حسن عبدالله القرشي.. شاعر البسمات الملونة (2/2)
تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT
ويمتلك الأستاذ الشاعر حسن عبدالله قرشي ثقافة واسعة هي نتاج قراءاته، ومصدر عطائه الشعري حيث حفظ الكثير من الشعر القديم وشعر المعلقات وأُعجب بالعديد من الشعراء في العصر الأموي والعباسي، وأعجب أكثر بالموسيقى الشعرية التي تترقرق في شعر البحتري، ويعتبره من أساتذة الموسيقى الشعرية، وأحد روادها، كما إعجب بشعر أبي الطيب المتنبي، وحفظ معظم ديوانه، وبشعر تلميذه المخلص لمدرسته “الشريف الرضي” ، كما قرأ لشعراء العصور المتأخرة، والصوفيين منهم، وعلى الأخص: عمر بن الوردي وعمر بن الفارض والبوصيري.
وكانت تربطه كما يقول في كتابه: [تجربتي الشعرية]، علاقات صداقة وثيقة بعدد منهم، وكان معجباً بشعر صديقه الشاعر محمود حسن إسماعيل وأبي القاسم الشابي. وعند قراءتك لشعر القرشي، يستوقفك نضوج الروح وجمال الموقف الإنساني وعذوبته والقدرة المكتملة على التعبير الدقيق عن تجربة روحية تنساب كلماتها في سلاسة محكمة يسكن الشعر داخلها، وتبدو فيها روحه صافية تتطلع من موقع إنساني ممتاز إلى الحياة والكون، وقد برع شاعرنا القرشي في طرق أبواب الشعر العربي المختلفة، شأنه شان الكثيرين من أدبائنا الرواد، غير أن الغزل يبدو واضحاً في كثير مما نشر من قصائد في الصحف المحلية وفي العديد من المجلات العربية ومنها مجلة الرسالة ومجلة الثقافة المصرية ومجلة الآداب البيروتية.
وعن نتاجه الشعري والأدبي، كتب عدد من كبار النقاد العرب وفي مقدمتهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وأحمد حسن الزيات صاحب مجلة الرساله والفيتوري وصالح جودت وغيرهم. وخلال مسيرتة الأدبية الثرية، صدر للأستاذ حسن عبدالله القرشي نحو ستة عشر ديواناً أولها ديوانه البسمات الملونة الذي صدر في عام 1366 هـ. ثم تبعته دوواينه الشعرية الأخرى : مواكب الذكريات ..الأمس الضائع .. سوزان ..ألحان منتحرة .. نداء الدم..النغم الأزرق.. بحيرة العطش ..لن يضيع الغد .. فلسطين وكبرياء الجرح.. وزخارف فوق أطلال عصر المجون ..وبالإضافة إلى دواوينه، أصدر رحمه الله سيرة ذاتية بعنوان (تجربتي الشعرية)، وله أيضا مجموعتان قصصيتان هما: (أنات الساقية) و(حب في الظلام)، وله من الدراسات الأدبية (فارس بني عبس) و(أنا والناس).
أما بالنسبة لمسار حياتة الوظيفية، فقد التحق الأستاذ القرشي في بداية عمله محرراً بديوان الأوراق في وزارة المالية، ومنها انتقل إلى الإذاعة السعودية عند تأسيسها عام 1368هـ، ثم ارسل لمدة عام للدراسة الفنية الإذاعية في مصر ليعود بعد ذلك للعمل في وزارة المالية مديراً لمكتب وكيل الوزارة للشؤون الاقتصادية، فمديراً عاماً مساعداً، ثم سكرتيراً مالياً، فمساعداً لمدير المكتب الخاص ثم مديراً عاماً لمكتب الوزير قبل أن تنقل خدماته للعمل في وزارة الخارجية بمرتبة سفير حيث عمل سفيراً للمملكة في موريتانيا ثم السودان. وقد حظي الأستاذ القرشي بتقدير العديد من المؤسسات الثقافية العربية والأجنبية وترجمت بعض قصائده إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية، وكان عضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهره ومنح وسام الجمهورية والوسام الثقافي من تونس ومنحه اتحاد أدباء السودان عضويتة الشرفية، كما منحته جامعة أريزونا الأمريكية درجة الدكتوراه الفخرية في الآداب تقديرا لجهوده الأدبية.
توفي الأستاذ الشاعر حسن القرشي عام سنة 2004م رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: عبدالعزيز التميمي
إقرأ أيضاً:
محمد سبيع السباعي… شاعر الأسر والنصر يروي تجربته في ندوة بالمكتبة الوطنية بدمشق
دمشق-سانا
معتقل وشاعر سوري قضى شبابه في غياهب السجن الذي اختطف منه عمره وراء القضبان، ولكن لم يستطع كسر إرادته، ليقف أمام الجمهور المحتشد في المكتبة الوطنية بدمشق، ويروي تجربته.
إنه شاعر الأسر والانتصار، محمد سبيع السباعي، الذي كرمته وزارة الثقافة السورية خلال ندوة حملت عنوان ( 27 عاماً وراء القضبان وملامح من ثقافة الصبر والنصر)، حضرها وزير الثقافة محمد ياسين صالح ووزير الثقافة القطري الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني والوفد المرافق.
الوزير صالح الذي رحب في كلمته بضيف سوريا، الوزير القطري وبقطر الحبيبة، وكل الإخوة القطريين الذين وقفوا مع سوريا في مواقف العز والكرامة، وقال: “إن حديث السباعي عن الاحتلال الأسدي الذي سيطر على سوريا لسنوات عديدة كشف عن ممارسات سادية فظيعة لنظام مارق عرف أن البلاد ستلفظه”، مؤكدا أنه من واجب وزارة الثقافة لفظ كل الممارسات السابقة، وعدم المزاودة على أحد، لأن المزاودة لم تكن يوماً من الثورة ولا هي من الأخلاق ولا من القيم”.
نبذة عن محمد سبيع السباعيولد الشاعر محمد السباعي في حمص عام 1952م، وتخرج في كلية الهندسة الزراعية بجامعة دمشق عام 1975، وتعرض للملاحقة من قبل النظام البائد لمدة ثلاث سنوات بعد تخرجه (1975–1978)، وقضى الكثير من سنوات عمره في السجن، حيث اعتُقل في آذار 1978 وقضى 27 عاماً في سجون الأسد الأب، متنقلا بين سجون المزة، وصيدنايا وتدمر، حيث حُوكم في محكمة ميدانية صورية، دون أن يرى قاضيه، وحُكم عليه بالمؤبد مع الأشغال الشاقة، وأُفرج عن السباعي عام 2004، وتزوج وهو في سن الثانية والخمسين، ورُزق بخمسة أطفال، انتقل إلى المملكة العربية السعودية منذ 13 عاماً، بعد تلقيه تهديدات باعتقال جديد.
وصدر للشاعر السباعي ديواناً شعرياً بعنوان “الرحيل إلى مدينة الشمس”، يوثق فيه تجربته مع الألم والاعتقال بلغة شعرية وجدانية.
تفاصيل مراحل الاعتقال:وتحدث السباعي خلال الندوة عن تفاصيل مرحلة الاعتقال، حيث عانى في سجن المزة ستة أشهر من التحقيق القاسي، ثم انتقل مباشرة إلى سجن تدمر، حيث أُحيل إلى محكمة ميدانية سنة 1984 دون دفاع، ووصف المحكمة بأنها دقيقتان من الإذلال الجسدي والحكم الفوري، كما وصف الانتهاكات في السجن، مثل التعذيب في الحمامات، مؤكداً أن من يقع على الأرض قد يُضرب حتى الموت.
قصص شخصية مؤلمة داخل السجن:وروى السباعي لقاءه المفاجئ بأخيه في المهجع بعد ست سنوات من الاعتقال دون معرفة، والصراع بينهما على من يخرج إلى الإعدام بدلاً من الآخر، كما ذكر وفاة شقيقه وليد السباعي بسبب العجز الكلوي والتعذيب، ورفض نقله للمشفى، وشارك قصصاً مؤلمة عن الشاب الحمصي الذي أُحرق وجهه، ثم أُعدم لاحقاً، ووثق كل ذلك بقصائد شعرية.
الآثار النفسية العميقة:عبر السباعي عن ألمه شعراً، بقوله: “جرحي، لعل الجرح يلتئم، فيسخر الجرح من فعلي ويبتسم…”، مؤكدًا أن السجن جعله “طفلًا كما يقول نزار قباني: فوق عينيه يستحم المساء”.
اللحظات المؤلمة بعد الخروج من المعتقل:تحدث السباعي عن صدمة العمر والفارق الزمني، حيث كانت تسأله ابنته الطفلة: “بابا، ليش رفقاتي بيقولوا إنو أبوك عجوز؟”، مشيراً إلى أن أشكاله وأشكال زملائه السجناء، بدت كأنهم كبار في السن، بينما أبناؤهم أطفال صغار، كما عبر عن حزنه لفقدان والديه أثناء اعتقاله، وعدم تمكنه من توديعهما.
وصيته خلال كلمته:ودعا السباعي إلى إنشاء لجان مستقلة لكشف الحقيقة، وإنصاف الضحايا الذين ظلمهم النظام البائد، وطالب بالقصاص من خلال القانون وتحقيق العدالة، لافتاً إلى أنه يقع على عاتق وزارة الثقافة في المرحلة القادمة توثيق هذه الشهادات وتحويلها إلى أعمال أدبية وفنية توثق الذاكرة السورية المؤلمة وتدين المجرمين.
تابعوا أخبار سانا على