لجريدة عمان:
2025-05-03@02:57:43 GMT

زيارة تاريخية وأبعاد رمزية تستحق القراءة

تاريخ النشر: 16th, April 2025 GMT

زيارة تاريخية وأبعاد رمزية تستحق القراءة

ليست مصادفة أن تُوصف زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، لمملكة هولندا بالتاريخية، فهي كذلك بحق، ليس، فقط، لأنها تستعيد عتبات العلاقات التاريخية التي بدأت في منتصف القرن السابع عشر الميلادي، عندما كانت عُمان في أوج قوتها البحرية وبدء مرحلة بناء اقتصاد قوي بمقاييس تلك المرحلة بعد أن نجحت في تأمين المحيط الهندي لتعبر فيه التجارة آمنة نحو كل المسارات، ولكن لأن عُمان الحديثة تنجح اليوم في فتح مسارات اقتصادية في قلب أوروبا لم تكن، من قبل، في حدود الطموحات، رغم أنها كذلك في الجانب السياسي والدبلوماسي.

وهي مسارات اقتصادية تعتمد على المعرفة وعلى الابتكار وكذلك على رؤية تحليلية لشكل المستقبل.

تملك هولندا إرثا تجاريا عميقا يعود إلى زمن الكشوف الجغرافية، وهي اليوم مركز أساسي من مراكز بناء اقتصادات المستقبل التي تقوم على معطيات الطاقة النظيفة وبشكل خاص الهيدروجين الأخضر، وطاقة الرياح البحري إضافة إلى مسارات اقتصادية مهمة في تأمين الجوانب الغذائية، فهي ثاني أكبر مصدر للمنتجات الزراعية في العالم. لكن هولندا أيضا تمتلك أكبر ميناء في أوروبا وهو ميناء روتردام العملاق وهو رئة أوروبا التجارية، ومحرّك فعّال في تحويل هولندا إلى عقدة لوجستية تربط القارات وتُعيد رسم خريطة التجارة البحرية العالمية.

ثمة تشابه إذًا في المعطيات وفي الرؤية المستقبلية فكما تتحول هولندا من كونها أكبر منتج للغاز الطبيعي في أوروبا إلى بناء رؤية تعتمد على طاقة الهيدروجين الأخضر وطاقة الرياح البحرية فإن سلطنة عُمان ذاهبة إلى هذا الاتجاه في رؤيتها المستقبلية لتكون أحد أهم مراكز طاقة الهيدروجين الأخضر في العالم؛ لذلك كانت أغلب الاتفاقيات التي وقعت خلال الزيارات تتمحور حول هذا الجانب. كما أن سلطنة عمان متقاربة جدا في تفكيرها مع هولندا فيما يخص الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار وبناء الصناعات الدوائية.

نستطيع أن نفهم التقارب التطبيقي لهذه الرؤية في توقيع الاتفاقية التطويرية المشتركة «JDA» لممر الهيدروجين المُسال، والذي ينشئ أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المسال في العالم ليربط بين سلطنة عُمان ومملكة هولندا وجمهورية ألمانيا الاتحادية. وهذا الممر من شأنه أن يشكل مركز قوة اقتصادية في العالم ويضع أسسا متينة لبناء تكتلات اقتصادية تجتمع حول الصناعات القائمة على الطاقة النظيفة التي تعتبر أحد أهم مرتكزات المستقبل.

بهذا المعنى تكتسب الزيارة أهمية «تاريخية» ليس لأنها الأولى من نوعها لمملكة هولندا ولكن لأنها تفتح شراكات اقتصادية عميقة وحقيقية وفعالة مع أحد أهم المراكز الاقتصادية في أوروبا والتي تتمتع بالاستقرار السياسي، وبعيدة كل البعد أن صخب السياسة. ومعروف عن هولندا أنها تمتلك بيئة قانونية تدعم الاستثمار. كما أن مواقفها السياسية الدولية كثيرة الاتزان. وهذا بعد تقاربي آخر مع عُمان الدولة التي بات اسمها قرين السلام والأمن والرغبة المنبثقة من عمق المجتمع في العمل مع الجميع من أجل إطفاء النزاعات والعيش في هدوء وسلام.

لكن الزيارات لا تُقاس بالملفات الاقتصادية فقط، بل أحيانا بما تحمله من رسائل رمزية، تعكس القيم التي تتكئ عليها الدول الكبرى. ويمكن هنا الإشارة إلى المعنى الرمزي الذي يمكن أن نقرأه في زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، إلى النصب التذكاري في ساحة دام وسط أمستردام. ويمثل النصب التذكاري وجه الحرب العالمية الثانية ووحشيتها، فيما وقف جلالة السلطان هيثم بن طارق يمثل وجه العالم الآخر؛ وجه السلام الممكن، الوجه الذي يمكن أن يعيد بناء التاريخ لا على أنقاض الخراب ولكن على إرادة تصنع من الذاكرة جسورا نحو التفاهم الإنساني.

وها هي سلطنة عُمان، من أمستردام، تكتب فصلا جديدا في دبلوماسيتها، فصلا يليق بدولة تفكّر بعمق، وتتحرك بثقة، وترى في الهدوء وسيلة لصناعة التاريخ وتمهيد مسارات المستقبل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العالم سلطنة ع

إقرأ أيضاً:

مدير إدارة الشؤون الأوروبية يحضر حفل سفارة هولندا باليوم الوطني

أبوظبي (وام)

أخبار ذات صلة القمة الشرطية العالمية تنطلق في دبي 13 مايو بمشاركة 150 خبيراً من 100 دولة «تمكين المجتمع» تخرج 40 منتسباً من العاملين في مؤسسات النفع العام

حضر عمر راشد النيادي، مدير إدارة الشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية، حفل الاستقبال الذي أقامه خيرارد بول ماري هوبير شتيفس، سفير مملكة هولندا لدى الدولة، بمناسبة اليوم الوطني لبلاده.
كما حضر الحفل، الذي أقيم بفندق الريتزكارلتون في أبوظبي عدد من المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي المعتمدين لدى الدولة، وأبناء الجالية الهولندية المقيمة في الدولة.
وأشاد السفير الهولندي في كلمة بهذه المناسبة، بالعلاقات القوية التي تربط بلاده مع دولة الإمارات، وبالسياسة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.
وأشار إلى أن دولة الإمارات تعد شريكاً رئيسياً ومهماً لهولندا في المنطقة، وتربطهما علاقات قوية وراسخة في شتى المجالات، لافتاً إلى اهتمام وحرص قيادتي البلدين خلال السنوات الأخيرة على تعزيز العلاقات الثنائية بما يحقق مصالح الشعبين الصديقين.

مقالات مشابهة

  • الأحرار يعقد المكتب السياسي بالداخلة في خطوة رمزية خاصة
  • رياض محرز: نُطارد الحلم بكل تركيز وجماهيرنا تستحق الكأس
  • زيارة تاريخية للرئيس اللبناني إلى الإمارات تفتح أبواب التعاون
  • ملف الشهر.. أوروبا وأميركا علاقات تاريخية غيّرها ترامب
  • سبب احتفال العالم بعيد العمال أول مايو.. تفاصيل وأحداث تاريخية
  • مدير إدارة الشؤون الأوروبية يحضر حفل سفارة هولندا باليوم الوطني
  • لكي تقود العالم..على أوروبا التخلي عن تفكيرها الاستعماري
  • إطلاق الجولة الثالثة من المزايدات العلنية على أراضي مشاريع الهيدروجين الأخضر في الدقم
  • تفاصيل لقاء اللواء سلطان العرادة مع سفيرة مملكة هولندا وأهم الملفات التي تم عرضها
  • انطلاقُ الجولة الثالثة من المزايدات العلنية على أراضي مشروعات الهيدروجين الأخضر في الدقم