في 22 أبريل 1948، اجتاحت العصابات الصهيونية مدينة حيفا لتنفيذ واحدة من أبشع المجازر، حيث راح ضحيتها أكثر من 150 شهيدًا من المدنيين الفلسطينيين، إضافة إلى عشرات الجرحى. بدأ العدوان بقصف مدفعي عنيف، تلاه اقتحام المنازل وإطلاق النار العشوائي على السكان العزل. الآلاف من العائلات الفلسطينية فروا نحو ميناء المدينة في محاولة للنجاة، لكن رصاصات الاحتلال طاردتهم هناك، ليُجبروا على التهجير القسري.


ما حدث في حيفا كان جزءًا من خطة صهيونية شاملة لطرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم، وتفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين. خطة “دالت”، التي كانت تهدف إلى طرد الفلسطينيين وإحلال المستوطنين مكانهم، شملت العديد من المدن الفلسطينية الكبرى مثل يافا، واللد، والرملة، وصفد. في ذلك الوقت، كانت الأنظمة العربية متخاذلة، ولم تُظهر القدر الكافي من الإصرار على دعم فلسطين، مما سمح للاحتلال بتنفيذ المجازر دون مقاومة حقيقية. بل وصل الأمر في بعض الحالات إلى التواطؤ ضد القضية الفلسطينية، حيث تواطأ بعض القادة العرب مع الاحتلال الصهيوني أو اختاروا الحياد، مما سمح له بمواصلة انتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني.
على مدار سنوات، كانت القضية الفلسطينية محط نقاش في القمم العربية، لكنها بقيت حبرًا على ورق دون تأثير حقيقي. أما في عام 2025، تغير المشهد بشكل جذري. لم تعد فلسطين مجرد قضية تُطرح في الخطابات الرسمية، بل أصبحت جوهرًا لحراك المقاومة في المنطقة. اليوم، يتألف محور المقاومة من اليمن، لبنان، العراق، إيران، بالإضافة إلى كل الأحرار حول العالم الذين يرفضون الصمت ويؤمنون بحق الفلسطينيين في التحرر والعودة. هذه القوى لم تكتفِ بالشعارات، بل اتخذت خطوات عملية لدعم غزة في صراعها ضد الاحتلال، مؤكدة أن تحرير الأرض الفلسطينية ليس مجرد حلم، بل هدف واقعي يُسعى لتحقيقه.
اليمن، بقيادة السيد القائد عبد الملك الحوثي، يقدم مثالًا حيًا يثبت أن المقاومة الحقيقية لا ترتكز على دعم الأنظمة العربية التي تقاعست عن مساندة القضية الفلسطينية، بل تعتمد على القوى التي تؤمن بحق الشعوب في التحرر والكرامة. وفي ظل تهاون الأنظمة العربية في تقديم الدعم الجاد لفلسطين، كان هناك رجال من محور المقاومة في اليمن ولبنان والعراق وإيران، إلى جانب أحرار العالم الذين يقفون بكل إخلاص مع القضية الفلسطينية ويكرسون جهودهم لدعمها بكل ما يملكون.
لكن في المقابل، وإلى اليوم، لا يزال التآمر من بعض الأنظمة العربية مستمرًا، حيث يتواصل التخاذل تجاه القضية الفلسطينية، بل وأحيانًا يتخذ شكل التواطؤ المباشر مع الاحتلال. وفي هذا السياق، برزت خطوات التطبيع من قبل بعض القادة العرب مع الكيان الصهيوني، مما يعمق الجراح الفلسطينية ويمنح شرعية للاحتلال. في وقتٍ يتعرض فيه الشعب الفلسطيني في غزة لعدوان متواصل وتهجير قسري جديد، نجد أن بعض الأنظمة العربية تفضل المساومات السياسية مع الاحتلال الصهيوني أو تبدي انحيازًا لأجندات خارجية على حساب الدعم الفعلي لفلسطين. هذا التواطؤ المستمر، بما في ذلك التطبيع، يعمق الجراح الفلسطينية ويعطي شرعية للاحتلال، في وقت كان يجب فيه أن تكون الأمة العربية جبهة موحدة خلف فلسطين.
الوضع في غزة اليوم ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل هو صراع وجودي ضد الاحتلال الذي يستهدف شعبًا صامدًا على أرضه. وكما لم يتمكن الاحتلال من كسر إرادة الفلسطينيين في 1948، فإنه اليوم يواجه مقاومة متجذرة وشعبًا يرفض الخضوع. في الماضي، كانت الحسابات السياسية تمنع الدعم الفعلي، أما اليوم، فإن غزة تقف على خط المواجهة، مستندة إلى محور مقاومة يزداد قوة وثباتًا. رغم سعي الاحتلال لتكرار المآسي السابقة من تهجير وقمع، إلا أن غزة اليوم تقف بثبات، عصية على الانكسار.
ختامًا.. ورغم التخاذل الذي خذلت فيه الأنظمة العربية القضية الفلسطينية لعقود، يبقى محور المقاومة صامدًا في تأكيده أن فلسطين ليست قضية دول ومصالح بل قضية حق وعدالة لا يمكن التنازل عنها. محور المقاومة لن يتخلى عن القضية الفلسطينية مهما كانت التحديات، وسيظل يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى تحقيق النصر. وكما قال السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي: “لستم وحدكم، فالله معكم، ونحن معكم. نتألم لآلامكم، نحزن لحزنكم، ونتحرك بكل ما نستطيع لنصرتكم.” هذا الالتزام الثابت يعكس عزيمة المقاومة التي لن تتوقف حتى تتحقق العدالة والحرية لفلسطين.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تجويع مستمر وشهداء وجرحى في جنوب قطاع غزة وشماله

#سواليف

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة على مختلف مناطق قطاع غزة، حيث شنت خلال الساعات الأخيرة قصفًا جويًا ومدفعيًا كثيفًا أسفر عن ارتقاء عشرات الشهداء والجرحى، وسط تحذيرات أممية من دخول القطاع في مرحلة مجاعة متقدمة، بفعل الحصار المستمر ومنع دخول المساعدات الإنسانية.

في مدينة غزة، شنت طائرات الاحتلال سلسلة غارات عنيفة على حي الزيتون، تركزت في محيط شارع المسلخ، كما أطلقت طائرات مسيّرة نيرانها باتجاه المنازل. وامتد القصف أيضًا إلى حي التفاح والمناطق الشمالية من المدينة، في وقت يشهد فيه شمال القطاع هجمات متكررة منذ أيام.

في خانيونس، قصفت طائرات الاحتلال منزلًا قرب مسجد الشافعي غرب المدينة، ما أسفر عن وقوع عدد من الإصابات، كما نُفذت غارة جديدة على مخيم خانيونس. وأسفر القصف المدفعي على بلدة خزاعة شرقي المدينة عن استشهاد فلسطيني وإصابة آخر بجراح خطيرة، كما سُجلت إصابة في قصف استهدف منطقة المنارة جنوب خانيونس.

مقالات ذات صلة انخفاض كبير على أسعار الذهب محليا 2025/05/01

وانتشلت طواقم الإسعاف ثلاثة شهداء من المزارعين في منطقة المواصي غرب رفح، بعد استهدافهم بصاروخ من طائرة مسيرة. الشهداء هم محمد محمود عبد الرحمن شلوف، محمود إياد محمود شلوف، ورجاء أبو ختلة، ونُقلت جثامينهم إلى مجمع ناصر الطبي.

وفي النصيرات وسط القطاع، استشهد أحمد هشام أبو دلال، صاحب مطبخ اسطنبول، جراء قصف جوي غرب المخيم، بينما استهدفت طائرات الاحتلال المسيرة موقعًا في المنطقة ذاتها.

كما شهدت مدينة بيت لاهيا شمال القطاع قصفًا مدفعيًا استهدف منازل في شارعي المنشية ومسلم، أدى إلى استشهاد فلسطيني وإصابة عدد آخر، بالتزامن مع غارات جديدة على المدينة.

وفي دير البلح، أصيب عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعي استهدف شقة سكنية في أبراج القسطل شرقي المدينة، بينما نفذت الطائرات الحربية غارات على المناطق الشرقية لمدينة غزة، وأطلقت نيرانها على الفلسطينيين في محيط مفترق دولة بحي الزيتون، ما أدى إلى عدد من الإصابات في صفوف الفلسطينيين.

كما استشهدت طفلة صباح اليوم متأثرة بجروح أصيبت بها سابقًا في قصف على خان يونس.

وقالت مصادر طبية إن القصف المتواصل منذ فجر أمس الأربعاء أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 30 فلسطينيًا، بينهم أطفال ونساء، تم تشييع عدد منهم في مدينة دير البلح وسط القطاع.

وفي السياق الإنساني، قال مايكل فخري، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، إن دولة الاحتلال تستخدم الغذاء سلاحًا منهجيًا ضد الفلسطينيين، وترتكب إبادة جماعية وجرائم حرب، متهمًا الاحتلال باستخدام حياة الأطفال كورقة تفاوض. وطالب فخري المجتمع الدولي بفرض عقوبات فورية على إسرائيل.

كما دعت روث جيمس، منسقة الشؤون الإنسانية في منظمة “أوكسفام” الدولية، إلى تدخل عالمي عاجل لمنع الإبادة الجماعية في غزة، محذّرة من أن الوضع الإنساني في القطاع وصل إلى مرحلة غير مسبوقة من التدهور.

في المقابل، دعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” إلى حراك شعبي عالمي خلال أيام الجمعة والسبت والأحد المقبلة، تضامنًا مع غزة، وطالبت بجعل يوم العمال العالمي محطة لتصعيد حملات المقاطعة والضغط الدولي لوقف المجازر والحصار.

وأكدت الحركة في بيان لها ضرورة تنظيم مظاهرات غاضبة ومسيرات حاشدة في مختلف المدن والعواصم العالمية، دعمًا لصمود الفلسطينيين ورفضًا للعدوان المستمر.

ومطلع مارس الماضي انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، التي استمرت 42 يومًا، لكن الاحتلال رفض الدخول في المرحلة الثانية، وعاد لإغلاق المعابر المؤدية إلى غزة، ومنعتدخول المساعدات وقطع الكهرباء عن محطة تحلية المياه وسط القطاع.

في المقابل، تؤكد حركة حماس التزامها بالاتفاق وتدعو الوسطاء الدوليين إلى الضغط على الاحتلال من أجل استئناف تنفيذ مراحله المتبقية.

منذ السابع من أكتوبر 2023، ارتكب الاحتلال مجازر متواصلة في قطاع غزة بدعم أميركي مباشر، أسفرت حتى الآن عن أكثر من 160 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يزيد عن 14 ألف مفقود، في واحدة من أكثر المجازر دموية في التاريخ الحديث.

مقالات مشابهة

  • ممثلة مصر أمام محكمة العدل الدولية: القاهرة ثابتة بدعم القضية الفلسطينية
  • ‏«عمومية الصحفيين» تعلن دعمها لصمود الفلسطينيين ورفض لمخطط التهجير
  • قيادي بحركة فتح: مصر تتحمل مسئولية تاريخية تجاه القضية الفلسطينية
  • سويسرا تحظر حركة المقاومة الفلسطينية حمـ.ـاس
  • تجويع مستمر وشهداء وجرحى في جنوب قطاع غزة وشماله
  • قيادي في الجبهة الديمقراطية: نتنياهو يُطيل العدوان لأهداف شخصية والمقاومة لن تُركع
  • السعودية والأردن تبحثان تحضيرات مؤتمر تسوية القضية الفلسطينية
  • وزير الخارجية: التهجير خط أحمر.. ولن نساوم على القضية الفلسطينية |فيديو
  • وزير الخارجية: مصر ترفض أي شكل من أشكال التهجير القسري للفلسطينيين
  • الجزائر وإيران يبحثان مستجدات القضية الفلسطينية