تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في زاوية من التاريخ، تتقاطع فيها القصيدة مع السجن، والأغنية مع الحلم، والوطن مع الوجع، وُلد زين العابدين فؤاد. لم يكن شاعرًا فحسب، بل كان لسانًا للناس، صوتًا للهامش، وضميرًا شعريًا ظلّ يقاوم النسيان والخذلان والظلم، بالكلمات وحدها، كأنها شفرات ضوء تخترق عتمة طويلة اسمها الوطن.

 

ولد زين العابدين فؤاد في أبريل 1942، وما زال – بعد أكثر من ثمانين عامًا – يكتب كما لو أنه يتنفس، أو كما لو أن الشعر هو ما يبقيه حيًا. إننا لا نتحدث هنا عن شاعر "عامية" فقط، بل عن شاعر صنع من البساطة قنابل مضادة للذل، ومن الجملة اليومية نشيدًا عابرًا للسجون. في زمن الخوف، كتب "اتجمعوا العشاق في سجن القلعة"، وفي زمن الصمت، غنّى للعمال، وللفلاحين، وللأطفال، وللشهداء الذين لم تحفل بهم نشرات الأخبار.

 

ما يُميّز تجربة زين العابدين فؤاد أنه لم يسعَ إلى الشعر كفنٍ للنخبة، بل سلك طريقًا معاكسًا. كان يؤمن أن الشعر يجب أن يُقال في الشارع، في المصنع، في المدرسة، لا في صالونات الأدب المعقّدة. لذا جاءت لغته مجبولة بالتراب، بالرغيف، بالحارة. لم يكتب من برجٍ عاجي، بل من بين الناس، ومن أجلهم.

 

في قصيدته، يتقاطع الغضب مع الحنان. يثور على الجلاد، لكنه في الوقت ذاته يمسح بيده على رأس الطفل الجائع، يكتب عن الخيانة، ثم يستدير ليكتب عن أمٍ تفتح نافذة الصباح بحثًا عن ابنها المفقود. هذا التوتر الإنساني، هذا التداخل بين الثورة والعاطفة، هو ما يجعل شعره نابضًا حتى اللحظة.

 

لم يكن زين العابدين فؤاد شاعرًا منفردًا، بل كان جزءًا من جوقة الغضب التي ضمت الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وغيرهم. لكن ما يميزه هو صوته الخاص، صوته الهامس أحيانًا، العاصف حينًا آخر. بينما كان الشيخ إمام يغني "الفلاحين" على لحنٍ لا يُنسى، كانت كلماته تحفر في الذاكرة حفرًا يصعب طمسه.

 

في عيد ميلاده الثالث والثمانين، لا يبدو زين العابدين فؤاد شيخًا. هو ابنٌ دائمٌ للشعر، شابٌ في لغةٍ لا تشيخ، فتية في نبرتها، عنيدة في موضوعها. يحتفل به محبوه لا بوصفه شاعرًا مخضرمًا وحسب، بل بوصفه ذاكرة حيّة، وضميرًا صادقًا، وحكايةً لا تنتهي.

 

لم يحصل زين العابدين على جوائز رسمية ضخمة، ولم يكن نجمًا في قاعات الأضواء، لكنه ظل نجمًا حقيقيًا في قلوب من يعرفون معنى الكلمة، ومعنى الصمود، ومعنى أن تكون شاعرًا لا مهنة لك سوى أن تقول "لا" حينما يقول الجميع "نعم".

 

في هذا الزمن الذي يُعاد فيه تدوير الأكاذيب، ويُحتفى فيه بالسطحيين، يظل زين العابدين فؤاد شاعرًا لا يشبه أحدًا. شاعرًا كتب للناس، عن الناس، وبالناس. وكأن الشعر عنده ليس طقسًا جماليًا فقط، بل موقفًا أخلاقيًا، والتزامًا لا يشيخ.

 

تحية لك يا عم زين… لأنك جعلتنا نؤمن أن القصيدة يمكن أن تكون خريطة وطن، أو راية مقاومة، أو حضنًا مفتوحًا لكل مَن ضيّعته البلاد. زين العابدين فؤاد

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: زین العابدین فؤاد شاعر ا

إقرأ أيضاً:

صور.. محافظ الأقصر يستقبل الفنان سامح حسين.. ويؤكد على سمو الفن المصري الهادف

 إلتقى المهندس عبد المطلب عماره محافظ الأقصر، الدكتور وليد عبد الله عميد كلية التربية والمشرف على الجامعة الأهلية، والفنان سامح حسين المدعو لحضور الملتقى، وذلك على هامش الملتقى السنوى الأول للبحث الإجرائي الذى تنظمة كلية التربية بجامعة الأقصر تحت عنوان " بحوث وممارسات.

 

ورحب محافظ الأقصر بضيوفة  ، مؤكدا على أهمية التعليم والبحث العلمى، وكذا أهمية الفن كرسالة سامية لنهضة الشعوب وتشكيل الثقافات والوعى، والتأكيد على القيم الأصيلة والمتوارثة، وقال أنه على الفنان أن يكون صاحب فكر ورؤية خاصة نحو التوجيه لإصلاح المجتمعات.

واشار محافظ الأقصر إلى أن تكريم سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي للفنان سامح حسين وبرنامجه الهادف الذى عرض فى شهر رمضان الماضى، أنما  يأتي في إطار رسالة مصر لتقدير كل الجهود الإعلامية رفيعة المستوي، ودعم البرامج ذات المحتوي المتميز قيميًا وثقافيًا، ضد المحتوى الغير هادف.

وأكد محافظ الأقصر على أن المردود القوى للبرامج الهادفة نشاهده فى جوالاتنا بقرى ونجوع المحافظة من اصطفاف أهالينا بالقرى خلف القيادة السياسية ودعم مصر وجيشها ضد كل التحديات التى تواجه بلدنا.

 ومن جانبة أشاد الفنان سامح حسين بأستقبال محافظ الأقصر،  مؤكدا على جهود المحافظ الملموسة فى نشاطه بالقرى والمدن للوصول لكافة المواطنين، وفتح بابه لشعب الأقصر وهو ما لمسه من أحاديث الأهالى منذ وصوله للأقصر.

يذكر أن الملتقى يستمر ليومى ٢٩ و٣٠ أبريل الجارى، ويهدف إلى إلقاء الضوء على التحديات التربوية والمشكلات التعليمية والإدارية أو النفسية أو غيرها من المشكلات الميدانية، وتطوير مهارات البحث العلمي لدى طلاب الدراسات العليا من خلال ورش عمل ومحاضرات
تفاعلية،وتبادل المعرفة عن طريق توفير منصة لتبادل الأفكار والخبرات حول تقنيات البحث الإجرائي.

IMG-20250429-WA0088 IMG-20250429-WA0087 IMG-20250429-WA0086 IMG-20250429-WA0085 IMG-20250429-WA0084

مقالات مشابهة

  • “أبوظبي للتراث” تثري أمسيات معرض الكتاب بمشاركات نوعية
  • إيرادات فيلم استنساخ تصدم أبطال وصناع العمل
  • عن الفكر المتطرف والظلم المتطرف أيضا
  • شرف الدين زين العابدين: تنشيط السياحة عامل مشترك بين مهرجان الداخلة ومهرجان الإسكندرية للفيلم القصير
  • هل يسبب الغضب و الصراخ أزمة قلبية؟ .. دراسات توضح
  • البيوضي: قرار الدبيبة سياسي لامتصاص غضب الشعب وعدد العاملين في السفارات سيتضاعف
  • فؤاد حسين يصل عُمان لتبادل وجهات النظر بشأن التحديات الراهنة
  • سامح حسين يعلق على قضية الطفل ياسين
  • فتيان بن علي الشاغوري الأسدي.. شاعر برع في وصف دمشق
  • صور.. محافظ الأقصر يستقبل الفنان سامح حسين.. ويؤكد على سمو الفن المصري الهادف