تدخل الحرب في السودان، اليوم 15 أبريل/نيسان 2025، عامها الثالث، وسط تناقص مستمر في مساحات سيطرة قوات الدعم السريع، وتقدم متسارع للجيش السوداني، ما فرض سؤالا مباشرا حول من سيدفع فاتورة إعادة إعمار السودان، في ظل توفر مؤشرات عديدة تدل على اقتراب انتهاء الحرب.

وقد أدت الحرب إلى انهيار واسع للبنية التحتية في البلاد؛ حيث كشف وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، في حوار سابق مع "الجزيرة نت"، أن الخسائر في البنية التحتية والمرافق العامة والمصانع والشركات والممتلكات العامة والخاصة قد تُقدّر بمليارات الدولارات.

وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور عادل عبد العزيز، في حديث لـ"الجزيرة نت"، إن الحرب أثّرت على كل القطاعات الاقتصادية بشكل متفاوت، حيث تشير التقديرات الأولية إلى أن خسائر الاقتصاد السوداني في مختلف القطاعات تتراوح بين 127 و140 مليار دولار.

تفاؤل حكومي

وأعرب مسؤولون سودانيون عن تفاؤلهم بإمكانية مشاركة جهات دولية عديدة في جهود إعادة الإعمار وعودة الاستثمارات للبلاد. وكان رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، قد صرّح في 29 مارس/آذار الماضي، بأن إعادة إعمار الدولة وبنيتها التحتية ما زالت تتطلب جهودًا إضافية.

إعلان

من جانبه، أكد وزير الطاقة والنفط، محيي الدين نعيم، في تصريحات لـ"الجزيرة نت"، أنه لمس خلال زياراته إلى الصين والهند رغبة جادة في العمل مجددًا مع السودان في قطاع النفط.

وأشار إلى أن الوزارة تمتلك خطة لإعادة إعمار وتأهيل ما دمرته الحرب في مجالات النفط والكهرباء، معبّرًا عن تفاؤله بعودة السودان إلى موقعه الطبيعي في الإنتاج.

أما وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف، فقد أوضح أن هناك الكثير من العمل المطلوب في ما يتعلق بالاحتياجات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والخدمات الصحية والمدارس، لإعادة تنمية السودان.

وقال في مقابلة مع وكالة "الأناضول"، إنهم يتعاونون مع تركيا والسعودية ومصر وقطر والكويت في هذه المجالات.

ونوّه الشريف إلى أن تركيا ستكون من بين الدول الأكثر دعمًا للسودان في مرحلة إعادة الإعمار، مشيرًا إلى وجود تصور لتعاون ثنائي ومتعدد الأطراف يشمل مبادرات مشتركة مع قطر والسعودية للإسراع في هذه الجهود.

كما دعا الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى لعب دور في إعادة الإعمار، لافتًا إلى أن الحكومة تسعى لعقد مؤتمرات دولية لكسب دعم الدول التي ترغب في عودة السودان إلى وضعه الطبيعي.

السودان يعاني من نقص كبير في الاحتياجات الأساسية (رويترز) حشد الموارد

ويرى الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز أن هناك عدة مصادر محتملة لتمويل تكلفة إعادة الإعمار منها:

مصادر داخلية تتمثل في حشد الموارد الوطنية. جذب رجال الأعمال السودانيين المقيمين في الخارج، الذين يمتلكون قدرات مالية واستثمارات في عدد من الدول، وكذلك جذب المهاجرين السودانيين الذين يملكون فوائض مالية، داعيًا إلى استثمار هذه الفوائض في السودان من خلال شركات مساهمة عامة تُدار وفق أعلى معايير الجودة والشفافية، بهدف المساهمة في جهود إعادة الإعمار. مشاريع لمنظمات الدولية يمكن أن تساهم في الإعمار ضمن برامج المعونة المالية الرسمية. البنك وصندوق النقد الدوليان، رغم ارتباط مساعداتهم بمسائل سياسية قد تعيق الدعم في الظروف الراهنة. مؤسسات تابعة لدول مثل الصين وروسيا والهند وتركيا وإيران وجنوب أفريقيا، إضافة إلى دول في إطار منظومة "بريكس"، يمكن أن تقدم معونات تنموية لإعادة الإعمار، إذا عملت الحكومة السودانية على تحقيق مصالح مشتركة معها. إعلان لا أحد سيدفع

ورسم المفوض العام السابق للعون الإنساني في السودان الدكتور صلاح المبارك، صورة قاتمة بشأن مستقبل إعادة الإعمار بعد الحرب، واصفًا الدمار الذي حل بالسودان بأنه شامل وغير مسبوق على مستوى العالم.

وقال في حديث لـ"الجزيرة نت": "لا أحد سيدفع فاتورة الإعمار"، موضحًا أن حجم هذه الفاتورة كبير للغاية، ويبدو أن المواطن السوداني الذي دفع ثمن الحرب، سيكون مضطرًا لدفع ثمن إعادة الإعمار أيضًا.

وحول إمكانية مساهمة المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي في جهود الإغاثة وإعادة الإعمار، قال المبارك، الذي كان مسؤولا عن إدارة الشأن الإنساني وعمل المنظمات في العام الأول للحرب، إن المنظمات عاجزة تمامًا.

وأشار إلى أن المعونات التي وصلت السودان حتى الآن، وقبل الوصول إلى مرحلة الإعمار، كانت ضئيلة جدًا، رغم أن الإنسان السوداني فقد كل شيء، وأصبح في أسوأ مراحل الطوارئ بلا غذاء أو ماء أو دواء أو تعليم، ولم يجد من يقف إلى جانبه كما حدث في دول أخرى.

مع تسارع انتصارات الجيش بدأت أوساط سودانية تتحدث عن الجهات التي يمكن أن تسهم بإعادة الإعمار (الفرنسية) عجز المنظمات عن الإعمار

ومع تسارع انتصارات الجيش السوداني في الخرطوم، في مقابل الهزائم المتتالية لقوات الدعم السريع، بدأت أوساط سودانية عديدة تتحدث عن الجهات التي يمكن أن تسهم في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، في ظل أوضاع داخلية وإقليمية ودولية معقدة، وسط تفاؤل حذر بإمكانية لعب المنظمات الدولية دورًا في جهود الإعمار والتعافي.

وأوضح المبارك أن التجارب السابقة لدول خرجت من حروب تُظهر وجود نقص في الجدية الدولية بشأن الإعمار، مضيفًا أن مؤتمرات الإعمار تتطلب "رافعات دولية" وتعاطفا عالميا قويا يدفع الآخرين للإسهام، وهو ما قال إنه مفقود حاليا في ظل العزلة المفروضة، ووقوف بعض الدول إلى جانب من ارتكبوا جرائم في السودان، بحسب تعبيره.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إعادة الإعمار إعادة إعمار فی السودان الجزیرة نت فی جهود یمکن أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

دفع الله الحاج علي عثمان رئيس الوزراء السوداني المكلف

دبلوماسي سوداني بارز، بدأت مسيرته عام 1980. شغل منصب سفير في دول عدة، بينها فرنسا وباكستان والسعودية، ومثل السودان في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي. عُيّن في أبريل/نيسان 2025 وزيرا لشؤون مجلس الوزراء ومكلفا بمهام رئيس الوزراء.

الدراسة والتكوين العلمي

نال درجة البكالوريوس عام 1978 من جامعة الخرطوم.

التجربة السياسية

بدأ دفع الله مسيرته المهنية عام 1980 في وزارة الخارجية السودانية، وتدرج في مناصب تمثيلية وإدارية رفيعة، فأصبح أحد أبرز الوجوه الدبلوماسية في البلاد، بعدما راكم خبرة تجاوزت 4 عقود في العمل الدبلوماسي والسياسي.

وأثناء مسيرته تقلّد مناصب إستراتيجية عدة داخل وخارج السودان، من أبرزها عمله سفيرا لدى كل من جمهورية باكستان الإسلامية ودولة الفاتيكان، كما عمل في بعثة السودان الدائمة في جنيف، ثم في سفارة السودان في سول عاصمة كوريا الجنوبية.

ومن أبرز محطاته أيضا توليه منصب المندوب الدائم للسودان لدى منظمة التعاون الإسلامي، والمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك في الفترة بين عامي 2010 و2013.

وفي عام 2016 عُيِّن سفيرا للسودان لدى الجمهورية الفرنسية، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2020.

دفع الله الحاج علي عثمان شغل منصب سفير السودان لدى فرنسا بين عامي 2016 و2020 (مواقع التواصل)

وفي عام 2019 تقدم بطلب للتقاعد المبكر، لكنه عاد إلى السلك الدبلوماسي بعد الإجراءات الاستثنائية التي فرضها الجيش في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، وكُلّف بمهام خاصة، وعُيِّن لاحقا وكيلا لوزارة الخارجية عام 2022، واستمر في المنصب حتى ديسمبر/كانون الثاني 2023.

إعلان

في عام 2023، كُلّف دفع الله مبعوثا خاصا لرئيس مجلس السيادة، وزار عددا من الدول في الإقليم وحول العالم، في إطار تعزيز العلاقات الثنائية ومتابعة ملفات إقليمية.

في عام 2024، عُيّن سفيرا للسودان لدى المملكة العربية السعودية، وفي نهاية أبريل/نيسان 2025، أُعلن عن تعيينه وزيرا لشؤون مجلس الوزراء، ومكلفا رسميا بمهام رئيس الوزراء.

الوظائف والمسؤوليات سفير السودان لدى جمهورية باكستان الإسلامية. سفير السودان لدى دولة الفاتيكان. المندوب الدائم للسودان لدى منظمة التعاون الإسلامي. سفير السودان لدى الجمهورية الفرنسية (2016-2020). المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة في الفترة بين (2010 -2013). وكيل وزارة الخارجية بين عامي 2021 و2023. مبعوثا رئيس مجلس السيادة السوداني عام 2023.

مقالات مشابهة

  • النتنياهو: نريد إعادة الأسرى لكن هدف الحرب هو الانتصار على أعدائنا
  • من أين نبدأ؟ الحرب والخسائر وإعادة الإعمار في السودان
  • السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان
  • ???? من أشعل الحرب في السودان ؟ الجيش السوداني أم الدعم السريع؟
  • الأمم المتحدة: موسم الأمطار ونقص التمويل يهددان جهود مكافحة المجاعة في السودان
  • دفع الله الحاج علي عثمان رئيس الوزراء السوداني المكلف
  • مبادرة من لجنة الإسناد المدني بدرع السودان لإسناد إعمار جامعة الجزيرة
  • معاوية البرير: هذه فرص تعافي الاقتصاد السوداني في حال توقفت الحرب
  • وزير الخارجية: الشركات المصرية تلعب دورا بارزا في إعادة إعمار ليبيا
  • الشيباني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: نطالب برفع العقوبات عن سوريا ودعم إعادة الإعمار فيها