الحوكمة الرقمية.. أهميتها وتحدياتها
تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT
سالم البادي (أبو معن)
عند بداية الثورة الصناعية الرابعة في أوائل القرن الحادي والعشرين، تقريبًا ومنذ عام 2011، بدأ العصر الرقمي الذي تميَّز بتقنيات متقدمة وأكثر تطورًا مثل الذكاء الاصطناعي، إنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، مما شكل تطور المجتمعات والاقتصادات حول العالم، ومنها ظهرت "الحوكمة الرقمية".
الحوكمة الرقمية تعني استخدام التكنولوجيا الرقمية لتحسين وتسهيل العمليات الحكومية والإدارية، وتهدف إلى تعزيز الشفافية، والكفاءة، والمشاركة من قبل المواطنين في صنع القرار.
وقد طبقت سلطنة عُمان الربط الإلكتروني بشكل رسمي في عام 2006، حيث بدأت الحكومة في تنفيذ مشروع "عُمان الرقمية" الذي يهدف إلى تحسين الخدمات الحكومية من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة. وهذا الربط ساعد على تسريع الإجراءات الحكومية وتسهيل الوصول إلى الخدمات للمواطنين والمقيمين.
مصطلح "عُمان الرقمية" يشير إلى نفس مفهوم "الحوكمة الرقمية"؛ حيث يتعلق الأمر باستخدام التكنولوجيا الرقمية لتحسين الخدمات الحكومية وزيادة كفاءة العمليات.
و"الحوكمة الرقمية" لها أهمية كبيرة وتحديات متعددة، كما أنَّ هناك سبل لتطويرها، وأهميتها تكمن في تحسين الخدمات؛ حيث تساهم الحوكمة الرقمية في تحسين جودة وكفاءة الخدمات الحكومية المُقدمة للمواطنين.
وزيادة الشفافية؛ إذ تعزز من مستوى الشفافية والمساءلة في العمليات الحكومية، مما يساعد على بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين.
وتعزيز المشاركة؛ حيث توفر منصات رقمية تتيح للمواطنين المشاركة في صنع القرار وتقديم آرائهم ومقترحاتهم.
وتوفير الوقت والجهد، من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات والخدمات، مما يقلل من الوقت والجهد المبذول في التعامل مع الإجراءات الحكومية التقليدية.
تحديات الحوكمة الرقمية
التحديات الأمنية: مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا، تزداد المخاطر المتعلقة بالأمن السيبراني وحماية البيانات.
الفجوة الرقمية: قد يؤدي عدم توفر التكنولوجيا أو الوصول إلى الإنترنت إلى تفاقم الفجوة بين الفئات الاجتماعية المختلفة.
تغييرات في الوظائف: قد تؤدي الأتمتة والرقمنة إلى تغييرات في سوق العمل، مما يتطلب إعادة تأهيل القوى العاملة.
سبل تطور الحوكمة الرقمية وحمايتها من المخاطر المستقبلية:
يجب على الحكومات الاستثمار في تطوير البنية التحتية الرقمية لضمان الوصول الشامل.
وإنشاء سياسات واضحة تدعم الابتكار وتعزز من استخدام التكنولوجيا في العمليات الحكومية.
والتعاون مع القطاع الخاص، من خلال تشجيع الشراكات مع الشركات التكنولوجية لتطوير حلول مبتكرة تلبي احتياجات الحكومة والمواطنين.
وتعزيز الأمن السيبراني؛ حيث يجب على المؤسسات والأفراد اتخاذ تدابير قوية لحماية البيانات والمعلومات الحساسة، ويشمل ذلك استخدام برامج مكافحة الفيروسات، وتحديث الأنظمة بشكل دوري، وتطبيق تدابير التشفير.
التوعية والتدريب: من المهم توعية المستخدمين حول المخاطر الرقمية وكيفية التعامل معها، يمكن تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتعريف الأفراد بأساليب الحماية.
المراقبة والتقييم المستمر: يجب على المؤسسات مراقبة أنظمتها بشكل دوري لتحديد الثغرات الأمنية وتقييم المخاطر المحتملة.
التعاون الدولي: بما أن التهديدات الرقمية غالبًا ما تتجاوز الحدود، فإن التعاون بين الدول ضروري لمواجهة التحديات المشتركة.
الابتكار في التكنولوجيا: الاستثمار في تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي يمكن أن يساعد في تطوير حلول أكثر فعالية لمواجهة التهديدات.
وباتباع هذه الاستراتيجيات، يمكننا تعزيز الحماية لعالمنا الرقمي وتقليل المخاطر المستقبلية.
ولا شك أنَّ الحوكمة الرقمية ستُؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني بعدة طرق منها:
زيادة الكفاءة: من خلال تسهيل العمليات التجارية وتبادل المعلومات، يمكن للشركات تقليل التكاليف وزيادة الإنتاجية، مما يؤدي إلى نمو اقتصادي أكبر.
توسيع الأسواق: يتيح الربط الإلكتروني للشركات الصغيرة والمتوسطة الوصول إلى أسواق جديدة، مما يساعدها على التوسع وزيادة الإيرادات.
تحسين الخدمات: من خلال تحسين الخدمات الحكومية والتجارية، يمكن للمواطنين والشركات الاستفادة من خدمات أسرع وأكثر كفاءة، مما يعزز الثقة في الاقتصاد.
خلق فرص عمل: مع زيادة الاعتماد على التكنولوجيا، تظهر فرص عمل جديدة في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات، التسويق الرقمي، وخدمات العملاء.
تحفيز الابتكار: الربط الإلكتروني يشجع على الابتكار من خلال تسهيل التعاون بين الشركات والأفراد، مما يؤدي إلى تطوير منتجات وخدمات جديدة.
بشكل عام، عند اكتمال الحوكمة الرقمية في سلطنة عُمان ستسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وزيادة الاستدامة في الاقتصاد المحلي.
أثر الربط الإلكتروني على الخدمات الحكومية في سلطنة عُمان بعدة طرق إيجابية:
تسهيل الوصول إلى الخدمات: أصبح بإمكان المواطنين والمقيمين الوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات الحكومية عبر الإنترنت، مما يوفر الوقت والجهد.
تقليل البيروقراطية: ساعد الربط الإلكتروني في تقليل الإجراءات المعقدة والمتطلبات الورقية، مما جعل المعاملات أكثر سلاسة وسرعة.
تحسين الكفاءة: تم تحسين كفاءة العمل داخل الجهات الحكومية، حيث أتاح الربط الإلكتروني تبادل المعلومات بشكل أسرع بين مختلف الجهات.
زيادة الشفافية: ساعد الربط الإلكتروني في تعزيز الشفافية والمساءلة، حيث يمكن للمواطنين متابعة معاملاتهم والتأكد من سيرها بشكل صحيح.
توفير الخدمات على مدار الساعة: أصبح بإمكان الأفراد إجراء المعاملات الحكومية في أي وقت، دون الحاجة للانتظار في الطوابير أو زيارة المكاتب الحكومية.
بشكل عام ساهم الربط الإلكتروني في تحسين جودة الخدمات الحكومية وزيادة رضا المواطنين.
ولمواجهة التهديدات المستقبلية، من المهم تبنِّي استراتيجيات متعددة تشمل التوعية والتخطيط الجيد، يجب أن نبدأ بتقييم المخاطر المحتملة التي قد نواجهها في المستقبل، سواء كانت اقتصادية، بيئية، أو اجتماعية. بعد ذلك، يمكن تطوير خطط استجابة فعالة، مثل تعزيز التعاون بين المؤسسات المختلفة، والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، وتوفير التدريب اللازم للأفراد لمواجهة التحديات، كما يجب التحلي بالمرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات السريعة في العالم من حولنا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أحمد زايد: مكتبة الإسكندرية تسعى لحفظ التراث ونشره بالوسائل الرقمية
شهدت فعاليات الدورة الـ34 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب، الذي ينظمه مركز أبوظبي الدولي للكتاب، جلسة حوارية بعنوان "التراث والرقمنة: دور التقنية في حفظ التراث"، عقدت على منصة المجتمع، وناقشت سبل الحفاظ على التراث باستخدام أدوات العصر الحديث.
وشارك في الجلسة كل من الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، الدكتور عبدالعزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، ، وأنيتا هوس- إكيرهولت، الأمين العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النشر، وأدارها الكاتب والمترجم الدكتور أحمد السعيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة.
وتحدث الدكتور أحمد زايد، عن جهود مكتبة الإسكندرية في مجال توثيق التراث ورقمنته، موضحًا أن المكتبة منذ تأسيسها أولت أهمية كبيرة لحفظ التراث المادي، وغير المادي، والطبيعي.
وأشار إلى أن مشروعات المكتبة تشمل أرشفة أحياء القاهرة التاريخية، وتوثيق شخصيات بارزة مثل رؤساء مصر السابقين، إلى جانب رقمنة التراث الفني والحرفي عبر إنتاج أفلام قصيرة ضمن سلسلة "عارف".
وأكد زايد أن المكتبة تؤمن بأهمية نشر التراث عبر الوسائل الرقمية والتقليدية مثل الكتب، والأفلام الوثائقية، والخرائط، وغيرها، معتبراً أن حفظ التراث عملية ديناميكية مستمرة تتكامل فيها جهود المؤسسات مع مساهمات الأفراد.
وكانت الجلسة قد بمداخلة أنيتا إكيرهولت، أوضحت خلالها أن الاتحاد الدولي لمنظمات حقوق النشر يعمل على حفظ التراث في أكثر من 90 دولة، من بينها الإمارات العربية المتحدة، عبر ممثلين موزعين حول العالم.
وأعربت عن تقديرها لمشاركتها مع نخبة من الخبراء ضمن فعاليات المعرض، مؤكدة التزام الاتحاد بحماية الملكية الفكرية وحفظ مختلف أنواع التراث، سواء الثقافي أو الأدبي، من خلال استخدام تقنيات متعددة. ولفتت إلى أن الاتحاد يولي أهمية لتعريف مفهوم "حفظ التراث" سواء من حيث الحماية، أو الإحياء، أو الحد من الاندثار، مشيرة إلى جهود مكثفة في رقمنة المصادر والبيانات المرتبطة بالتراث لتعزيز استدامتها.
واستعرض الدكتور عبدالعزيز المسلم تجربة معهد الشارقة للتراث في مجال رقمنة التراث الثقافي، مشيرًا إلى أن المعهد منذ تأسيسه قبل عشر سنوات عمل على بناء أرشيف رقمي متكامل يضم تسجيلات صوتية وصورًا تاريخية لرواة وحرفيين يسجلون التراث غير المادي لدولة الإمارات ومنطقة الخليج.
كما أوضح المسلم أن المعهد يعمل على مشروع مكنز التراث العربي بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية، إذ تم بالفعل توقيع اتفاقية تعاون وتنفيذ عدد من الورش الفنية.
وأشار إلى أن المعهد يهتم أيضًا بالمتاحف المتخصصة مثل متحف الحرف ومتحف الأزياء الشعبية، إلى جانب إصدار أكثر من مائة مجلة وكتابين سنويًا، جميعها يتم رقمنتها لتسهيل وصولها إلى الجمهور.
وشدد على أهمية التوازن بين استخدام التقنيات الحديثة للحفظ وبين الحفاظ على الوسائط التقليدية كالأشرطة والوثائق الأصلية، التي تشكل بدورها جزءًا أصيلًا من التراث العربي.