ألقى إمام وخطيب الحرم المكي الشريف فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وأوصى في افتتاحيتها المسلمين بتقوى الله –عز وجل- في السر والعلن.

وقال: راقب الله في كل نفس، وخف الله في دينك، وارجه في جميع أمورك، واصبر على ما أصابك فإن الصبر من الإِيمَان بِمَنْزِلَة الرَّأْس من الْجَسَد، فَإِذا قطع الرَّأْس ذهب الْجَسَد.

وَإِذا سَمِعت كلمة تغضبك فِي عرضك فَاعْفُ وَاصْفَحْ فَإِن ذَلِك من عزم الْأمور.. قال تعالى {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأمور}.

وأضاف: واعْمَلْ كَأَنَّك ترى الله، وعد نَفسك فِي الْمَوْتَى، وَاعْلَم أَن الشَّرّ لَا ينسى، وَالْخَيْر لَا يفنى، وَاعْلَم أَن قَلِيلاً يُغْنِيك خير من كثير يُلْهِيك، وَإِيَّاك ودعوة الْمَظْلُوم، وما أقبل عبد بِقَلْبِه إلى الله –عز وجل- إِلَّا جعل الله قُلُوب الْمُؤمنِينَ تنقاد إِلَيْه بِالرَّحْمَة والمودة، وَاحْذَرْ مَوَاطِن الْغَفْلَة ومخاتل الْعَدو وطربات الْهوى وضراوة الشَّهْوَة وأماني النَّفس فَإِن رَسُول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً- قَالَ: “أعدى أعدائك نَفسك الَّتِي بَين جنبيك” أخرجه البيهقي.

وواصل فضيلته قائلاً: وَإِنَّمَا صَارَت أعدى أعدائك لطاعتك لَهَا، وكل أَمر لَاحَ لَك ضوؤه بمنهاج الْحق فاعرضه على الْكتاب وَالسّنة والآداب الصَّالِحَة، فَإِن خَفِي عَلَيْك أَمر فَخذ فِيه برَأْي من ترْضى دينه وعقله، وَاعْلَم أَن على الْحق شَاهداً بِقبُول النَّفس لَه، أَلا ترى لقَوْل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم-: “استفت قَلْبك وَإِن أَفْتَاك الْمفْتُون” رواه أحمد وإسناده جيد. لافتًا النظر إلى أن الذي يستفتي قلبه، ويعمل بما أفتاه به، هو صاحب القلب السليم، لا القلب المريض، فإن صاحب القلب المريض لو استفتى قلبه عن الموبقات والكبائر لافتاه أنها حلال لا شبهة فيها، مستدلاً بقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: “فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه، وحبه، والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن، إذ فيه فقرٌ ذاتي إلى ربه”.

وأردف فضيلة الشيخ الدكتور الجهني قائلاً: واحم الْقلب من سوء الظَّن بِحسن التَّأْوِيل، وادفع الْحَسَد بقصر الأمل، وانف الْكبر باستبطان الْعِزّ، واترك كل فعل يضطرك إلى اعتذار، وجانب كل حَال يرميك فِي التَّكَلُّف، وصن دينك بالاقتداء، واحفظ أمانتك بِطَلَب الْعلم، وحصن عقلك بآداب أهل الْحلم، واستعن بِاللَّه فِي كل أَمر، واستخر الله فِي كل حَال، وَمَا أرادك الله لَه فاترك الِاعْتِرَاض فِيه، وكل عمل تحب أَن تلقى الله بِه فألزمه نَفسك، وكل أَمر تكرهه لغيرك فاعتزله من أخلاقك، وكل صَاحب لَا تزداد بِه خيراً فِي كل يَوْم فانبذ عَنْك صحبته وَخذ بحظك من الْعَفو.

وبيّن فضيلته أن َقيد الْجَوَارِح يكون بإحكام الْعلم، وأَن من آثر الله آثره، وَمن أطاعه فقد أحبه، وَمن ترك لَه شَيْئا لم يعذبه بِه كَمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “دع مَا يريبك إلى مَا لَا يريبك” أخرجه الترمذي وأحمد. موضحًا أَن كتاب الله تعالى ما أُنزل إلا للعَمَل بِحكمِه من الْأَمر وَالنَّهْي، وَالْخَوْف والرجاء لوعيده ووعده، وَالْإِيمَان بمتشابهه، وَالِاعْتِبَار بقصصه وَأَمْثَاله.. فَإِذا أتيت بذلك فقد خرجت من ظلمات الْجَهْل إلى نور الْعلم، وَمن عَذَاب الشَّك إلى روح الْيَقِين.. قَالَ الله جلّ ذكره {الله ولي الَّذين آمنوا يخرجهم من الظُّلُمَات إلى النُّور}.

وأكد الشيخ الدكتور الجهني أن المسلمين أحوج في هذا الزمن المملوء بالفتن والمحن والمصائب، المملوء بالحقد والحسد والضغائن، المحفوف بالعقوبات والأخطار، إلى العمل بنظام الإسلام من مكارم الأخلاق التي حث عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة، فيتحلى المسلم بها وبآدابها، ويكون على عقيدة ومنهج قويم بها، يدعو غير المسلمين للإسلام.. فإنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن تسعوهم بأخلاقكم.

وطالب فضيلته المسلمين بتقوى الله –عز وجل- فإن تقواه أنفع الوسائل والذخائر، ولا تكونوا كالذين بدلوا نعمة الله كفراً، ولم يلتفتوا إلى ما أمامهم من الموارد والمصادر، وراقبوه فإنه مطلع عليكم، يراكم ويعلم حركاتكم وسكناتكم: {يَعْلَمُ خَائنَة الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}. حاسبوا أنفسكم ما دمتم في دار المحاسبة والعمل، قبل أن تحاسَبوا في دار الجزاء وانقطاع الأمل، وتأهبوا للقاء ربكم، وتزودوا بزاد التقوى والصلاح لقبوركم وليوم نشوركم، واحذروا الغفلة، احذروا الغفلة فإنها ضياع وباطل، وتورد المهالك، وتسد المسالك، وارضوا عن الله فيما قدره لكم، فكل ما قدره الجليل هو الجميل.

* وفي المدينة المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور صلاح بن محمد البدير في خطبة الجمعة اليوم: الماء هبة البارئ الكريم، أنزله وجعله سقيا للخلق، يتخللُ ويتسلسل وينهمر وينصب فتخضرّ بغدرانه الأرض، ويضحك بهتانه الروض، يروي الهضاب والآكام، ويحيي الله به النبات والسّوام، ويسقي الخلق والأنام.. يبوح بأسراره صفاؤه، ويلوح بإعجازه نقاؤه، وينطق بآياته سهولته وعذوبته وإرواؤه.. وكل شراب وإن رقّ وصفًا وعذب وحلا فليس يعوّض منه ولا ينوب عنه.

اقرأ أيضاًالمملكةالسواحه يناقش مع قادة الاقتصاد الرقمي في مجموعة ال20 الشراكة في مجالات الاقتصاد الرقمي والابتكار

ولما كان الماء حياة الأنفس كانت العرب تستعير في كلامها الماء لكل ما يحسن منظره وموقعه، ويعظم قدره ومحله، فتقول ماء الوجه، وماء الشباب، وماء النعيم.. وصدق الله ومن أصدق من الله قيلاً {وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون}.

وتابع فضيلته: سقيا الماء عنوان الرحمة، وآية الإحسان، وصدقة مباركة، طيَّب الأرواح ريها، وأحيا النفوس قطرها.. وكانت سقاية الحاج مأثرة من مآثر العرب، ومفخرة من مفاخرهم.. فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: “ألا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية من دم أو مال تذكر وتدعى تحت قدمي إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة البيت”. وقد وردت الأحاديث الصحاح في فضل السقاية، وتفخيم شأنها، وتعظيم قدرها.. فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال: “اعملوا فإنكم على عمل صالح”، ثم قال: “لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه” يعني على عاتقه، وأشار إلى عاتقه.

وأضاف الشيخ البدير: يندب سقيا الماء في كل زمان صيفاً وشتاءً، ولكنه في صفحة الحر وصمخته آكد استحباباً. وسقاية الماء والصدقة به وتبريد الأكباد الحرَّى وإرواء الصدور العطشى التي أصابها سعار العطش والتهابه، وإنقاذ الأكباد الصادية في البيداء الخالية، وإسعاف النفوس الظامئة في وهج الأيام القائظة، من أفضل الصدقات وأجلّ القربات؛ قال صلى الله عليه وسلم: “ليس صدقة أعظم أجرًا من ماء”.

وإذا شربتم الماء النقي الهني الروي فتذكروا فقراء المسلمين الذين يسكنون المعطشة.. تذكروا من لا يجدون إلا الماء الآسن الآجن الذي لا يشربه أحد من نتنه، وتغير لونه ورائحته.. وإذا فتحتم الصنابير في بيوتكم فانثج الماء الزلال السلسال ثجًا فتذكروا من يسيرون يوماً وليلة وأكثر يبحثون عن الماء، تذكروا من أجبرهم الجفاف ونضوب الآبار على ترك منازلهم وقراهم، وقد أصابهم من العيش ضفف وجفف وشظف وتلف وهم يستسقون فضل المحسنين فاستنقذوهم وأعينوهم.

واختتم إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الخطبة بقوله: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: “ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها رضي وإن لم يعطه منها سخط، ورجل أقام سلعته بعد العصر فقال والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا فصدقه رجل”.

 

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية صلى الله علیه وسلم الشیخ الدکتور رضی الله عنه ول الله الله ف الله ب

إقرأ أيضاً:

دعاء مستجاب في نفس اللحظة بعد العشاء .. ردده وتجنب 5 أفعال

دعاء مستجاب في نفس اللحظة هو جل ما يسعى إليه الجميع، وأرشدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى أن الدعاء في ذاته عبادة من أكرم العبادات عند الله سبحانه وتعالى، والدعاء وسيلة لمناجاة الله سبحانه وتعالى، وأن كل دعاء مستجاب سواء في الدنيا أو الآخرة، وهناك طرق أو شروط تجعلنا نفوز بـ دعاء مستجاب في نفس اللحظة ففيما ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، أنه أوصانا بالحرص على الدعاء لأنه أكثر ما يقربنا إلى الله سبحانه وتعالى، وهناك أربعة أمور تجعلك تفوز بـ دعاء مستجاب في نفس اللحظة.

من لم يصم الست من شوال.. اغتنموها ثوابها مضاعف من اليوم للخميسهل أفضل صيغة للدعاء من القلب أم القرآن؟.. 7 أسرار ليستجيب الله لكهل أفضل صيغة للدعاء من القلب أم القرآن؟.. 7 أسرار ليستجيب الله لك3 سور تجلب الرزق والبركة وتطرد الشر وتحمي البيت وأهله.. هل تعرفها؟ماذا يحدث لمن يذكر الله؟.. علي جمعة: 6 عجائب في السماء والأرضهل النوم بعد صلاة الصبح حرام؟.. يضيع عليك 9 أرزاق يوميةأفضل دعاء مستجاب في نفس اللحظة

ورد في الحديث الشريف عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، حيث حثنا على أربعة أمور عند الدعاء تجعل الله سبحانه وتعالى يستجيبه، فيتحول إلى أفضل دعاء مستجاب في نفس اللحظة، وأول هذه الأمور الأربعة بدء الدعاء بتمجيد الله عز وجل، وثانيها الثناء عليه جل وعلا، وثالثها الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- ، ورابعًا الدعاء بحاجته.

ورد في سُنن أبي داود، أنه سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَجِلَ هَذَا»، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: - أَوْ لِغَيْرِهِ - : «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ».

أقوى دعاء مستجاب فورا

ورد عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه أوصانا وأرشدنا إلى كل ما يقربنا إلى الله سبحانه وتعالى ويبلغنا به الجنة في الآخرة والسعادة والخير في الدنيا، ومنها أن أقوى دعاء مستجاب فورا أخبرنا عنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بتسع كلمات بها يكشف الله تعالى الكرب ويزيل الهم ويستجيب الدعاء، وهي: « لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ»، وهذا أقوى دعاء مستجاب فورا حيث إن نبي الله يونس –عليه السلام- كان يدعو بها وهو في بطن الحوت ، قائلا: «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» فأخرجه الله تعالى من بطنه ونجاه من الكرب بما يدل على أنه أقوى دعاء مستجاب فورا، حيث إن العبد يفوز فضلًا عظيمًا وخيرًا كثيرًا إذا دعى الله تعالى بها .

ورد في جامع الترمذي، أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، إِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ بِهَا».

صيغة الدعاء المستجاب

وجاءت صيغة الدعاء المستجاب الواردة عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وهي صيغة للدعاء يستجيب الله تعالى لقائلها، هي: «بدء الدعاء بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وختمه به»، فالدعاء بهذه الصيغة أحرى به أن يُستجاب، مشيرًا إلى أن الدعاء منحة من الله تعالى يتفضل بها على عباده، كما أن دعاء مستجاب يعد من أخص خصوصيات العبادة.

ويعتبر الدعاء من العبادات التي لها ميزة خاصة، لذا من أراد أن يحصل على دعاء مستجاب في نفس اللحظة لقضاء الحاجة فليحرص على تلك الأمور الأربعة التي أوصى بها النبي –صلى الله ليه وسلم- السالف ذكرها، كما عليه أن يتحرى صيغة الدعاء المستجاب التي تبدأ وتنتهي بالصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم-، مستندًا لما ورد عن أبي سليمان الداراني، قال : «من أراد أن يسأل الله حاجته فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويسأل حاجته وليختم بالصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإن الله يتقبل الصلاة وهو أكرم من أن يرد ما بينهما».

شروط استجابة الدعاء

ورد في الدعاء المستجاب عدة شروط يجب أن تتوافر في ليستجيب الله سبحانه وتعالى للعبد، منها: أن يدعو المسلم الله سبحانه وتعالى لا شريك له، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى بصدق وإخلاص، لأنّ الدّعاء يعدّ عبادةً، فال الله تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» الآية 60 من سورة غافر، وفيما رواه مسلم في الحديث القدسي: «من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه ».

وجاء من شروط استجابة الدعاء منها ألا يدعو المسلم دعاءً فيه إثم أو قطيعة رحم، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدّعاء»، وكذلك من شروط استجابة الدعاء أن يدعو ربّه عز وجل بقلب حاضر، وأن يكون على يقين من الإجابة، وذلك لما رواه الترمذي والحاكم وحسّنه الألباني، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنّ الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه».

أوقات استجابة الدعاء

تعد أوقات استجابة الدعاء هي تلك الأوقات والمواطن التي يكون فيها الدعاء مستجاب وأولها أثناء السّجود، فقد أخرج مسلم وأصحاب السّنن أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: « ألا وإنّي نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأمّا الركوع فعظموا فيه الرّب عزّ وجل، وأمّا السّجود فاجتهدوا في الدّعاء، فَقَمِنُ أن يستجاب لكم»، وثاني وقت للدعاء المستجاب يتم تحريه في ساعة الاستجابة من يوم الجمعة، ففي الصّحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ذكر يوم الجمعة فقال:« فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إيّاه، وأشار بيده يقللها »، ويكون الدعاء مستجاب كذلك في الثّلث الأخير من الليل، فقد أخرج مسلم وأصحاب السّنن أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:« إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السّماء الدّنيا فيقول: هل من سائل يُعطى، هل من داع يُستجاب له، هل من مستغفر يُغفر له، حتى ينفجر الصّبح ».

أسباب عدم استجابة الدعاء

1- من أسباب عدم الاستجابة أكل الحرام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51]، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!» (رواه مسلم).

2- سؤال الله عز وجل ما لا يجوز، فمن أسباب عدم استجابة الدعاء أن يكون فيه اعتداء، وهو سؤال الله عز وجل ما لا يجوز سؤاله، كأن يدعو بإثم أو محرم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ» رواه مسلم.

3-غفلة القلب، فمن أسباب عدم استجابة الدعاء استيلاء الغفلة على القلب، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ادْعُوا الله وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ»، رواه الترمذي.

4- عدم الأخذ بالأسباب ، حيث إن من أسباب عدم استجابة الدعاء أن العبد لم يأخذ بالأسباب، كأن يطلب النجاح من غير دراسة، أو الرزق من غير عمل، أو النصر من غير إعداد العدة، أو الشفاء من غير علاج، كما في قصة الفقيه الإمام عامر الشعبِي رحمه الله عندما مرَّ بإبِل قد فشا فيها الجَرَبُ، فقال لصاحبها: أما تداوي إبلك؟ فقال: إن لنا عجوزًا نتَّكِلُ على دعائِها، فقال: "اجعل مع دعَائِهَا شيئًا مِنَ القَطِرَانِ". والقطران: يداوي جَرَب الإبل.

5- استعجال الإجابة، حيث من أسباب عدم استجابة الدعاء أن يستعجل العبد الإجابة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي» رواه البخاري ومسلم.

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي للدعاة: حفظ العهد مع الله ثم الوطن أعظم ما ننتظره منكم
  • دعاء السيدة عائشة.. واظب عليه كل يوم ييسر أمرك ويفرج همك
  • أسامة فخري: التصوف ليس مجرد موائد بل منهج تربوي
  • صيام العشر الأوائل من ذي الحجة فضل وثواب عظيم
  • تحذير للرجال.. هذا الفعل يجعلكم أبغض الناس عند الله
  • في ذكرى وفاة والدها الـ34.. سيمون تنعى "أعظم إنسان في حياتها" برسالة مؤثرة
  • خمس أعمال قبل النوم أوصى بها رسول الله.. كم تعرف منها؟
  • دعاء مستجاب في نفس اللحظة بعد العشاء .. ردده وتجنب 5 أفعال
  • أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة.. فرص عظيمة لاغتنام الأجر والثواب
  • آداب زيارة المريض في الإسلام .. تعرّف عليها