حملة مفاجئة تغلق 20 محلًا تجاريًا في "واحة الملك فهد" بالدمام.. القصة الكاملة
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
الدمام السعودية (وكالات)
في خطوة لافتة فجّرت جدلاً واسعًا في المنطقة الشرقية، أقدمت أمانة المنطقة على إغلاق 20 محلًا تجاريًا في أحد أكبر الأحياء السكنية بمدينة الدمام، وهو حي الملك فهد المعروف باسم "الواحة"، وذلك بسبب مخالفات تتعلق بعدم توافق المواقع الفعلية للمحال مع التراخيص الممنوحة لها.
وقد تم توثيق لحظة الإغلاق بالفيديو وبُث عبر قناة "الإخبارية"، في تقرير ميداني كشف عن تفاصيل مثيرة حول هذه الحملة التنظيمية الواسعة.
وبدأت القصة من قلب حي الملك فهد، الذي يُعد من أضخم المخططات السكنية في المنطقة الشرقية، وتم تصميمه قبل نصف قرن وفقًا لمفاهيم عمرانية حديثة تضمن بيئة سكنية منظمة تخلو من العشوائية.
ووفقًا لما أوردته مراسلة قناة الإخبارية، شيماء الزهراني، فإن المخطط تم إنشاؤه منذ البداية دون "شوارع تجارية" تقليدية، وإنما باعتماد مبدأ المراكز الخدمية المتكاملة، كالمجمعات التجارية المنظمة، لتجنب الزحام والفوضى.
لكن ومع مرور السنوات وازدياد الكثافة السكانية في الحي، بدأت تظهر محال تجارية بشكل تدريجي خارج إطار التنظيم المعتمد، ورغم أن بعضها يحمل تراخيص نظامية، إلا أنها لا تتوافق مع المواقع الجغرافية المحددة لها حسب المخطط، وهو ما شكّل نوعًا من التجاوز في تطبيق الاشتراطات البلدية.
أمانة المنطقة الشرقية لم تتخذ قرار الإغلاق فجأة، بل سبق أن منحت المحال المخالفة مهلة زمنية مدتها ستة أشهر لتصحيح أوضاعها، والانتقال إلى مواقع نظامية تليق بالمخطط العمراني للحي.
لكن، مع انقضاء المهلة وعدم التجاوب من قبل بعض أصحاب المحال، بدأت الجهات المختصة صباح أمس بتنفيذ قرارات الإغلاق الفوري، حيث تم وضع ملصقات الإغلاق على الواجهات التجارية، وسط متابعة ميدانية دقيقة.
ويبدو أن هذا القرار يندرج ضمن خطة شاملة لإعادة تنظيم البيئة السكنية في حي الملك فهد، وضبط النشاطات التجارية بما ينسجم مع الرؤية العمرانية الجديدة للمنطقة، والتي تسعى إلى خلق توازن بين النمو التجاري والحفاظ على النمط السكني الهادئ والمنظم.
المثير في القضية أن كثيرًا من المحال المغلقة تحمل تراخيص رسمية صادرة عن الجهات المختصة، لكنها حصلت عليها بطريقة لا تتوافق مع المواقع التي شُغلت فيها فعليًا. بمعنى آخر، هناك تناقض بين "الورقي" و"الواقعي"، ما دفع أمانة المنطقة لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه هذه الحالات التي ترى فيها تجاوزًا لأنظمة التخطيط الحضري.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام مراجعة شاملة لجميع الأنشطة التجارية في الأحياء السكنية، ليس فقط في الدمام بل في مدن أخرى بالمملكة، خاصة تلك التي تعاني من انتشار المحال العشوائية أو "التجارية المقنّعة" داخل مناطق سكنية مصممة وفق نماذج عمرانية محددة.
المصدر: مساحة نت
كلمات دلالية: الدمام السعودية الشرقية واحة الملك فهد الملک فهد
إقرأ أيضاً:
من البداية للنهاية.. القصة الكاملة لطفل دمنهور ياسين
في زمنٍ باتت فيه براءة الطفولة تُهدَّد داخل أسوار يُفترض أن تكون ملاذًا آمنًا، تأتي مأساة الطفل “ياسين” لتوقظ ضميرًا غافلًا، وتدمي قلب كل إنسان يحمل ذرة من الرحمة.
طفلٌ لم يتجاوز الخمس سنوات، كان يحمل حقيبته الصغيرة ويذهب إلى مدرسته كل صباح بعينين تلمعان بالأمل، دون أن يدري أن مكان تعلّمه سيصبح مسرحًا لجريمة تهز الوجدان.
ليست مجرد قضية في أوراق المحاكم، بل جرح في روح طفل، ووصمة في جبين مجتمعٍ لا يزال يصارع ليحمي أضعف حلقاته. فهل يكفي الحكم بالسجن المؤبد لمداواة وجع أمٍّ قُتل فيها الأمان؟ وهل تعيد العدالة للياسين ابتسامته التي سُرقت؟
هذه الحكاية ليست عن ياسين وحده، بل عن آلاف الأطفال الذين يحتاجون منّا أن نكون عيونهم في الظلام، وأصواتهم عندما يخنقهم الخوف.
البداية في 2024
بدأت القصة حين لاحظت والدة ياسين تغيّرات غريبة في سلوك طفلها، أصبح يرفض دخول الحمام بمفرده، ويستيقظ من نومه في رعب، ويغلق على نفسه باب الغرفة. بعد محاولات متعددة لفهم ما يحدث، صُدمت الأم حين بكى الطفل وأخبرها، بعفويته الطفولية، أن رجلًا مسنًا في المدرسة قد عامله بطريقة غير لائقة داخل دورة المياه.
في فبراير 2024، تقدمت الأم ببلاغ ضدّ “ص.ك” (79 عامًا) مراقب مالي في مدرسة الكرمة الخاصة للغات بمدينة دمنهور، بعد أن أدلى الطفل باعترافاتٍ بوقوع اعتداء داخل دورة المياه.
أوقفت النيابة التحقيق أكثر من مرة لأسبابٍ عائلية، ثم قبلت تظلم الأسرة وأعادت فتح القضية بعد تقديم أدلة جديدة، منها تسجيلات صوتية لمحاولات رشوة الأم بمبالغ مالية كبيرة لإسقاط البلاغ.
قُيدت القضية برقم 33773 لسنة 2024 جنايات مركز دمنهور، ورقم كلي 1946 لسنة 2024 جنايات وسط دمنهور، بتهمة “هتك عرض طفل بغير قوة أو تهديد” (المادة 261/201 عقوبات).
الإجراءات الأولية والجلسات الأولىكانت النيابة قد حفظت التحقيق في البداية لعدم كفاية الأدلة، إلا أن إصرار الأسرة وتقديمها لمستندات جديدة، بالإضافة إلى تقرير الطب الشرعي، أعاد فتح الملف من جديد. وتم عرض المتهم على طابور تعرّف، أكد فيه الطفل أنه هو من قام بإيذائه
استمعت النيابة يوم الثلاثاء 29 أبريل 2025، لأقوال والدة الطفل ومديرة المدرسة والعاملين فيها، وأحالت أوراق المتهم إلى جنايات دمنهور بإيتاي البارود بتاريخ 2 مارس 2025.
أنطلقت أولى جلسات محاكمة المتهم اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025، حيث وصل أهل الطفل في العاشرة صباحًا وسط إجراءات أمنية مشددة، وظهر الطفل ياسين في قاعة المحكمة مرتديًا قناع “سبايدر مان” كرمزٍ للدعم النفسي.
ومع تصاعد التحقيقات، تبيّن أن العاملة (المعروفة بالنّاني) كانت على علم بما يحدث، بل وسهّلت للمتهم الوصول إلى الطفل، مقابل مبلغ مالي، حسب ما ورد في التحقيقات. وقد حاولت لاحقًا تهدئة الأم وطمأنتها بطريقة أثارت الشكوك حول تورطها.
أنكرت مديرة المدرسة من جهتها، معرفتها بأي شيء يخص الواقعة، لكن مع تقدم التحقيق، تم الاستماع إلى أقوالها في النيابة، وظهر من خلال الشهادات والتقارير أن المدرسة أخفقت في حماية الطفل، ولم تتخذ إجراءات فورية حين ظهرت مؤشرات السلوك الغريب على الطفل.
ورغم محاولة البعض من أقارب المتهم التدخل للتفاوض مع الأسرة، وصلت العائلة إلى النيابة بتسجيلات صوتية تُظهر محاولات ترهيب وترغيب لإقناعهم بالتنازل، بلغت فيها المبالغ المعروضة 250 ألف جنيه
هيئة المحكمة وتعديل التكييف القانونيانعقدت الجلسة أمام الدائرة الأولى بمحكمة جنايات دمنهور المنعقدة بمحكمة إيتاي البارود برئاسة المستشار شريف كامل مصطفى وعضوية أحمد حسونة عزب وأدهم محمد سعيد ومحمد سعيد عبد الحميد.
استجابت المحكمة لطلبات دفاع الطفل، وعدّلت وصف التهمة من “التعدي بغير قوة” إلى “التعدي بالقوة تحت التهديد”، ما يرفع درجة الجناية ويعزز عقوبة السجن المؤبد.
أقوال المتهم والدفاعاستمعت هيئة المحكمة لأقوال المتهم “ص.ك.ج.ا” (79 سنة)، الذي نفى جميع الاتهامات الموجهة إليه، مؤكدًا براءته من تهمة هتك عرض الطفل داخل أسوار المدرسة.
نطق دفاع المتهم بطلب تعديل قيد التهمة ووصْفها، لكن المحكمة رفضت هذه الطلبات جزئيًّا، وأبقت على وصف “بالتهديد والقوة”.
حكم المحكمة وردود الفعلفي أولى جلساتها، أصدرت محكمة جنايات دمنهور حكمها بالسجن المؤبد (25 سنة حبسًا فعليًّا) على المتهم، مع حالة من السعادة والحسرة لدى أسرة الطفل، وسط ترديد هتافات “حق ياسين لازم يرجع” من المتظاهرين أمام بوابات المحكمة.
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطالباتٌ بتشديد التشريعات الخاصة بحماية الأطفال من التحرش والاستغلال في المؤسسات التعليمية، واتُّهمت إدارة المدرسة بالتقاعس عن حماية تلاميذها.