الانقسام في البلاد. وذلك في أول خطاب علني له منذ خسارة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية العام الماضي.
وألقى بايدن كلمته في مؤتمر "المدافعون والمستشارون وممثلو ذوي الإعاقة" في مدينة شيكاغو، حيث قدّم نفسه كمدافع عن الفئات الضعيفة والبرامج الاجتماعية التي تخدم ملايين الأميركيين، في مواجهة ما وصفه بـ"النهج المدمر" للإدارة الجديدة.
وقال بايدن "لا يمكننا الاستمرار كأمة منقسمة بهذا الشكل. لم نشهد انقساما بهذا العمق من قبل.. لا نريد أن نفقد أميركا التي نؤمن بها، أميركا العدالة والمساواة".
وأضاف أن الأضرار التي لحقت بالمؤسسات الحكومية في أقل من 100 يوم "مذهلة"، متهما إدارة ترامب بتطبيق "عقلية شركات التكنولوجيا الناشئة" التي تعتمد على شعار "تحرك بسرعة وحطم الأشياء".
حملة التسريحاتكذلك، اتهم بايدن الإدارة الجديدة بإحداث اضطرابات كبيرة داخل وكالة الضمان الاجتماعي، حيث تم تسريح نحو 7 آلاف موظف حكومي، مما تسبب في تعطيل الخدمات بما في ذلك الموقع الإلكتروني للضمان الاجتماعي.
وتابع أن "عشرات الآلاف من الأميركيين لا يستطيعون تسجيل الدخول إلى حساباتهم، والسبب؟ تقليص عدد الموظفين في قسم تكنولوجيا المعلومات إلى النصف".
إعلانوشدد بايدن على أهمية حماية الضمان الاجتماعي، واصفا إياه بأنه "وعد مقدس". وأضاف "لأول مرة في التاريخ، يشعر الناس بالخوف من احتمال تأخير أو وقف صرف مستحقاتهم".
كما اتهم الجمهوريين بالسعي لتفكيك الوكالة بغرض الاستيلاء على أموالها لتمويل التخفيضات الضريبية التي تعود بالنفع على الأثرياء والشركات الكبرى، وقال: "يريدون تدمير الصندوق حتى يتمكنوا من سرقته. إنهم يسعون لجعل التخفيضات الضريبية لعام 2017 دائمة، والتي ستكلفنا 5 تريليونات دولار. ومن أين ينوون تغطية هذه التكلفة؟ من أموال المتقاعدين والمعاقين".
وأكد الرئيس الأميركي السابق أن الضمان الاجتماعي يستحق الحماية لصالح الأمة بأكملها، مضيفا: "الأمر لا يتعلق بالمعاشات التقاعدية فحسب، بل باحترام رابطة الثقة الجوهرية بين الدولة والشعب". وشدد على أن ضرب هذه الثقة يقوّض أسس المجتمع الأميركي ويزعزع استقراره الاجتماعي.
من جهتها، سارعت إدارة الضمان الاجتماعي إلى الرد على تصريحات بايدن، ووصفتها بـ"الكاذبة" عبر منشورات على منصة "إكس". وأكدت الوكالة أن ترامب "أكد مرارا التزامه بحماية الضمان الاجتماعي"، وأنها استثمرت 16.5 مليون دولار في تحديث خدماتها التكنولوجية.
كما نفت الوكالة تسريح نصف طاقم قسم التكنولوجيا، وأشارت إلى أن التحقيقات كشفت عن مدفوعات غير سليمة بقيمة 72 مليار دولار خلال الفترة من 2015 إلى 2022، وأن أكثر من مليوني مهاجر حصلوا على أرقام ضمان اجتماعي دون الحصول على تصريح عمل.
ويتزامن خطاب بايدن مع انطلاق حملة ديمقراطية وطنية للاحتجاج على التخفيضات المحتملة في الضمان الاجتماعي، حيث نُظمت مظاهرات في عدة ولايات أميركية للمطالبة بحماية البرنامج.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الضمان الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
حرب الوكالة: السودان والإمارات.. هل تغير «دولة ممزقة» تاريخ الحروب؟
لعقود طويلة، كانت حروب الوكالة ـ ولا تزال ـ حيزاً غامضاً تتحرك فيه الدول لتحقيق أهدافها الاستراتيجية من دون الانخراط المباشر في أعمال عسكرية واسعة النطاق.
التغيير ــ وكالات
لكن هذا الحيز الرمادي ـ ثمة احتمالات ولو ضعيفة ـ قد يتقلّص، إذ تعيد دعوى قضائية جديدة النقاش حول إمكانية تجريم المشاركة ـ ولو عن بُعد ـ في جرائم الحرب.
السودان ضد الإماراتيقاضي السودان دولة الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بتهمة تأجيج نزاع داخلي، من دون أن تنشر الدولة الخليجية قواتها على الأراضي السودانية.
يزعم السودان أن الإمارات متواطئة ـ بتقديم دعم مالي وسياسي وعسكري ـ في “إبادة جماعية” ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع بحق قبيلة المساليت في غرب دارفور، نوفمبر 2023.
القضية “غير مسبوقة في نطاق القانون الدولي”، يقول لموقع “الحرة” عبدالخالق الشايب، وهو مستشار قانوني وباحث في جامعة هارفارد.
وإذا قضت المحكمة لصالح السودان، فيسكون الحكم ـ بدوره ـ “سابقة قانونية” تُحمّل فيها دولة المسؤولية القانونية عن حرب بالوكالة، خاضتها عن بُعد.
وسيوفر الحكم أساسا لمساءلة الدول عن حروب الوكالة، وإعادة تقييم مبدأ عدم التدخل في سياق الحروب غير المباشرة.
يقول خبراء قانون لموقع “الحرة”، إن قضية السودان ـ إذا نجحت ـ ستؤدي إلى إعادة النظر في أدق التحفظات المتعلقة بالمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية، خصوصا عندما تكون هناك ادعاءات بارتكاب إبادة جماعية.
وقد تفقد الدول ـ نتيجة لذلك ـ القدرة على حماية نفسها من اختصاص المحكمة في مثل هذه القضايا.
ومن تداعيات القضية ـ إذا قررت محكمة العدل الدولية البت فيها ـ إعادة تفسير اتفاقية الإبادة الجماعية لتشمل حالات التورط غير المباشر أو التواطؤ في جرائم الحرب.
حروب الوكالةفي حديث مع موقع “الحرة”، تقول ريبيكا هاملتون، أستاذة القانون الدولي في الجامعة الأميركية في واشنطن، إن مفهوم الحرب بالوكالة يتبدى عندما تتصرف دولة كراع وتدعم طرفا آخر في ارتكاب أفعال خاطئة.
ورغم أن حروب الوكالة تبدو ظاهرة حديثة، فلها تاريخ طويل ومعقّد.
تُعرّف بأنها صراعات تقوم فيها قوة كبرى ـ عالمية أو إقليمية ـ بتحريض طرف معين أو دعمه أو توجيهه، بينما تظل هي بعيدة، أو منخرطة بشكل محدود في القتال على الأرض.
تختلف حروب الوكالة عن الحروب التقليدية في أن الأخيرة تتحمل فيها الدول العبء الأكبر في القتال الفعلي، وعن التحالفات التي تساهم فيها القوى الكبرى والصغرى حسب قدراتها.
وتُعرف حروب الوكالة أيضا بأنها تدخّل طرف ثالث في حرب قائمة. وتشير الموسوعة البريطانية إلى أن الأطراف الثالثة لا تشارك في القتال المباشر بشكل كبير، ما يتيح لها المنافسة على النفوذ والموارد باستخدام المساعدات العسكرية والتدريب والدعم الاقتصادي والعمليات العسكرية المحدودة من خلال وكلاء.
من الإمبراطورية البيزنطية إلى سوريايعود تاريخ الحروب بالوكالة إلى عصور قديمة، فقد استخدمت الإمبراطورية البيزنطية استراتيجيات لإشعال النزاعات بين الجماعات المتنافسة في الدول المجاورة، ودعمت الأقوى بينها.
وخلال الحرب العالمية الأولى، دعمت بريطانيا وفرنسا الثورة العربية ضد الدولة العثمانية بطريقة مشابهة. وكانت الحرب الأهلية الإسبانية ساحة صراع بالوكالة بين الجمهوريين المدعومين من الاتحاد السوفيتي والقوميين المدعومين من ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.
وخلال الحرب الباردة، أصبحت الحروب بالوكالة وسيلة مقبولة للتنافس على النفوذ العالمي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، تجنبا لاحتمال نشوب حرب نووية كارثية.
ومن أبرز الأمثلة: الحرب الكورية، حرب فيتنام، الغزو السوفيتي لأفغانستان، والحرب الأهلية في أنغولا. استمرت هذه الحروب حتى القرن الحادي والعشرين. وتُعد الحرب في اليمن مثالا واضحا لحروب الوكالة، حيث تدعم إيران الحوثيين بينما تدعم السعودية وحلفاؤها الحكومة اليمنية.
وأظهر الصراع في سورية قبل سقوط نظام بشار الأسد مثالا صارخا لحروب الوكالة في عصرنا، من خلال تدخل روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا دعما لفصائل مختلفة.
قضية السودان ضد الإمارات قد تدفع دولا أخرى إلى التفكير باللجوء إلى محكمة العدل الدولية في دعاوى مماثلة، ولكن!
الإبادة الجماعية؟لا تتعلق دعوى السودان بحروب الوكالة تحديدا، يؤكد الخبراء، بل تستند إلى اتفاقية “منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة المتورطين فيها”.
تدّعي الخرطوم أن ميليشيات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بينها القتل الجماعي، والاغتصاب، والتهجير القسري للسكان غير العرب، وتزعم أن تلك الجرائم ما كانت لتحدث لولا الدعم الإماراتي، بما في ذلك شحنات الأسلحة عبر مطار أمجاراس في تشاد.
“يحاول السودان أن يثبت دور دولة أخرى غير المباشر في ارتكاب قوات عسكرية أو ميلشيا تحارب في السودان إبادة جماعية”، يقول الخبيرة عبدالخالق الشايب.
“أساس القضية،” يضيف، “المادة التاسعة من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”.
رغم أن كلّا من الخرطوم وأبوظبي من الموقعين على الاتفاقية، تعتقد هاملتون أن من غير المحتمل أن يتم البت في هذه القضية، إذ إن “محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الاختصاص القضائي للنظر فيها”.
“عند توقيعها على اتفاقية الإبادة الجماعية،” تتابع هاميلتون، “أكدت الإمارات أنها لم تمنح محكمة العدل الدولية السلطة للفصل في النزاعات التي قد تنشأ بينها وبين دول أخرى بشأن هذه الاتفاقية”.
ويلفت ناصر أمين، وهو محام مختص بالقضايا الدولية، إلى أن النزاع القائم في السودان يُعتبر وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني نزاعا مسلحا داخليا، إلى أن تثبت الخرطوم بأن هناك تدخلا من إحدى الدول لصالح أحد أطراف النزاع داخليا”.
“وهذا يحكمه بروتوكول ملحق باتفاقيات جنيف أو بالقانون الدولي الإنساني المذكور في المادة 3 من البروتوكول الثاني لاتفاقيات جنيف المنعقدة عام 1929،” يضيف.
تنص المادة الثالثة على أن أحكام هذه الاتفاقية لا تسمح لأي دولة أن تتدخل في الشأن الداخلي لأي دولة أخرى أو أن تمارس أي أعمال داعمة لأي فصيل متنازع أو متصارع.
“على السودان أن يثبت أمام محكمة العدل الدولية أن هناك خرقا حدث للمادة 3 من البروتوكول”، يوضح.
لم يرد المركز الإعلامي، لسفارة الإمارات في واشنطن، على طلب للتعليق بعثه موقع “الحرة” عبر البريد الإلكتروني.
نقاط القوة والضعفوتقول ربيكا هاملتون “من المؤسف” أنه من غير المحتمل أن تُرفع هذه القضية، حيث إن محكمة العدل الدولية تفتقر إلى الاختصاص القضائي للنظر فيها.
ويشير الباحث القانوني، عبدالخالق الشايب، إلى أن قضية السودان ضد الإمارات “يبقى التعامل معها متعلقا بوكالات الأمم المتحدة أو مجلس الأمن تحديدا”.
لكن هاملتون تقول إن هناك مجموعة من القوانين الدولية التي تحظر حروب الوكالة، لكن “التحدي الحقيقي يكمن في كيفية إنفاذ هذه القوانين”.
“سابقة”.. حتى لو تعثرت؟أن تتعثر قضية السودان ضد الإمارات ـ بسبب الاختصاص القضائي ـ أمر وارد، لكنها تبقى، وفق خبراء في القانون، “ذات دلالة رمزية كبيرة”.
“بغض النظر عن نتيجتها،” تقول أستاذة القانون الدولي ربيكا هاملتون، لموقع “الحرة”، “تمثل القضية محاولة جريئة من دولة ممزقة بالصراعات لتوسيع مفهوم المساءلة عن ممارسات الحرب الحديثة”.
وحتى إن رفضت محكمة العدل الدولية النظر في الدعوى، فإن القضية تضيّق الحيز الرمادي الفاصل بين المسؤولية المباشرة والمسؤولية غير المباشرة عن جرائم الحرب.
في تصريحات لموقع “JUST SECURITY”، يشير خبراء قانون إلى أن صدور حكم لصالح السودان ـ حتى وإن كان ذلك غير مرجح ـ قد يؤدي إلى إعادة تقييم شاملة للمعايير القانونية الدولية المتعلقة بتواطؤ الدول وتدخلها.
قبول الدعوى قد يدفع القانون الدولي إلى مواجهة التكلفة الحقيقية لحروب الوكالة الحديثة — سواء خيضت بجنود على الأرض، أو من خلال دعم مالي وعسكري عن بُعد.
الحرة – واشنطن
الوسومالإمارات الجيش السودان حرب الوكالة قوات الدعم السريع