ألقى الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، كلمة وزارة الأوقاف، نيابة عن الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، وذلك خلال مشاركته في فعاليات مؤتمر: “التغريب في العلوم العربية والإسلامية – المظاهر – الأسباب – سبل المواجهة”، والذي تعقده كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف.

وفي كلمته، نقل الأمين العام تحيات  وزير الأوقاف، وتقديره للقائمين على تنظيم المؤتمر، واستهل كلمته بقوله: إن بساط العلوم والمعارف تدور في فلكه البشرية بين سيرة ومسيرة، في أصلٍ يدندن بأوتاره حول التعارف واللقاء، بلا بينونة أو فراق، وسُنّة الله جرت بين خلقه دائرة بين هداية وتوفيق.

هل الدعاء يرد القضاء فعلا؟ اعرف هذه الكلمات التي لا تردهل يكفي قول دعاء الاستخارة بدون صلاة ركعتين؟.. الإفتاء: يجوز بشروط

مؤكدًا أن الهيمنة البشرية قسمة أزلية لأنفسٍ غلبت عليها شقوتها، فاستحبّت العمى على الهدى، وقد خَلَت في تاريخ البشرية المثُلات، (وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ).

وشدّد على أن التلاقح المعرفي أمرٌ حتمه الاجتماع البشري، في عموميات جمعه، وطلبه الإنسان بحسب مقتضياته وعقله، دون تذويب لهوية أو ذوبان لماهية، بل إن حقيقة الأمر وواقعه امتزاج معرفي يحفظ للإنسان كينونته، وللمجتمع خصوصيته، على بساط من التعارف يلتقيان، وبرزخٍ محددٍ لا يبغيان.

وبيَّن أن من وعى التاريخ في قلبه، فقد أضاف عمرًا إلى عمره، وأن من لم يعتبر بالناس اعتبر الناسُ به، ومن لم يتدبّر في العواقب أصبح من النادمين.

كما شدّد على أن التغريب -في إطار التنظير وواقعه المعرفي- تتخطف الأفئدة من حوله ما بين رفضٍ وقبولٍ، مؤكدًا أنه لا بد من تجاوز “الماهيات” في أبجديات صياغته، وقد كانت لنا من قبل تذكرة {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ}.

وأضاف أن الغرب، في حضارته، لا يمكن أن يدور بين اكتمال وتمام وخلود، ومن ثم فلا بد من موضوعية في الأخذ والعطاء، وإيجابية في التميز والاختيار.

وأوضح أن أي أمة ألقت بماضيها وتخلّت لهي فاقدة لهويتها في حاضرها، متحوّلة إلى تشيئات مفعولة، لا فاعلة؛ وفرقٌ بين فاعلٍ يفاخر بإرثه وذاته في فتوة تطهّر البشرية من آثامها، قارِعًا سمعَ الزمانَ قائلاً: {هَاؤمُ اقْرُؤُوا كِتَابِيَهْ}.

وتبقى الحقيقة الدامغة في مسيرة التاريخ وأبجديات الحضارة: لا وجود لذوات مشوهة تاهت عن كينونتها في مسالك الزمان ودروبه، بتقليدٍ أعمى أسلمت فيه نفسها إلى غيرها، وتغريبٍ ارتضت بذاتها فيه الثرى وقد طاولت في مسيرة أيامها الثريا، وكأني بصوت الذات في تيهها وتحينها تقول:
لَمْ يَبْرَأِ الجَرْحُ، لَمْ تَهْدَأْ عَوَارِضُهُ
وَإِنْ غَدَتْ فِي خَرِيفِ العُمْرِ أَحْزَانَا
قَدَّمْتَ عُمْرَكَ لِلأَحْلَامِ قُرْبَانًا
فَهَلْ خَانَكَ الحُلْمُ؟ أَمْ أَنْتَ الَّذِي خَانَا؟
ثم أكد أن أمة فتية استعصت على الذوبان في ماضيها، قادرة على صناعة المعجزات في حاضرها، مستحقة للخلود في مستقبلها، في اقترانٍ وجودي بخلود كتابها، وهدي نبيها صلى الله عليه وسلم. وكأن انعكاسات الحفظ الإلهي قد ألقت بظلالها عليها، من أنوار قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، فلا خوف عليها، وقلبها النابض أرض الكنانة والمكانة.
فَلَا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا، لَنَا الصَّدْرُ دُونَ العَالَمِينَ أَوِ القَبْرُ
تَهُونُ عَلَيْنَا فِي المَعَانِي نفوسُنا، ومن يخطب الحسناء لم يغلِه المهر
مختتمًا كلمته بهذه الكلمات المدوية: "هنا، ومن قلبِ الأصالة والحضارة، من الأزهر المعمور، جاءت نعلنها واضحة: لا تهجير ولا هجران؛ حقيقةٌ ارتضاها قائدنا، وآمنت بها قلوبنا، والأزهر بأبنائه من وراء وطنهم ناصر وظهير، يهتف في سمع الزمان:
دع المداد وسطر بالدم القاني وأسكت الفم واخطب بالفم الثاني
فم الحق في صدر العداة له من الفصاحة ما يزري بسحبان
يا أزهر الخير قدها اليوم عاصفة فإنما أنت من نور وقرآن

مؤكدًا على أن مواجهة التغريب تتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات الدينية والعلمية والثقافية، وضرورة العمل على تعزيز الانتماء للغة العربية وتراثها، مع الانفتاح الواعي على العالم دون ذوبان أو تبعية.

وأهدى الأستاذ الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر والأستاذ الدكتور رمضان حسان عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين درع كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين للأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف تقديرًا لجهوده الدعوية، وتسلمه نيابة عنه الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أسامة الأزهري وزير الأوقاف شيخ الأزهر المزيد

إقرأ أيضاً:

كيف نتأكد من مصدر المعلومة الدينية؟.. السيد عبد الباري يجيب

أكد الدكتور السيد عبد الباري، من علماء الأزهر الشريف، على أهمية التحقق من مصدر المعلومة، خاصة إذا كانت تتعلق بالدين، محذرًا من خطورة "السيولة المعرفية" التي أصبحت تنتشر عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي دون رقيب أو تدقيق.

وقال عبد الباري، خلال تصريحات له:  "إن المعلومة الدينية مش زي أي معلومة، دي بتتعلق برضا ربنا وسخطه، يعني مش زي خبر كروي أو سياسي أو اقتصادي، خطأ فيهم قد يكون ضرر، لكن في الدين؟ الخطأ قد يضلّ الناس، بل قد يوقع في الكفر أو البدعة والضلال".

وكشف عن أن كثرة تكرار المعلومة لا يعني صحتها، فـ"الشير" وحده لا يجعل المعلومة علمًا،كما أن كثرة النشر لا تجعل الباطل حقًّا، والله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)، ومن هنا كيف نعرف المصدر ونتأكد منه؟.

رئيس جامعة الأزهر: لهذا السبب تمت الموافقة على مناقشة رسالة دكتوراه لباحثة بعد وفاتهاوكيل الأزهر الأسبق: ارتداء فنان بدلة رقص عار على مصر وتاريخهاهل يجوز للمرأة أن تتصدق من مال زوجها دون علمه؟.. الأزهر يجيبحكم قطع صلة الرحم مع الأقارب الذين يكثرون من الإساءة إلي ولأسرتي؟.. الأزهر يجيب

وتابع:  "هل المعلومة التي تصلك، دينية أو غير دينية، تعرف مصدرها؟ تعرف مين اللي كتبها؟ هل هو عالم مؤهل؟ ولا مجرد شخص يتحدث بلهجة أهل العلم؟ لأن للأسف، بعض الناس يتزيّا بزي أهل الدين، ويدخل بألفاظ دينية مألوفة على جمهور عاطفي بطبعه، فيُقبل كلامه دون تحقق".

وأشار  إلى أن تطور وسائل المعرفة سهّل الوصول إلى المعلومة، لكنه أيضًا زاد من حجم المغالطات والتحريفات، فزمان كنا نبحث عن حديث في الموسوعات الضخمة ونمشي وراء كل كلمة وحديث، والبحث كان متعب لكنه مثرٍ، دلوقتي تاچ واحد على الموبايل يطلع لك الحديث، بس ممكن يكون مزيف أو محرف، وهناك ما يُعرف في علوم الشريعة بـ'التصحيف'، يعني غلطة في نقطة تغيّر معنى الكلمة، والناس مش واخدة بالها".

وأكد أن التحري عن صحة المعلومة الدينية واجب شرعي، خصوصًا في هذا الزمن الذي تشوش فيه الحقائق وتُخلط فيه الشائعات بالعلم، والمعرفة الحقيقية بالخرافة، مضيفا: "مفيش حاجة اسمها اتقال وقالوا وقال أهل العلم، من غير ما تعرف مين اللي قال، ولا هو قال فين، ولا قال ليه، لازم تبحث، لازم تتأكد ده دينك!".

وأضاف قائلا: "يا جماعة الخير، ضروري تسألوا: المعلومة دي جت منين؟ مين الأستاذ اللي قالها؟ هل تربى على مائدة العلم والعلماء؟ ولا مجرد واعظ لطيف؟ من حقك تشك، ومن واجبك تبحث، لأن دا دين".

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يهنئ الدكتور شوقي علام بتعيينه عميدًا للمعهد العالي للدراسات الإسلامية
  • داود: التغريب والتغييب سبب إفساد الحياة الفكرية.. وتقدم أمتنا مرهون بإنتاج المعرفة
  • وزير الأوقاف يهنئ الدكتور شوقي علام بتعيينه عميدا للمعهد العالي للدراسات الإسلامية
  • أمين عام الأعلى للشؤون الإسلامية: لا بد من التمييز بين ما نأخذه من حضارة الغرب
  • أمين هيئات الإفتاء: المؤسسات الدينية الكبرى تلعب دورا محوريا في تعزيز قيم التضامن
  • كيف نتأكد من مصدر المعلومة الدينية؟.. السيد عبد الباري يجيب
  • مجمع البحوث الإسلامية: الأزهر والداخلية شريكان في بناء وعي الشخصية المصرية
  • إصلاح المهرة يشدد على مواجهة التحديات ويدعو للعمل بروح الفريق الواحد
  • الصبّان رئيس اتحاد التايكوندو المكلّف: المرحلة انتقالية والمسؤولية مضاعفة وتضافر الجهود مطلب