لجريدة عمان:
2025-05-02@13:07:32 GMT

هل يفضّل العُمانيون التسوق من الخارج؟

تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT

يعد تفضيل الشراء أو التسوق من داخل الدولة دعامة للاقتصاد الوطني، حيث يعتمد الاقتصاد الوطني على ما يتم تصنيعه أو إنتاجه من السلع والمنتجات التي تستهلك داخل البلد أو تكون معدة للتصدير إلى الخارج. غالبا ما تكون نسبة تفضيل الشراء من المنتجات والسلع المحلية هي الأعلى ويأخذ الشراء من خارج الدولة النسبة الأقل.

وفي حال كانت النسبة عكس ذلك -الشراء من الخارج هي النسبة الأعلى-، فهذا يوحي بوجود خلل اقتصادي يؤدي إلى ضعف القوة الشرائية للسلع المنتجة محليًا. ولعل ما يحدث حاليًا في الولايات المتحدة الأمريكية من زيادة فرض الرسوم الجمركية على الواردات من أهدافه فرض نوع من «الحمائية» للمنتجات والسلع التي تنتج في الداخل؛ لتكون لها الأفضلية من قبل المستهلك الأمريكي ومنحها ميزة تنافسية من حيث السعر مقارنة بالمنتجات المستوردة التي تخضع للرسوم الجمركية.

يأتي طرح هذا الموضوع بعد توجيه سؤال من أحد أعضاء مجلس الشورى لمعالي وزير التراث والسياحة بشأن توجه العمانيين -للتسوق- أو الشراء للسلع والمنتجات من دول الجوار بنسبة تصل إلى (91%). سوف نستخدم مصطلح -الشراء- والذي نقصد به التسوق أو الشراء من الخارج بدلا عن الشراء المحلي. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت النسبة السابقة وهي تفضيل الشراء من الخارج تتضمن الشراء بالطرق المعتادة أو عن طريق التجارة الإلكترونية.

بيد أن ما يدعم النسبة السابقة ما تتم ملاحظته بشكل لافت بأن الغالبية من العمانيين يفضلون التمتع بإجازاتهم عن طريق الرحلات والوجهات السياحية الخارجية خلال مواسم الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية والإجازات الأسبوعية. على سبيل مثال، فإن حركة السيارات المغادرة لدول الجوار في تلك الفترات قد توحي بتفضيل العمانيين للإنفاق وشراء السلع والمنتجات من الخارج.

الإحصاءات تشير إلى انخفاض الصادرات العُمانية غير النفطية خلال المدة من (2023 إلى 2024) بنسبة بلغت (16%).

في الجانب الآخر، فإن الواردات السلعية ارتفعت خلال نفس المدة بنسبة وصلت إلى (12%)، تلك الأرقام تدل على ارتفاع السلع المستوردة عن تلك المصدرة. وإن كانت الأرقام السنوية للميزان التجاري للدولة تؤكد على ارتفاع الصادرات على الواردات، إلا أن ذلك يأتي بدعم كبير من الصادرات النفطية والغاز التي تمثل ما نسبته (67%) من إجمالي الصادرات السلعية النفطية وغير النفطية خلال نفس المدة. كما أن هناك خللا في الميزان التجاري بين سلطنة عُمان وثلاث من الدول الخليجية الشقيقة وهي: الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت، حيث ترتفع حركة الواردات السلعية من تلك الدول عن الصادرات وإعادة التصدير إليها من سلطنة عُمان. وبالتالي، فإن ارتفاع نسبة تفضيل العُمانيين التسوق -الشراء- من دول الجوار عن الشراء المحلي قد يتوافق مع أرقام التجارة الخارجية.

هناك أسباب كثيرة تدعو لتفضيل العمانيين للشراء من الخارج وخاصة من دول الجوار منها أن هناك تنوعا للسلع والمنتجات تلامس احتياجات المستهلكين حسب مقدرتهم الشرائية تكون عادة موجودة في منطقة جغرافية واحدة. تلك المناطق الصناعية تمت تهيئتها لجذب المستثمرين مع الخدمات التي تقدمها لراحة المتسوقين. أيضا رحلات التسوق أو الشراء من الخارج تتيح تنوعا سياحيا للإقامة المريحة التي تتوافر بها وسائل النقل والضيافة وتنوع الأسعار حسب القوة الشرائية للزائر أو المتسوق. أيضا الأسعار تظل تنافسية حتى بعد إضافة قيمة الشحن والتوريد من مكان شراء السلع من دول الجوار إلى سلطنة عُمان. في الجانب الآخر، فإن تفضيل العمانيين للشراء من الخارج لا يقتصر على دول الجوار، فهناك الكثير من العمانيين عند بناء منازلهم الخاصة، فإنهم يقومون بزيارة للدول الأخرى ومنها الصين لشراء كل ما يحتاجه المنزل نظرا للتنوع وأيضا الأسعار التي عادت تكون تنافسية.

أيضا بالنسبة لشراء السيارات المستعملة والتي لها سوق رائجة يلاحظ بأن أغلب معارض السيارات داخل الدولة أصبحت تميل إلى استيراد السيارات من الخارج -ذات المواصفات غير الخليجية- نظرا لوجود مزايا إضافية أغلبها تتعلق بأنظمة الأمن والسلامة والتقنية العالية والتي عادةً لا تتوافر في السيارات التي تحمل المواصفات الخليجية. مع ملاحظة بأنه خلال السنوات الأخيرة أصبح هناك ارتفاع لافت في أسعار السيارات ذات المواصفات الخليجية وأيضا في قطع غيارها، الأمر الذي أفقدها الميزات التنافسية وبالتالي تفضّل فئات كثيرة من العمانيين التوجه للأسواق والمعارض بدول الجوار.

كما أن هذا التوجه -وهو الشراء من الخارج- أصبح تمارسه شركات التأمين عندما تتعاقد من المؤسسات الخاصة بإصلاح السيارات الناتجة عن الحوادث. فإن أغلب شركات التأمين تفضل شراء قطع الغيار من خارج الدولة نظرا لمناسبة أسعارها مقارنة بالأسعار التي يمنحها الوكيل الحصري داخل الدولة.

وإن كان هناك تزايد للشركات التجارية التي توفر السلع والمنتجات، إلا أن أغلبها يعتمد بشكل كبير على البيع بالشكل التقليدي مع قلة الشركات التجارية التي توفر الخيارات المرنة للشراء عن طريق (On-line Shopping) وإن توافرت فهي في نطاق محافظة مسقط. وبالتالي، مبادرات الشراء أو التسويق الإلكتروني أحد الممكنات التي تساعد في زيادة القوة الشرائية نظرا لتفضيل السلع والمنتجات داخل جغرافية الوطن.

تفضيل العمانيين التوجه لشراء السلع والمنتجات من الخارج أو دول الجوار يعطي دلالات بأن التجار والمستثمرين وشركات القطاع الخاص استثماراتهم لم تصل إلى مستوى تقديم سلع ومنتجات تكون بأسعار ومواصفات ترضي المستهلكين. كما أن بناء المجمعات التجارية ذات الأبعاد الترفيهية ظلت أغلبها داخل حدود محافظة مسقط. مع قلة مثيلاتها بالمحافظات الأخرى، الأمر الذي يدفع الغالبية إلى البحث عن أماكن أخرى للشراء خارج البلاد.

وبالتالي، هذا التفاوت في الأبعاد التجارية والترفيهية بين المحافظات قد يكون أسهم في تفضيل الشراء أو التسوق من الخارج. الأمر الذي يحتاج معه إلى مراجعات جادة تتعلق بالتحفيز الاقتصادي بالمحافظات الأخرى لدفع المستثمرين إلى معرفة أذواق المستهلكين وتوجهاتهم الشرائية والتي على أساسها يستطيعون تخطيط استثماراتهم التي تلامس تطلعات المواطنين وتكون بأسعار تنافسية.

أيضا تفضيل الشراء من الخارج قد يكون من ضمن أسبابه هو استمرار الاحتكار لبعض المنتجات والسلع والأجهزة الكهربائية والإلكترونية من قبل الوكلاء الحصريين الذين يتحكمون في الأسعار مع غياب المنافسة العادلة في السوق المحلي. وبالتالي، هذا يؤدي للتساؤل حول الأهداف التي حققها مركز حماية المنافسة ومنع الاحتكار في إيجاد بيئة من التنافسية بين الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في ممارسة الأعمال داخل الدولة.

وعلى الرغم من الموقع الجغرافي المتميز لسلطنة عُمان والذي يؤهلها بأن تستقطب استثمارات ومشاريع صناعية كبيرة، إلا أن ذلك ما زال دون التوقعات. ولعل ذلك يكمن في قلة المناطق الصناعية التي تساعد على احتضان الصناعات الثقيلة. بيد أن التسهيلات والحوافز المضمّنة بقانون المناطق الصناعية الخاصة والمناطق الحرة الذي صدر مؤخرا يعطي نقلة نوعية في منح التسهيلات لإقامة المشاريع الصناعية.

من تلك الحوافز الإعفاء من ضريبة الدخل لسنوات طويلة، وحرية تحويل الأرباح والإعفاء الجمركي للصادرات، تلك الحوافز سوف تدعم الاقتصاد الوطني من خلال زيادة المناطق الصناعية والحرة التي تحتضن مشاريع صناعية واعدة من شأنها توفير بدائل للسلع والمنتجات للسوق المحلي، وأيضا تنشيط حركة الصادرات السلعية للخارج.

تفضيل العمانيين للشراء الخارجي -التسوق- بنسبة عالية سواء عن طريق المنصات والموقع الإلكترونية أو عن طريق السفر والسياحة لدول الجوار أو الدول الأخرى مسألة بالغة الأهمية تدل على وجود خلل اقتصادي غير متوازن يؤثر سلبا على استثمارات القطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. هذه المسألة لا يكتفى بمجرد طرح التساؤلات من قبل أحد سعادة أعضاء مجلس الشورى والإجابة عليها بنعم أو لا أو أن الموضوع خارج اختصاص مسؤول ما، بل تحتاج إلى رؤية اقتصادية ذات أبعاد استراتيجية تتضمن برامج ومبادرات استثمارية يقودها القطاع الخاص بإشراف الجهات الحكومية لتعزيز التنويع الاقتصادي من السلع والمنتجات التي يتم إنتاجها في عُمان.

تلك البرامج من شأنها تعظيم القوة الشرائية المحلية مع التطلعات لزيادة حركة قطاع الصادرات السلعية لتغزو الأسواق العالمية وخلق توازن متكافئ في الميزان التجاري على مستوى دول الجوار، والدول الشقيقة والصديقة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المناطق الصناعیة السلع والمنتجات القوة الشرائیة من دول الجوار داخل الدولة عن طریق

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء قرار الدبيبة بإغلاق سفارات ليبية وإلغاء البعثات الدراسية؟

أصدر رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة الأربعاء، قرارات مفاجئة وغير متوقعة بشأن البعثات الدبلوماسية الليبية حول العالم، وملف الابتعاث والمنح الدراسية في الخارج، ما أثار أسئلة حول الأسباب التي تقف وراء هذه الخطوة، وعلاقتها بمزاعم الفساد المستشري في هذه القطاعات.

وأعلن الدبيبة إغلاق عدد من السفارات الليبية في الخارج، وتقليص عدد الموظفين الدبلوماسيين بالخارج بنسبة 20%.

وأضاف الدبيبة أنه سيقر خلال يومين غلق عدد كبير من السفارات، و"هو قرار مهم للمواطنين، وسيساعد في خلق فائض من استهلاك العملة الصعبة، خاصة أن تلك السفارات تستهلك مبالغ".


وأوضح أن بعض السفارات لا يوجد فيها مكتب ليجلس فيها موظف واحد، «لكنها تستهلك أموالا بالدولار، وبعضهم يقول إنه يقدم خدمات استشارية وتضم موظفين محسوبين على السلك الدبلوماسي لكنهم يعملون في الوقت ذاته بالدولة التي يوجدون فيها»، مشددا على ضرورة إنهاء هذا الوضع.



وأكد الدبيبة أن خفض عدد الموظفين في السفارات بالخارج بنسبة 20% يشمل أيضا السفارات المستمرة في عملها؛ وذلك في وقت تعالت فيه الأصوات المنادية بتخفيض الإنفاق الحكومي، من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية الصعبة.


وضع السفارات في الليبية في الخارج
واطلعت "عربي21" على تقرير أصدره ديوان المحاسبة في آب/ أغسطس 2022 بشأن "المخالفات التي ارتكبتها وزارة الخارجية والتعاون الدولي" واتهمها بمخالفة التشريعات النافذة فيما يتعلق بالتعيين الاستثنائي في السلك الدبلوماسي والقنصلي.

وقال ديوان المحاسبة، إن التعيين يجري "تحت مسميات مستحدثة غير منظمة خاصة فيما يتعلق بالموظفين الدبلوماسيين من خارج قطاع الخارجية". مؤكدا أنه لا الدراسات غائبة تمام حول إعداد "ملاك وظيفي حقيقي يوائم أهداف التمثيل الدبلوماسي في الخارج"، حيث لوحظ وجود "تعيينات عشوائية وتجاوز ظاهر في التكليفات".

وكشف الديوان أن عدد السفارات والبعثات الدبلوماسية النشطة في الخارج بلغ 133 سفارة أو بعثة في الوقت الذي بلغ فيه عدد البعثات الدبلوماسية للدول الأجنبية في ليبيا 59 سفارة أو بعثة فقط.

"مورد للفساد"
الكاتب الصحفي رمضان معيتيق قال إن مراجعة أوضاع البعثات الدبلوماسية في الخارج مطلب شعبي كونها مورد كبير جدا للفساد، وتكلفة للميزانية العامة.

وأضاف في تصريحات متلفزة تابعتها "عربي21" أن هناك دول لا يوجد فيها جالية ليبية ولا تقدم أي خدمات لليبيين، بينما تجد فيها بعثات دبلوماسية.


لكنه دعا إلى دراسة القرارات المتعلقة بالبعثات الدراسية في الخارج، ومراعاة من هم في مراحلهم البحثية الأخيرة وعلى وشك التخرج من الجامعات التي ينتسبون إليها، مشيرا إلى أن الدولة الليبية أنفقت عليهم، والتخلي عنهم الآن يعد إهدارا للمال العام، وهو قرار غير مدروس، داعيا إلى إعادة تقييم شامل للوضع التعليمي في البلاد ينتهي بالبعثات في الخارج.

من جهته، انتقد وكيل وزارة الخارجيّة الأسبق حسن الصغير، قرار الدبيبة بإغلاق عدد من السفارات الليبيّة وقال إنه "مرتبك وغير مدروس".

وقال في تصريحات نقلها "تلفزيون المسار" أن استخدام مصطلح "الإلغاء" قد يتسبب بحدوث أزمات دبلوماسية، مشددا على أن نقل مهامّ السفارات إلى دول مجاورة يتطلب قرارات منفصلة وتنسيقا مع الدول المعنية.

وحذر الصغير من أن القرار سيكلف الدولة أعباء مالية وقد يواجه اعتراضات سياسية، لافتا إلى أن القرار سيواجه رفضا من مجلس النواب بسبب غياب التنسيق القانونيّ معه.

مقالات مشابهة

  • “المياه الوطنية” تحقق المركز الثاني لجائزة التميز في تفضيل المحتوى المحلي
  • أوبن إيه آي تضيف ميزات التسوق في بحث شات جي بي تي
  • مجموعة stc تحصد المركز الأول ضمن جائزة التميز في تفضيل المحتوى المحلي
  • ماذا وراء قرار الدبيبة بإغلاق سفارات ليبية وإلغاء البعثات الدراسية؟
  • الدبيبة يقرر إلغاء 25 بعثة دبلوماسية وتعليق الإيفاد للدراسة بالخارج
  • جاهزية الخطة التشغيلية للحافلات الناقلة لحجاج الخارج بالعاصمة المقدسة
  • جاهزية الخطة التشغيلية لإرشاد الحافلات الناقلة لحجاج الخارج بالعاصمة المقدسة
  • اجتماع برئاسة يناقش مستوى الأداء بمكتب الأشغال في عمران
  • أبواب الخارج تُفتح أمام وسام أبو علي.. والأهلي يحسم الأمر
  • ترامب .. 100 يوم من سحق الداخل وإشعال الخارج