عربي21:
2025-02-23@22:30:55 GMT

ما وراء التحركات الأمريكية في سوريا والعراق

تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT

حماية نفوذها في العراق وسوريا والخليج العربي الهدف النهائي والاستراتيجي لأي تحركات أمريكية في العراق وسوريا والخليج العربي، غير أن التحركات الأمريكية الأخيرة في البلدين كانت مثار تساؤل حول الدوافع والأهداف التكتيكية التي تقف وراءها، خصوصا أنها تركزت في شمال شرق الفرات وصولا إلى قاعدة التنف بالقرب من المثلث الحدودي جنوب شرق سوريا، على امتداد 600 كيلومتر تمثل الحدود السورية العراقية.



التحركات الأمريكية شملت إحياء تشكيلات عسكرية مسلحة جنوب شرق سوريا لإنشاء حزام عشائري عربي على طول الحدود العراقية السورية، إلى جانب تسريبات إعلامية لتدريبات تجريها القوات الأمريكية لفصائل سورية معارضة في ريف إدلب.

النشاط الأمريكي الذي شمل نشر 3000 جندي من قوات المارينز بحجة مراقبة الملاحة في الخليج العربي مطلع آب/ أغسطس الجاري؛ استبق تعيين الجنرال جي بي فاول كقائد عسكري جديد لقوات المهام المشتركة في العراق وسوريا خلفا للجنرال تموثي ماكفارلين، ليبقى السؤال مفتوحا حول التحركات الأمريكية في العراق وسوريا ومنطقة الخليج العربي. وبالنظر إلى الهدف الاستراتيجي للوجود الأمريكي وهو حماية النفوذ الأمريكي، فإن الهدف التكتيكي الذي يقف وراء التحركات الجديدة يبقى مجهولا، فهل هو الدفاع أم الهجوم؟ ومن هو الطرف المستهدف بهذه التحركات؛ داعش؛ أم الحشد الشعبي في العراق؛ أم إيران والنظام السوري؛ أم روسيا وتركيا؟

الاستعانة بالمعارضة السورية وتعزيز العقوبات، والاستثمار في الاحتجاجات المشتعلة في السويداء وحلب والساحل السوري على تردي الأوضاع المعيشية والفساد؛ من الممكن أن تصنف كمحاولة للدفع بروسيا وإيران نحو الدفاع بعد أن شهدت الأجواء السورية احتكاكات بين الطيران الروسي والأمريكي واستهدافا عسكريا متكررا للقواعد الأمريكية في سوريا وللمصالح الأمريكية في العراق؛ إلى جانب الاحتقان الشديد بين قوات قسد (قوات سوريا الديمقراطية التي تديرها قوات YPG الكردية الانفصالية وتضم عشائر عربية في الحسكة والرقة ودير الزور) والمتزامنة مع عمليات تركية لا تكاد تنقطع لتصفية العناصر الانفصالية التابعة لقسد وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وقوات حماية الشعب الكردي (YPG) التي تعتبر العمود الفقري لقوات قسد الانفصالية المدعومة أمريكيا في شرق الفرات.

نقل القوات من العراق إلى سوريا وتعزيزها في حقول الغاز والنفط بالقرب من دير الزور والحسكة والرقة، وتقديم الدعم لتوسعة سجون قوات قسد الانفصالية وجهود ترميم العلاقة بين قسد والعشائر العربية، تشير إلى أن الهدف من التحركات الأمريكية الحفاظ على مشروعها الانفصالي شرق الفرات؛ الذي بات محاصرا من تركيا وروسيا والنظام والعشائر العربية، وهو خطر تعمل أمريكا على تفكيكه عبر وسائل وتكتيكات متعددة
الرغبة الأمريكية في ردع تركيا عن شرق الفرات والحد من اندفاعتها للتفاهم مع النظام السوري وروسيا ضد قوات قسد (قوات سوريا الديموقراطية الانفصالية)؛ لا يمكن إغفالها أو فصلها عن الوساطات والجهود الروسية والتحركات الإقليمية لإحداث تقارب بين النظام السوري وأنقرة والعواصم العربية، ما جعل من النشاط العسكري الأمريكي عملية معقدة تحوي قدرا كبيرا من الاستعراض وقدرا قليلا من العمليات الفعلية على الأرض، في محاولة للتعامل مع هذه الخارطة المعقدة التي تكاد تخنق النفوذ الأمريكي وتطيح به في العراق وسوريا والإقليم.

من ناحية عملية، تبدو القوات الأمريكية غير كافية لشن عملية واسعة حتى وإن استعانت بالمعارضة في إدلب إلى جانب العشائر العربية وقوات قسد، إذ لا يتعدى تعداد القوات الأمريكية 1500 جندي، علما بأن القائد الجديد للعمليات الأمريكية المشتركة في سوريا والعراق يعد أحد قادة الفرقة 101 المحمولة جوّا وهي الفرقة الاكفأ والأسرع في الانتشار في حالات الطوارئ.

رغم التعديلات والنشاط المستمر للقوات الأمريكية منذ 15 من تموز/ يوليو الماضي فإن الهدف لا يزال غامضا، خصوصا بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده الجنرال مكفارلين عبر الهاتف في 16 آب/ أغسطس الحالي، والذي أكد فيه القضاء على أكثر من 65 في المئة من قدرات تنظيم الدولة وأن التحركات الأمريكية روتينية وتستهدف تنظيم الدولة داعش فقط، مع إشارته إلى مراقبة قواته كافة التهديدات الموجهة لها في العراق من جهات عراقية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا عبر منصة إكس (تويتر سابقا).

تصريحات ماكفارلين يبدو أنها لم تكن كافية ما دفع السفيرة الأمريكية في العراق آلينا رومانوسكي خلال لقاء لها مع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الأربعاء، أي بعد أسبوع من مؤتمر مكفارلين للقول إن التحركات العسكرية للجيش الأمريكي كانت ضمن تبادل القوات الموجودة في المنطقة؛ نافية أن تكون هناك علاقة بين تحركات القوات الأمريكية والداخل العراقي، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية "واع"، إذ أكدت على أن تحركات القوات الأمريكية في العراق لا تستهدف أي من المكونات العراقية.

نقل القوات من العراق إلى سوريا وتعزيزها في حقول الغاز والنفط بالقرب من دير الزور والحسكة والرقة، وتقديم الدعم لتوسعة سجون قوات قسد الانفصالية وجهود ترميم العلاقة بين قسد والعشائر العربية، تشير إلى أن الهدف من التحركات الأمريكية الحفاظ على مشروعها الانفصالي شرق الفرات؛ الذي بات محاصرا من تركيا وروسيا والنظام والعشائر العربية، وهو خطر تعمل أمريكا على تفكيكه عبر وسائل وتكتيكات متعددة أمكن حصرها بالآتي:

ألا: تشكيل حزام من العشائر العربية لإبعادها عن دمشق وأنقرة.

ثانيا: الانفتاح على المعارضة في إدلب ودغدغة طموحاتها لاستعادة مكانتها كقوة مؤثرة وضاربة ومداعبة رغبتها بشرعنة حضورها دوليا.

ثالثا: إبعاد تركيا عن روسيا والنظام السوري وإعاقة أي تفاهمات تشدد الحصار على المشروع الانفصالي الممثل بقسد، ونقل المعركة لتتحول مجددا مع النظام السوري ومن خلفه إيران وروسيا.

تعدد الأطراف وتناقض المصالح بين شركاء أمريكا وحلفائها وخصومها يثل أعباء على المخطط العسكري الأمريكي أن يتعامل معها ميدانيا؛ ولا يعتقد أن الجنرال الأمريكي الجديد (جي بي فاول) الذي يتمتع بمهارة وخبرة عالية اكتسبها في العراق وأفغانستان سينجح في التعامل معها مهما كان مبدعا وكفؤا أو معززا بالفرقة 101 المجوقلة
رابعا: حماية النفوذ الأمريكي الرخو شرق الفرات عبر تعزيز حضورها العسكري، بعد أن تضرر بفعل توسع نطاق عمليات القوات الجوية الروسية وتكريس الحضور العسكري للفصائل المقربة من إيران، إلى جانب النفور الشديد بين العشائر العربية والانفصاليين الأكراد الذي تمثلهم قسد، ما أوحى بإمكانية تشكل تحالف من العشائر العربية مع دمشق وأنقرة وروسيا وإيران لمحاصرة واستئصال النفوذ الأمريكي؛ ممثلاً بمشروعها الانفصالي (قوات قسد التي تتهمها أنقرة بالإرهاب والارتباط بحزب العمال الكردستاني الانفصالي PKK).

خامسا: الاستعانة بالكيان الإسرائيلي لمحاصرة النفوذ الإيراني، وإعاقة التقارب التركي والروسي مع دمشق، ودعم النفوذ الأمريكي في الآن ذاته.

الموقف الأمريكي بهذا المعنى جاء دفاعيا لكن بتكتيكات هجومية ذات طبيعة استباقية؛ بحجة استصال ما تبقى من داعش ومواجهة التهديدات المتكررة من فصائل عراقية وسورية للوجود الأمريكي في الآن ذاته.

في النهاية فإن قسد الانفصالية، وبمعنى آخر قوات حماية الشعب (YPG) وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD)، تمثل العمود الفقري للمشروع الأمريكي الذي تسعى واشنطن لتوسعته مستقبلا ليشمل العراق وتركيا بل وإيران؛ إما لابتزاز هذه الدول وإضعافها أو لتعزيز مشروعها الذي يقع على خط جغرافي موازٍ في فلسطين وهو المشروع الإسرائيلي.

أمام هذا الهدف تطل عناصر القصور الذاتي برأسها إذ تظهر قسد عدم تقبّلها الاندماج أو التعاون مع المعارضة في إدلب، كما أنها تجد صعوبة كبيرة في تقبل العشائر العربية أو التعايش معها، أي أن المشروع الأمريكي يعاني من قصور ذاتي ناجم عن ضعف المرونة لدى حلفائها وضعفهم الكامن؛ يزيد الأمر سوءا الدور الإسرائيلي البائس والتحفظ التركي المقرون بفيتو كبير على دور "YPG" و"PYD"، وهي عوامل تقصر من عمر الاستراتيجية والتكتيكات الأمريكية المتبعة وتحبطها قبل أوانها.

تعدد الأطراف وتناقض المصالح بين شركاء أمريكا وحلفائها وخصومها يثل أعباء على المخطط العسكري الأمريكي أن يتعامل معها ميدانيا؛ ولا يعتقد أن الجنرال الأمريكي الجديد (جي بي فاول) الذي يتمتع بمهارة وخبرة عالية اكتسبها في العراق وأفغانستان سينجح في التعامل معها مهما كان مبدعا وكفؤا أو معززا بالفرقة 101 المجوقلة. فبعد أكثر من عشرين عاما من الحروب والصراعات في المنطقة أصبح جميع الفاعلين متقنين للعبة الشطرنج الإقليمية؛ إذ لم تعد أمريكا وجنرالاتها فقط من يتقن ذلك أو ينفرد في رقعة الشطرنج على طرفيها كما كان قبل الصراع في أوكرانيا والتوتر في مضيق تايوان بالقرب من بحر الصين الجنوبي.

العرب بحاجة لبناء استراتيجية مستقلة تتيح لهم الاستفادة من الصدوع والمساحات المتوفرة، وملء الفراغات التي تولدت عن تراجع النفوذ الأمريكي قبل أن يملأها غيرهم، بشرط وقف الرهان على أمريكا، وهو توجه بات واعدا بعد إعلان الإمارات ومصر والسعودية بل وإيران وإثيوبيا أيضا انضمامها لمجموعة بريكس
كل يوم يمر على المنطقة ترتفع فيه كلف الحفاظ على النفوذ الأمريكي في المنطقة، وهي حقيقة استراتيجية لها معنى ودلالة عميقة؛ يفاقمها المنحى الأخلاقي الذي تتبناه أمريكا وأوروبا خصوصا فيما يتعلق بالقيم الأخلاقية الاجتماعية والأسرية. فالغرب يخوض معركة خاسرة على جبهة القوة الناعمة أيضا؛ بل إن البعض لم يعد يرى فيه ملاذا اقتصاديا آمنا سواء للعمل أو الاستثمار، وهي عدوى سرعان ما ستنتشر وتتسع بتأثير من توسع مجموعة بريكس التي تضم روسيا والصين والهند جنوب أفريقيا والبرازيل، إلى جانب السعودية ومصر وإيران والإمارات العربية والأرجنتين وإثيوبيا المنضمة إليها مؤخرا.

في المحصلة النهائية يدرك الأمريكان أنهم يتخذون وضعية دفاعية وأن وضعهم صعب وشائك في المنطقة، فالأمر لا يتعلق بالبيئة الدولية والإقليمية فحسب، بل والبيئة الداخلية الأمريكية التي يعكسها الصراع بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فهو مظهر آخر من مظاهرة القصور الذاتي الذي بات متجذرا في السياسة الأمريكية وعملية التخطيط الاستراتيجي المتعثرة عملياتيا.

ختاما.. القصور الذاتي والوضعية الدفاعية الصعبة والمعقدة التي تتخذها واشنطن نقطة ضعف يدركها خصوم واشنطن وأصدقاؤها وحلفاؤها بشكل ينعكس على مصداقيتها وجديتها، وهي فجوة يصعب ملؤها أمريكيا بمجرد الإعلان عن مناورات أو تحركات ميدانية غير منتجة في سوريا والعراق والخليج العربي.

أخيرا، بات العرب بحاجة لبناء استراتيجية مستقلة تتيح لهم الاستفادة من الصدوع والمساحات المتوفرة، وملء الفراغات التي تولدت عن تراجع النفوذ الأمريكي قبل أن يملأها غيرهم، بشرط وقف الرهان على أمريكا، وهو توجه بات واعدا بعد إعلان الإمارات ومصر والسعودية بل وإيران وإثيوبيا أيضا انضمامها لمجموعة بريكس.

twitter.com/hma36

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق سوريا النفوذ بريكس العراق سوريا امريكا نفوذ بريكس مقالات مقالات مقالات اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمریکیة فی العراق التحرکات الأمریکیة القوات الأمریکیة فی العراق وسوریا النفوذ الأمریکی فی المنطقة بالقرب من إلى جانب فی سوریا قوات قسد

إقرأ أيضاً:

​بغداد أمام تحدٍ كبير: قرارات حاسمة أو عقوبات.. كيف ستتعامل الحكومة مع الضغوط الأمريكية؟

بغداد اليوم -  بغداد

يشهد العراق تطورات متسارعة في ملف تصدير نفط إقليم كردستان، وذلك في ظل ضغوط أمريكية متزايدة تدفع باتجاه إعادة تشغيل صادرات النفط من الإقليم عبر منافذ مستقلة عن الحكومة الاتحادية. هذه التحركات تأتي في سياق أوسع من التنافس السياسي والاقتصادي بين مختلف القوى الفاعلة في المنطقة، وسط تباين في المصالح بين بغداد وواشنطن من جهة، وأربيل وأنقرة من جهة أخرى.


لوبيات تعمل لمصالحها

وفي هذا الإطار، أشار مختصون إلى أن التدخل الأمريكي في هذا الملف يعكس تأثيرات عميقة للوبيات اقتصادية وسياسية تسعى لحماية مصالحها في العراق، وهو ما يضع حكومة بغداد أمام تحديات جديدة تتعلق بالسيادة الاقتصادية والتوازنات الإقليمية. ومع استمرار الخلافات بين أربيل وبغداد، وتعقيد العلاقات مع تركيا بسبب الأحكام القضائية المتعلقة بتصدير النفط، يظل مستقبل هذا الملف محاطًا بالغموض، في وقت يحتاج فيه العراق إلى استراتيجية متكاملة لإدارة موارده النفطية وضمان استقرار صادراته وفق معايير تراعي مصالحه الوطنية والدولية.


الملف السياسي وأهمية التوازن

أوضح المختص بالشأن الاقتصادي والسياسي نبيل جبار التميمي في تصريح لـ"بغداد اليوم" أن "ضغوط ترامب على العراق بشأن تصدير النفط من كردستان تعكس مدى تأثير اللوبي المرتبط بأطراف عراقية وشركات نفطية مقربة من دائرة القرار في البيت الأبيض"، مشيرًا إلى أن هذه التحركات قد تهدف إلى تحقيق عدة أهداف سياسية واقتصادية، من بينها إعادة الشركات النفطية الأمريكية للعمل في الإقليم. 

وفي السياق، أشار الخبير في العلاقات الدولية، علي السعدي، في حديث صحفي، إلى أن "الموقف الأمريكي من تصدير النفط من كردستان يعكس صراعًا أوسع بين مراكز النفوذ في المنطقة، حيث تحاول واشنطن فرض واقع جديد يخدم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في العراق"، مبينًا أن بغداد تواجه معضلة في الموازنة بين الضغط الأمريكي والمصالح الوطنية.


الأبعاد الاقتصادية وعراقيل تجارية

وأضاف التميمي أن "الشركات النفطية الأمريكية دفعت إدارة البيت الأبيض مؤخرًا للضغط على بغداد لتضمين مستحقاتها المتأخرة في موازنة العراق الاتحادية لعام 2025، وهي الآن تسعى لاستئناف أنشطتها في الحقول النفطية من خلال تدخل سياسي أمريكي ضاغط". وأشار إلى أن أزمة توقف صادرات النفط من كردستان لا تقتصر فقط على بغداد وأربيل، بل تلعب أنقرة دورًا رئيسيًا في تعطيل تدفق النفط عبر خط الأنابيب المؤدي إلى ميناء جيهان التركي، وذلك على خلفية قرار التحكيم الدولي الذي ألزم تركيا بدفع تعويضات للعراق. 

من جانبه، صرح الخبير الاقتصادي، محمد العزاوي، في وقت سابق لـ"بغداد اليوم" بأن "إعادة تصدير النفط الكردي وفق الشروط الأمريكية قد تضر بمصالح بغداد على المدى البعيد، إذ قد تجد الحكومة الاتحادية نفسها أمام مطالبات مماثلة من شركات أخرى ودول ترغب في تقاسم النفوذ في قطاع الطاقة العراقي".


الأبعاد الأمنية وتأثيرات محتملة

بيّن التميمي في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن استمرار الضغط الأمريكي على بغداد لإعادة تصدير النفط الكردي قد يثير توترات داخلية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، كما قد يؤدي إلى تصعيد في العلاقات العراقية-التركية إذا ما استمرت العراقيل التجارية والسياسية التي تفرضها أنقرة. 

أما المحلل الأمني، فؤاد الكرخي، فقد أوضح في تصريح صحفي، أن "إعادة تصدير النفط قد تؤدي إلى استقطاب داخلي بين الفصائل السياسية العراقية، حيث ترى بعض الأطراف أن الخضوع للضغوط الأمريكية قد يؤدي إلى فقدان بغداد سيادتها الاقتصادية على المدى الطويل".


الملف الدبلوماسي وموقف العراق دوليًا

أكد التميمي لـ"بغداد اليوم" أن "إعادة تصدير النفط من كردستان قد لا يكون في مصلحة العراق على المستوى الدولي، حيث أن حصة العراق في أوبك ستظل كما هي، مما قد يضطره إلى خفض إنتاجه في الحقول الجنوبية للحفاظ على توازن الصادرات ضمن حصته المحددة". وأشار إلى أن هذا التوازن ضروري لضمان استقرار العلاقات مع منظمة أوبك والحفاظ على مكانة العراق كمنتج رئيسي. 

وقال المحلل السياسي، كمال الربيعي، في حديث صحفي، إن "إصرار واشنطن على إعادة تصدير النفط الكردي يعكس محاولاتها للتأثير على سياسة الطاقة العراقية بشكل عام، مما قد يدفع بغداد إلى البحث عن تحالفات جديدة تضمن استقلال قرارها الاقتصادي، مثل تعميق العلاقات مع الصين وروسيا في مجال الطاقة".


خطوة ضرورية لمصلحة العراق

أوضح التميمي أن "الافتراض القائل بأن ضغوط ترامب تهدف إلى زيادة المعروض النفطي أو تعويض النقص الناتج عن العقوبات المفروضة على إيران قد لا يكون دقيقًا، نظرًا لالتزامات العراق في أوبك"، مما يشير إلى أن الضغوط الأمريكية قد تكون ذات أبعاد تجارية وسياسية أكثر من كونها استراتيجية نفطية عالمية. 

أما العزاوي فيرى أن "الحكومة العراقية قد تحتاج إلى تبني استراتيجية واضحة لمواجهة الضغوط الخارجية، من خلال تعزيز التنسيق مع أوبك والعمل على تنويع الشراكات الاقتصادية، لتجنب الاعتماد على طرف واحد في مجال تصدير النفط".


تحدٍ كبير وقرارات حاسمة

في ظل هذه التطورات، تبقى حكومة بغداد أمام تحدٍ كبير في تحقيق التوازن بين التزاماتها الدولية ومصالحها الوطنية، وسط تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية من أطراف خارجية متعددة، مما يتطلب رؤية استراتيجية واضحة لإدارة الملف النفطي بحكمة. ومع استمرار التوترات السياسية والاقتصادية، فإن اتخاذ قرارات حاسمة ومتوازنة سيشكل مفتاحًا لضمان استقرار العراق في المرحلة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • «الخصخصة في سوريا».. هل تكون «طوق النجاة» الذي ينتشل البلاد من أزمتها؟
  • السفارة الأمريكية بدمشق تحذر من “محاولات إيران” لإعادة ترسيخ نفوذها في سوريا
  • بقائمة تخلو من العراق .. 20 دولة الأكثر حيازةً للسندات الأمريكية
  • الصحف العربية.. السعودية تحتفل بيوم التأسيس.. واهتمام بالهواجس الأوروبية من التقارب الروسي الأمريكي
  • الجيش الأمريكي يعلن قتل قيادي بتنظيم «داعش» في سوريا
  • زي النهارده..الإعلان عن قيام الجمهورية العربية المتحدة باتحاد بين سوريا ومصر
  • الحلبوسي: بعض أجنحة الحشد لا تخضع للسوداني والعراق بحاجة لوثيقة سياسية وطنية
  • ​بغداد أمام تحدٍ كبير: قرارات حاسمة أو عقوبات.. كيف ستتعامل الحكومة مع الضغوط الأمريكية؟
  • نفط العراق خامس أغلى الأسعار العربية في اوبك
  • شاهد | البدائل العربية لخطة التهجير الأمريكية مذلة.. “إخراج حماس مقابل إعادة الإعمار”