عربي21:
2025-04-17@09:38:48 GMT

البطولة الأخيرة في غزة وتهافت الكلام

تاريخ النشر: 15th, April 2025 GMT

كل يوم يمر على غزة، تزيد فظاعته عن الذي سبقه، وكل يوم فلسطيني يمر على الضفة والقدس يكشف عن انتزاع جزء من أرضها وتهويده وسلبه ونسفه، وكل يوم عربي يمر على عواصم العرب يكشف عن انتزاع المروءة والوفاء والأخلاق. بدون مكابرة وإنكار، مسؤولية استمرار الإبادة الفلسطينية هي مسؤولية عربية أولا، فكل ما هو محظور قد وقع بالفعل دون تداعيات ومخاطر يمكن أن يحاجج فيها منطق السياسة العربية المنطق الأمريكي والغربي الداعم لإسرائيل فعلا وقولا، وليس هناك مجال للشك في أن الحالة الفلسطينية الرسمية مساهمة بهذا المنطق العربي الذي يقدم تفسيره للواقع بالعقدة "الحمساوية"، وهي عقدة خطيرة أصلا فسرها عتاة الصهيونية من نتنياهو وسموتريتش وبن غفير وعميحاي وكاتس وكل أقطاب فاشية إسرائيل، من خلال الدعوة لإبادة كل الفلسطينيين وعدم قبول أي فصيل وسلطة أو كيان فلسطيني يؤدي لقيام دولة فلسطينية.



فجرائم الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، لم تعد تُحدث مفاجأة للمجتمع الدولي، ولا لعالم عربي مدهش وغريب في صمته ومواقفه من جرائم الإبادة في غزة ومن الإرهاب الاسرائيلي، مواقف منحت صك الاعتراف باستمرارها، ومضاعفتها والإيغال بقسوتها، وجعلت من الاحتلال يبتلع كل شيء، فغداة قمة الرئيس ماكرون مع زعماء مصر والأردن، وبعد منتدى أنطاليا الدبلوماسي، وقرارات ثلاث قمم عربية، أكملت إسرائيل حصار مدينة رفح وعزلها عن بقية مناطق غزة، واستحدثت محور "موراغ" بين رفح وخان يونس بعد احتلال محور فيلادلفيا، وكررت الجريمة في المستشفى المعمداني للمرة الثالثة بقصفه مباشرة، وتعمل على تقطيع أوصال مدن شمال وجنوب غزة، من خلال تكثيف المذابح اليومية وقصف خيام النازحين، والدفع أكثر لحصار السكان وصولا للتهجير. وهنا، نذكر بما قاله نتنياهو سابقا لإدارة جو بايدن وللمجتمع الدولي: "الكل حذرنا بعدم دخول رفح ودخلناها ولم يحدث شيء، وحذرونا من الدخول لمستشفى الشفاء ودخلناه".

ونتنياهو أحد زعماء إسرائيل الذين أتقنوا مثل أسلافهم صناعة الإرهاب وارتكاب المذابح، وهو يذكرنا من حيث النتائج الخطيرة التي ترتبت على مشاريعه الإجرامية في غزة بالشراكة مع أقطاب حكومته الفاشية، وأن تدعيم خططه الفاشية لتكريس الإبادة الجماعية في غزة، والفصل العنصري في الضفة والقدس، يمكن تحقيقها في العصر الحديث، لذلك لم يواجه حرجا في كل ما أقدم عليه للآن، على العكس، يتجرأ أقطاب حكومته بطروحات لخلق إسرائيل الكبرى تحت حماية القنابل والبوارج الأمريكية.

لذلك، لم يحدث شيء له فاعلية لوقف جرائم الإبادة، أو وقف خطة تهجير السكان التي أصبحت خطة أمريكية إسرائيلية أو بالعكس، ولا تقابل بفرض إرادة دولية لمنع هذه الجرائم، أو بمناعة عربية إذا شئنا ضد هذه الخطط. يُقتل فلسطينو غزة يوميا بالمئات، يبتلعون لغة الخذلان والاستسلام التي تُرمى فوق جثث الضحايا، وفوق أجسادهم التي أكلتها الأمراض والجوع، وإثر كل مذبحة وجريمة إبادة في غزة، يبقى مستنقع اللغة ساكنا في منطق تبرير ما لا يُبرر، ورهان على وقت إنجاز إسرائيل للجريمة الكبرى، وللحديث عن مستقبل المنطقة دون أهلها.

فمنطق تسوية المنطقة العربية بدءا من جرف غزة من سكانها وبنيانها، هو منطق الاعتراف بالإبادة الجماعية بمبررات صهيونية أمريكية، في ظل كل أشكال التهافت الكلامي عن رفض التهجير، دون وقف جرائم الإبادة الجماعية، والحديث عن ضرورات تحقيق السلام في المنطقة، أو إقرار حل "الدولتين"، والطرف المعني بالاعتراف بالفلسطينيين وحقهم يقوم بسحقهم لتحويلهم إلى أصفار غير مرئية، وهم ينتظرون منطق الضغط الدولي على إسرائيل، وينتظرون مواقف عربية ضاغطة على مصالح الاحتلال في بلدان التطبيع، أو أن تتحرك مشاعر الغضب العربي في عواصم العرب دعما لبقائهم ورفضا للتطبيع مع المجرم، لا التغنّي ببطولتهم.

المسألة تجاوزت كل منطق، وكل عذرٍ عن أسرى الاحتلال في غزة، المسألة تتعلق بوحشية الاحتلال وطابعه العنصري، وبمعركة الشعب الفلسطيني ضد مشروع استعماري ينفي حقه الأزلي بالوجود فوق أرض فلسطين، وهذا الشكل الجديد البالغ القدم من الإبادة الجماعية منذ النكبة الفلسطينية، هو الوجه الآخر للمنطق الاستعماري المدعوم إمبرياليا والذي يدغدغ رغبات ترامب الفاشية التي يجسدها نتنياهو في غزة.

فإذا كانت العقلية الداعمة بشكل أعمى لفاشية إسرائيل، هي التي ترعى التفاوض على مستقبل غزة وشعب فلسطين، مبنية وفق المنطق الترامبي لإحلال التطبيع في المنطقة، على حساب وجود الفلسطينيين، وبمعرفة عربية مبنية على قبول ضمني لها، قبول ضمني بالشراكة مع احتلال مهيمن بالقوة ومتغطرس بشراكة المال العربي مع القوة الإسرائيلية، وأنها هي من ستحول المنطقة لجنّةٍ ينعم فيها الجميع، فإن هذه العبقرية الصهيونية جُربت في مراكمة جثث ضحايا النكبة والإبادة الجماعية في غزة، وطحنت حواضر الغزيين وسحقت كلام وشعارات العرب. فالذي يجري من صمتٍ مطبق على جرائم الإبادة في غزة والتعاطي معها بجملة من الأخطاء الفظيعة، ليس من قبيل المصادفة التاريخية لمن لم يقرأ أدبيات المشروع الصهيوني الذي يعد العدة لهذه الإبادة الجماعية.

فأول الأخطاء العربية وأبرزها، يكمن في مفهوم قراءة مقاومة الشعب الفلسطيني لمستعمره، ومفهوم قراءة جوهر المشروع الصهيوني، والتخلي الرسمي عن نقاط القوة، التي يمكن أن تحمي ظواهر وبواطن الأمن العربي المشترك، ستجلب نوعا من الاستسلام، لا السلام، ومواقف الذل من جرائم الإبادة لاسترضاء الأمريكي والإسرائيلي، ستبقى سببا رئيسيا في استمرارها وتوسعها في أكثر من جبهة عربية. وهي نفس الذرائع والحجج التي يتفهمها البعض ويهلل لها، حتى أصبحت عند العقل الباطني لبعض النخب العربية تبريرا للعدوان الإسرائيلي.

لهذا كله من الأخطاء والكوارث، يجري الإعداد الإسرائيلي والأمريكي لاستثمار هذا الخذلان، بتشديد الخناق على الشعب الفلسطيني قتلا وتهجيرا وسحقا، وأن هذا الترتيب الجديد لأوضاع غزة والضفة والقدس، إن تم وفق المنظور الإسرائيلي الأمريكي، لن يؤدي لا لقيام دولة فلسطينية، ولا لسلامٍ جَرّب أوهامه الفلسطينيون والعرب، إنما سيؤدي لضم كل الأراضي الفلسطينية، وإعادة احتلال غزة وإعادة إحياء مشروع وأحلام صهيونية في سيناء وجنوب لبنان وسوريا، ولأن البطولة الأخيرة في غزة وناسها المكلومين يتلقون تهافت الكلام، تنازع غزة من ينقذها من راية الاستسلام، وتتأمل أن ينهض من يحزم أمره ليتصدى لإبادتها، حتى لا تكون عبودية المنطقة كلها للصهيوني.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة فلسطيني نتنياهو فلسطين غزة نتنياهو قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة جرائم الإبادة فی غزة

إقرأ أيضاً:

جرائم إسرائيلية جديدة وسقوط شهداء في غزة.. تفاصيل

قال يوسف أبو كويك، مراسل القاهرة الإخبارية من غزة، إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا يوما بعد آخر مع استمرار حالة الإغلاق الكلي على القطاع منذ مطلع الشهر الماضي وعدم السماح بتوريد أي شاحنات أو مساعدات تحمل أجهزة طبية ومستهلكات طبية وهو ما يفاقم الوضع الصحي في القطاع.

إعمار غزة ورفض تهجير الفلسطينيين.. تفاصيل مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسي وأمير قطرالرئيس السيسي وأمير قطر يناقشان الجهود المبذولة لوقف النار في غزة3 شهداء ومصابين في قصف لطيران الاحتلال على حي التفاح شرق غزةالخارجية الفلسطينية: نتنياهو يواصل مخططاته لعزل قطاع غزة

وأضاف خلال رسالة على الهواء مع أحمد أبو زيد، أنه أصيب مواطنان في المنطقة الشرقية لجباليا جراء إطلاق آليات الاحتلال النار صوب خيام النازحين في المنطقة الواقعة شرق عزبة عبد ربه بينما استشهد 3 فلسطينيين بعد استهدافهم من قبل مسيرة إسرائيلية شرق حي التفاح.

وتابع أن جيش الاحتلال يقول إنه عمق عملياته البرية في حي التفاح من أجل زيادة مساحة المنطقة العازلة وتأمين الاستيطان، حسب وزير حرب الاحتلال، كما استهدفت قبل قليل خيمة للنازحين غرب خان يونس ما أدى لإصابة عدد من النازحين وصفت حالة أحدهم بالحرجة.

مقالات مشابهة

  • المجاعة في غزة.. عمرو خليل: إسرائيل تواصل الإبادة الجماعية |فيديو
  • فلسطين: اقتحام نتنياهو لشمال غزة وبن غفير للحرم الإبراهيمي يطيل جرائم الإبادة
  • عربية النواب: التحركات الرئاسية الأخيرة تعكس استراتيجية مصرية واعية لتحقيق التوازن والاستقرار
  • الخارجية الفلسطينية: اقتحام نتنياهو لشمال غزة يهدف لإطالة جرائم الإبادة
  • نجوا من القصف ويهددهم التجويع.. إسرائيل تخنق حديثي الولادة بغزة
  • بسمة وهبة: تحركات الرئيس السيسي الأخيرة تعكس وعياً سياسياً مصريا بالمنطقة
  • حماس: العدو الصهيوني يواصل الإبادة الجماعية في غزة وسط صمت دولي مريب
  • “ #أوقفوا_الإبادة ”.. حملة إعلامية عالمية لمواجهة جرائم إسرائيل ضد الإنسانية مساء اليوم
  • جرائم إسرائيلية جديدة وسقوط شهداء في غزة.. تفاصيل