مخاطر الانزلاق الأمريكي والمرتزقة في التحرك البري ضد اليمن
تاريخ النشر: 14th, April 2025 GMT
يمانيون// تقرير// أحمد داوود
يتراكم العجز الأمريكي من يوم إلى آخر، فالحسرة تخنق ترامب حالياً لتهوره في قرار العدوان على اليمن، الذي بدأ بشكل مفاجئ في 15 مارس الماضي.
هنا تتشابه البدايات الأولى لمواقف الأعداء في عدوانهم على اليمن، فالمجرم محمد بن سلمان كان يعتقد أنه سيقضي على اليمنيين في غضون أسابيع عندما قاد تحالفاً على اليمن عام 2015م، ومثله ترامب دخل حربه على اليمن بنشوة وغرور لا يوصف.
ادعى طاغية البيت الأبيض أنه سيحقق انتصاراً ساحقاً على اليمنيين، معتقداً أن عدوان سلفه بايدن كان مجرد مزحة، وأنه لم يتعاطَ بجدية مع اليمنيين، ولهذا رأى أن يخوض المعركة بنفسه، فجاءه الجحيم من حيث لم يحتسب، وتلقت قواته النيران اليمانية الحارقة، وأصبحت حاملة الطائرات [يو إس إس هاري ترومان] في مأزق حقيقي جراء الصفعات التي تتلقاها من القوات المسلحة اليمنية من يوم إلى آخر، إضافة إلى أن طائرات التجسس الأمريكية من نوع [ام كيو 9] أصبحت مسخرة وهي تخترق أجواء اليمن.
لم يستمع ترامب لنصائح من سبقوه، فوزير الدفاع السعودي -على سبيل المثال- كان ضيفاً في واشنطن، وهناك أوضح للقادة العسكريين الأمريكيين أن اليمن ليس سهلاً، وأنه يمتلك من القوة والجبروت والعزيمة والإرادة ما يجعل أكبر قوة في العالم تقف عاجزة وفاشله أمامه، غير أن قادة أمريكا فضلوا تجريب حظهم.
هناك في البحر الأحمر، لا تتلقى القطع الحربية الأمريكية سوى الحمم النارية اليمانية، فالصواريخ المجنحة والباليستية لا تتوقف عن التنكيل بالمدمرات والبوارج الأمريكية، في حين أن الصهيوني هو أكثر اللاعبين الدوليين الذين فهموا الدرس جيداً، ولهذا لم يغامر بإرسال أية سفينة إلى البحر الأحمر، بعد إعلان القوات المسلحة اليمنية قرار حظر الملاحة الإسرائيلية على خلفية الحصار والعدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة.
المرتزقة يدعون لتشكيل تحالف دولي
الآن، يتزايد الحديث عبر وسائل إعلامية متعددة تابعة للأعداء بأن أمريكا قد وضعت خيار التدخل البري على الطاولة، مع التوصل إلى قناعة بأن الغارات الجوية لا تحقق انتصاراً لأية قوة معادية، وهنا يتصدر المرتزقة المشهد، مهللين ومرحبين بمثل هذه الخطوة، والتي يأملون أن تحقق لهم أحلامهم بالعودة إلى صنعاء والسيطرة على قرار الحكم من جديد.
آخر هذه الدعوات صدرت من المرتزق الأكبر الخائن طارق محمد عبد الله صالح، والذي دعا إلى تشكيل تحالف دولي جديد ضد ما سماه “بالحوثيين”، ملمحاً بأن تحالف العدوان الذي قادته السعودية والإمارات على مدى 10 سنوات مضت لم يحقق النتيجة المرجوة، وأنه يحتاج إلى الدعم الدولي.
هذا الدعوة تأتي في ظل الموقف اليمني المشرف المساند لغزة، وهي رسالة اصطفاف واضحة من قبل المرتزقة مع العدو الأمريكي والإسرائيلي، وإعلان واضح للخائن عفاش بأن قواته على استعداد للدخول في المواجهة مع اليمنيين الأحرار، وأن تكون وقوداً لمطامع أمريكا وإسرائيل.
قد يعتقد الأعداء بأن التدخل البري خيار ناجح للقضاء على “أنصار الله”، لكن الأمريكيين أنفسهم يؤمنون بأنه خيار معقد ومكلف، ومرهق في الوقت ذاته، لأنه لن يقابل إلا بالجحيم وبأس الصادقين كما يقول عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي.
ويرى الحوثي أن تجريب المجرب فشل، وأن النتيجة الحتمية هي النصر للشعب اليمني بإذن الله، داعياً أمريكا بأن تتعلم من تجاربها السابقة، وأن الخسارة ستلاحقها ولا يمكن أن تحقق أية نتيجة.
جهوزية عالية واستعداد كبير للمواجهة
وبالطبع، فإن أية مغامرة برية لن تكون نزهة للمعتدين، لا سيما وأن القوات المسلحة اليمنية باتت تمتلك من القوة والمهارات القتالية ما لا تمتلكه أية قوة في العالم، إضافة إلى أن الشعب اليمني وعلى مدى أكثر من عام يعيش في حالة تعبئة عامة، ومشاركة في دورات قتالية متواصلة، وهناك أكثر من مليون مقاتل شعبي في هذا الجانب، وهؤلاء لديهم جهوزية عالية واستعداد كبير للمواجهة والتضحية والجهاد في سبيل الله.
إضافة إلى ذلك، تأتي تحذيرات القيادة الثورية والسياسية للأعداء مباشرة، والتأكيد على أن أي تحرك للمرتزقة ستتعامل معه اليمن على أنه عدوان مباشر من قبل الوكلاء الرئيسيين [السعودية والإمارات]، وهذا يعرضهما للخطر، والاستهداف المتواصل من قبل قواتنا المسلحة.
ليس في مصلحة السعودية والإمارات ولا المرتزقة الدخول في حرب جديدة مع قواتنا المسلحة، فالظروف غير مهيأة لهم أبداً، فالعالم يعرف جيداً أن اليمن بقيادة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- يخوض معركة مقدسة مع العدو الأمريكي والإسرائيلي نصرة لغزة، دون البحث عن تحقيق مصالح شخصية أو سياسية، في حين أن اندفاع المرتزقة للدخول في حرب جديدة سيعريهم تماماً، ويفضح مخططاتهم وأكاذيبهم التي كانوا يسوقونها للشعب، وسيتضح للجميع أنهم مجرد خدم لأمريكا ينفذون أجندتها ويطيعون أوامرها.
هنا ستكون المعركة واضحة وجلية، كوضح الشمس في كبد السماء، ووعي اليمني بات في أرقى مستوياته، ولم تعد أكاذيب الأعداء وخدعهم تنطلي عليه، وإنه لشرف كبير أن يخوض الشعب اليمني هذه المعركة وهو يقاتل أعداء الله الأمريكيين والإسرائيليين وأدواتهم من المرتزقة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: على الیمن
إقرأ أيضاً:
بعد شهر ونصف.. ما وراء انضمام بريطانيا إلى العدوان الأمريكي على اليمن؟
يمانيون/ تقارير كشف إعلانُ بريطانيا عن الانضمامِ إلى العدوان الأمريكي الجديدِ على اليمن، بعد شهر ونصف شهر من بدايته، عن المزيدِ من دلائل فشلِ إدارة ترامب، حَيثُ جاء هذا الانضمامُ في خضم أزمة كبيرة يواجهها البيت الأبيض فيما يتعلق بالتعامل مع الجبهة اليمنية، سواء على المستوى العملياتي، أَو على مستوى التكاليف، وكذلك على المستوى السياسي.
التجربةُ البريطانية ضد اليمنِ خلال إدارة بايدن:
كانت بريطانيا جزءًا من العدوان الذي شنته إدارة بايدن ضد اليمن مطلع 2024م لمساندة العدوّ الصهيوني؛ بهَدفِ حماية الملاحة الصهيونية ووقف عمليات الإسناد اليمنية لغزة، وقد كانت تجربة صادمة بالنسبة لبريطانيا، حَيثُ سَرعانَ ما كشفت معركةُ البحر الأحمر عن نقاط ضَعف خطيرة لدى السفن الحربية التابعة للبحرية البريطانية، بما في ذلك عدم قدرتها على اعتراض الصواريخ البالستية، وحاجتها إلى السفر مسافات هائلة لإعادة التزود بالذخيرة، الأمر الذي كشف أن مشاركة المملكة المتحدة في العدوان لم يكن في الأَسَاس سوى محاولة لتكثير عدد المشاركين في العدوان الأمريكي؛ مِن أجلِ إظهار نوعٍ من الإجماع الدولي على استهداف اليمن، والتغطية على هدف إسناد العدوّ الصهيوني، وقد فشلت هذه المحاولة ولم تستطع حتى بريطانيا أن تصمد إلى جانب الولايات المتحدة، وسحبت سفنها الحربية من المنطقة بعد أشهر، وتحولت مشاركتها مع مرور الوقت إلى مشاركة “إعلامية” وشكلية.
بالإضافة إلى ذلك، كانت النتائجُ العكسيةُ لتلك المشاركة واسعةً وكبيرة، حَيثُ عانى الاقتصاد البريطاني من ضربة كبيرة أثَّرت على حركة الصادرات والواردات، وتضررت العديد من الشركات التي تعتمد في حركتها التجارية على البحر الأحمر، حتى إن الأسواق البريطانية واجهت أزمة في غياب العديد من المنتجات المطلوبة بشكل كبير، مثل الشاي، وفي البحر كانت سفينة “روبي مار” البريطانية أول سفينة تغرقها القوات المسلحة بشكل كامل، كما تعرضت سفن بريطانية أُخرى مثل “مارلين لواندا” لأضرارٍ جسيمة.
هذه التجربة الفاشلة تمامًا ربما جعلت المملكة المتحدة تغيب عن المشاركة في العدوان الجديد الذي بدأته إدارة ترامب على اليمن منتصف مارس الماضي، لنفس أهداف العدوان الأول، بالإضافة إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة اعتمدت على تقديرات خاطئة بأنها ستكون قادرة على تحقيق نتائجَ “حاسمة” خلال فترة قصيرة، كما كشفت التصريحاتُ الأخيرةُ التي قال فيها مسؤولون أمريكيون: إن “البنتاغون كان يخطِّطُ لتحقيق تفوُّقٍ جوي كامل في اليمن خلال شهر، ثم الانتقال إلى مرحلة ثانية من العدوان، وبالتالي ربما ظنت إدارةُ ترامب أنها لا تحتاجُ للفائدة الشكلية للمشاركة البريطانية”.
تقاسُمُ أعباء الفشلِ والخسائر:
على ضوء هذه الخلفية، يمكن القول إن إعلان بريطانيا الانضمامَ إلى العدوان الأمريكي الجديد بعد 45 يومًا من بدايته، يعكس قوة اصطدام إدارة ترامب بواقع الفشل، والتي دفعتها للعودة إلى البحث عن الأوراق التي ظنت في البداية أنها لن تحتاجها.
هذا أَيْـضًا ما تؤكّـده المتغيرات التي جاءت المشاركة البريطانية في خضمها؛ فهذا الأسبوع تلقت البحرية الأمريكية صفعة مدوية عندما فقدت حاملة الطائرات (يو إس إس هاري ترومان) مقاتلة (إف-18) أثناء تعرضها لهجوم يمني واسع في البحر الأحمر، واضطرت إلى الهروب نحو أقصى شماله، وهو الأمر الذي أعاد تسليط الضوء على الأزمة العملياتية المعترف بها والتي تواجهها واشنطن في اليمن، والمتمثلة في العجز الكامل عن تحقيق أي نجاح في الإضرار بالقدرات اليمنية من جهة، وكذلك في عدم قدرة الجيش الأمريكي حتى على التمترس بشكل آمن في المنطقة من جهة أُخرى، حَيثُ تواجه حاملات الطائرات تهديداتٍ وضغوطًا كبيرة وتقضي الكثير من وقتها في الهروب من الضربات اليمنية؛ الأمر الذي أسفر عن خروج الحاملة (ترومان) عن الخدمة، كما كشف الرئيس المشاط في وقت سابق.
وكان مسؤولون أمريكيون قد أقرّوا قبل أَيَّـام بأن الحاملة (ترومان) ستغادر قريبًا، وهو ما رجَّحته مصادرُ عسكرية للمسيرة بعد العملية الأخيرة التي أسفرت عن إغراق طائرة (إف-18)؛ الأمر الذي لا يمكن فصلُه عن توقيتِ انضمام بريطانيا إلى العدوان.
هذه الأزمة العملياتية دفعت إدارة ترامب على الأرجح إلى الاستعانة ببريطانيا لتقاسم جزء من الضغط العملياتي، خُصُوصًا في ظل تزايد الانتقادات لتعريض الأُصُول الجوية الأمريكية للخطر، بعد فقدان 8 طائرات (إم كيو-9) ومقاتلة (إف-18) في غضون أسابيع.
ولا شك أن الضغطَ العملياتي ليس الأمرَ الوحيدَ الذي تريد إدارة ترامب من بريطانيا أن تشارك في تحمله؛ فضغط التكاليف يرتفع أَيْـضًا بشكل متسارع ويجعل الانتقادات التي يواجهها البيت الأبيض تصبح أكثر حدة؛ فقد كشفت تقارير أمريكية مؤخّرًا أن كلفة العدوان الجديد وصلت 3 مليارات دولار، وسط مخاوفَ متزايدة معلنة من قادة عسكريين أمريكيين بشأن استنزاف موارد وذخائر باهظة الثمن ولا يمكن تعويضُها بسهولة.
والحقيقة أن الحاجة إلى توزيع ضغط التكاليف كانت حاضرة منذ اللحظات الأولى للعدوان، فمحادثاتُ “سيغنال” التي تم تسريبها في مارس الماضي بشأن خطط استهداف اليمن، تضمنت تذمُّرًا صريحًا من قِبَلِ كبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكي بخصوص تحمل الولايات المتحدة بمفردها كلفةَ العدوان، والرغبة في أن تتحمل أُورُوبا بشكل خاص جُزءًا من التكاليف، وهو تذمر اتسع لاحقًا ليطال حتى حلفاءَ الولايات المتحدة في المنطقة.
ويشير توقيتُ انضمامِ بريطانيا لتقاسُمِ ضغط التكاليف مع الولايات المتحدة إلى أن الأخيرة باتت تدركُ تمامًا انهيارَ حسابات العمليات والتكاليف التي كانت قائمة على سقف زمني محدود، وأنها تشعر الآن بحاجة ماسَّة إلى توريط أطراف أُخرى؛ لأَنَّ الوضع خرج عن السيطرة تمامًا.
هناك حاجةٌ أُخرى تقفُ وراءَ اللجوء إلى توريط بريطانيا في العدوان، وهي ناجمة أَيْـضًا عن الفشل، تتمثل في تزايد حدة الأزمة السياسية الداخلية التي يواجهها البيت الأبيض نتيجة العدوان على اليمن، حَيثُ أصبح وزير الحرب الأمريكي بيت هيجسيث هدفًا لحملة انتقادات كبيرة تتهمه بأنه وراءَ الفشل في اليمن لقِلة خبرته، كما تتزايد الانتقادات داخل الكونغرس للغارات الجوية التي تستهدف المدنيين اليمنيين، وهي أمور ربما تَظُنُّ الإدارةُ الأمريكيةُ أن إشراكَ بريطانيا في العدوان سيخفِّفُ حدتَها؛ باعتبَار أن ذلك سيُظهِرُ أن العدوانَ على اليمن ليس قرارًا فرديًّا للبيت الأبيض، لكن الحقيقة أن هذه المحاولةَ قد تأخَّرت أصلًا، كما أنها لم تنجح في عهد الإدارة السابقة.
وفيما يعكسُ انضمامُ بريطانيا إلى العدوان بجلاء عمق المأزق الأمريكي، فَــإنَّه يؤكّـد أَيْـضًا حتمية فشل هذا “التحالف” فالمشاركةُ البريطانيةُ لن تشكِّلَ أيَّ فرق على الميدان، كما أنها لم تمنح البيت الأبيض حتى راحةً فعليةً من ضغط الاستنزاف وارتفاع التكاليف طالما استمر العدوان، بل إن التداعياتِ التي ستواجهُها بريطانيا نتيجةَ مشاركتها، مثل عودة سُفُنِها إلى الحَظر البحري اليمني، ستجعلُ قدرتَها أضعفَ على مساندة البيت الأبيض حتى في التكاليف، وبذلك ستتحوَّلُ مشاركتُها في العدوان إلى عبءٍ إضافي.
نقلا عن المسيرة نت