الدكتور بوصوف يكتب : البريكس و ساعة الحقيقة
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
البريكس و ساعة الحقيقة…
لم يكن يعلم الخبير الاقتصادي و المالي الأمريكي ” جيم أونيـل ” وهو يـعـد ورقة إقتصادية عن الاقتصاديات الصاعدة لفائدة البنك الأمريكي ” غولدمان ساكس ” سنة 2001 و توظيفه لمصطلح Bric ..كإختصار للبلدان الناشئة البرازيل و روسيا و الهند و الصين…أن الورقة رقم 66 الخاصة بالحوكمة الاقتصادية العالمية.
كما لم يكن يخطر بِبَـال ذات الخبير الأمريكي ” جيم أونيل ” أن تكثل Brics ، سيصمد الى انعقاد نسخته الخامسة عشر بدولة جنوب افريقيا في غشت 2023 ، وهي النسخة الأكثر متابعة من الناحية الإعلامية ارتباطا مع ظروف انعقادها ولأجندتها الجديدة..إذ تنعقد حضوريا بعد جائحة كورونــا و في ظل تداعيات الحرب الروسية الدائرة في أوكرانيا…و تبعاتها من أزمات الطاقة و ارتفاع أسعار المواد الأساسية و ازمة الحبوب…و امتداد تداعيات الحرب الى ملفات الهجرة و الطاقة و الأمن فـي دول شمال افريقيا و دول الساحل…كما تميزت ظروف الانعقاد بصدور قرار محكمة الجنايات الدولية بتوقيف الرئيس الروسي ” بوتين ” و مشاركته الرقمية عن طريق ” سكايب” في اشغال Brics أيام 22 و 24 غشت 2023..
كما تميزت بتغيير في مقاربة تجمع Brics و في أجندة نسخة دولة جنوب افريقيا…من مقاربة اقتصادية صرفة إلى خلق حلف اقتصادي و سياسي جديد يُجـابه مجموعة السبعة G7 ، و يلغي عملة الدولار الأميركي كعملة للتداول داخل تكتل Brics …
ومن النقط المهمة في جدول هذه الدورة هو الـرد على طلبات الانظمام إلى البريكس..حيث عملت سلطات جنوب افريقيا على إغراق الأنشطة الموازية لقمة البريكس بدعوة العديد من الجهات و المنظمات لخدمة أجنداتها الخاصة بعيدا عن Brics كدعوتها لزعيم الانفصاليين الذي وصل على مثن طائرة جزائرية… أكثر من هذا فقد أعلنت سلطات ” بريتوريا ” عن تقدم المغرب بطلب الانظمام للبريكس ، وهو ما تم نفيه جملة وتفصيلا من المغرب الذي تجمعه شراكات ثنائية مهمة مع كل من الصين والبرازيل و روسيا و الهند..
وبتذكيرنا بنسبة البطالة بجنوب افريقيا التي فاقت 30%..وهي من أكبر الأرقام في العالم ، و بأزمة الكهرباء التي تفاقمت حتى بات الكهرباء يُقـطع عشر ساعات في اليوم عن الأسر في جنوب افريقيا…سنقف على غنيمة جنوب افريقيا من دعوة زعيم المرتزقة و كذا تضمين البيان الختامي للبريكس لملف الصحراء المغربية…
العديد من التقارير الإعلامية ذهبت الى أن الصين هي من كانت تدفع الى ضم العديد من الأعضاء الجدد..باعتبارها ثاني اكبر اقتصاد عالمي وتوسيع دائرة أعضاء البريكس يمكنها من وضع منافس للولايات المتحدة الامريكية المتزعمة ل G7…في حين أن الهنـد لم تبدي استعجالًا لإعلان أعضاء جدد لإدراكها برغبة الصين في قيادة البريكس..كما أن البرازيل و جنوب افريقيا كممثلين وحيديْـن لأمريكا اللاتينية و للقارة الافريقية..فزيادة أعضاء جدد تحمل لهما منافسين جدد حول امتيازات البريكس و دعم صندوقه للتنمية…
و قد تضمن البيان الختامي للبريكس الإعلان عن ضم ستة دول جديدة مع بداية سنة 2024…وهي دول الارجنتين و السعودية و مصر و اثيوبيا و إيران و الإمارات العربية المتحدة…و هي إضافة جغرافية جديدة تمثلت في ضم دول الخليج الغنية بالطاقة و الثروات… وهندسة سياسية جمعت بين دول لها صراعات سابقة أو حالية ، كالسعودية و إيران و تاريخهما الطويل من الصراع و التنافس و المقاطعة..إذ نجحت الصين في الشهور الأخيرة في توقيع مصالحة بالعاصمة بيكين و إعادة العلاقات الديبلوماسية بينهما…و مصر واثيوبيا و صراعهما حول سـد النهضة الذي كاد أن يشعل نار الحرب أكثر من مرة…هذا بالإضافة الى دور كل من مصر السياسي و العسكري بالمنطقة و دور اثيوبيا في منطقة القرن الافريقي..
الهندسة ضمت أيضا دولة الامارات العربية و دورها الريادي في مجالات العلاقات الدولية و الاستثمار و الطاقة و رأسمالها الكبير في بنك التنمية للبريكس منذ سنة 2021..بالاضافة إلى الارجنتين وما تتمتع به من قدرات اقتصادية و مواد أولية و تحسن كبير في مستوى الدخل الفردي…
و بإعلان سلطات بريتوريا وهي الرئيس الدوري للبريكس عن قبول ستة أعضاء فقط من بين 23 طلب..فهذا يعني ” بيان حقيقة ” الدول الغير المقبولة ومنها الجارة الجزائر ، حيث تبنت القيادة الجزائرية خطابا مزدوجًا فهي من جهة استمرت في ترديد شعارات القوة الضاربة و مناصرة الشعوب و أن انظمامها للبريكس هي مسألة وقت فقط …وهو خطاب موجه للاستهلاك الداخلي…و استمرت من جهة ثانية في تبذير مقدرات الشعب الجزائري بـتمويل صراعات وهمية و تمويل حملات إعلامية و معارك حقوقية خاسرة…وهي أموال تحتاجها التنمية في الجزائر و تحتاجها البنية التحتية بالجزائر و تمنع طوابير اللحم و الحليب و الخبز…فليس من المقبول ان تنتظر دولة غنية كالجزائر مساعدات من الصين لبناء أكبر مسجد بها ، أو إحسانًا من قطر لبناء أكبر مستشفى ، ومن أخرى إنجاز خط سكة الحديد أو مجمعات سكنية…
و رغم رحلات الرئيس ” تبون ” الى موسكو و بيكين و توقيع عقود شراء الأسلحة ، و الوعد / الرشوة بضخ مليار و نصف في صندوق التنمية لتجمع البريكس…فإن القيادة الجزائرية كانت تعرف بجواب الرفض و بأسبـابه كإعتـماد الآقتصاد الجزائري على عائدات الطاقة فقط وبعدم تنوعه و بضعف الدخل الفردي و ملفات اخرى تتعلق بالوزن السياسي للجزائر في ميزان العلاقات الدولية… لذلك لم يحضر الرئيس ” تـبون ” لجنوب افريقيا ولم يحضر رئيس الحكومة أو وزير الخارجية الجزائر ، بل مثًـل الجزائر وزير المالية…و يأتي هذا الحصاد السياسي المخيب للآمال في ظل أزمة مشتعلة بالجنوب الجزائري أي في النيجر و دول الساحل ، وفي أفق رئاسيات سنة 2024..
و بإعلان النسخة الجديدة للبريكس بأحد عشر عضوا ( 11 عضوا ) وبكل ما تمثله من ثقل على المستوى الاقتصادي و الديمغرافي و السياسي..فإنه سيفسح مجال الاستفهام و الترقب في انتظار اشغال مجموعة العشرين G20 التي ستعقد يومي 9 و 10 شتنبر 2023 بالعاصمة الهنـديـة نيودلهي…خاصة و أن العديد من الدول هي أعضاء في المجموعتين معا البريكس و مجموعة العشرين…بمعنى آخـر هل ستكشف قمة نيودلهي جي 20 عن الصراع الخفي بين الصين / روسيا و الولايات المتحدة الامريكية..؟ أم ستعلن رسميا عن ميلاد عالم جديد متعدد الأقطاب…؟ الأكيد أن قمة الهند ( جي 20 ) في شتنبر القادم هي ساعة الحقيقة لدول البريكس في نسختها الجديدة…
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: دولة جنوب افریقیا العدید من
إقرأ أيضاً:
لهجاتنا” كتاب جديد للباحث الدكتور إبراهيم طلحة
الثورة / خليل المعلمي
في حلّته الجميلة، صدر عن منشورات مواعيد بصنعاء كتاب لهجاتنا للدكتور إبراهيم محمد طلحة، وجاء الكتاب في 532 صفحة، توزعت على تمهيد وثلاثة فصول، شملت الحديث عن علم اللسانيات وعلم اللهجاتيات، وتناول المؤلف في كتابه – ومن خلال دراسة لغوية تأصيلية – لهجاتنا العربية واللغة والتاريخ، والمجتمع والحياة، والعلم والمعرفة، واحتوى الكتاب على مباحث نمذجة ومعجمة وجدولة، في ضوء الاشتغالات العلمية ونظرية الحقول الدلالية، كما أفرد المؤلف ملاحق للكتاب تمثّل بحد ذاتها مادة إضافية، مع جداول وأشكال ورسوم وصور وخرائط توضيحية وأمثلة ونماذج تطبيقية، وفهارس متعددة ومتنوعة.
يقول الدكتور صلاح جرار، وزير الثقافة الأردني الأسبق، الذي يقول في تصديره للكتاب: «هذا البحث الذي بين أيدينا يتناول اللهجات في بلدان العرب كافَّة، منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا، ويتناول موضوعها من زوايا كثيرة وواسعة؛ وهذا جهد لا ينهض به أو يتصدَّى له إلَّا من كان على اطِّلاعٍ ومعرفةٍ واسعَيْنِ باللهجات العربيةِ القديمةِ (أو ما كان يُعرفُ باللُّغات)، ومن كان على اتّصال مباشرٍ مع المتحَدِّثين باللَّهجات العربيَّة المعاصرة من أبناء الأقطار العربيَّة، وهذه شروط لا تتيسَّر إلَّا لقِلَّةٍ من الباحثين العاكفين على العِلْمِ والتَّنْقِيبِ، والمتَّصفينَ بِالجلَد والجدِّ والانتماءِ الصَّادقِ لرسالةِ العِلْمِ. وأستطيع أن أقول من غير تردُّدٍ: إنَّ من قام بهذا البحث وقدَّمه لنا على هذهِ الصُّورة من الإحكام والإتقانِ والدِّقَّةِ قد امتلَك شروط النُّهوضِ بمثلِ هذا البحثِ، وامتلكَ الأدواتِ اللَّازمةَ لِلْخَوْضِ فيهِ مُنطَلِقًا مِنْ معرفةٍ وثقافةٍ ووضوحِ رؤية».
ويضيف: «لقد أسعدني الصَّديقُ العزيزُ الأستاذُ الجامعي، والأديبُ البارعُ، المتخصّصُ في الدِّراسات اللُّغوية واللِّسانيات الحاسُوبيّة، الدكتور/ إبراهيم طلحة، عندما بعثَ إليَّ بهذا الكتابِ النَّفيس كَيْ أصدّره بكلمة منّي؛ لأنَّهُ أتاحَ لي فُرصَةً ثمينةً بقراءة إنجازٍ عِلْميٍّ مُتَميّزٍ وجُهْدٍ يستحقُّ كلَّ الثَّناء والتَّقدير».
ويستأنف كلامه قائلًا: «ثمَّة شهادَةٌ عِلْمِيَّةٌ على هذا الموقف الموضُوعيِّ للمؤلِّف ودَليلٌ ماثلٌ بين أيدينا، وهو هذه اللُّغة الرفيعة الرصينة الصافية الجامعة بين العِلْميَّة والأدبيَّة للمؤلّف الدكتور/ إبراهيم طلحة في هذا الكتاب. وثمَّة – أيضًا – دليلٌ آخَرُ وهو ما عرفناهُ عن الدكتور طلحة من انشغالٍ بالأدب والشعر خاصَّة، بما أصدره من دواوين شعرية ذات لغةٍ عاليةٍ محلّقة».
ويشير البروفيسور جرار إلى تصنيف طلحة اللغوي اللهجي الذي وصفه بالعالمي، فيقول: «وممَّا يعدُّ إضافة مهمَّة وجديرة بالاهتمام في هذا الكتاب ما اقترحه المؤلّف من تصنيف عربيّ للهجات، وأنا هنا أؤكدُ ضرورةَ نسبته إليه، وأن نُطلِقَ عليه اسمَ: «تصنيف طلحة العربيّ»، وذلك بعد أن عرَض لنا المؤلّفُ تصنيفاتٍ أخرى غير عربيَّة للهجات العربيَّة، وما أحرانا أن يكونَ لنا تصنيفنا العربي ما دام الأمرُ يخصُّ لهجاتِنا العربيَّةَ، وأدعو إلى اعتمادِهِ مرجعًا وتصنيفًا عالميًّا».
ويقدّم في تصديره لمحة عن اشتغال المؤلف في الكتاب، قائلًا: «ممَّا يسجّلُ لِهذا الكتابِ أنَّه يَقُوْمُ على منهجٍ وصفيٍّ تحليليٍّ مَشْفُوعٍ بملامح من المنهجِ التقابُليِّ والمنهجِ المقارنِ والمنهجِ الإحصائيِّ، في بناءٍ محكَمٍ، وهندسةٍ دقيقةٍ تخدمُ موضوعَ الدراسةِ وأهدافَها ونتائجَها. كما تتميَّزُ هذه الدِّراسةُ بِدِقَّةِ اسْتِخدامِ المصطلحات، والتَّفريق بينَ دلالاتها، كالتفريق بين اللسان واللُّغة والكلام، والتفريق بين اللَّهجة واللكنة، وغير ذلك. ويُشكَرُ للمؤلِّفِ ما بَذَلهُ من جُهْدٍ في إعدادِ جداولَ لمعْجَمةٍ لُغَوِيَّةٍ دلاليَّةٍ مقاربة، وما ألحقَ بِهِ كِتابَهُ مِنْ فهارسَ تحليليَّةٍ متنوّعةٍ، تُيسِّرُ على الباحثِ والقارئِ الوصولَ إلى مبتغاهُما. أمَّا مصادِرُ هذا الكتابِ ومراجعُه فَهِيَ غَنِّيَّةٌ ومتنوِّعةٌ، وتُواكِبُ الدّراساتِ الحديثةَ، ولا تُغْفِلُ الدِّراساتِ والأبحاثَ العربيَّةَ والأجنبيَّةَ، وتدلُّ على جُهدٍ بالغٍ، واستقصاءٍ واسع، وجاءتِ التَّوثيقاتُ والإحالاتُ دقيقةً ومفيدةً».
ويختتم البروفيسور صلاح جرار تصديره بالقول: «بأنَّ كتاب «لهجاتنا»، تأليف الدكتور/ إبراهيم طلحة، يمثّل إضافة نوعيَّةً متميّزةً في حقْلِ الدِّراساتِ اللُّغَويَّةِ واللِّسانية، وفي موضوعِ اللهجات على وجه الخصوص».