رياضة المغامرات.. رغبة في الشهرة محفوفة بالمخاطر
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
تتمتع سلطنة عمان بتنوع بيئي وتضاريسي متنَعّم، بين جبال شامخة ومرتفعات شاهقة وصحاري فسيحة، وبين أودية وبحار شاسعة. وقد أدّى هذا التباين إلى تنوع مناخي وبيولوجي ثري يعد استثنائيا؛ مما أسهم في تنوع الأنشطة السياحية، وجذب الكثير من عشاق رياضة المغامرات وحب الاستكشاف.
فتنوعت الأنشطة التي يقبل الشباب على ممارستها من تسلق الجبال، والنزول من أعالي القمم، إضافة إلى القفز في البرك المائية من المرتفعات العالية، وعبور الأودية، وخوض البحار والغوص.
وتأتي هذه المغامرات من باب المتعة والإثارة والتحدي، إلا أنه تبعه تهوّر ملحوظ من بعض الشباب بعدم أخذهم في عين الاعتبار العواقب الوخيمة إزاء التصرفات الطائشة، التي تنمّ عن قلة وعيهم بالمخاطر وانعدام المسؤولية.
وقال عبدالله بن سعيد الجرداني: إن سبب هذه الممارسات السعي وراء الشهرة، وخاصة بين فئة الشباب والمراهقين، وخاصة تلك الفئة التي تقضي أوقاتا طويلة لمتابعة المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي، فبالتالي تتولد لديهم رغبة جامحة في تقليدهم، وتصوير ما يقومون به رغم افتقار تلك الممارسات إلى مواصفات الأمن والسلامة.
تقنين المناشط
وأضاف الجرداني: أرى أن تتبنّى جهات رسمية كوزارة الرياضة والثقافة والشباب أو وزارة التراث والسياحة أو الأندية الرياضية مثل هذه الأنشطة؛ فهذه المغامرات لها فوائد ومهارات يكتسبها الشاب، حيث إنها ترسّخ قيم الصبر والقدرة على التحمّل والعمل الجماعي وبناء جسم صحي ورشيق، وفي سلطنة عمان توجد مثل هذه الأنشطة المقننة، إلا أنها تحتاج إلى تكثيف نظرا لما تتمتع به السلطنة من مقومات سياحية ورياضية تساعد على ممارسة رياضة المغامرات.
وأضاف: على من يُحب مثل هذه المغامرة أن يمارسها في أماكنها الصحيحة، فمن لديه هواية التفحيط بالسيارات مثلا يوجد نادٍ مخصص، ومن يعشق الأمواج وركوب البحر والغوص في أعماقه فهناك أماكن ومراكز مخصصة لذلك، ومن يستهوي تسلق الجبال والقفز في البرك المائية عليه أن يمارس هوايته بوجود طاقم وفريق متخصص لذلك حتى يتمكن من الاحتراف، أما العشوائية والتقليد الأعمى فيسببان الكثير من المخاطر.
حوادث متكررة
عبّر خميس بن سعيد الذيابي عن رأيه قائلا: إن ما نشاهده عبر حسابات الجهات الأمنية في سلطنة عُمان كشرطة عمان السلطانية، والهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف حول عمليات الإنقاذ والانتشال المستمرة لعدد من الأشخاص في مواقع مختلفة بسبب حوادث معظم أسبابها التهور واللامبالاة، وعدم التقيد بالقوانين والأنظمة هو أمرٌ مؤسف ويحتاج إلى وقفة حازمة، والمؤسف في هذا الأمر أن الفئة العمرية لهؤلاء الأشخاص وفق الإحصاءات المعلنة تتراوح بين ١٨ إلى ٣٥ سنة وهي فئة الشباب.
أما عن الدوافع التي تجعل هؤلاء الشباب يواصلون خوض مثل هذه الممارسات، قال الذيابي: لو أتينا إلى الدوافع سنجد أن مسمى (مغامرة/ تحدٍ/ تجربة) كلها مسميات اتّخِذت كعذر للقيام بهذه المخاطرة؛ فالأرواح التي زُهقت في مجاري الأودية بسبب التهور وعدم المبالاة، وبعضها وصل للمجازفة بالأسر لتكون النتيجة عمليات بحث لأيام، وانتشال لجثث اضمحلت في ركام طيني، وآخرون سقطوا من أعالي الجبال بمسمى «هايك» أو تسلق.
مغامرات متجددة
وذكرت روان بنت زايد الريسية: إن الشباب فريسة مغامرتهم المُتجددة، فيَرى بعضهم اليوم أن المُغامرة هي الطريق الوحيد للسعادة والترفيه عن النفس، حيث يلقون بأرواحهم لخوض تجربة جديدة أو لكسر حاجز خوف مُعين كالسرعة الجنونية في زُقاق مثلا، ولكن في الواقع طريق المغامرة وعِر ومليء بالمخاطر المُختلفة.
أما من الناحية النفسية، فقالت: إن الطب النفسي أوضح خطورة ارتفاع هرمون الأدرينالين في الدم بشكل سريع؛ وذلك لأنه يؤثر على الجهاز العصبي وينتج خليطا من مشاعر الخوف والسعادة بسبب الإقدام على فعل جريء، وخطير والنجاة منه دون أضرار، حيث يصبح هذا الشعور مطلوبا وحاجة لمدمني المغامرة، إذ أن زيادة ضخ الأدرينالين من لب الغدة الكظرية في الجسم تؤثر على ضخ الدم للقلب، ويضغط على الجهاز العصبي، ويجعله يفقد السيطرة والتحكم ومعالجة الأمور بطريقة منطقية، فيذهب الشاب ضحية لفكرة راودته بُرهة واستجاب لها.
الاحتياطات اللازمة
قال الدكتور سليمان بن ناصر الهميمي، أخصائي أول جراحة العظام بمستشفى نزوى المرجعي: رياضة صعود الجبال من الأنشطة الرائعة والممتعة، وتصاحب هذه الرياضة خطورة عالية تكمن في الإصابات الخطيرة وصعوبة الوصول إلى المصاب ونقله، ومن الضروري اختيار المسارات الآمنة وتجنب المسارات الخطرة، وأخذ الاحتياطات اللازمة للرياضة ضروري جدا.
وأشار الدكتور إلى ضرورة استعمال أحذية خاصة بصعود الجبال، وأخذ كمية كافية من السوائل والأغذية عالية الجودة، بالإضافة إلى التأكد من ملاءمة الطقس قبل وأثناء الرحلة، موضحا أهمية أخذ استشارة الطبيب إذا كان المتسلق يعاني من مشاكل صحية.
ولفت الهميمي إلى ضرورة احتفاظ المتسلق بحقيبة إسعافات أولية صغيرة لحالات الجروح واللدغ والكدمات والالتواءات، والاشتراك في دورات الإسعافات الأولية الأساسية خاصة إذ أصبحت هذه الهواية تُمارس بصورة متنظمة ومستمرة، ومع المشي لمسافات طويلة بين الأدوية وتسلق الجبال فلا بد من اكتساب المزيد من المعرفة الطبية المتعمقة، مشيرا إلى أهمية الممارسة مع مجموعة من الأصدقاء تفاديا لوقوع حادث في الطريق أو الضياع.
شعبية متزايدة
من جهتها قالت رقية بنت أحمد بيت عامر، أخصائية إرشاد وتوجيه نفسي: وفقا لعلم الأعصاب، هناك مناطق في الدماغ تطلق مواد كيميائية تجعل الإنسان يشعر بالراحة وتساعده في التغلب على الخوف، مثل هرمون الدوبامين الذي يتم إفرازه من تحت المهاد؛ ليجعل الإنسان في حالة من السعادة والراحة.
وأضافت أن المستويات العالية من الدوبامين تمنح شعورا بالرفاهية، ويمكن تشبيه تجربة المشاعر التي تصاحب المغامرات الخطرة بفيضان الدوبامين، الذي يحدث نتيجة تعاطي المخدرات، وقد تكون هناك دوافع أخرى تجعلهم يستمرون في خوض هذا النوع من المغامرات، فالشباب في هذه المرحلة العمرية -خصوصا الذكور- يميلون وبشدة إلى القيام بتصرفات وأفعال مدفوعة بالإشباع الفوري، وهم كذلك سريعي التأثر بالتعلم الاجتماعي وضغط الأقران.
كما أشارت رقية إلى أن الرياضات والمغامرات الخطرة هي أنشطة تضخ الأدرينالين وتدفع حدود القدرات الجسدية والعقلية لممارسيها، وقد أصبحت الرياضات والمغامرات الخطرة تتمتع بشعبية متزايدة في الوقت الحالي، حيث تقدم لممارسيها تجارب فريدة ولحظات لا تُنسى. ومع ذلك، إلى جانب الإثارة، تأتي المخاطر الكامنة والمخاطر المحتملة لهذه الرياضات والمغامرات، فيجب على ممارسيها معرفة الطرق اللازمة لحماية أنفسهم من مخاطر هذه الرياضات، والتأكد من حصولهم على تجربة آمنة وممتعة.
مخاطر متعددة
ودعت هيئة الدفاع المدني والإسعاف هواة رياضة المشي الجبلي في سلطنة عمان إلى اتخاذ التدابير الاحترازية في التعامل مع هذا النوع من الهوايات نظرا للمخاطر التي تحيط بهذه الهواية في المناطق الجبلية المرتفعة.
وأكدت الهيئة على ضرورة مرافقة الأشخاص الذين يمتلكون الخبرة الكافية في تتبع طرق المسارات الجبلية، وعدم المجازفة بممارسة الهواية دون أن يكون هناك دليل أو مرشد يقود المجموعة لتجنب المخاطر المتوقعة، مع ضرورة ارتداء الأحذية المناسبة للتسلق الجبلي وصعود الممرات الوعرة في أعالي الجبال، واتخاذ كافة التدابير الملائمة بما يمنع من وقوع الحوادث خلال ممارسة هذا النوع من الهواية التي ازداد عدد محبيها خلال السنوات القليلة الماضية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مثل هذه
إقرأ أيضاً:
أليكس جالان يكشف لـ«الوفد» كواليس "إقليم" والتعايش في الجبال الموحشة وسط بيئة قاسية
وسط الجبال والمرتفعات الثلجية يعاني الكثيرين من صراعات إقليمية معقدة، حيث يتناول حياة سكان المنطقة التي تعيش تحت وطأة التفرقة والانقسام، الذي يعكس صراع الهوية والتوترات الاجتماعية في بيئة معزولة جغرافياً لذلك يركز فيلم «إقليم» على تأثير هذه الصراعات على العلاقات الإنسانية، ويعرض تحديات الأفراد من أجل البقاء والحفاظ على إنسانيتهم في ظل ظروف معيشية قاسية.
من خلال شخصية محورية، يكشف الفيلم عن التحديات النفسية والاجتماعية التي يواجهها الأفراد في محاولة للتصالح مع ماضيهم وبناء مستقبلهم، "إقليم" لا يعرض فقط الصراعات السياسية والتاريخية، بل يسلط الضوء على البعد الإنساني لهذه القضايا، يمتاز الفيلم بأجواء تشويقية مليئة بشعور التوتر والترقب، ويحفز المشاهد على التفكير في قضايا الهوية، الانتماء، والتعايش في عالم مليء بالتحديات.
فيلم Territoryبعد عرض فيلمه Territory «إقليم» في الدورة الـ45 من مهرجان القاهرة السينمائي، عبّر المخرج أليكس جالان في تصريحات خاصة لـ «بوابة الوفد الإلكترونية» عن سعادته بالتواجد في مصر، رغم الأجواء الباردة، وقال: "أنا سعيد جداً بوجودي هنا في القاهرة، على الرغم من الطقس البارد سواء في الفيلم أو في القاعة، بالطبع الجو في الخارج دافئ، ولكننا كنا نصور في درجات حرارة تحت العشرين درجة مئوية، وهو ما صعّب علينا الحركة بشكل كبير لأننا كنا نتحرك باستخدام الخيول فقط."
أليكس جالان: كنا ننام في كهوف خشبيةوأوضح أليكس جالان التحديات الصعبة التي واجهها فريق العمل أثناء التصوير في بيئة قاسية، حيث قال: "كنا ننام في كهوف خشبية، ونعد الطعام ونشعل النيران للتدفئة في نفس المكان، كان الهدف هو إظهار تفاصيل الحياة اليومية للسكان هناك على طبيعتها، خاصة في فصل الشتاء، عندما تنزل النساء والأطفال إلى القرى بينما يعيش الرجال في عزلة، يتحملون البرودة القاسية، كان هؤلاء الرجال يحتاجون لإشعال عظام الحيوانات للتدفئة خوفاً من أن تشتعل النيران داخل الكهوف الخشبية."
المخرج أليكس جالان مع محررة بوابة الوفد الإلكترونيةوتابع أليكس: "لا توجد عادات غريبة هناك سوى ركوب الخيول وذبح الخراف. حياتهم تتسم بالبساطة والابتعاد عن المألوف، ويعتمدون بشكل أساسي على اللحوم في غذائهم على مدار العام. كانت الحياة هناك غير تقليدية تماماً بالمقارنة مع الحياة التي نعيشها."
وتحدث المخرج عن الجانب الوثائقي لفيلمه، قائلاً: "كان العمل وثائقياً في طبيعته، ولم يترك داركو بيريك حياته ليعيش في تلك المنطقة، بل أخذ استراحة ليجرب تجربة جديدة في التصوير. كما كان من المهم أن تتضمن بعض المشاهد المكتوبة لإضافة عنصر الدراما للعمل، بحيث يظهر داركو بيريك في بعض المشاهد كبطل وفي أخرى كراوٍ."
وأشار أليكس إلى أهمية تصوير الطبيعة الخاصة لحياة السكان المحليين، قائلاً: "كان من الضروري أن نعكس تفاصيل الحياة الحقيقية للسكان الأصليين. في المشهد الأخير من الفيلم، استخدمنا كاميرا مثبتة على الجبل من قبل بيريك، حيث ظهرت صورة نمر خمس مرات. شعرت بأن النمر كان يبعث لنا برسالة، وكأن ظهوره كان بعد أن رحلنا، وهو ما أضاف لمسة غامضة للفيلم."
وختاماً، أشار أليكس إلى أن فيلم Territory ليس مجرد فيلم وثائقي بل هو رحلة سينمائية تسلط الضوء على حياة لا يعرفها كثيرون، وتستحق أن تُروى للأجيال القادمة.
فيلم "إقليم" وثائقي تبلغ مدته 60 دقيقة للمخرج أليكس جالان، وتدور أحداثه في سهوب آسيا الوسطى، حيث يعيش الرعاة القرغيز في صراع مع شبح ويحاول الصيادون والبدو الرحل التعايش وتقاسم الأرض.
واشتهر داركو بيريك بدور هلسنكي في مسلسل "لا كاسا دي بابيل" وتميز بضخامة جسمه وقدرته على استخدام الأسلحة الثقيلة.
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، هو أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا وينفرد بكونه المهرجان الوحيد في المنطقة العربية والأفريقية المسجل ضمن الفئة A في الاتحاد الدولي للمنتجين بباريس "FIAPF".
ورد عجيب لـ«الوفد»: سلاف فواخرجي قدمت أداءً استثنائيًا في «سلمى»